|
قصة قصيرة - رائحة على شكل قلب
مصعب فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 1776 - 2006 / 12 / 26 - 09:09
المحور:
الادب والفن
علمتني التجربة وحاسة الشم الدقيقة أن نفس العطر لا يعطي نفس الرائحة على أجساد مختلفة ، لكن ما حيرني ، وأصبح هاجسي هو رائحة جارتي ، تلك التي أتصبح بعطرها كل يوم ، وغالبا ما أتبادل معها التحيات أو بعض كلمات المجاملة عندما أكون نازلا الدرج أو صاعدا عليه ، ( رائع العطر الذي تضعين ) ( شكرا ) قالتها بلطف بكامل أحاسيسها ، قالتها باللسان والجسد والروح ، ونزلت الدرج بأكمام من عطر ،ابتسمت وشكرتها في سري لأنها تضع هذا العطر ، وشكرت ذلك العطر الذي يحمل رائحتها ، صحيح أنني أتعب أنفي قليلا بتعرية وفرز رائحة العطر لأشم رائحة الأنثى التي تقف خلفه ، وأنفي العبقري في الرياضيات كان يجري الحساب بسهولة : تلك الرائحة ناقص رائحة هذا العطر ، مع إجراء لوغاريتم الناتج ، ورفعه لأس بيولوجي معين ، ضاربا الناتج بلون العينين ، ثم قسمته على تكويرات الصدر والمؤخرة ، كنت أتوصل لرائحة الأنثى فيها . عندما كنت أصل مدخل الدرج لأصعد إلى شقتي وتكون قد سبقتني بالمرور عبر نفس المدخل ، كنت أحاول لململة ما تبقى من تلك الرائحة ، من نباتات المدخل ومن الجدران ، ومن أبواب الشقق ، والسقوف ، ومن أنوف الجيران ، لأدخل شقتي ، وأجري تلك الرياضيات ، وأرسم لوحة من تلك الرائحة . ما حيرني في الأيام الماضية ، أن رياضياتي لم تعد تعطيني نفس النتيجة ، فنفس العطر لم يعد يعطي نفس الرائحة من نفس الجسد ، دخل فيروس ما ، إما إلى أنفي أو إلى لوحة الرائحة تلك ، وبدأت لوحاتي التي ارسمها بأنفي تأخذ تشكيلات غريبة ، لم يعجبني الموضوع . لم آكل شيئا اليوم ولم أدخن شحذت رئتاي جيدا بحركات ( يوغاوية ) حتى تكون ساحة الحواس جاهزة لاحتمالات الأنثى ، وزامنت موعد خروجي من البيت مع موعد نزولها الدرج ، بعد التصبيحات وبعض المجاملات ، سألتها ما إذا كانت قد غيرت عطرها مؤخرا ، أجابت بالنفي وافترقنا ، لم اقتنع بالجواب ، صحيح أن العطر نفسه ، لكن الرائحة كانت ترقص وتطير ، ولوغاريتماتي وعملياتي الحسابية كانت تتشوش أكثر فأكثر . بعد بضعة أيام ، وأنا أقوم برياضة المشي اليومية على الكورنيش ، تلقيت إشارة عاجلة من أنفي ، التفت بالاتجاه المطلوب ، على مقعد منزو محاط بالأغصان رأيت تلك الرائحة ، كان يمسك يدها بيده واليد الأخرى يضعها على كتفها وهما شبه ملتصقان وغيمة عطر فوقهما خيل إلي أنها ترسم شكل قلبان متداخلان يخترقهما سهم أحمر ، تابعت مشواري الرياضي سعيدا لإيجادي تفسيرا لتشوش تلك الرائحة.
#مصعب_فريد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-قصة قصيرة بعنوان- ذبابة واحدة ويكتمل القرصان
المزيد.....
-
طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب
...
-
الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو
...
-
الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض
...
-
الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة(
...
-
شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و
...
-
في وداعها الأخير
-
ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
-
عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني
...
-
شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
-
صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|