دور القبيلة في اضطهاد المرأة (2)

نجود الجهني

الحوار المتمدن-العدد: 7996 - 2024 / 6 / 2 - 08:18
المحور: الادب والفن
    

كبرت البنت وبلغت سنّ العاشرة، لم تعد تلك الطفلة التي تلعبُ ببراءةٍ مع إخوتها الذكور في فناء منزلهم أو شارع الحيّ.

لقد أصبحتْ امرأة، إنها "عار القبيلة" الذي يجب أن يندثر خلف جدران المنزل. فالشارع تمّ احتلاله بالكامل من الرّجال والصِبيان، إنه مِلكهم وحدهم..

تحاول تلك المرأة الصغيرة فتح النافذة لتنظيفها من الخارج، يردُعها أخوها الذي جاء يلهثُ من شدة الهَلَع، صارخًا في وجهها، ياللعار! فقد رأى الجيران يدَ امرأة سنّ العاشرة..

لابُدّ من التكفير عن خطيئة إخراج يدِها؛ يتفق والدُها على تزويجها لأحد أبناء عمومتها ما أن تنهي دراستها المتوسطة في مدارس البنات، حتى تتم تهيئتها للزواج وإعدادها لشؤون المنزل الذي ستنتقل إليه لاحقًا تحت وصاية ابن عمّها الذي بالكاد تعرف اسمه.

تأتي مناسبات رمضان، وتجمعات الإفطار النسائية، تتنافسُ الأمهات على صُنع ألذّ المأكولات بيدّ بناتهنّ، لتقديمها على سُفرة الإفطار في مجلس الرجال في مقدّمة المنزل، الذي عادةً ما يحتلّ الجزء الأكبر والأجمل في منزل العائلة.

لقد تمت تنشئة نساء القبيلة على الزُّهد والورع، يُقدّمن خدمات مجانية للرجال الصائمين السائحين في شوارع البلاد! فالنساء يطبخن في بيوتٍ لا يَمْلِكنها!

يتم تقديم الطعام للرجال قبل إعداد سُفرة إفطار النساء التي تأخذ حجمًا أصغر، وكمية طعام أقلّ من الطعام الذي صنعته النساء العابدات الصابرات الصائمات لساعات طويلة في المطبخ من أجل ملء بطون رجال القبيلة الذين ينحصر دورهم في التصويت على ألذّ وجبةٍ بعد المغرب من كل ليلة من ليالي رمضان..

تتعالى ضحكاتُ الرجال وأصواتهم، وتبدو أضواء مجالسهم برّاقة، في حين تجتمع النساء في غرفةٍ منعزلة تمامًا في زاويةِ المنزل، يُمنعن من رفع أصواتهنّ، حتى لا يُفتن رجال القبيلة!

بين رجال القبيلة، تشتهر أسماء النساء الصغيرات الموهوبات بالطبخّ وتنظيف المنزل، ويتم تحقير أولئك اللواتي لا يُجدن فن الطبخ، ويُطلقون عليها "رَفْلة"!

إنها "رَفْلة" أسموها هكذا في قواميسهم اللغوية والأدبية وتجمعاتهم الرجالية..


للحديث بقيّة..

#نجود_الجهني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل