فيلم “حياة الماعز”: حكاية المهاجرين الباكستانيين والهنود في السعودية.

عماد نعمه جابر السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8225 - 2025 / 1 / 17 - 03:51
المحور: الادب والفن
    

فيلم “حياة الماعز”:
حكاية المهاجرين الباكستانيين والهنود في السعودية.



“حياة الماعز” هو فيلم درامي يتناول قضية إنسانية عميقة تتعلق بالمهاجرين الباكستانيين والهنود الذين انتقلوا إلى المملكة العربية السعودية بحثًا عن حياة أفضل. من خلال قصة رمزية مستوحاة من حياة الماعز كاستعارة للصراع من أجل البقاء، يسلط الفيلم الضوء على معاناة هؤلاء العمال، أحلامهم، وتحدياتهم اليومية في بيئة غالبًا ما تكون قاسية وغير متسامحة.
نسجت هذه القصة بشكل يجعل الماعز – ذلك الحيوان الذي يُستخدم غالبًا في العمل أو الطعام – استعارة قوية لهؤلاء العمال الذين يتم استغلالهم باستمرار. حيث يطرح العمل تساؤلاً فلسفيًا؟ هل تستحق التضحية بكل شيء من أجل حلم الهجرة والبحث عن حياة أفضل؟
قصة الفلم عبارة عن مزيج من الرمزية الحديثة والواقعية ، إذ تدور أحداث الفيلم حول مجموعة من المهاجرين الذين يعملون في مناطق نائية بالمملكة، حيث يعانون من ظروف عمل قاسية ومحدودة الحقوق. يرمز عنوان الفيلم “حياة الماعز” إلى حياتهم المليئة بالتضحية، حيث يعيشون في حالة دائمة من الاستغلال وعدم الأمان، مع القليل من التقدير لإنسانيتهم.
فلم حياة الماعز ( The Goat Life) والذي هو متاح على منصة نيت فلكس للمخرج السينمائي وكاتب السيناريو الهندي ( بليسي إيبي توماس ) والذي يعمل في السينما الملايالامية ،إذ تم إصدار هذا العمل في مارس عام 2024 ، ومن خلال مشاهدتي للعمل تمكنت من رصد أهم المحاور والقضايا التي طرحها الفيلم وأحاول إيجازها في ما يلي :-
*الاستغلال الاقتصادي:
يُظهر الفيلم كيف يتم استغلال العمال المهاجرين من خلال العقود غير العادلة والرواتب المتدنية التي بالكاد تكفي لتغطية احتياجاتهم الأساسية.
*العزلة الثقافية:
حيث ركز الفيلم على معاناة العمال بسبب العزلة الاجتماعية، حيث يواجهون صعوبة في التأقلم مع اللغة والثقافة المحلية، بالإضافة إلى شعورهم بالاغتراب.
*الكرامة الإنسانية:
سلط العمل الضوء على كيف تُنتزع الكرامة من هؤلاء العمال، سواء من خلال ظروف العمل القاسية أو التمييز الذي يواجهونه في المجتمع.
وفيما يخص الإخراج والأسلوب الفني لهذا العمل نجد أن المخرج استخدم أسلوبًا رمزيًا عميقًا ليربط بين حياة العمال وحياة الماعز فنجد من خلال التصوير الذي كان واقعيًا للغاية، حيث استُخدمت أماكن تصوير في المناطق الصحراوية بالمملكة لخلق إحساس بالعزلة والقسوة. المشاهد الليلية، التي يظهر فيها العمال يتحدثون حول أحلامهم البسيطة تحت ضوء القمر، كانت مليئة بالعاطفة والإنسانية.
وعلى الرغم من قوة الرسالة، يعاني الفيلم أحيانًا من بطء في السرد، خاصة في النصف الثاني، مما قد يفقد بعض المشاهدين اهتمامهم.
ولا بد لنا هنا من الإشارة إلى الجانب المهم ايضاً في هذا العمل الذي تركز في أداء الممثلين أذ كان ألأداء التمثيلي أحد أبرز نقاط قوة الفيلم. قدم من خلاله الممثلون أدوارًا واقعية ومؤثرة، خاصة الشخصيات الرئيسية التي لعبت أدوار المهاجرين. تمكنوا من نقل مشاعر الحزن، الحنين، والخوف بطرق جعلت المشاهدين يتعاطفون معهم بشكل عميق، ونحن مازلنا في صدد نقاط القوة في هذا الفيلم يمكننا الإشارة ايضاً إلى بعض الثيمات التي أراد أن يشير اليها مخرج العمل .
1. الرسالة الإنسانية: الفيلم يطرح قضايا هامة حول العمالة المهاجرة والعدالة الاجتماعية.
2. التصوير الواقعي: الأماكن والديكورات ساهمت في جعل التجربة أكثر تأثيرًا.
3. الرمزية الذكية: استخدام الماعز كاستعارة كان فكرة مبتكرة وعميقة.
أما عن نقاط الضعف في الفيلم التي لمستها كمشاهد يريد أن يتذوق عمل فني متكامل فكان أولها الإيقاع البطيء: بعض المشاهد والتي كانت طويلة دون مبرر درامي قوي والثاني هو التركيز المحدود حيث التمست أن الفيلم ركز بشكل كبير على المعاناة، لكنه لم يستكشف بما يكفي الحلول أو الأمل.
ختاماً فإن “حياة الماعز” هو فيلم يلامس القضايا الإنسانية بطريقة فنية عميقة، ويضع المشاهد أمام مرآة تعكس واقع العمالة المهاجرة في الشرق الأوسط. على الرغم من بعض العيوب في السرد، يبقى الفيلم شهادة على قوة السينما كأداة لنقل القصص التي غالبًا ما تُغفل.
هذا الفيلم يدعو المشاهدين للتفكير في الدور الذي يمكن أن يلعبوه لتحسين حياة هؤلاء العمال، ويحث على تعزيز العدالة والكرامة للجميع.

عماد السامرائي
17/1/2025

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل