أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد مضيه - ديبلوماسية المشترك الإبراهامي-2















المزيد.....


ديبلوماسية المشترك الإبراهامي-2


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 8160 - 2024 / 11 / 13 - 12:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أحد منطلقات التوسع الصهيونية ضمن امبراطورية الامبريالية


الولايات المتحدة الإبراهامية احد نماذج الشرق الأوسط الجديد المضمر في تلافيف دماغ نتنياهو. كان يحلم بنموذج آخر وهو يحاول، بالتعاون مع المنظومة الامبريالية تفكيك الدولة السورية كي يشبك الأيدي مع النظام الكردي الانشقاقي قرب نهر الفرات . ومع ان حرب الإبادة الجارية في غزة تتعارض مع الدبلوماسية الروحانية المزعومة ، إلا ان فظاعة الجريمة ربما تحفز حركة التفافية تكيف دبلوماسية المشترك الأبراهامي كترياق يشفي النفوس المكلومة جراء التدمير والتقتيل في حرب الإبادة . فالعرابون هم جزء من الحاشية الملتغة حول مشروع تمتين الهيمنة الامبريالية على مقدرات المنطقة.
في مدخل تمهيدي تتناول الباحثة هبة جمال الدين في كتابها حول الديبلوماسية الأبراهامية بروز موظة داخل الأكاديميا تدمج السياسة بالدين وتوابعها دلخل الولايات المتحدة والمنظومة الامبريالية . الولايات المتحدة الأميركية هي "الدولة التي بدأت عام 2013 مأسسة الفكر داخل مؤسساتها الرسمية، حيث "تم إنشاء فريق عمل حول الدين والسياسة في وزارة الخارجية بقرار من هيلاري كلينتون يتكون من 100عضو نصفهم رجال دين يتبعون الديانات الثلاث ، ويعملون جنبا الى جنب مع الدبلوماسيين في الوزارة؛ استمرت اللجنة في عملها حتى في ظل إدارة ترمب... ويلاحظ أن أغلب مراكز الدبلوماسية الروحية في العالم تحمل جنسيات محددة أمريكية وإنكليزية ، فرنسية ، ألمانية، وإسرائيلية في الأساس، وهو ما يطرح العديد من علامات الاستفهام"[31].، والصحيح ما يقدم العديد من الدلالات.

انسجاما مع التوجه الروحاني المزعوم " ظهر اتجاه بين الساسة لاستخدام عبارات دينية خلال الأحاديث والتصريحات، بل وظهر اتجاه المحللين السياسيين لربط الأحداث والنهج السياسي للإدارة الأميركية بالدين . يمكن إرجاع لاهوت المسيحية الصهيونية ، وتحمل أسماء المسيحية الأصوليية و المسيحية الفاشية تدعي الالتزام بالمسيح، الذي اشتهر برفض لعنف، دعا حوارييه "أحبوا أعداءكم". لكن المسيحية الأصولية ولاهوتها " ما قبل الألفية" متيمة بالحروب."صناعة الحرب هواية الفاشيين المسيحيين، الذين يضفون على الصراعات في العراق وأكرانيا، صفة الحرب الصليبية المقدسة لسحق آخر تجليات الشيطان. يؤمن الفاشيون المسيحيون بالقوة المسلحة وب "الفضائل الرجولية" التي تجلبها، مباركون من الرب ومن المسيح عيسى ومريم العذراء. ما من موازنة عسكرية يعتبرونها ضخمة، وما من حرب شنتها الولايات المتحدة هي شر. حركتهم منظمة ملتزمون برؤية، مهما كانت رجعية، ترفدهم بأموال الاحتكارات الكبرى". باتوا يشكلون القاعدة الانتخابية الثابتة لفاشية ترامب ، حيث تضم كنائسهم قرابة السبعين مليونا من التابعين ، ولديهم منظمات مسلحة تمارس الإرهاب داخل الولايات المتحدة. تلك هي حقيقة الصهيونية المسيحية، كما ىجلت تحت الأضواء الكاشفة لاستقصاء الصحافي التقدمي الأميركي ، كريس هيدجز.

فئة صغيرة ظلت معزولة ومرفوضة من قبل الكنائس المسيحية ولاهوتها. ومع تشكل الاحتكارات أواخر القرن التاسع عشر برزت الامبريالية وراحت تتوسع في أرجاء المعمورة ، مصطحبة معها المسيحية الأصولية واليهودية الأصولية (الصهيونية) لتشكلا ما أطلق عليه الحضارة المسيحية اليهودية، وتستنفران أصولية إسلامية نظرا للسيطررة الامبرالية المباشرة على الأقطار العربية..
ويدخل ضمن سباق سلام الأديان أحد مشايخ الصوفية بالمغرب ، عمر بن عيشه ، وثيق الصلة بالحركة الماسونية!! تقارب الأديان الثلاث ودمجها في الدين الإبراهيمي الواحد الذي يتم نقله الى الخريطة السياسية ، لأن هذا المسار ‘سيكون مركز صنع السياسة في العالم’، يتمظهر بالسعي من أجل خلق السلام الديني العالمي"[29]. وهل تتخلى الكواسر عن سفك الدماء وتتغذى بالعشب؟! وتتكر مهمة المسار ك "مدخل لتطبيق أهداف التنمية المستدامة وتوظيفها لتحقيق الأهداف السبعة عشر (لدبلوماسية السلام) المعلنة لتحقيق التنمية المستدامة على مستوى العالم"[31]، ومنها تحرير المرأة
حوار الأديان "، إذ يتم بين رجال دين تختارهم الجهات المخططة والمنفذة، وما من أحد بمقدوره الادعاء أنه ممثل لدين معين، نظرا لتعدد الطوائف وتنابذها داخل كل دين.
وإذا كان ثمة ميول للتقارب الإقليمي ، فمن الأجدر ان تتداعى قوى الوفاق والتوحد لطرح مشروع قومي تنشئ مشاريع اقتصادية مشتركة وتتعاون في إجراء البحوث العلمية المشتركة وتنفيذ مشاريع مشتركة للتنمية، تتصدى لأي مشروع يستهدف تصفية القضية الفلسطينية لصالح التوسع الاستعماري لدولة إسرائيل. تحليل المشروع ضبط قوى الامبريالية جمعاء متواطئة مع مشروع إسرائيل العظمى ، ليس فقط على حساب القضية الفلسطينية ، إنما تمتد لتشمل أقطارا عربية وبفضل التقدم التكنولوجي ترخي سدولها على غربي أسيا والقارة الإفريقية.


هذا التوجه لهيمنة الصهيونية المسيحية على الساسة بالولايات المتحدة "[19]. ترمب هو عرا ب المسيحية الأصولية، وهي قاعدته الانتخابية الرئيسة، و في ثناياها يخفي توجهه الفاشي. نجد في المرجعية الدافع لخروج الدبلوماسية الأميركية على القانون الدولي في علاقاتها الدولية والتنكر لمعطيات العلم ، كما يجري الأمر بصدد مشكلات المناخ، ودعم المشاريع الاستيطانية بفلسطين والدفاع عنها . في محاضرة له في الجامعة الأميركية بالقاهرة لوى بومبيو عنق الحقيقة إذ زعم "إن أميركا هي قوة للخير في الشرق الأوسط". شغل من قبل منصب مدير المخابرات المركزية الأميريكية(سي آي إيه) ؛ وربما ان إطلاق ذئاب الدواعش في المنطقة والعالم هي من قيم الدبلوماسية الروحانية، التي مورست تحت إدارته لوكالة المخابرات المركزية . ولدى تسلمه وزارة الخارجية وضع كامل ثقله خلف العدوان الإسرائيلي ودعم "صفقة القرن". لم يزل لاهوت المسيحية الأصولية فرس رهان الامبراطورية الامبريالية؛ تفرع عن التيار دمج أصوليات الثلاث في بوتقة تحت مسمى الدبلوماسية الروحية السلامية، او الولايات المتحدة الإبراهيمية تخفى تحت جلد حمل مطمح لدولة إسرائيل من النيل الى الفرات. مشروع الدبلوماسية الروحية مستحدث بادرت الدبلوماسية الأميركية بطرحه إثر انهيار الاتحاد السوفييتي ، حيث أعلن الرئيس الأميركي، بوش الأب، عن نظام القطب الأوحد. لم تتردد إسرائيل والحركة الصهيونية في دعم المشروع.


من ثم " بدأت بعض المؤسسات البحثية بالولايات المتحدة مراجعة السياسة الخارجية من منظور ديني، عبر إعادة قراءة النصوص وربطها للأحداث السياسية بوصفها المحرك لسلوك الساسة بالولايات المتحدة. يأتي في مقدمة هذه المؤسسات منظمة "مجتمع المؤرخين للسياسة الخارجية الأميركية"، المنظمة التي طلعت بتخريجة تدعي ان السياسات الإميركية تطهّر رجس الدبلوماسيات المنحرفة، مثل ضرب اليابان بالقنبلة النووبة لتطهيرها من رجس الفاشية المتحالفة مع المحور ضد الحلفاء!

و طرحت جامعة فلوريدا الأميركية المشروع " رؤية استشرافية من أجل بقاء المنطقة المهددة بالجفاف وندرة الموارد...تقدم نموذجا لهيكل سياسي عملي ورمزا موحدا يجمع كل الأطراف بين نهري دجلة والفرات ونهر النيل ، أي ما يعرف بالولايات المتحدة الإبراهامية أو ببساطة ‘ الأرض المقدسة’"[169]. تتساءل الباحثة "هل الحديث عن ندرة الموارد هو خديعة للاستيلاء على الموارد العربية وبخاصة المياه والنفط؟"[205]
حسب تعبير الباحثة هبة جمال الدين في كتابها أطلقت مراكز الفكر الأميركية في إطار المشترك الإبراهيمي اسم الولايات المتحدة الإبراهيمية، كمولود يحمل جينات الوالد(الولايات المتحدة الأميركية)، "إمكان وجود ولايات متحدة لإبراهام ، مشابهة للولايات المتحدة الأميركية او الاتحاد الأوروبي ، كحل ديمقراطي قد يكون بمنزلة طريق نحو السلام في هذا الجزء المثير من العالم" [173]

تكتشف من خلال الأبحاث وجود تماثل بين المشترك الأبراهامي وصفقة القرن التي أعلنت عنها الولايات المتحدة الأميركية " [163]، يحمل المسمى ملامح "مشروع استعماري جديد بدأت إرهاصاته منذ تسعينات القرن الماضي... وجد في الدبلوماسية الروحية مطية للاستيلاء على الموارد العربية والأراضي العربية. فالمشترك الديني سيؤدي الى الإيمان بقبول المسئولية المشتركة في الحفاظ على الموارد عبر إقامة اتحاد فيدرالي يجمع 18 دولة عربية وإسرائيل وتركيا وإيران معا"[164]
لم تتخلف جامعة هارفارد عن الدخول في سباق الشعوذة مع مسار إبراهيم، وربط المسار بصفقة القرن. في تقرير أعدته سوزان كولن، الباحثة بجامعة هارفارد عام 2004، حيث عملت في غزة والضفة مع فلسطينيين وإسرائيليين داخل الأرض المحتلة، وتوصلت الى أن المشروع ، ليكون قادرا على التنفيذ، لابد وهناك دبلوماسية "إنشاء شبكات دبلوماسية المسار الثاني بين رجال الدين"[81] ل " تشجيع الديانات الإبراهيمية على دعم مفاوضات السلام الجديدة "، و "زراعة دائرة العلماء المسلمين واليهود والمسيحيين الذين تعلموا كيفية العمل معا بشكل وثيق"[81]، والهدف من الخطى هو "تجذر الفكرة بين الرأي العام ، خلال تغطية تلفزيونية بالقمر الصناعي للجذور المشتركة بين الأديان التوحيدية ، وسيكون هناك تركيز اكثر فأكثر على العبرية"[81-]
و."[188]
كان كوشنر ، كبير مستشاري الرئيس ترامب، أول المبادرين لترويج الصفقة بربطها في شباط 2019 بالمسار الديني، وذلك أثناء مقابلة مع شبكة سكاي نيوز عربية. في المقابلة التلفزيونية طرح كوشنر مهمات "تبدأ بالمنافع الاقتصادية والثقافية والسياحية والدينية لتصل بمرور الوقت الى نظام استعماري جديد بمنطقة الشرق الأوسط أولا ثم القارة الإفريقية ثانيا." [223]. الصفقة لا يقتصر خطرها على الشعب الفلسطيني: "إنما هي تسعى لإزالة الحدود، هذا في منح بعض الدول للفلسطينيين الحق في التملك كبداية لتغيير وضع المكون البشري الفلسطيني على الأرض الذي أشار اليه الرئيس الأميركي ترامب خلال حملته الانتخابية[الأولى] بأن توطين الفلسطينيين بالخارج هو أحد اولوياته. وهذا ما ترجمه في إطار خفض المساعدات الأميركية لمنظمة الأونروا .[223] .اللاجئون الفلسطينيون لا عودة لهم، وسيتم توطينهم إما في البلدان التي يعيشون فيها كمواطنين كاملي الأهلية، لهم حق التملك ، او بنقلهم الى إحدى الجزر ، كما ذكر ترمب خلال حملته الانتخابية .[225] "تجاهل كوشنر الأسباب الهيكلية وتجاهل العدالة في الحل... حديثه عن صراع الأسلاف والأجداد وأهمية تنحيته (الصراع) كي لا يتحكم في الصراع على الأرض."[226]. وتمضي حكومة نتنياهو في نفس الدرب ، تكمل المشوار وتوقف كل علاقة مع الأونرروا.
ر
بصدد القوى الفاعلة لتطبيق الدبلوماسية الروحية(الفصل الثاني)، نصّب المشروع الولايات المتحدة رائدة في المضمار، يساعدها الأتباع و"المتطوعون". في جدول أعدته الباحثة (2-7)نجد اسماء29 منظمة عاملة في سبيل الدبلوماسية الروحية، منها "المركز العالمي للدبلوماسية الروحية"، مؤسسة أميركية؛ "الشبكة الأمريكية للعقائد المتشابكة" تضم منظمات ووكالات متعددة الأديان في كندا والمكسيك والولايات المتحدة؛ " منظمة الأديان من أجل السلام " مقرها الولايات المتحدة؛ "مشروع الأرض المشترك"، برنامج للتحالف اليهودي ومجلس الشئون العامة الإسلامية وهو نتاج بحوث ناتجة عن دوائر الحوار بين مسلمين ويهود اجريت في لوس أنجيلوس وغيرها؛ "مبادرة الأديان المتحدة" تأسست عام 2000 تضم أعضاء من أكثر من 65 دولة يمثلون اكثر من مائة ديانة وتعابير روحية وتقاليد أصلية،؛ " مجلس التنسيق بين الأديان" تضم أكثر من 79 يهوديا ومسلما ومسيحيا تعمل بنشاط من أجل التفاهم بين الأديان والثقافات في إسرائيل والمنطقة؛ " معهد أبناء أبراهيم" يتبع جامعة فرجينيا ؛ "مجموعة التفكير بالكتاب المقدس" مؤسسة تمارس الدبلوماسية الروحية تأسست عام 2007 كمعهد اكاديمي يمنح زمالة المجتمع المستمر للتفكير بالكتاب المقدس المسيحي. .تدار هذه المنظمات من قبل دوائر تجسسية وتنفذ أغراض القائمين عليه والممولين." لم يكن لهذه المؤسسات وجود قبل مطلع الألفية... وجميعها تهتم بالتأصيل للفكر الجديد عبر تأويل النصوص بالأديان الثلاثة"[99].

