أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزهر بن مدلول - عجائب اخرى















المزيد.....

عجائب اخرى


مزهر بن مدلول

الحوار المتمدن-العدد: 1768 - 2006 / 12 / 18 - 09:43
المحور: الادب والفن
    


- وكلوا من عدسها وثومها وبصلها-
لم يتسنى لي ، ان اسمع بها من قبل ، ولامرت عليَّ في كتب المدرسة . لم اقرأ الكتاب المقدس ، ولم يتطرق من علّمني اليها يوما ابدا . لكن هذا الرجل ، الذي لايتسع المقعد لعجيزته ، وبطنه تكاد ترتطم بمقود عربته الجديدة اللامعة ، قال لي ان تلك - اية ٌ كريمة –
ورغم علمي ، بانه اراد بها قمعي واستغلالي ، لكني صدقت ماقال ببراءة .
فانبريت له متهكما ..
وهل توجد آية ٌكريمة ، تمنع أكل الدجاج ؟!
لا .. لااظن ذلك .
اجاب الرجل مرتبكا .. وقد شعر بسخريتي .
قلت ..
اذن ، اريد دجاج ورز ، وإلاّ .. لااستطيع ان اواصل عملي هنا .
وفي غفلة مني ، واخرى منه ، رايته مختبأ ًخلف شجرة صغيرة ، ويتبول واقفا ..
ضحكت في سري متمتماً ..
فقد ظننت ، بان رجل كبير السن مثله ويتحدث بمنطق المتدين ، لايمكنه ان يعمل تلك ، الا اذا كان مضطرا .
شعرت بالارتياح للوهلة الاولى ، لان هذا البرهان سيجعلني انتصرعليه ولايمكنه ان يتملص مني ..
فواجهته مرة اخرى بسخريتي المعتادة ..
وهل يتبول المؤمنون وهم واقفون ياشيخ !!؟
سوف لن اسمع منك بعد الان ، حديثا نبويا ، ولا آية قرانية ..
وغدا عليك ان تاتيني بالدجاج والرز ، الذي يكفيني لمدة اسبوع .
امتقع وجهه اللئيم ، وظهر عليه الحنق ، لكني احسست انه سيجلب لي غدا ما طلبت ، ثم قاد عربته ورحل .
كنت محاطا بتلال من الرمال الى حد الاختناق ، تضيف غرابة اخرى الى غرابة عالم الصحراء المتراكم ، تلك الصحراء ، التي تبدو كافق لانهاية له.
ضرب الظلام اطنابه في المكان ، وبدات تخترق صمته المطبق،عواءآت الضباع والذئاب الجائعة ، التي كانت تتعالى تدريجيا ، حتى ملأته صخباً . فخيل لي بان هذه الحيوانات، تتنادى وتتحاور في ما بينها بطريقة غريبة ، كانها تريد ان تضع خطة للهجوم عليَّ .
حزنت للذي انا فيه ..
استداريت .. ودلفت داخل الكوخ الطيني ، اغلقت الباب باحكام ، ثم شعلت نارا داخله ، فقد كانت ليلة خريف باردة ..
تمددت على بطانية عتيقة ومرقعة ، ورحت احلم باناقة حبيبتي ، وهي تنظر بالمراة وتبتسم لي .
سمعت هرولة خارج الكوخ ، كانت تشبه المطاردة .
اذن هناك فريسة وهناك مفترس .
نهضت لكي استجلي الامر، وكنت اعزلاً تماما ، إلاّ من عصا نحيفة ، اضطر احيانا لاستخدامها في التخلص من الافاعي والعقارب ، التي تملأ المكان ..
بحثت عن اللايت الصغير ، لكي اضئ الطريق الى الباب ، وقبل ان اعثر عليه ، كان احدٌ يطرق على الباب بسرعة وبقوة ، ويكاد يدفعه بكلتا يديه محاولا فتحه ..
من الطارق .. وماذا تريد ..؟
استوقفته بالسؤال ... فرد علي رجل قائلا ..
افتح الباب رجاءا فانا خائف ..
استقبلته بحرارة ، طمأنته بان لا يخاف ، فقد وصل الى مكان آمن ، وقدمت له ماعندي من الاكل والشراب .
كان هذا الرجل ثرثارا ، لايتوقف عن الكلام ، ولا يوحي ابدا ، انه من السياسيين الهاربين من جحيم القمع في العراق . ومع ذلك ، فقد خفف عني حمل الليل الثقيل .
كان يهذي كالمجنون ، من شدة شعوره بالخوف ..
فيقول ..
لم أكن وحدي .. لقد كان معي ثلاثة من الادلاء ..
اولهم ، اوصلني الى مدينة صفوان وعاد ..
والثاني ، عبّرني الحدود ثم عاد الى العراق ..
واما الثالث ، فقد اوصلني الى باب كوخك هذا .. والحمدلله رب العالمين .
و لما لم يجدني متحمسا للحديث ، وأسألتي تحمل معنى التشكيك واللامبالات ، استدرك وقال ..
كان معي الله سبحانه وتعالى ، ومحمد – ص – ، وعلي –ع – .
توقفنا عن الكلام وساد الصمت ..
تركته ينام ، فهو متعب جدا ولاشك ، وانا ايضا علي ان انام ، لكي اقوم الى العمل مبكرا .
قبل الفجر ، ارتديت بدلة العمل ، بعد ان احتسيت كوبا من الشاي ، وخرجت الى عملي ، الذي استمر الى منتصف النهار .
ضيفي ، واسمه جاسم ، مازال في داخل الكوخ ، فقد ابلغته بان لايخرج ، لكي لايراه احد من افراد الدورية .
من بعيد لمحت سيارة صاحب المزرعة قادمة ، فأكدت ل جاسم مرة اخرى بان لايخرج ، حتى يعود الشيخ ادراجه .
وصلت السيارة ، وكانت تحمل لي الكثير من الرز والقليل من الدجاج . وكنت اتحاشى الحديث معه ، واستعجله بالعودة ، لكي لايدخل الى الكوخ ويرى صاحبي ..
لكن جاسم يبدو اغرته السيارة الباهرة ومظهر صاحبها ، فاخذ يتابعنا من ثقوب جدران الكوخ الكثيرة ، ولما تأهب الشيخ للصعود في سيارته ..
خرج جاسم راكضا ، وركع عند قدمي الرجل ، وراح يقبل حذاءه ..
ارتبك الشيخ ، وارتعش جسده واخذ يصرخ ..
آمر ياولد .. آمر ياولد ..
ياشيخ .. ياطويل العمر.. ارجو ان تاخذني معك الى الكويت .. اريد ارى اقاربي ..
بسيطة .. بسيطة ياولد .. قال الشيخ وهو يحاول الافلات منه .
اصعد ياولد .. اصعد في السيارة ، وكف عن الذي تفعله .
صعد الاثنان ، وانطلقت السيارة دون ان يلتفتا لي .
غضبت جدا لما فعله جاسم ، وشعرت بالاهانه لهذا السلوك الغريب .
قبل المغيب ، وبعد ان اكلت دجاجة مشوية كاملة ، عزمت ان اقوم بزيارة الى احدى المزارع القريبة ، كانت تبعد عني بحدود خمسين دقيقة مشيا على الاقدام ، حملت عصاي واللايت وذهبت اليها .
لم اعرف من فيها ولاصاحبها ، وحين دخلت عليهم استقبلوني بترحاب وقدموا لي القهوة ، وكانت جلسة سمر تخللها الغناء الريفي الجميل ، ثم جاء صاحب المزرعة واسمه ابراهيم ، وعلمت بانه شرطي وينتمي الى احدى دوريات الحدود ومهمته اصطياد من يدخل الى الاراضي الكويتية بطريقة غير شرعية ، لكني وجدت نفسي منسجما معه من اللحظة الاولى وهو ايضا اظهر ودا ناحيتي .
في ساعة متاخرة ، قررت ان اعود الى مكاني ، لكن ابراهيم اصر ان يوصلني بالسيارة ، فلم امانع .
وفي الطريق وعدني ابراهيم ، بان يقدم لي المساعدة للوصول الى الكويت ودعاني الى زيارتهم مرة اخرى .
لكني لم اذهب ، وبقيت وحيدا في المزرعة ، انتظر فصل الصيف ، حيث يكثر وينشط المهربون .
وفي احد النهارات زارني ابراهيم ، وطلب مني ، ان استعد للسفر بعد ساعة من الان .. شعرت بفرح عارم ، وحزمت بعض اشيائي .
جاء ابراهيم بسيارته الكبيرة ، التي يستخدمها لحمل الاغنام ، وتوقف في باب الكوخ .
فتح غطاء المحرك ، وقال .. اصعد ..
فاندهشت وتراجعت ..
اين اصعد ..؟!
كيف لك ان تحشرني مع محرك السيارة ..؟!.. اتريد قتلي ..؟!
هز رأسه وقال مازحا .. عندما يشاهدونك الشرطة هنا ، سوف يحسبونك واحدا من انابيب محرك السيارة .. وقهقهة بصوت عالي .. ثم قال بجد ..
انظر الى هذا المكان .. لقد هرّبت فيه العشرات من الرجال .. عليك فقط ان لاتتحرك .. لان هناك سنتمتر واحد ، يفصل قدميك عن مروحة المحرك .
صعدت ، ولاحيلة لي ..
حيلتي حلمٌ ، اضحى مستحيلا ..
فسحة ضيقة كهذه ، التي اقبع بها الى جانب المحرك ، في العراق الفسيح .



#مزهر_بن_مدلول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سناء الانصار... سنوات ازدحمت بالمجد – 5-
- سناء الانصار ... سنوات ازدحمت بالمجد – 4 –
- الرحى مازالت تدور
- الاخضر الذي همنا بشعره
- بعض الم
- عن مشروعي البرنامج والنظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي
- أنا أيضاً تأنفلت
- كابوس
- المؤتمر الثالث لرابطة الانصار الشيوعيين نجاح ام فشل.......؟
- عن مهرجان الانصار في اربيل
- المؤتمر الثالث لرابطة الانصار الشيوعيين مهمة جسيمة وتحدي عظي ...
- سناء الانصار سنوات ازدحمت بالمجد 3
- 2سناء الانصار سنوات ازدحمت بالمجد
- ثلاثون يوما في سجن المطلاع
- العودة
- سناء الانصار سنوات ازدحمت بالمجد
- سيدي الحاكم .. إسأل المتهم
- كل الحب الى الحزب الشيوعي العراقي
- قُبَّرةٌ
- تعالي معي ...!


المزيد.....




- الجيش الإيراني يدحض الروايات عن دور المسيرة التركية -أكنجي- ...
- -توقف وأخذ يخلع ملابسه-.. فنانة مصرية تنشر فيديو حول تعرضها ...
- رفع درجة الاستعداد للامتحانات التحريرية الخاصة بالدبلومات ال ...
- رواية -كايروس- للألمانية جيني إربنبك تنال جائزة -بوكر- الدول ...
- الحب… بين الطب والأدب في أمسية ثقافية
- عباس 36- يختتم فعاليات -النكبة سردية سينمائية-
- مهرجان الفنون الدولي في موسكو يقيم معرضا للفن الإفريقي
- اغنية دبدوبة التخينة على تردد تردد قناة بطوط كيدز الجديد 202 ...
- الشعر في أفغانستان.. ما تريده طالبان
- أكثر من 300 لوحة.. ليس معرضا بل شهادة على فنانين من غزة رحلو ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزهر بن مدلول - عجائب اخرى