أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح قاسم - في وصف الخذلان














المزيد.....

في وصف الخذلان


سامح قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 8105 - 2024 / 9 / 19 - 17:20
المحور: الادب والفن
    


في جوهره، ينبع الخذلان من صدمة التوقعات التي لا تتحقق، ومن انتظار ما لا يأتي، ومن الرغبة في نفي ما هو مؤكد، أو تأكيد ما هو منفي، حيث يُبنى جسر الثقة على أمل هشّ، وما إن يخيب، يتهاوى كل شيء. فيكتور هوجو يقول: "ليس هناك ما هو أكثر بؤسًا من قلب يشعر بالخذلان، إنه كطائر فقد جناحيه في منتصف السماء." هذه الصورة تجسد الوحدة والضياع حين تنهار الثقة وينسحب كل شيء للوراء.
أما بابلو نيرودا، فيعبّر عن خيبة الأمل قائلاً: "أحببتك كمن يغرق في حلم طويل، وعندما صحوت، لم أجدك سوى ظل في رمال الصحراء." في هذا التصوير المؤلم، نجد كيف يتحول الحلم إلى سراب، وكيف يصبح الخذلان شبحاً يطارد الروح.
من أشد أنواع الخذلان وأقساها هو ذاك الذي يحدث حين يتحول من اعتقدناه سنداً إلى مصدر الألم. جبران خليل جبران يقول: "كم هو مؤلم أن تكتشف أن من كان يضيء حياتك، لم يكن إلا شعلة تحرق قلبك." هذا الانقلاب في الأدوار يكشف عمق الصدمة والخذلان، حيث يصبح الحبيب أو الصديق عدوًّا للطمأنينة.
خذلان الذات لا يقل مرارة عن خذلان الآخرين، فهو الانكسار أمام طموحات لم تتحقق، أو وعود لم نتمكن من الوفاء بها لأنفسنا. في هذا السياق، يقول نيتشه: "الخذلان الأكبر هو أن تجد نفسك في النهاية خالي اليدين بعد أن بذلت كل شيء." إنها لحظة مواجهة الحقيقة حين تتبخر الأحلام تحت ثقل الواقع القاسي.
ورغم الألم العميق الذي يسببه الخذلان، يمكن أن يكون ردهة نحو فهم أعمق للحياة ولأنفسنا. دوستويفسكي يرى أن "في الخذلان، يتعلم المرء القوة، وفي القوة يتعلم الحكمة." ما قاله دوستويفسكي يحمل في طياته فلسفة ترى في الخذلان درساً في الصبر والتأمل، وفرصة لإعادة بناء الذات على نحو أفضل وأكثر صلابة.
الخذلان ليس مجرد حالة مؤقتة، بل هو فصل من فصول الحياة التي لا مفر منها. إنه يُعلمنا التقبل أمام تقلبات القدر، ويدفعنا لإعادة النظر في كل ما مضى وكل ما سيأتي. كما يقول روبرت فروست: "الحياة مليئة بالحجارة الصغيرة التي نتعثر بها، لكنها الحجارة نفسها التي نبني منها الجسور." الخذلان إذًا يمكن أن يكون حجراً نضعه في بناء نضجنا الشخصي.
لا يمكن الهروب من الخذلان، لكننا نستطيع تحويله إلى نقطة انطلاق جديدة. مارسيل بروست يقول: "لن تعرف قوة نفسك إلا عندما تواجه خيبة الأمل الكبرى." التصالح مع الخذلان يتطلب شجاعة، لكن في تجاوزه نجد فرصًا لاكتشاف جوانب جديدة من أنفسنا وحياتنا.
إن الخذلان، رغم قسوته، يمكن أن يكون نافذة تُفتح على أفق أوسع، حيث تتجدد الروح وتتخطى جراحها. في إدراكنا لهذه الحقيقة، نتحرر من قيود الألم، ونمضي في الحياة بنضج أكبر وعزيمة أعمق. في النهاية، الخذلان ليس نهاية، بل بداية لرحلة جديدة، وحكمة تُضاء بها الطريق الذي لم تنتهِ بعد



#سامح_قاسم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ الكذب: من الفلسفة إلى الواقع
- مجنون ليلى عند المتصوفة: تجليات العشق وصولا إلى العرفان
- السلطة والجنون: تجليات التأثير والمصير
- فلسفة الجمال عند العرب: تأملات في الوجود والحُسن
- حذاري أن تُحبوا من أعماق قلوبكم
- تاريخ الأفكار: مسيرة العقل في مواجهة السلطة عبر العصور
- الحرية بين الفكر العربي والغربي.. يقول الجسد: أنا مهرجان!


المزيد.....




- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب
- كيف عمّق فيلم -الحراس الخالدون 2- أزمة أبطاله بدلا من إنقاذه ...
- فشل محاولة إقصاء أيمن عودة ومخاوف استهداف التمثيل العربي بال ...
- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...
- سرقة موسيقى غير منشورة لبيونسيه من سيارة مستأجرة لمصمم رقصات ...
- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا
- كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح قاسم - في وصف الخذلان