القوى الصوفية ستحل محل القوى السنية والشيعية المتصارعة "كما ذكر تقرير راند وبروكينغز الدوحة . وقد " اشترك الياس عميدون في تأسيس مسار إبراهيم الخليل لاستكمال المنظومة الشبكية لمفهوم شبكة الشبكات القاعدية التي تطبق الفكر الإبراهيمي الروحي على الأرض -الدبلوماسية الروحية- ومنظورها الفكري المرتبط بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي؛ هذا مع اهتمام صموئيل ليويس بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. الاثنان عميدور وليويس، استهدفا الصراع بالسياحة والثقافة والفن كمكون روحي مشترك"[75]. صموئيل ليونارد لويس( 1896 - 1971) يهودي أنِشا مؤسسة الروحانيات الصوفية التي اعتمد فكرها على تطبيق نهج عنايات خان الشامل للتصوف"[76] استقبله شيوخ الصوفية في الهند وباكستان ومصر ... اهتم بتصفية "الصراع " بسبب خلفيته ونشأته الصهيونية ؛ فعمل في فلسطين لنشر أفكاره... استخدم الأدوات الناعمة لنشر أفكاره بين الفلسطينيين، كرياضة ركوب الخيل والرقص الشعبي"[77]. اما الوسطاء المحليون فأبرز ادوارهم إحداث تغيير مستدام كتدريب وسطاء داخليين جدد، واستقطاب رموز دينية مقبولة لتنضم الى جماعات محلية بعينها لتكسبها شعبية داخل صفوف العامة "[85] تلك هي الثقافة النموذجية التي تروجها الليبرالية الجديدة تحط من كل ارتباط قومي باعتباره حدث بالصدفة وتستبدله بثقافة نمطية كونية هي فحوى الثقافة الأميركية.
طرح الياس عميدون، كمتعهد من الباطن كي يبعد الشبهة عن إسرائيل، "تساؤلات حول هوية ملكية طريق المسار، لأصحاب المبادرة ام القدماء، ام لسكان الإقليم الذين لا يعرفون شيئا عن المشروع؟" [119] وفي العام 2007 "بدأت مأسسة المسار بإنشاء مؤسسة ‘مبادرة طريق إبراهيم’ ، مبادرة أهلية تحت مظلة جامعة هارفارد... في هذا السياق اختير الكيان كمؤسسة غير حكومية لا ترتبط بالإدارة الأميركية إداريا ، التي يعترض الكثيرون على دورها السياسي والعسكري بالمنطقة نتيجة غزو العراق بادعاءات زائفة ودعمها المستمر لإسرائيل ... وبخاصة الى ان المؤسسة بحاجة الى الدعم الشعبي وتعاون المجتمعات المحلية بالأساس أيضا..."[120] . يلفت النظر الى ان مهمة المؤسسة " ليست خلق مسار جديد بالمنطقة ، بل تساعد الناس على إعادة اكتشاف مسار قديم" [121]، أي إضفاء مصداقية على خرافات توراتية دونت في وقت متأخر جدا عن زمن موسى ونزول التوراة عليه. يدير المؤسسة ويليم أوري ، صاحب الفكرة الأولية وتتم الأنشطة خلال جامعة هارفارد والتي استطاعت بناء شبكة من الجمعيات الشريكة تم قبول تعاونها وفقا لميثاق عمل ينظم التعاون... ونجحت المبادرة في إقامة شبكة من فرق الدعم الدولية والشركاء والاقتراب من العديد من الجهات المانحة." [121] عمليا تهيأت المبادرة للتنفيذ وتنشيط الفعاليات المساندة للدبلوماسية الروحية. " أنشأت المبادرة لها فروعا في عدد من الدول؛ فلها مكاتب في أنقرة وأمستردام وبيروت وبيت لحم وبولدر وكامبردج والقدس وأكسفورد وباريس وسان ليورفا وسان باولو."[122]
تمثل الجهات المانحة 18 دولة ، وكانت "مؤسسة الوليد بن طلال للأعمال الإنسانية من أوائل المانحين "[123].

قد يبدو المشروع خرافة بعيد التخقق ، ‘ن لم يكن مستحيلا ؛ غير أن فكرة الدولة اليهودية بفلسطين بدت مستحيلة في البداية وظن الكثيرون ان المسيحيين في الغرب سوف لن يقبلوا وضع مقدساتهم تحت سيطرة اليهود وتناثرت الظنون ومن خرافات دونت في القرن الخامس قبل الميلاد تشكل واقع مادي أشغل المنطقة ببدواته العدوانية.

