أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل صوما - معايير المحاكم الإلهية















المزيد.....


معايير المحاكم الإلهية


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 8190 - 2024 / 12 / 13 - 18:47
المحور: كتابات ساخرة
    


أُطِلَق سراح مغني الراب الإيراني توماج صالحي بعد قضائه عقوبة سجن مقدرة بسنة واحدة (غير معروف ما إذا كانت شمسية أو قمرية أو شمس قمرية، فالرجل مكث شهورا في الحبس قبل اصدار الحكم في أبريل سنة 2023 ثم أُفرج عنه في ديسمبر2024) بعدما حكمت المحكمة الثورية في أصفهان بالإعدام عليه بتهمة "الإفساد في الأرض"، لكن المحكمة العليا كانت أرحم بكثير، فقد ألغت حكم إعدامه في حزيران وحكمت بالسجن.
المحكمة العُليا الإيرانية كانت أرحم من غيرها من محاكم إلهية، فمحاكم أفغانستان تلغي أحياناً أحكام الإعدام وتبدلها بالرجم حتى الموت.
زرع الرعب
تهمة المطرب حسب محاميه كانت "التحريض على الفتنة والتجمع والتآمر والدعاية ضد النظام والدعوة إلى أعمال شغب"، لكنها أمام المحكمة الثورية كانت التحريض على الفتنة والإفساد في الأرض، والفارق بين التهمتين يبيّن عدم اتفاق المحاكم الإلهية على تهمة واحدة ضد أي متهم، وكيفية صياغة هذه المحاكم السماوية تهم الناس بعيداً عن الوقائع أو الأدلة أو البراهين، واعتبار نفسها مرجعية نهائية لا استئناف أو تفاوض أو طعن على احكامها.
توماج صالحي المغني الفاسد في الأرض دعم الحركة الاحتجاجية في إيران، إثر مقتل مهسا أو جينا أميني عبر أغنياته على وسائل التواصل الاجتماعي، ما اعتُبر تهمة لمشاركته في الحركة الاحتجاجية التي هزت الجمهورية الخومينية بعد مقتل جينا أميني، عقب توقيفها من شرطة الأخلاق في طهران بتهمة عدم الالتزام بقواعد اللباس الخومينية، وهي تهمة خطيرة للغاية، فمجرد جزء من خصلة شعر المرأة الظاهرة من غطاء الرأس، تفسد صلاة المؤمن الذي يشاهد الأفلام الإباحية ليلا، وكاحل قدمها لو ظهر قد يفسد صيامه، أما ظهور رقبتها فقد يؤدي إلى قيام ثورة عَلمانية إباحية شيطانية ضد الإسلام.
كيف ماتت جينا أميني وهي موقوفة؟ قال نفرٌ من أعضاء الماسونية العالمية والصليبيين وأعداء الثورة الذين يتربصون بالإسلام: ماتت بسبب الضرب والانتهاكات الجسدية وربما الاغتصاب المتكرر، لكن الله وآياته أعلم، فلعل الجن قتلوها كما فعلوا مع سعد بن عبادة زعيم الخزرج.
العفو الدولية
منظمة العفو الدولية تذكر في تقاريرها أن هناك حاجة ملّحة إلى اتخاذ إجراءات دولية قوية لوقف التصاعد المروّع في عمليات الإعدام الذي شهد تحويل السجون الإيرانية إلى ساحات لعمليات القتل الجماعي سنة 2023، وسلّطت المنظمة الضوء على تنفيذ 481 عملية إعدام على الأقل بسبب الاحتجاجات ضد نظام الولي الفقيه، والرقم أكثر من نصف إجمالي عمليات الإعدام المسجلة في 2023 البالغ عددها 853 عملية إعدام على خلفية جرائم متعددة، من المؤكد انها لا تشمل الدجل السياسي أو الكذب على الشعب، فهذه من اختصاص الراسخين من أهل العلم.
عقوبة الإعدام تُنفذ بشكل عام في الجمهورية الخومينية ضد نشر الفتنة والإفساد في الأرض، وتمارسها روبوتات نظام آيات الله بأمانة وضمير نقي وقلوب خاشعة، لبث الخوف في صفوف الشعب وتشديد قبضة المرشد الأعلى على السلطة.
وقد زادت ضراوة التنفيذ خصوصاً عقب انتفاضة "المرأة.. الحياة.. الحرية" التي اندلعت في الفترة بين سبتمبر وديسمبر 2022، فكلمات هذا الشعار بالنسبة لنظام إلهي على الأرض تعني أنك تحرض على الفساد، وأنت شخصياً فاسد في الأرض وتعمل ضد من قدّس الله سرهم، ولا مجال لهذه الكلمات العَلمَانية الوثنية الشريرة في قاموسهم الديني الطاهر.
إعدام المراهقين
شهدت السنة الماضية، كما هي العادة، تصعيداً مرعباً في استخدام عقوبة الإعدام ضد الأحداث الجانحين، حيث تم إعدام مراهق يبلغ من العمر 17 سنة، وأربعة شبان أدينوا بجرائم ارتكبوها عندما كانوا تحت عمر 18 سنة، وأعطت السلطات الخامنئية بخشية من الله ورسوله وضمير نقي وقلب ورع معلومات خاطئة بشأن أعمار بعض الذين نُفذ فيهم الحكم لوسائل الإعلام المحلية، قائلة إن عمرهم كان 18 سنة وقت وقوع الجريمة، للتهرب من المساءلة عن انتهاك القانون المدني الدولي الذي يحظر فرض أحكام الإعدام على الأشخاص الذين تُقل أعمارهم عن 18 سنة وقت ارتكاب الجريمة.
وقد حثّت منظمة العفو الدولية السلطات الخامنئية مراراً وتكراراً على تعديل المادة 91 من قانون عقوبات الخوميني لإلغاء عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم التي يرتكبها أطفال في كافة الظروف.
السؤال الأساسي في السياق: هل يتيح الإسلام إعدام القاصرين؟ الجواب قد يكون في تأكيد هيئة حقوق الإنسان السعودية في أبريل 2020، بصدور أمر ملكي يقضي بإلغاء إعدام القُصّر، والله أعلم.
أصل التهمة
الإفساد في الأرض حسب المفسرين يشمل الحالات التالية: الشرك بالله، النِّـفاق، تكذيب الرسل، رد الحق برغم الإيقان به، اللجـوء إلى غير الله ودعاء الأموات، قتل النفس وتعُظم الجريرة إذا كان المقتول مُصلحاً، بخس الموازين والتطفيف بالكيل، التقاطع في الأرحام وعدم وصلها، نقض العهد وعدم الوفاء به ، قطع ما أمر الله به أن يُوصل، الإسراف ومجاوزة الحد في الغي والتمادي في المعاصي، إيقاد نيران الحروب بين عباد الله، واليهود هم أهل هذا التخصص، السِّـحـر، الجبروت والتكبّر على عباد الله، الإفراط في الفرح والأشر والبَطَر، ارتكاب المنكرات وإتيان ما حرّم الله من الفواحش، وأخيرا السرقة.
وحسب "اسلام ويب": قوله تعالى أو "فساد في الأرض"، أختُلِفَ فيه، فقيل: هو الكفر. وقيل: هو إخافة السبيل، وقيل غير ذلك مما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى. ولكل نوع منها جزاؤه الواقع وحده الرادع، حسبما عينه الشرع، وإن كان على العموم فجزاؤه ما في الآية بعد هذه من القتل والصلب.
قصور وشكر
قصور تعريف الفساد في الأرض واضح، لعدم معقولية دعاء الأموات والنفاق والإفراط في الفرح والأشر والبَطَر كفساد في الأرض، ناهيك عن اختلاف المفسرين على التعريف نفسه. ومن جهة أخرى التحامل واضح أيضاً، فلماذا اتهموا اليهود وحدهم بإشعال الحروب رغم أن كل الأمم مارستها وأشعلتها، بمن فيهم مُبَشَرون بالجنة؟
جينا أميني والمطرب توماج صالحي والمتظاهرون لا ينطبق عليهم أي شيء مما سبق، فهل أدرج أرواح الله وآيات الله التظاهر ضد السلطة الظالمة أو عدم الالتزام بقواعد اللباس تحت بند نشر الفتنة أو الإفساد في الأرض؟
كل الشكر للمحاكم الخومينية التي لم تضع عدم الالتزام بقواعد آداب المائدة ولياقة الحديث والتنفس بصوت مرتفع والسير وقيادة السيارات بسرعة والنظر والتمنيات بالموت للأعداء والحسد والغيرة وأكل الطعام الغربي خصوصاً الهامبرغر ضمن نشر الفتنة أو الفساد في الأرض.
اخترت "كتابات ساخرة" لنشر موضوع حزين ومؤلم ومؤسف، لأنه يقع في نطاق كوميديا سوداء يجب أن تزول، مع تمنياتي الشخصية بزوال هكذا نظام بواسطة أي دولة مُصلحة كانت أو فاسدة.
كل سنة شمسية أو قمرية أو شمس قمرية وأنتم بخير.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسرى الأساطير وضحايا الواقع
- أمراض الأمة إياها
- أميركا تستعيد وعيها وهيبتها
- صباح في ذاكرة ثقافة البحر المتوسط
- التكاذب منهجهم والغيبيات واقعهم
- الدنيا لا تقع ولن تنتهي
- أسئلة للمؤمنين والذميين الجدد
- سياسة أو دين أو شعوذة
- فشل الدين كمنظومة سياسية
- عواقب تعامي الحكومات الغربية
- اليوبيل الماسي لفيلم -غَزَل البنات-
- استهداف إلهام شاهين
- مات لبنان لتحيا ولاية الفقيه
- أقوى سياسي على الكوكب
- مبادئ مخفية في إنقلاب يوليو 1952
- الفرار من عدالة المؤمنين
- خدعة إرهابية وخدع بصرية
- فواجع الافراط في التسامح
- -حديث وتعليق- و-حقوق الحب-
- صكوك غفران سياسية


المزيد.....




- الأنبار.. خطاطون وفنانون يشكون الإهمال وقلة الدعم
- مصر.. زواج فنانة مصرية شهيرة من رجل أعمال إيطالي
- جوزيف عون: جميع الطوائف اللبنانية لها حق التمثيل في الحكومة ...
- الساحة الفنية المغربية تودع الحسن بلمودن أشهر عازف للرباب ال ...
- كتاب جديد للكاتبة والشاعرة المصرية د . منى نوال حلمى
- قصيدة-لأنى أحبك- القصيدة المركزية والتى سمى بها ديوان النثر ...
- انطلاق منافسات الفجيرة لعزف البيانو
- الجديد كله “هنــــــــــــا” .. عبر تردد قناة بيروت أفلام ال ...
- الأنبار.. خطاطون وفنانون يشكون الإهمال وقلة الدعم
- -الهبة العليا- لباولو كويلو تنطق بالروسية


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل صوما - معايير المحاكم الإلهية