أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سمية الشيباني - ثقافة الفضائح















المزيد.....

ثقافة الفضائح


سمية الشيباني

الحوار المتمدن-العدد: 1765 - 2006 / 12 / 15 - 10:58
المحور: المجتمع المدني
    


كلنا يعلم أثر الفضيحة على نفسية أي إنسان، وما تتركه من كدر وحزن وغليان ورغبة في التكذيب والحصول على البراءة، وكلنا يرفض الفضيحة، مهما كان شكلها، متأثرين ربما بالتربية أو بالثقافة أو بخلفيتنا الفكرية والاجتماعية التي ورثناها عن بيئتنا، بأن الفضيحة أمر مشين ولا تليق بالاستقامة والصورة الناصعة والمصداقية، وهكذا ساد هذا الاعتقاد حتى، أوائل التسعينات، وربما بعد ذلك أو قبل ذلك بقليل.
بدأت بعض الآفات تتسرب إلى عالمنا الفني والثقافي وتمارسها بعض الفآت في الثقافة والفن وتستمرئ فكرة الفضيحة لما تمنحه من انتشار وشهرة وأضواء، حيث يتصدر اسم صاحب الفضيحة بالمانشيتات العريضة على صفحات الصحف والمجلات بل على الأغلفة! وفي زماننا هذا في المواقع والصحف الاليكترونية.
بتنا لا نكترث كثيرا فيما إذا كان فلان مصاب بمرض خبيث! أو علانة كسرت ساقها وهي "خارجة من باب الحمام" أو حديث تلك المذيعة قد خرج عن الأدب قليلا مع الفنانة فلانة، حيث يكون رد الفنانة ربما رمي "النك مايك" على الأرض ومغادرة الأستوديو وعلى الهواء مباشرة! وفي اليوم التالي تبدأ البرامج الفنية والصحف والمجلات والمواقع وإذاعات الأف أم، تثير زوبعة حول حدث لا يغير من هجير أيامنا وأحداثنا الجسام.
لأننا نعلم أن كل ما ستفعله زوبعة هذه الفضيحة هي زيادة أسهم الفنانة في سوق " الأغذية العربية... عفوا أقصد الأغنية العربية" سواء كان صوتها جميل أم قبيح تجيد الغناء أم لا تجيده، المطلوب هو أن تظهر هذه الفنانة أكثر عدد مرات ممكنة أمام عدسات المصورين وعلى شاشات التلفزيون وعلى المواقع، كي تفسر ما حدث وتكذب الخبر مع تلك المذيعة في ذلك البرنامج وبعد ذلك تنهال عليها العروض! إعلانات وعقود وسفر ومهرجانات وكلمات وألحان، ورأس مالها في ازدياد، ورأس مال القصة فضيحة.
حتى أن إحداهن تطاولت على حصان! لأنها لم تجد من يتطاول عليها، إدعت بأن الحصان اشتهاها رغم أنها هي التي بدأت وداعبته وترنحت أمامه وأغوته! ولم يفعل الحصان المسكين
سوى أنه جنح وكاد يرتكب جريمة في موقع التصوير! بعد ذلك جنت هي كل محصول قصة "المغنية والحصان" وبقي الحصان المسكين في الظل بكمده وحسرته، وربما مات قهرا وكبتا.

نكتشف بمرور الوقت بأن كل شيء مفبرك وأن هناك اتفاق بين هذه الشخصيات والمخرج ومدير الأعمال وربما المحطة بكاملها، في أن يمثلوا الأحداث ويشعلوا شرارة الشهرة "بفضيحة!!!.

البسطاء طبعا يسقطون في الفخ ويتدافعون للحصول على نسخة من مجلة شعبية حصلت على السبق ويدفعون ثمن المجلة من كدهم وقوت يومهم لمتابعة الحدث، وربما بعض البسطاء مذيعون مبتدئون في محطات تلفزيونية وإذاعية ليس لديهم القدرة على التخيل أو التصور الذي يبعث في نفوسهم الشك أو الريبة فيكون أيضا أداة لترويج هذه الفضيحة أو تلك وربما لا يكون لديه القدرة على الإعداد لبرنامجه ويجد هذه المادة جاهزة ومعدة ولكن دون أن يعلم بأنه صار أداة ودون مقابل، وحتى المواقع ستتناول الحدث ليس لأنها لا تمتلك الخبرة أو لا تعلم خفايا الأمور بل لأنها تعرف وتريد أكبر عدد ممكن من القراء وهذا ينطبق حتى على الصحف والمجلات.

إلى هنا والأمر ربما يكون عاديا فالمغني أو المغنية في هذا الزمان يدفعون أي ثمن ومهما كان من أجل الوصول والشهرة والمال وصناعة اسم، وليس مهما أن يكون هذا الاسم فقاعة، أو الفضيحة ينتج عنها عقدة نفسية، أو تتفسخ سمعته في الوسط الاجتماعي أو الفني، لأنه أصلا لا تعنيه السمعة والمهم هو أن يأتي الفعل بثمنه والثمن معروف ومتفق عليه وبمدة محددة بعد ذلك يذهب المغني أو "المنشد" في حال سبيله طالما أنه حقق الهدف.

أما صانع الفضيحة والاسم وصاحب الفكرة فيذهب بحال سبيله بعد أن يكون قد قبض ما هو متفق عليه في الزمن المتفق عليه ليبدأ فكرة جديدة وصناعة جديدة وفضيحة جديدة وبر بكندا جديدة، وهكذا يسقط البسطاء في الفخ من جديد ويضيعون في لعبة الفضائح اللذيذة والتي صارت عادية في هذا الزمان.



لكن الذي ليس عاديا هو أن يدخل بعض أصحاب الكلمة المكتوبة، الأدباء والشعراء والكتاب، قاص كان أو روائي أو شاعر، حيث تستهويهم اللعبة! وبخلال أيام يحققون شهرة وحضور إعلامي لم يحظى به فيكتور هوجو، ولا طه حسين، ولا حتى الجواهري.



يبقى الوسط الإعلامي يغلي وأصحاب برامج الفكر الجاد يستضيفون الشخصية ويتحاورون لساعات حول الفضيحة وكيف كانت بداياتها وما هي مسبباتها وكيف الخروج منها وربما يحشرج صوت الضيف على أساس أنه إما مسروق أو متهم بالسرقة، نص شعري أو رواية أو فكرة أو اسم ليس مهما المهم هو أن تشتعل النيران وتنضج الفضيحة.



في هذا الفخ لا يسقط البسطاء بل يسقط الكبار وذوي الأقلام المقروءة، لأن البسطاء أصلا لا يعنيهم أصحاب النصوص فهم اختصاص أصحاب الخصور، أما الكبار فيعتبرون أنفسهم في حالة ترفع عن أصحاب الخصور ويعتقدون بأنهم أذكى من الذين يهتمون بالمغنين، فهم اختصاصهم أهل الأدب والفكر والثقافة وليس أهل الفن، وفي هذه الحالة سيكون المثقف الذي يساهم باشهار الفضيحة "ياغافل إلك الله" ربما تكون لديهم نوايا خفية وعلى حياء يتناولون القصة لزيادة القراء أو المشاهدين، لكن الأكيد هو أن هذا النوع من الفضائح أدسم وأثقل واللعبة أجمل وأكبر بمعنى "اللعب مع الكبار" وربما يتطاولون على بعضهم ولكنه تطاول الكبار على الكبار "مهما يكن"



لكنك تكتشف في نهاية الأمر بأنه اتفاق لا يختلف عن اتفاق تلك المغنية مع تلك المتذيعة! وهي لعبة لصناعة الإسم "وربما يكون أحد الطرفين ليس معنيا بهذه اللعبة" حيث يلعب الطرف الأضعف أو "الحلقة الأضعف" بصناعة الفضيحة ليعود إلى دائرة الأضواء بعد خفوت وفتور وافلاس!.



ترى من علم أهل الكتابة هذه الحيل؟ وهل سبقنا إليها أهل الكتابة من العالم الآخر لنتهم العولمة مثلا بتصدير هذه الأفكار؟ وأقول أهل الكتابة وليس أهل الثقافة لأن أهل الثقافة سيبقون أرفع بكثير عن هذه الممارسات.



كيف يضحي كاتب مثلا مهما يكن بسنوات شقائه وبصدقه وبماء وجهه من أجل ضوء أو عدسة كاميرا أو صوت عبر إذاعة؟



يحضرني هنا مقطع من قصيدة للشاعرة حمدة خميس في إحدى قصائدها حيث تقول



أنا لا أكتب الشعر كي أبلغ المجد

أو أنتشر في صفحة الإعلام

أكتب كي أضيء

كذا الشعاع ينسل خلسة ليمحوا الظلام



إذن المفهوم العام هو أن يكتب الكاتب كي يسجل موقفا ويضيء بذاته لذاته أو شمعة على حد قول من سبقونا وليس على أساس أن يمارس فلسفة أو منطق "شوفوني... شوفوني" مع الإعتذار للروائية سميرة المانع صاحبة رواية "شوفوني شوفوني" حيث تجرأت واستخدمت عنوان روايتها.


زمن لا تنفع معه الكتابة، ولا الفن الخالص، ولا الطرب الأصيل، "فضيحة واحدة بمائة مقال!" وربما مائة مقال لا تأتي كشكة دبوس بخاصرة القارئ مثل فضيحة، هذا هو منطق بعض مثقفينا في هذا الزمان! كيف يجدر بنا أن ننافس الوقت ونصنع تاريخنا؟ أو نوقظ بهاء تاريخنا وزهوه لنزهو به، كيف نستطيع أن نشكل حلقات من التواصل والصداقات لبعضنا البعض؟ كيف نصنع حاضرنا الثقافي والفكري؟ والجميع يشهق لفضيحة؟ لكنه لا يلتفت لكتابة سطر ولا لمائة سطر؟ مطلوب منا جميعا أن لا نلتفت إلى أي فضيحة بعد الآن وأن نترك الأمر لأروقة المحاكم ومطارق القضاة، ولنفوت الفرصة على أصحاب هذه الأساليب في احتلال صفحات المجلات والمواقع والصحف. أم إنني الآن بهذه المقالة ساهمت دون أن أدري بالترويج لأهل ثقافة الفضائح؟!.



#سمية_الشيباني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إمرأة بلا رأس
- هلوسات... محمومة؟؟
- أحزان السيدة السومرية
- في المرآة .... أرى وجهك يطلع من وجهي
- تضيع أسماؤنا.. ونبقى نحن


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سمية الشيباني - ثقافة الفضائح