نجاح النصراوي
الحوار المتمدن-العدد: 8237 - 2025 / 1 / 29 - 00:18
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أن تكون بخير امر يتطلب شجاعة وصلابة نفسية ، وأن تكون متعافيا هي الصحة النفسية بعينها وتمضي في هذه الحياة لتضيف إلى خبرتك معلومات جديدة عن فن العيش ،او فن جودة الحياة ، لاسيما أن الحياة تتطلب مواجهة دائمة وصمود وانتصارات لأن الحياة ذات دينامية متجددة ، ومتطلباتها تفرض على أي منا المواجهة والاستمرار لكي نحقق رغباتنا في السعادة والنجاح لتحقيق متطلبات الاتزان النفسي .
ولتعرف فن العيش عليك ان تتعلم اتقان فنون الشجاعة ومنها مواجهة الحقيقة , رغم أن المحلل النفسي الفرنسي " جاك لاكان " يرى أن بعد الحقيقة غامض وغير قابل للتفسير ، ولا شيء يُمكن من ضبط ضرورته ، لإن الإنسان يتعايش مع عدم الحقيقة .
وقد نتسائل كيف يمكن أن نعترف بأنه رغم الخوف أوالضعف أوما يدوربدواخلنا, نحمل الكثير من الشجاعة والقدرة على المواجهة بدون استسلام .
لذا من فنون العيش هواختيارنا أن لا نستسلم وأن نؤمن بمواجهة الاقدار ونستمر في المواجهة والمطاولة ,على رغم أن البعض من المحيطين من يحاول كسر تلك الإرادة , ويعلمنا الفلاسفة بأقوالهم " إذا تشك بنفسك ، فإنك مهزوم مسبقًا " " هنري إبسن " .
وعليه ان تكون بخير, وان تكون متعافيا وتمضي قدما في هذه الحياة تلك شجاعة بحد ذاتها, وان تصل الى مرحلة الاستسلام ولكن تقرر ان لاتستسلم وان تواجه بالقدر الممكن وتحاول وتستمر بالمحاولة ,رغم كل شيء من حولك يحاول احباطك , علما ان كل مايحيط بنا ان فكرنا به مليا ممكن ان تعد بالاجمع مخاوف لاحصر لها فاول صرخة للرضيع حين يفتح عينه هي دلالة على خوفه من القادم ,ولو استرجعت شريط حياتك بين الحاضر والماضي والمستقبل شريط لانهاية له من المخاوف وهي شكوى ندندن بها جميعنا , لان الخوف والقلق والتوتر يحيط بنا سواء على سلامتنا او سلامة احبابنا اوعلاقتنا مع اصحاب العمل ومدى تحقيقنا الرضا الذاتي,و هل اكتفينا او هل كنا ذات كفاية لانفسنا او لاحبابنا وهل تم اشباع حاجاتنا وهل وصلنا الى القناعة ام لايوجد حد لرغباتنا وحاجاتنا ,وعليه الحقيقة ان مخاوفنا لاحصر لها والكثير منا من تحاصره او البعض منا من يكون اسير لها ويبقى لاحراك متسمر ولايكون مستمر.
ويعرض لنا جيم تايلور في مقالة له تحت عنوان هل غريزة البقاء لدينا تفشل ؟!, ان غرزية البقاء لدى الانسان هي اقوى دوافعه وان كل ماوصل له الانسان حاليا يدعم هذه الغاية مثلا تفكيرنا او عواطفنا او الطرق التي نتفاعل بها, لكن هذا التطورالسريع في الحياة بات يعطي استجابة عكسية ومصدر تهديد لبقاءنا لانه ينشيط نظامنا العصبي وبشكل نفسي وجسدي سريع لانه يفعل الحواس القلب والدم والفكر واي قدرة جسدية كانت او عاطفية اي بمعنى جهد ثقيل وقاسي احيانا, وان كان اختبار لزيادة قوتنا وقدرتنا على التحمل وربما ساعد اسلافنا البدائيون قديما على البقاء وفقا لمتطابتهم لكن هل باتت طاقتنا كافية وتساعدنا وفقا لما نشهده اليوم ؟! .
ان التهديدات والمخاوف في تزايد مع تزايد تعقيدات الحياة كالتغيرات المهنية او الاجتماعية او الشخصية وبتزامن مع الحداثة والتطور التكنلوجي ففكرة ان نكون بخير تغيرت كثيرا لم يعد كافيا القتال المباشر او مواجهة التهديدات او بتوفير سقف او ملابس او غيرها من حاجاتنا الاساسية
ان مخاوفنا اليوم اصبحت غير متوقعة او مفهومة لان اعدائنا من دواخلنا متمثلة في ضعفنا وهششاتنا النفسية ,وان فلسفة البقاء للاقوى اصبحت طريقة قديمة , فلابد من تفعيل استجابات مختلفة وجديدة عن الاستجابات البدائية كي نتعامل معها ,لكن للاسف اختار البعض استجابات هشة كنوع من الحلول القصيرة المدى والسهلة والسريعة وذات نتائج غيرمنشودة , كالادمان وغيرها او الاستسلام المباشر واصدار حكم الاعدام على حياته ,وهذه استجابات لاشخاص اختاروا الاستسلام لضعفهم ومخاوفهم على اختيار الشجاعة .
ولذلك هناك فرق بين التسمر الذي يبقيك قابعا في حفرة مظلمة تسحبك الى الاسفل حتى تزداد ابتعادا عن نفسك وعن الاخرين ، وبين أن تستمر رغم كل شيء ، اوتحاول أن تستمر ,وتفعيل قوة الارادة, وتعرفنا خبرتنا النفسية بأن الارادة ليست ملكة خاصة ، بل هي ذات علاقة بالعديد من العوامل الجسمية والنفسية ، إنها تنشأ من مجموعة كبيرة من المراكز الدماغية ، وهي تظهر وتختفي وتتبدل بحسب تقلبات شخصيتنا " بيير داكو " وقولنا أن نحيا ونكون بخير هو فن جودة الحياة ، وهو في الآن نفسه هو فن العيش يتطلب منك شجاعة تمسح بها دمعة حزنك أوتتجاوز لحظة احباطك وترفع مستوى إيمانك عن مستوى مخاوفك فالحياة لها جانب جميل وهو بانتظارك لتمضي قدما حتى تكون بخير .
#نجاح_النصراوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