التناقض بين الثروة الحكومية والفقر الحكومي. معاناة المواطن العراقي

احمد جليل العتابي

الحوار المتمدن-العدد: 7997 - 2024 / 6 / 3 - 06:05
المحور: المجتمع المدني
    

التناقض بين الثروة الطبيعية والفقر الحكومي: معاناة المواطن العراقي



في السنوات الأخيرة، أصبحت قضية الفقر الحكومي في العراق محورية، مما يؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين. على الرغم من الثروات الطبيعية الهائلة التي يمتلكها العراق، وخاصة النفط، يُعتبر المواطن العراقي نظرياً من أغنى المواطنين في المنطقة. بل إن المواطن العراقي لا يقل ترفاً عن أبناء الخليج من حيث الإمكانيات المالية والثروات الطبيعية. ومع ذلك، يظل تحقيق حياة الرخاء للمواطن العراقي حلماً بعيد المنال بسبب الفقر الحكومي.

الثروات الطبيعية والعوائد المالية

يمتلك العراق واحداً من أكبر احتياطيات النفط في العالم، مما يجعله نظرياً من أغنى الدول. العوائد النفطية تشكل النسبة الأكبر من دخل الدولة، ومع ذلك، فإن هذه العوائد لم تُترجم إلى تحسين ملموس في حياة المواطنين. الفساد المالي والإداري يلعب دوراً كبيراً في هذه المشكلة، حيث يتم هدر الكثير من الموارد المالية أو تحويلها لجيوب المسؤولين بدلاً من استثمارها في مشاريع تنموية.

الفساد وسوء الإدارة

الفساد هو أحد أكبر المعوقات التي تقف في وجه التنمية في العراق. تصنيف العراق ضمن الدول الأكثر فساداً في العالم يعكس مدى تفشي هذه الظاهرة، والتي تقوض كل الجهود المبذولة لتحسين الأوضاع الاقتصادية. المشاريع الحكومية غالباً ما تتعطل أو تُنفذ بشكل سيء بسبب المحسوبية والرشوة، مما يؤدي إلى إهدار الأموال وعدم تحقيق الأهداف المرجوة.

البنية التحتية والخدمات العامة

تعاني البنية التحتية في العراق من تدهور شديد. الطرق والجسور والمرافق العامة تعاني من إهمال كبير، ما يؤثر على جودة الحياة اليومية للمواطنين. المستشفيات تعاني من نقص في المعدات الطبية والكوادر المؤهلة، مما يجعلها غير قادرة على تلبية احتياجات السكان بشكل فعّال. هذا التدهور في البنية التحتية والخدمات الصحية يزيد من معاناة المواطن العراقي، رغم الثروات الهائلة التي تمتلكها البلاد.

الأزمات الأمنية والسياسية

لا يمكن الحديث عن الوضع الاقتصادي في العراق دون الإشارة إلى الأزمات الأمنية والسياسية المستمرة. الحروب والنزاعات الداخلية والإرهاب أثرت بشكل كبير على البنية التحتية وعلى مناخ الاستثمار. الأوضاع غير المستقرة تجعل من الصعب جذب الاستثمارات الأجنبية التي تعد ضرورية لتنمية الاقتصاد وتحسين الحياة اليومية للمواطنين.

البطالة والفقر

معدلات البطالة والفقر في العراق مرتفعة بشكل مقلق. الشباب العراقي يعاني من قلة الفرص الوظيفية، مما يدفع الكثيرين للهجرة بحثاً عن حياة أفضل. الفقر يؤدي إلى مشاكل اجتماعية متعددة، منها تفشي الجريمة وزيادة معدلات الأمية وانتشار الأمراض، مما يخلق دائرة مفرغة تزيد من تدهور الأوضاع.

أمثلة من حكم الإمام علي عليه السلام

الإمام علي بن أبي طالب، عليه السلام، يُعد من أعظم الشخصيات الإسلامية التي اهتمت بالعدل والمساواة بين الناس، وقد ترك لنا العديد من الأمثلة التي يمكن أن تستفيد منها الحكومات اليوم:

1. العدل والمساواة: قال الإمام علي عليه السلام: “العدل حياة الأحكام”. هذا المبدأ يؤكد على ضرورة تحقيق العدل في جميع جوانب الحكم والإدارة، ويشير إلى أن غياب العدل يؤدي إلى تدهور الحياة العامة.
2. مكافحة الفساد: نصح الإمام علي عليه السلام مالك الأشتر عندما ولاه على مصر قائلاً: “وإن لك في هذه الدنيا حظاً، ولغيرك فيها حظ، فاشتراكهم فيك وأشركهم فيك ولا تنكر فضلهم عليك”. هذا التوجيه يعكس ضرورة مشاركة جميع الناس في الثروات العامة وعدم استحواذ فئة قليلة عليها.
3. الاهتمام بالمواطنين: قال الإمام علي عليه السلام: “والله لو كان المال لي لسويت بينهم فكيف والمال مال الله”. هذا القول يعكس التزامه بمبدأ توزيع الثروات بعدالة، وضمان أن يصل المال العام لكل مواطن دون تمييز.

الحلول الممكنة

للتغلب على هذه التحديات، يحتاج العراق إلى خطة شاملة للإصلاح الاقتصادي تشمل:

1. مكافحة الفساد: يجب تطبيق قوانين صارمة لمكافحة الفساد ومحاسبة المسؤولين الفاسدين.
2. تنويع الاقتصاد: تقليل الاعتماد على النفط من خلال تطوير قطاعات أخرى مثل الزراعة والصناعة والسياحة.
3. تحسين البنية التحتية: الاستثمار في تطوير البنية التحتية الأساسية مثل الطرق والكهرباء والمياه.
4. تعزيز التعليم والتدريب: توفير برامج تعليمية وتدريبية تلبي احتياجات سوق العمل.
5. تحسين المناخ الاستثماري: خلق بيئة آمنة ومستقرة لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية.

ختاما رغم أن المواطن العراقي يُعتبر نظرياً من أغنى المواطنين في المنطقة بفضل ثروات بلاده الطبيعية، فإن الفقر الحكومي ينعكس بشكل مباشر على حياته، مما يعيق تحقيق حياة الرخاء التي يستحقها. بالإصلاحات الجادة والتكاتف بين الحكومة والمجتمع، واستلهام العبر من حكم الإمام علي عليه السلام، يمكن تجاوز هذه التحديات وبناء مستقبل أفضل للعراق وشعبه.

#احمد_جليل_العتابي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل