أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قصة علي الغريب - وفاء العبد














المزيد.....

وفاء العبد


قصة علي الغريب

الحوار المتمدن-العدد: 7998 - 2024 / 6 / 4 - 21:59
المحور: الادب والفن
    


صورتها لم تغب عن بالي في مواقف عدة،
أتذكرها عندما أغمض عيني لتستشعر روحي بالأمان يحضر طيفها يبث السلام بداخلي
تنبعث راحة المسك
وتوابل الطعام بآن واحد لم تتبرج وتلبس الزينة
كما تفعل النساء كلهم اللواتي كن بعمرها كانت تغني بنبرة حزينة للغاية
كانت في كل عزاء تجسد بصوتها الخام الأنين وكأنها تشتهي الألم وتتجرعه كدفعات تأكله بنهم
بشرتها الحنطية تتحول إلى حمراء كنت أختبئ تحت عباءتها وأنا أداعب خصلات شعرها التي تنسدل من تحت غطاء رأسها لم تكن كبيرة لدرجة تلقب بالخالة أو العمة كانت بربيع عمرها حينما
تقف أمام المرآة، وتفرد شعرها أراها جميلة للغاية وكأنها تتعمد أن تلبس ثوباً لا يليق بها، أطفال الحي يعلمون هويتي أكثر مني، في إحدى المرات نادوا عليّ باسم أمي من ذلك الحين اشتعل فتيل القلق والخوف بداخلي وكأني كبرت دون هوية عندما أسأل والدتي تقول قد مات والدك بالحرب
وأنا دخيلة بين ناس يعرفهم والدك

تعيد لي مرارا وتكرار قصتها الحزينة التي جعلت منها عاشقة لرجل قد تلاشت جسده في إحدى غارات الهجوم الإيراني كنت حين ذاك في السنة الخامسة بين الحلم، واليقظة وكان عمر والدتي واحد وعشرون عاماً

حين مات والدي الشهيد الذي لا نعلم أين قبره
لذلك حافظت والدتي على ملابسه في صندوق خشبي كبير بين فينة وأخرى أراها تستخرج ثيابه، وتضعها على قلبها تتحسر وكأنها تستخرج الروح من ذلك الجسد الهزيل
حين فتحت عيني أدرك حقيقة ما حولي وجدت والدتي تزين الجميلات، وتهيئهن للزفاف وكانت تأتي الفتيات الحزينة والباكية، والتي تسرد قصتها، وتتنهد والتي تترك خلفها تساؤلات كثيرة لعقل لا يتسع كل هذا الكم من الأسى
ربما والدتي لم تخبرني قصتها بكاملها، لكن مؤخرا أخبرتني أم محمد الجدة التي كان أحد أبنائها صديق أبي الذي استشهد معه بالحرب إن أمي أحبت والدي، وكان عشقهما ممنوعاً لذلك ترك أهله وغادر مع والدتي قريتهما
التي لا أحد يعلم أين هي
هوياتهم كانت مزيفة وأسماءهم مستعارة وقلوبهم بعد ما التقت فرقها الموت
سمعت أمي من بعيد خبر أن أهلها قد قاموا بعمل عزاء لها (قد أكلها النهر كما يأكل الكثير من النساء والرجال) لم يصدق أحد، لكن تقبلوا فكرة أنها لم تعد موجودة
عشت تحت سقف غرفتنا التي لم تتسع لشخصين بالغين
كان دخلنا قليلاً لدرجة اكتفت أمي بتعليمي الكتابة والقراءة في البيت بت أكتب الشعر والقصائد قد فعلت قصة والدتي بالهامي أن أكتب كل ما أراه
وأغرد كطير جنوبي ببحتي التي يقال عنها إنها نادرة وطالما قالت أمي:
أنك تشبه أباك بالصوت. أما الملامح فهي تشبه والدي (تقصد أباها الذي لا تذكره كثيرا).

بدأت رحلتي المؤلمة بعد موت أمي بسرطان الرئة، فهي كانت تموت ببطء، دون أن أشعر
تركت فجوة كبيرة بقعة هائلة من نور عظيمة اخترقت روحي قبل جسدي
كانوا ينادونني
بعلي الغريب
فلا مكان يأوي هويتي.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...
- بعد زلة لسانه حول اللغة الرسمية.. ليبيريا ترد على ترامب: ما ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قصة علي الغريب - وفاء العبد