أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباقي صالح اليوسف - هل يمكن لسوريا التخلص من لعنة الطائفية؟














المزيد.....

هل يمكن لسوريا التخلص من لعنة الطائفية؟


عبدالباقي صالح اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8228 - 2025 / 1 / 20 - 04:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تأسست سوريا الدولة في أعقاب الحرب العالمية الأولى، حيث رسم الفرنسيون حدودها على أنقاض عدد من الولايات العثمانية السابقة. تميزت هذه الدولة الفتية بتعددية ثقافية واسعة، تضمنت مكونات قومية ودينية وطائفية وأثنية متباينة. نظراً لهذا التنوع الكبير، رأى الفرنسيون أن النظام الاتحادي هو الأنسب لبناء الدولة، مستندين إلى تجربتهم الخاصة في إدارة الأقاليم المتعددة.
اعتبر الكثيرون أن المشروع الاستعماري الفرنسي في سوريا كان يستهدف إشعال الفتن بين مكونات المجتمع السوري المتنوعة. لا تزال كتب التاريخ ومقالات العديد من الكتاب والباحثين تزخر بالأدلة على ذلك. غالبًا ما يتغاضى هؤلاء الباحثون والكتاب عن حداثة الدولة السورية وعن واقع التنوع الديني والطائفي الذي كان سائدًا حتى قبل التدخل الفرنسي. ففي ظل الحكم العثماني، كانت السلطات تستخدم هذه الانقسامات كأداة للحفاظ على سيطرتها على الأراضي الشاسعة التي كانت تحت حكمها.
رغم السلبيات التي رافقت الحكم الوطني في سوريا بعد الاستقلال ولغاية عام 1958 ، بما فيها الانقلابات العسكرية المتكررة، اليوم يتحسر الكثير من السوريين، خصوصاً المثقفون والأكاديميون والتجار والحرفيون، على تلك الفترة. ويعود ذلك إلى المناخ الذي شهد تمددًا نسبيًا للحريات والمحاولات الأولية لبناء نظام ديمقراطي برلماني، مقارنة بالأنظمة الاستبدادية التي حكمت البلاد، بعد تلك الفترة، ولغاية الانتفاضة السورية المجيدة في اذار عام 2011 ، بالشعارات الشعبوية، والوعود الكبيرة، والتي لم ترى النور سوى القليل منها. ويجب أن يقال ولتاريخ ان جميع تلك الأنظمة الحاكمة فشلت في تجاوز النزعات الطائفية، واستغلت هذه النزعات لتثبيت حكمها، مما ساهم في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
شهدت الأنظمة السياسية التي حكمت سوريا منذ الوحدة المصرية السورية عام 1958 وحتى الثورة السورية عام 2011، سيطرة شاملة على مفاصل الدولة والمجتمع. اتسمت هذه الأنظمة بالشعبوية، حيث استخدمت خطاباً قومياً وعروبياً لتبرير سياساتها. فقد بنت هذه الأنظمة سلطتها على أساس شعارات عروبية واشتراكية، مستغلة المشاعر القومية والعدالة الاجتماعية لدى الشعب. ورغم هذه الشعارات، لم تعمل هذه الأنظمة على بناء مؤسسات الدولة الوطنية القوية، واوجهت انظار الجماهير الفقيرة إلى الوحدة العربية أولاً بينما على الواقع ركزت على تعزيز سلطتها الشخصية والفئوية، وفي الوقت نفسه، بنيت أنظمة تسلطية تعتمد على القمع والترهيب. كما استغلت هذه الأنظمة الانقسامات الطائفية لتعزيز سلطتها، فبعد أن كان الطابع السني سائداً حتى بداية عهد البعث، تحول النظام إلى طابع علوي أكثر صرامة مع وصول حافظ الأسد إلى السلطة. وبالرغم من الاختلافات في الشعارات والأيديولوجيات، إلا أن جميع هذه الأنظمة اتفقت على بناء اقتصاد ريعي يعتمد على النفط، مما قوّى قبضتها على السلطة وحولها إلى أنظمة شمولية.
لطالما كانت مناقشة قضايا المكونات والتنوع في دول الشرق الأوسط محاطة بحذر شديد. فمجرد التطرق إلى هذه القضايا قد يفسر على أنه محاولة لتفتيت الأمة أو إثارة الفتن. ورغم هذا الحذر، فإن التوترات الكامنة تحت السطح تظهر جلياً في أوقات الأزمات، كما حدث في "الثورة" السورية التي تحولت إلى صراع طائفي وديني، رغم الحساسية المحيطة بهذه القضية في مجتمعاتنا، فالتجاهل المتعمد لهذه القضايا أدى إلى تفجير الصراعات الكامنة. إن تجاهل هذه الحقائق لا يخدم إلا في تأجيج النزاعات وتعميق الشرخ المجتمعي. يجب فتح حوار وطني جاد حول هذه القضايا، والتعامل مع هذه القضايا بحكمة وشفافية.
تثير الأنظمة التي استخدمت الهويات الفرعية كأداة للسيطرة تساؤلاً حول جدوى هذه الاستراتيجية. فهل حققت هذه الأنظمة أي فائدة حقيقية للمكونات التي ادعت تمثيلها؟ أم أنها أدت في النهاية إلى تفاقم الانقسامات والاضطرابات؟ التجربة السورية خير شاهد على أن استغلال الهويات الفرعية لا تؤدي إلا إلى نتائج كارثية. فما قدمته عائلة الأسد لطائفتها، على سبيل المثال، لا يتناسب مع الزعم بأنها حمت مصالحها.
تثير هيئة تحرير الشام تساؤلات جدية حول مستقبل سوريا. فبعد أن سيطرت على مناطق واسعة من البلاد، بما فيها دمشق، لم تلبِ الوعود التي أطلقها زعيمها أبو محمد الجولاني. بدلاً من تحقيق الاستقرار والعدالة، تشهد المناطق الخاضعة لسيطرتها تصاعداً في أعمال الانتقام والتحريض الطائفي. كما أن الدعوات المتزايدة لتطبيق الشريعة الإسلامية بشكل صارم، وتجاهل حقوق الأقليات، تبشر بمرحلة جديدة من الصراعات والانقسامات. يبدو أن هيئة تحرير الشام تسير على نفس الدرب الذي سلكته الأنظمة السابقة، مستغلة الدين والهوية لتحقيق أهداف سياسية ضيقة. إن استمرار هذا الوضع يهدد بتقويض أي أمل في تحقيق الاستقرار والسلام في البلاد.
إن مسؤولية الخروج من أزمة الطائفية تقع على عاتق جميع السوريين، دون استثناء. يجب على النخب السياسية والاجتماعية أن تتحمل مسؤولياتها في بناء جسور الثقة بين مختلف المكونات، وقبول الآخر، وأن تعمل على ترسيخ قيم التسامح والاعتدال. كما يجب على المجتمع الدولي أن يقدم الدعم اللازم لجهود المصالحة الوطنية، وأن يعمل على منع التدخلات الاقليمية التي تزيد من تعقيد الأزمة.



#عبدالباقي_صالح_اليوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا: من يكتب الفصل الأخير في هذه المأساة؟
- الكورد: ضحايا فوبيا صنعتها الأنظمة


المزيد.....




- مصر.. علاء مبارك يعلق على ما قاله محمد متولي الشعراوي لوالده ...
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- البنتاغون يعلن عودة 2000 جندي من قوات الحرس الوطني المنتشرين ...
- يديعوت أحرونوت: نتنياهو أعطى مرونة أكبر لفريق التفاوض
- خبير إسرائيلي: انتقام خامنئي يقترب ومخاوف من عودة الحرب مع إ ...
- حرب أوكرانيا.. لماذا وضعت -مهلة الـ50 يوما- -صقور روسيا- من ...
- ما هي صواريخ “باتريوت” التي تحتاجها أوكرانيا بشدة لصد الهجما ...
- إسرائيل تعد بوقف الهجمات على الجيش السوري جنوبي البلاد
- مهلة -نهائية- لإيران لإبرام اتفاق نووي.. وتلويح بـ-سناب باك- ...
- إسرائيل تنشئ نقاطا جديدة وتُمهّد لبقاء طويل في غزة


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباقي صالح اليوسف - هل يمكن لسوريا التخلص من لعنة الطائفية؟