مصر .. السجن الكبير

إسلام حافظ
كاتب وباحث مصري
(Eslam Hafez)

الحوار المتمدن-العدد: 8157 - 2024 / 11 / 10 - 18:53
المحور: حقوق الانسان
    

شهدت مصر منذ عام 2013، بعد تولي السيسي الحكم، تزايدًا ملحوظًا في انتهاكات حقوق الإنسان، حيث انتشرت حالات الاختفاء القسري والاعتقال العشوائي وتقييد الحريات بشكل عام. ووفقاً لتقارير حقوقية دولية ومحلية، أصبحت قضايا حقوق الإنسان في مصر من أكثر الملفات المثيرة للجدل. وفيما يلي استعراض تفصيلي للعديد من هذه الانتهاكات.

1. الاختفاء القسري

الاختفاء القسري هو احتجاز الأفراد من قبل قوات الدولة دون الإعلان عن مكانهم أو وضعهم القانوني، مما يشكل انتهاكًا لحقوقهم الأساسية وكرامتهم الإنسانية. وقد شهدت مصر في السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في أعداد المختفين قسريًا، حيث تقدر بعض التقارير الحقوقية، كالتقارير الصادرة عن "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" و"هيومن رايتس ووتش"، وجود الآلاف من حالات الاختفاء القسري منذ عام 2013. ويشمل هذا الاختفاء نشطاء سياسيين وحقوقيين وطلابًا وصحفيين وحتى مواطنين عاديين.

تتنوع أماكن احتجاز المختفين قسريًا، إذ يتم نقلهم غالبًا إلى أماكن احتجاز غير رسمية، أو يتم إخفاؤهم داخل منشآت أمنية ولا يسمح لأسرهم أو محاميهم بالوصول إليهم، مما يشكل ضغوطًا كبيرة على عائلاتهم. ورغم الدعوات المتكررة للكشف عن مصير هؤلاء الأشخاص، فإن السلطات المصرية تنفي في معظم الأحيان وجودهم تحت الاعتقال أو تشير إلى أنهم قد انضموا إلى مجموعات إرهابية أو متطرفة، مما يزيد من تعقيد القضية.

2. الاعتقالات السياسية وقمع الحريات

مع تزايد الاحتجاجات الشعبية ضد السياسات الحكومية في مصر، لجأت السلطات إلى الاعتقالات الجماعية والتضييق على النشطاء السياسيين. وقد شهدت السنوات الأخيرة اعتقال عدد كبير من الناشطين السياسيين، خاصة أولئك الذين ينتمون إلى جماعات المعارضة أو من ينتقدون السياسات الحكومية. ويشمل هذا القمع الصحفيين والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ما أدى إلى تراجع الحريات الأساسية في البلاد بشكل حاد.

وفي هذا السياق، تم إصدار قوانين صارمة ضد التظاهر وحرية التعبير، إذ أصبحت الموافقة الأمنية شرطاً لتنظيم أي تجمعات. وأي شخص يحاول تنظيم تظاهرة دون تصريح يواجه عقوبات شديدة تصل إلى السجن لفترات طويلة. وقد أشار تقرير "منظمة العفو الدولية" إلى أن مصر أصبحت أشبه بسجن كبير للمواطنين الذين يعبرون عن آرائهم السياسية.

3. حالة الصحفيين وحبسهم

الصحافة الحرة كانت من بين الضحايا الأبرز للحملة الأمنية في مصر. فقد تم اعتقال عدد كبير من الصحفيين، وتعرض العديد منهم للتهديدات والإيقاف عن العمل. وفقًا لتقارير "لجنة حماية الصحفيين" (CPJ)، تعد مصر من بين الدول التي تسجل أعلى نسب اعتقال الصحفيين في العالم، حيث يتم حبسهم بتهم مثل "نشر أخبار كاذبة" أو "الانتماء إلى جماعات محظورة"، في حين يقتصر نشاطهم على نشر الأخبار أو التعبير عن آرائهم السياسية.

كما تم حجب العديد من المواقع الإلكترونية الإعلامية المستقلة، مما جعل الصحفيين يلجؤون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم. وعلى الرغم من التضييق، ما زال هناك عدد من الصحفيين الذين يحاولون فضح هذه الانتهاكات عبر الإنترنت.

4. التعذيب وسوء معاملة المعتقلين

التعذيب وسوء المعاملة في السجون ومراكز الاحتجاز في مصر يمثلان مشكلة خطيرة، حيث تشير تقارير حقوقية إلى تعرض المعتقلين للتعذيب الجسدي والنفسي، والذي يتنوع بين الضرب والحرمان من الطعام والماء، والصدمات الكهربائية، وأحياناً استخدام أساليب تعذيب وحشية أخرى لإجبار المعتقلين على الاعتراف بتهم معينة.

تشير التقارير إلى أن التعذيب يتم بشكل منهجي في بعض مراكز الاحتجاز، وهناك حالات أدت إلى الوفاة نتيجة التعذيب، ما دفع منظمات مثل "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" للتنديد بهذه الممارسات والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عنها.

5. بناء السجون وزيادة عدد المعتقلين

في السنوات الأخيرة، تزايد عدد السجون في مصر مع تزايد أعداد المعتقلين السياسيين. وقد أطلقت الحكومة مشروعات لبناء سجون جديدة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المعتقلين، حيث تم افتتاح العديد من السجون في أماكن مختلفة من البلاد. ويأتي هذا التوسع في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية، مما جعل بعض النقاد يرون أن بناء السجون يعكس أولوية السلطة على حساب القطاعات الأخرى كالتعليم والصحة.

6. سوء معاملة عائلات المعتقلين ومنع الزيارات

تواجه عائلات المعتقلين تحديات كبيرة، حيث يتم منع الزيارات بشكل متكرر، وتفرض إجراءات صارمة على من يُسمح لهم بزيارة ذويهم. ويشكل هذا الأمر ضغطاً نفسياً كبيراً على العائلات، خاصة في حالات الاختفاء القسري، حيث تبقى العائلة في حالة من القلق والانتظار دون معرفة مصير ذويهم. علاوة على ذلك، يتم إهانة العائلات أثناء زيارتهم للسجون، وتقييدهم بوقت محدد لرؤية المعتقلين، ما يزيد من معاناتهم.


تشير التقارير الحقوقية إلى أن مصر تشهد تدهورًا حادًا في حالة حقوق الإنسان، حيث تعددت الانتهاكات من اختفاء قسري واعتقالات تعسفية وسوء معاملة للمعتقلين وذويهم، بالإضافة إلى التضييق الشديد على حرية التعبير واعتقال الصحفيين. وعلى الرغم من الانتقادات الدولية، فإن السلطات المصرية تواصل هذه الإجراءات بحجة "مكافحة الإرهاب" و"الحفاظ على الأمن القومي".

من الواضح أن ملف حقوق الإنسان في مصر بحاجة إلى إصلاحات جذرية.

#إسلام_حافظ_عبد_السلام (هاشتاغ)       Eslam_Hafez#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل