أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نهاية بادي - قصة قصيرة















المزيد.....

قصة قصيرة


نهاية بادي

الحوار المتمدن-العدد: 7993 - 2024 / 5 / 30 - 02:59
المحور: الادب والفن
    


جميع من في هذا الكون وحدهم متابعة صفحات التواصل الداعية للتفكك ونفي المجتمعات وترابطها، تدمير رفاة الأخلاق؛ انساق الكل بلا استثناء خلفها كلاً حسب تطلعاته ما زال يضمن له ذلك كامل السرية! اتاحت الجشع، شجعت مناديه به وإليه. حللت انحلال الأخلاق والخلق. ممجدة التفاهات، بل عظمتها في الوصول للثراء، البستنا قناع الزيف والخداع أمام وجهة صفحاتها دون رادع أو حدود. وحدت الشعوب رغم اختلاف ثقافتها وظروف معيشتها! تساوى العالم بالجاهل، أصبح العاطل يجني أرباح وأموال بلا بجهد أو عمل. أمست الشهرة هدف حياتنا ووجودنا! فوضى عمت هذا العصر، قصرت عمر الزمان لركوب ظهر الموج. غيرت قانون الكون فنبتت أنياب للأسماك الصغيرة لتفترس الحيتان أو تلازمها وترافقها مسيرة عبورها البحار والمحيطات بغرس أنيابها تلك بجسدها!
هذا ما تكبته الصحف الرسمية عن تلك الحادثة، وما ذكرته البرامج بالمحطات الإخبارية، ثم تلقفته صفحات التهديم الاجتماعي بسرعة البرق لركوب ما يسمى بالترند!
* * *
مازلت أجهل نفسي، أم لأني متسامحة مع الجميع على حسابها فغادرتني متنكرة وتاهت من أجل الآخرين، ضاعت بين أكوام حطامها، أصبحت غريبة عنها لعلني لم أثمنها كي أجعل نبض حياتها لا يقف وسط الدرب خال الوفاق يجاهد من أجل اثبات الذات المغتالة بإرادتها باسم الشعارات التي أصبحت لا قيمة لها أو وجود في حياتنا. هل أستطيع إيجادها لترويضها من جديد قبل أن تفرقها الروح للأبد؟ أم أنها ستكون كسابق عهدها لأنها هكذا خلقت وتكونت؟!
إلى أي مدى يستطيع الإنسان تحمل الألم؟ الصبر على المعاناة، كظم القهر وبلع الغضب، هل له قابلية البالون أجابت تحدث نفسها وتسرها ولكن لحظة يا تهاني: حتى الأخيرة لها حد للاستيعاب قبل الانفجار.
أفاقت من موجة حزنها التي كثر اجتياحها في آونتها الأخير على صوت خادمتها وهي تسألها بصوت عال مصطنعة عدم الانزعاج بعد تكراره عدة مرات:
- هل يمكنني الذهاب أم هناك شيء يجب تنفيذ عمله قبل أن أذهب؟
حضرت تهاني من ملكوت منجاة عذاب خيالها الغير منتهية لواقع وقع كلمات عاملتها التي قطعت عليها خلوتها وانتشالها من هم معاناتها الأبدية لترد عليها والكدر يغلف نبرة صوتها:
- عزيزتي يمكنك الذهاب إن أتمتِ كل ما طلبته منك، لا تنسي أخذ ما وهبتك إياه معك.. لحظة صمت وكأنها تسر نفسها متابعة: كما تعلمي لم يبق لي من متطلبات تذكر سوى ما يمدني للغد.. أنهت جملتها ثم سرحت في ملكوت خيالها من جديد صامته كتمثال لا ينطق..
غادرت آية مكانها غير مكترثة لسماع كلمات سيدتها، ودعتها ولم تنتظر الجواب كعادتها في آخر أونه لما كانت تعتبره بطر على النعمة وهي تهمس لنفسها بجحود: أناس معدمون كأنهم أصابتهم لعنة الرب، وبشر متخم من فرط النعم!
سكون مطبق، هدوء ملفت في شقة تهاني رافقته رائحة منبعثة مقلقة للأنوف. لم يلمحها أحد خلال ثلاثة أيام بعد مغادرة آية مما أثار فضول حارس البناية للسؤال عنها، رغم أنها كانت تفضل الوحدة لكنها كانت تخرج كل يوم للعمل أو قضاء بعض حجات المنزل رغم قلتها! رن الجرس أكثر من مرة وهو يحاول تلافي الرائحة المزعجة المنبعثة من هناك بضغطه على أرنبة أنفه بأصابعه مرة واخفائه تحت كم ملابسه الرثة التي كانت رائحتها أهون بالنسبة له من تلك مرة أخرى.. طرق الباب بقوة وهو ينادي:
- دكتورة تهاني هل أنتِ بخير، دكتورة هل أنت بالدار؟
بعد تكرار محاولته تلك عدة مرات وبأوقات مختلفة قرر الاتصال بالشرطة للتأكد من أن كل شيء على ما يرام، استجابتهم للبلاغ سابق الزمن، حضورهم كان سريع، لم تمض نصف ساعة، اقتحموا الشقة، خطوات معدودة تجمد جميعهم بمكانه وقتما صعقهم المنظر المروع وهم يتعمقوا بخطاهم داخلها..
جثمان امرأة بمنتصف عقدها الرابع، سمحة الملامح، أنيقة الملابس، تهشمت نظارتها الطبية فوق عيناها، ضرج وغرق جسدها ببركة دمها الذي تناثرت قطراته بأركان غرفة المعيشة ليثبت لمن يراه أنه كان صراع من أجل البقاء.. لتبدأ مرحلة البحث عن الجاني والاستقصاء عن ملابسات الحادث!
طوت تهاني حياتها الماضي تحت رداء الذكريات، مكتفية بجلد الذات بسوط الغدر والخيانة من أبنائها رداً لجميل تعب السهر ومكابدة الصعب حتى رست بهم لبر الأمان ما أن توفى والدهم وهم لم يبلغوا بعد!
رحل الجميع وعوائلهم كلاً يبحث ناشداً عن وجوده بالحياة بعيداً عنها كأنها لم تكن في يوم أمهم لتواجه مصيرها الذي لم تستحقه لطيب نفسها، وكرم عطاءها الذي كان سبب خاتمتها تلك!
تحقق رجال المباحث بأن تهاني لم يتردد على منزلها سوى شابة بنهاية العشرين من زمن عمرها؛ نحيلة البنية أكثر ما يميزها نظرتها الحاقدة الثاقبة تدعى آية، تحضر مرة كل أسبوع لتلبي احتياجات الدكتورة من تنظيف وما شابه ذلك وتخرج بعد أنهاء عملها محملة بالأكياس من كل صنف ونوع هبات من صاحبة عملها. لكنها وفي آخر مرة لم تحمل معها أي كيس! تجنبت آية طيلة فترة عملها الاختلاط بسكان البناية وحتى البواب لم يتعد حديثها معه السلام دون كلام. تعمدت الغموض مع الجميع والكل يجهل عنها أي معلومة تدل على سكنها، أصلها أو فصلها! بعد جهود مضنية وصل رجال التحريات للوسيطة منال ليستدلوا منها على مكان سكن آية.
رشحت منال الأخيرة للعمل؛ وقتها شرحت صعوبة ظروفها لتوفير لقمة عيش لتهاني، حاك وضعها بالفور عقلها، در عطف مشاعرها حالها يومها قررت مساعدتها بمنحها فرصة للعمل..
تم القبض على آية وبحوزتها جهاز الكمبيوتر الخاص بالمجني عليها، وأيضاً المحمول التابع لها وهي تحاول بيعهما بعد أن باعت مصوغات الذهبية وبعض أدوات منزل المجني عليها! لم تستغرق تحت الضغط وقت طويل للاعتراف، صرحت غير نادمة بما جعل وسواس شيطان جرمها ينمو بأعماق داخلها.. حزمت النية، عازمت على تنفيذ خطتها ما أن تأكدت طيلة فترة عملها بأن أحداً لا يزور سيدتها من أبنائها أو معارفها؛ شرعت تشرح تفاصل فعلتها دون أسف أو بوادر حزن رغم اعترافها بكرم تهاني معها!
في آخر يوم قررت فيها وجوب التنفيذ وأن الوقت قد حان؛ سرقت مفتاح الشقة وهي تخرج مودعة كعادتها، الظروف كانت مؤاتة، كيلا تنتبه تهاني بخصوص المفتاح، عادت متسللة للشقة بعدها، لم يردعها ضميرها، ويخمد صلابة عزمها المتهتك، لم يشفع رجاء تهاني عندما صدمت بوجودها أمامها بعد أن تغلبت على ذهولها متبينه نية الغدر. شراره الحقد كانت تتطاير من عيناها، تحولتا لنظرة وحش كاسر كل ما يراوده الانقضاض على فريسته! رجتها ان لا تفعل فحرية الإنسان ليس لها ثمن، مستعدة منحها كل ما ترغب به! لكن آية انصاعت لأوامر نوازعها الشنيعة دون تردد، انهالت عليها بالضرب بقضيب معدني جلبته معها، صراخ تهاني المستغيث ومحاولة فرارها لم تجنيها نفعاً ولا حتى الدفاع عن نفسها بتجنب الضربات، تمكنت آية منها حين هوة على رأسها بالضربة القاضية التي اسكتت صوتها وقطعت أنفاسها للأبد!
حزن أبناء تهاني على نبأ مقتل أمهم لم يدم طويلاً لبدء النزاع بينهم على الورث!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نهاية بادي - قصة قصيرة