سميره الكناني
الحوار المتمدن-العدد: 8054 - 2024 / 7 / 30 - 02:21
المحور:
الادب والفن
الشخصيات:
الرجل/أحمد: رجل في أواخر الخمسينات من عمره، يبدو عليه الوقار والحكمة بعد سنوات من التجارب الحياتية.
المرأة/نرجس: امرأة في نفس العمر، تتمتع بجمال ناضج وتبدو عليها آثار الحياة والتجارب الصعبة.
المكان:
متنزه بين الأشجار في باحة واسعة وانواع ورود كثيرة بالوان مختلفة مثل الأزرق، الأرجواني، النرجسي، والأبيض. تحت الأشجار المظللة، توجد مقاعد خشبية وبعض الزهور البرية المنتشرة حول المكان. طيور تغرد في الخلفية، مما يضيف جواً من السكينة.
الرجل (وهو يقترب ببطء):
مرحبًا. منذ اكثر من ساعة وانا انظر اليك..
المرأة (بتعجب):
ولم ذلك يا سيد؟
أحمد:
اعذريني على تطفلي.. ايمكن ان اعرف اسمك؟
نرجس:
ممكن، لكن لماذا؟
الرجل:
اليس اسمك نرجس؟
المرأة: (بعد تأمل)
معقول؟ انت؟ أحمد؟
أحمد:
نرجس!
نرجس:
أحمد!
أحمد:
لم أتخيل أبدًا أننا سنلتقي هنا بعد كل هذه السنين.
نرجس (تبتسم برقة وتجيب):
ولا أنا. كأنه حلم جميل يعيدني إلى أيام الشباب.
أحمد (يجلس بجانبها على المقعد):
كيف حالكِ؟ كيف كانت حياتكِ؟
نرجس (بضحكة خفيفة):
حياتي كانت كرحلة مليئة بالمفاجآت. وبعض المفاجآت لم تكن سارة.
أحمد (بنظرة مهتمة):
أود أن أسمع عنها. هل تودين أن تشاركيني بعضًا منها؟
نرجس (بابتسامة حزينة):
أعتقد أنه حان الوقت للحديث عنها. ولكن أخبرني أولاً عنك، كيف كانت حياتك؟
أحمد (بجدية مخفية خلف الابتسامة):
الحياة لم تكن سهلة. لكنني تعلمت الكثير. أحببت وفقدت، ضحكت وبكيت. وما زلت حياً.
نرجس (بنبرة مرحة):
يا لك من محارب!
أحمد (يضحك):
وأنتِ؟ كيف عشتِ حياتكِ؟
نرجس (بتنهيدة عميقة):
كنت قوية. أو حاولت أن أكون كذلك. لم يكن لدي خيار آخر.
أحمد (بنظرة متأملة):
هل تتذكرين تلك الأيام عندما كنا نعتقد أن الحب يمكن أن يهزم كل شيء؟
نرجس (تبتسم بحزن):
أجل، كنا نعتقد أن الحب هو الجواب لكل شيء. كنا رومانسيين جداً.
أحمد (بحنين):
تلك الأيام كانت مليئة بالأمل. الآن، يبدو أن العالم أصبح أكثر مادية وقسوة.
نرجس (بصوت هادئ):
الزمن يغير الناس والأشياء. ويجعلنا نفقد بعض الأشياء الثمينة على طول الطريق.
أحمد (بجدية):
لكن هذا اللقاء اليوم يعيد لي شعوراً بأن بعض الأشياء لا تموت أبداً، حتى وإن تغير الزمن.
نرجس (بعينين مليئتين بالدموع):
أجل، الحب يبقى في مكان ما في أعماقنا، في مكان عزيز ودافئ.
أحمد (بصوت مليء بالحنين):
هذا اللقاء ينعش روحي، يذكرني بالأيام الجميلة التي عشناها سوياً.
نرجس (بصوت مختنق):
لكنه لن يعيد لنا الق الماضي. لن يعيد لنا عنفوان الحب الذي كان.
أحمد (بصدق):
ربما لا نستطيع استعادة الماضي، ولكن يمكننا الاستمتاع بهذه اللحظة.
نرجس (بصوت مليء بالألم):
الألم والفقدان والفراق أصبحت جزءاً من حياتنا. لكن هذه اللحظة تذكرني بأننا ما زلنا هنا، ما زلنا قادرين على الشعور والحب.
أحمد (بابتسامة حزينة):
نعم، ربما نحن لم نفقد كل شيء.
نرجس (بصوت هادئ):
شكراً لك على هذه اللحظة.
أحمد (بصدق):
شكراً لك أيضاً.
نرجس (بصوت مليء بالحنين):
أتمنى لو أننا نستطيع أن نعيش هذه اللحظة إلى الأبد.
أحمد (بصوت هادئ):
الأبدية لا تُقاس بالوقت، بل بالذكريات التي نصنعها.
نرجس (بصوت مختنق):
إذن، دعنا نصنع ذكرى جميلة أخرى اليوم.
أحمد (بابتسامة دافئة):
نعم، دعينا نفعل ذلك.
(المشهد يتلاشى ببطء مع غروب الشمس، تاركاً أحمد ونرجس في السكون والسكينة، مستمتعين بلحظتهم الخاصة تحت الأشجار. بعد الصمت المفعم بالدفء والاشراق، يعود اليهما الاحساس بالواقع)
أحمد: (بتنهيدة)
لكن، ثلاثون عامًا مرت وكأنها لحظة. كيف حالكِ؟
نرجس: (بنبرة مرحة)
كنت أعيش، وأتعلم، وأتألم. وأنت؟
أحمد: (بجدية)
الحياة كانت مدرسة قاسية. فقدت زوجتي قبل بضع سنوات، وأصبحت وحيدًا.
نرجس: (بصوت هادئ)
وأنا تطلقت. الحياة لم تكن سهلة.
أحمد: (بابتسامة خفيفة)
أذكر أيامنا الجميلة. كنا نعتقد أن الحب سيهزم كل شيء.
نرجس: (تتنهد)
نعم، كانت تلك الأيام مليئة بالأمل. الآن، يبدو أن العالم تغير.
أحمد: (بنظرة متأملة)
نعم، تغير كثيرًا. لكن هل تعتقدين أنه يمكننا أن نبدأ من جديد؟
نرجس: (بصوت مملوء بالتردد)
لا أعرف، أحمد. حياتنا الآن مختلفة. الأحلام القديمة تبدو بعيدة جدًا.
أحمد: (بحنين)
كنتِ دائمًا جزءًا من ذكرياتي. هل يمكننا أن نجد مكانًا لتلك الذكريات في حياتنا الجديدة؟
نرجس: (بصوت مختنق)
ربما. لكن هل يمكننا حقًا استعادة ما مضى؟
أحمد: (بهدوء)
ربما لا يمكننا استعادة الماضي، لكن يمكننا صنع ذكريات جديدة. ولكن، يجب أن نكون واقعيين. الحياة الآن مليئة بالتحديات.
نرجس: (تتأمل الزهور)
هل تتذكر زهرة النهار؟ كانت تتفتح في الصباح وتغلق في المساء.
أحمد: (بابتسامة حزينة)
نعم، أذكرها جيدًا.
نرجس: (بصوت مملوء بالحزن)
كعلاقتنا، تتفتح في الصباح وها هي تغلق الآن مع نهاية النهار.
أحمد: (بنظرة عميقة)
ربما علينا قبول أن ما يمضي لا يعود. لكن يمكننا أن نحترم ونقدر الذكريات الجميلة التي لدينا.
نرجس: (بابتسامة خفيفة)
نعم، ربما هذا هو أفضل ما يمكننا فعله.
أحمد (بهدوء):
انظري تلك زهرة النهار. ستنام وتغلق أوراقها. لكن، غدًا ستتفتح من جديد. قد لا تكون لنا، لكن الحياة ستستمر.
نرجس (بابتسامة دافئة):
أتمنى أن نجد السلام في هذا الفهم. أشكرك على هذه اللحظة الجميلة، أحمد.
أحمد (بصدق):
وأنا أشكرك ايضاً. في لقائنا البسيط هذا.. حاولنا تأخير الزمن، حاولنا ان نعيد كلماتنا ذاتها. لكن اولادك هناك ينتظرون وبناتي يقفن بين الاشجار. انهم دعوة صارخة كي نعود من رحلتنا المستحيلة الى حياتنا الشاحبة.
نرجس:
لو كنا نستطيع ان نرجع شباباً لقلت لهم ان يذهبوا.. لكن لا جسدي ولا روحي قادرة على الطيران.
احمد:
ولا انا. ارفع نفسي بصعوبة من الارض. والسعال لا يفارقني ليلاً.. وتنفسي مثل صرير الباب القديم.
نرجس:
الزمن اقسى اختراع الهي!
احمد:
كزهرة النهار علي ان أنام مبكراً.
نرجس:
وها انا اغلق اوراقي.
احمد:
اقول وداعاً؟
نرجس:
قل وداعاً واستقبل مني وداعاً مثله.
(يقفان وينظر كل منهما في وجه الاخر لبرهة. ثم يذهبان كل واحد في اتجاه مع انغلاق اوراق زهرة النهار بالكامل)
ستار
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