هل هي الصدفة ساقت لصالح إسرائيل الوسطاء يجلسون في مقام الحكَم ؟ ام هو تدبير السياسات التآمرية؟ في داخل إسرائيل لا دعوة لتنازلات أو تضحيات !". يمر المسار عبر النقب الشمالي، من بئر السبع الى مسعدة في البحر الميت( تاريخ "مجبد" مختلق ر من ترويج صهيوني ، ذكرى بطولة المحاصرين في قلعة مسعدة ، انتحروا على أن لا يستسلموا للعدو ، كما تقول الأسطورة).يرتبط المسار بالمسيرات التي جرى تطويرها بالضفة الغربية"[135].
لاستثمار هذا التوجه أعلن خلال عام 2018 عن مسار متكامل مع هذا المسار – مسار سنهدرين- لهواة المشي في الجليل الشمالي، " سوف يعيد المتجولين في التاريخ الى فترة الهيكل الثاني قبل اكثر من ألفي عام ، عندما كان السنهدرين العظيم السلطة اليهودية العليا للحكماء. سيتمكن المتنزهون من الوصول الى تطبيق مبتكر للهواتف الذكية يعيد افتراضيا بناء المواقع التراثية التي تنص عليها التوراة والتلمود... المشروع يتم تمويله من خلال مشروع المعالم التابع لوزارة القدس والتراث...

وفي الثامن عشر من آذار 2018 أصدر مجلس السنهدرين، وهو المحكمة الدينية التشريعية العليا لإسرائيل المكون من 71 شيخا ، كتابا بالعبرية والإنكليزية والعربية يدعو العرب كأبناء إسماعيل والمسيحيين كأبناء أسحق وليقوموا بدورهم في دعم بناء الهيكل الثالث كخطوة تهدف الى جعل العالم بأسره يخطو خطوة واحدة الى السلام العالمي".[137] سلام مشروط بإنجاز دولة إسرائيل العظمي تفرد أجنحتها على المنطقة جميعها.

في فلسطين قامت سليدانا بوضع آليات تضمن التنفيذ: " استقطاب شركاء فلسطينيين من المجتمع المحلي "فوقع الاختيار على رائد سعادة رئيس جمعية فنادق فلسطين ، الذي بدوره ألف فريق عمل محلي وبدأ التنسيق مع السكان وأنشأ فريق رسم الخرائط... يتم التنسيق مع القرى الفلسطينية التي تستفيد من عائد السياحة ..تم إطلاق الطريق عام 2007 ويتولى إدارة الطريق فريدريك ماسون زوج ساليدانا التي تقوم حاليا بتدريس أفكار المسار للطلبة والشباب الفلسطيني[ 139] ، طبعا بموافقة سلطات الحكومة الفلسطينية بالضفة. "مسار إبراهيم حصل على منحة عام 2014 من البنك الدولي من أجل ‘التنمية الاقتصادية في المجتمعات الهشة’، والمنحة مخصصة لتعزيز السياحة المجتمعية في فلسطين بالشراكة مع مبادرة طريق إبراهيم"[141].
يتكامل المسار الابرهيمي بالمسار التركي من خلال ربط المسار بالسياحة." اورفا هو المكان الذي ولد فيه النبي إبراهيم وسكن مع السيدة سارة في مدينة هاران قبل ان يسافر الى دمشق. يستخدم َ الحجاج المتصوفون المسار في طريقهم الى قونية والى القدس ومكة بطول 801 كم... تروج تركيا للمسار بوصفه مكانا للقاء ... تمثل تكاملا للمخطط المزمع استكماله مستقبلا لربط مكة بالقدس عبر دعم الصوفية "[146]. يطرح الجانب التركي "الخرائط المقدمة للمسار تحت شعار السلام الديني العالمي... اتجه شيوخ ومريدو الطريقة التركية الى تعزيز حضور طريقتهم ونشرها في اوساط أساتذة الجامعات وموظفي الدولة وأبناء الطبقة الوسطى من التكنوقراط وأصحاب المهن الحرة، هذا الى جانب قطاعات من المثقفين ورجال الأعمال ورؤساء الأحزاب السياسية... وتؤكد مراكز الفكر الأميركية تأثر النخبة التركية بالطريقة النقشبندية ، التي جعلتهم أكثر قربا من الإسلام السياسي وميلا نحو العالمية ، ومن ثم محاولة الانتشار خارج الحدود التركية ، بل واستعادة أمجاد الخلافة العثمانية".[153]

وفي السعودية " تحدد موقع مبادرة مسار إبراهيم، مع تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، وسيمتد حتى شمال شرقي الرياض ، حيث أنشئت مدينة ترفيهية، ثم ينعطف يسارا الى حيث المقابر محفورة في الصخر لمملكة مدائن صالح النبطية القديمة "[148] ؛ وفي العام 2018 قام وفد من مبادرة مسار إبراهيم بزيارة السعودية والإفادة بزيارة الموقع المزمع الإعلان عنه قريبا ، وأنه سيتضمن جبال السوداء بمنطقة عسير على ارتفاع 3015 مترا عن سطح البحر ، حيث تعد مدينة سياحية . وجدير بالذكر وجود بعض الكتابات الإسرائيلية التي تدعي أحقية إسرائيل في منطقة عسير مبررين وجود أغلبية يهودية بها قبل الرسالة الإسلامية "[150].
لكي تحكم الدبلوماسية الروحية قبضتها على المنطقة ، وضعت مبادرة مسار إبراهيم من اولوياتها مد المسار الى إيران؛ وبدأت في هذا السياق زيارات متكررة على الأرض لبعض القيادات الصوفية أمثال الياس عميدون... المباردة أعلنت ان المسار سيتحقق على إيران بعد سقوط حكم الدولة الإسلامية!!"[151] هناك مسار يخطط له في سوريا ومسارات في دول الخليج.

بالتوازي مع المسار الصوفي يمر مسار فرسان المعبد (أو الهيكل!!) يعبر الأراضي التركية وصولا الى القدس. أنشئ تنظيم فرسان المعبد أثناء الحروب الصليبية لحماية طريق الحج المسيحي وتم حله ؛ أعيد مع نهاية القرن التاسع عشر وظهر فرسان يحملون نفس الشعارات التي حملها التنظيم ويسمون أنفسهم فرسان هيكل سليمان، او فرسان الصليب أو شاربي اللبن الرائب"[155] . وهذا يكشف القناع عن الأصابع الصهيونية والماسونية في التنظيم. " يلاحظ أن لدى الصوفية مسار في مناطق السلطة ، على خلاف مسار فرسان الهيكل الذي يصل الى القدس التي يعدها جزءًا من إسرائيل ، رغم أن المقدسات المسيحية قابعة في القدس الشرقية عاصمة فلسطين" [154]. "يتحدث فرسان المعبد عن شمولية الأديان التي تسمح للأعضاء اختيار المسار الديني عبر مفهوم "التفاهم الروحي"[161] .في العام 2001 ضمت الأمم المتحدة بعض جمعيات تحمل اسم فرسان المعبد الجيدين أعضاء في المجلس الاقتصادي والاجتماعي ، الأمر الذي مثل دفعة قوية لعملها داخل التنظيم الدولي "[160] ومن أبرز مشروعاتها بالمنطقة مشروع نهر الأردن، وفي عام 2010 أنشأ الملك عبد الله ، ملك الأردن ، الهيئة الملكية المعمودية لتعزيز البيئة المسكونية المسيحية بين الطوائف المسيحية الرئيسة في الجزء الأردني من الأراضي المقدسة "[161]

يدخل ضمن سباق سلام الأديان أحد مشايخ الصوفية بالمغرب ، عمر بن عيشه ، وثيق الصلة بالحركة الماسونية!! تقارب الأديان الثلاث ودمجها في الدين الإبراهيمي الواحد الذي يتم نقله الى الخريطة السياسية ، لأن هذا المسار "سيكون مركز صنع السياسة في العالم"، يتمظهر بالسعي من أجل "خلق السلام الديني العالمي"[29]. وهل تتخلى الكواسر عن سفك الدماء وتتغذى بالعشب؟! مهمة المسار ك، حسب ادعاء مروجيها وكهنتها "مدخل لتطبيق أهداف التنمية المستدامة وتوظيفها لتحقيق الأهداف السبعة عشر (لدبلوماسية السلام) المعلنة لتحقيق التنمية المستدامة على مستوى العالم"[31]، ومنها تحرير المرأة.

ندرك من هذا العرض ان الدبلوماسية الروحية ذات اهداف مادية ، سياسية واجتماعية وثقافية، في وانها جادّة في توجهتها ومراميها ، هدفها إنجاز هدف استراتيجي بجهود قطعان من الأميين سياسيا، وذوي الثقافة السياسية الضحلة وكذلك مجموعات سدت بوجهها سبل الكسب الشريف ، يساقون باتجاهه وهم نيام.
يتطلب الموقف شديد الخطورة "توعية دينية وسياسية وفكرية لشيوخ الطرق الصوفية المختلفة في العالم العربي والإسلامي ودور للأزهر في هذا المجال ، مع التنسيق مع الطريقة القادرية في المغرب، التي تتقارب من دون معرفة مع هذا المخطط المدمر، علاوة على إفادة بعض المؤسسات العربية العاملة كحلف الفضول بالإمارات ومؤسسة وليد طلال بالسعودية... توصي الباحثة بتوعية فكرية من مثقفي الأمة لتفنيد الاتجاه وتوعية الشعوب ، بخاصة الشباب ، إن هذه الصوفية الروحية العالمية ليست الصوفية الإسلامية."[232] توصي الباحثة ب" تغيير اسم ‘بيت العائلة الإبراهيمية’ بالإمارات ، المزمع إنشاؤه في جزيرة السعديات في دولة الإمارات المتحدة لأن من الخطورة القبول بتسميتها الابراهيمية."[236]
وكذلك يقتضي الأمر تحذير تركيا حكومة وشعبا؛ "تركيا دورها مرحلي سيتم تخطيه بمجرد اكتمال دورها لتحقيق الحلم الصهيوني المدعوم من المسيحية الأصولية ومن الماسونية". الحذر من اللقاءات التآمرية .
]



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الإبراهيمية- وحواشيها : المنطلقات والأهداف(1من2)
- إسرائيل بلا أقنعة
- أربعينية رحيل المناضل الوطني ، الشيوعي نعيم الأشهب
- سياسة أميركا الخارجيية رعت الفاشية بالداخل
- المشهد الأشد بشاعة وقذارة في سياسة الولايات المتحدة
- إسرائيل أعظم استثمارات أميركا بالشرق الأوسط
- جدار جابوتينسكي في غزة
- تراث باولو فريري: من من يسيطر على التعليم يمتلك القدرة على ت ...
- تراث باولو فريري: من يسيطر على التعليم يمتلك القدرة على تشكي ...
- الحقائق خلف حرب الإبادة في غزة ولبنان وما يضمره الكيد الصهيو ...
- إيديولوجيا الصهيونية تدمير وإبادة جماعية تقنّعها بالدفاع عن ...
- مشروع الشرق الأوسط الجديد ينهض من بيات ه الشتوي
- نتفنيد أكذيب الصهيونية واختلاقاتها
- نتفنيد أكاذيب الصهيونية واختلاقاتها
- من سيرة حياة ثورية من العند
- بالمال يحكم اللوبي الصهيوني قبضته على السياسة والرأي العام ف ...
- كي تصعد المقاومةالفلسطينية الى حركة ثورية إقليمية
- هراوة غليظة ترهب الجامعات الأميركية(2من2)
- هراوة غليظة ترهب الجامعات الأميركية (1من2 )
- هل تغير صدمة الفشل نهج الدولة الصهيونية؟


المزيد.....




- “اضبط الآن ترددها الجديد” سلي ولادك ومتعهم مع قناة طيور الجن ...
- مصادر فلسطينية: قوات الاحتلال تقتحم بلدة ياسوف شرق سلفيت
- مصادر فلسطينية : قوات الاحتلال تقتحم بلدة ياسوف شرق سلفيت
- رئيس الاستخبارات الإسرائيلية يلتقي الزعيم الروحي للطائفة الد ...
- اتفرج دلوقتي وأبدء غني مع أطفالك .. تردد قناة طيور الجنة 202 ...
- قائد الثورة الاسلامية يلقي خطابا يوم الاربعاء حول تطورات الم ...
- الجهاد الاسلامي: العدوان الاسرائيلي اعتداء صريح على الشعب ال ...
- الجهاد الاسلامي: توسيع -إسرائيل- احتلالها للأراضي السورية يث ...
- ما رسائل الشرع من زيارته الجامع الأموي وكيف تغيرت شخصيته؟
- الجولاني من داخل المسجد الأموي في دمشق: الأسد ترك سوريا مزرع ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد مضيه - ديبلوماسية المشترك الإبراهامي-2