ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك
(Majid Ahmad Alzamli)
الحوار المتمدن-العدد: 7989 - 2024 / 5 / 26 - 00:06
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
القانون بمفهومه الضيق والواسع معا، لم يكن يوما علما مغلقا أو جامدا يستمد سبب وجوده ومضمونه، ليس من ذاته بل من الظروف الواقعية للحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.ولما كانت مصالح الأفراد وظروف الحياة تختلف من مجتمع إلى آخر، فإنه من المنطقي أن تختلف القواعد القانونية السارية أو المطبَّقة في مجتمع معين عن تلك السائدة في مجتمع آخر، وأن القواعد القانونية تسري داخل حدود إقليم المجتمع الذي نشأت أو شُرِّعت له. وبالتالي النمو الحاصل في العلاقات القانونية الخاصة العابرة للحدود، أدى إلى أن تخفف كل دولة من التمسك بمبدأ الإقليمية المطلقة في تطبيق قوانينها، والسماح لمحاكمها وسلطاتها بتطبيق قوانين الدول الأخرى على العلاقات والروابط التي تتصل بها. وهذه المسألة تحتاج إلى الترجيح بين القوانين التي تتصل بها العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي، سواءً من ناحية أشخاصها أو موضوعها أو سببها أي الواقعة المنشئة لها.وهذا ما يسمى بالتنازع الذي يستلزم تفضيل أحد القوانين الوطنية أو الأجنبية وتطبيقه على النزاع، ويتم ذلك بالرجوع إلى قواعد الإسناد (تنازع القوانين من حيث المكان) التي يضعها المشرع الوطني، فكل دولة تضع لنفسها ما تراه ملائما من قواعد الإسناد. وتؤدي حرية الدول في اختيار قواعد تنازع القوانين إلى تنوع هذه القواعد واختلافها بالنسبة للعلاقة الواحدة. وإذا كانت الدولة قد نظمت السلطة القضائية وضمنت حق الأفراد في اللجوء إلى قضائها من خلال رفع دعاوى أمام محاكمها لتحقيق العدالة وإرساء الاستقرار، نظراً لالتقاء المصلحة الخاصة أي مصلحة الفرد مع المصلحة العامة ولكن ليس للفرد أن يمتنع عن اللجوء إلى قضاء الدولة التي ينتمي إليها ويلجأ بدلا منها لسلطة قضائية، في دولة أجنبية أو مُحكمين يباشرون وظيفتهم في دولة أجنبية والدولة هي التي ترسم حدود ولاية القضاء فيها تقدر في رسمها ما يلزم لتحقيق المصلحة العامة، وهي أداة العدالة وهي لا ترى أي سلطة أجنبية تصلح لأدائها.
والعمل الاستخباري من الاعمال المكلفة والمجهدة لميزانية الدول، بالرغم من ان الموازنة الاستخبارية مما لايمكن رؤية آثارها المادية على الارض، كما هو حال المشاريع او البنى التحتية او الآليات او الطائرات، وانما تُدفع لإستحصال المعلومات التي ترفد الجهاز الامني بالسبق الامني وترفد القوات المسلحة بنوايا العدو وترفد الحكومة بما تحتاجه للتخطيط الاستراتيجي ولتحمي اقليم الدولة وشعب الدولة.لاشك ان شكل النظام السياسي له دور كبير في تسمية الاشخاص لمناصب الدولة الهامة , لاسيما المناصب الامنية والاستخبارية والعسكرية , فاللدول الدكتاتورية تعتمد في قوتها على الاجهزة القمعية لذا تعتمد في اختيار قادتها على مايراه رأس السلطة , فقرار الحاكم هو الساري في تحديد من يكون رئيسا لجهاز استخبارات داخلي او خارجي او عسكري , والامر فيها يكون كيفي ويعتمد على الولاء للرئيس او المسؤل.
وفي جميع مجالات الحياة وخدمة المواطنين , فالنزاهة لوحدها لاتكفي من دون التسلح بالعلم والخبرة , والعمل الاستخباري لايشذ عن تلك القاعدة ويتطلب ان يتحصل ويبحث في مجال الدراسات العلمية الاستخبارية وعلاقتها بباقي العلوم , والالتفات الى شح الدراسات الاستخبارية في مكتباتنا ومعالجته بالتأليف والبحث والترجمة , فالمنطقة العربية مرَّت بتاريخ من الحروب والمؤامرات والارهاب منذ قرن من الزمان , مما يعني ان التجربة عميقة . والدول المتقدمة تقوم بالتدقيق عند اختيار مسؤولي الاجهزة الاستخبارية , فإختيار المسؤول أمر مهم كثيراً وتترتب عليه عواقب فشل او نجاح الدول , فرئيس الجهاز له تأثير فعلي وحقيقي في الادارة والقيادة والسيطرة والتوجيه والتطوير والتعامل مع المخاطر والتهديدات وصناعة القرار , وغالباً ما يصل تأثير قيادته للجهاز الى كافة اذرع الجهاز الاستخباري مما يوثر في بناء المنظومة وكفاءة الجهاز وقدراته في انتاج الجهد. واختيار قيادات الاجهزة الاستخبارية امر في منتهى الخطورة ويجب الالتفات اليه بجدية وحذر , فلابد من وجود ضوابط واليات لاختيارة قادة الاجهزة الاستخبارية تعرّف قانونياً في القوات المسلحة وتناقش في البرلمان واللجنة البرلمانية المختصة بعد ان تدرس بإستفاضة طويلة في ادارة المجتمع الاستخباري , وان لاتترك للاهواء وللتدخلات الخارجية. وفي كثير من الاحيان تعمل الاستخبارات المعادية على افشال محاولات الحلول الوسط بين السلطة والشعب والعمل على دفع الامور الى نقطة اللاعودة من خلال عمليات اجرامية مفتعلة ضد الجماهير وتنسبها الى السلطة الحكومية المستهدفة عبر ماكينات اعلامية مدربة بالاضافة الى شحن الاجواء بالشائعات. و تسعى الاجهزة الاستخبارية , جاهدة , ان تبقى في اطار ومحور الجهاز الذكي الفطن , فالذكاء يعتمد في هيكلية الاستخبارات على مركز تحليل ودراسات قوي وتجمع عقول استراتيجية في الجهاز, لذا تركز اجهزة الاستخبارات المحترفة على عنصرين اساسيين عند التوظيف او صيد الطاقات الشابة من الجامعات لغرض توظيفهم وهي الذكاء والدقة , وتركز برامج التدريب الاستخباري على تطوير هذين العنصرين في المنتسب بشكل اساس. ومهنية وتأثير الاستخبارات في اسرارها , فمهمة الاستخبارات هتك اسرار العدو , فعليها ان تحافظ على اسرارها سواءً الارشيفية او في مراسلاتها , لذا توحد الاجهزة المحترفة جهودها لتكون عصية على الخرق والتسريب وتكون مراسلاتها بعيدة عن متناول غير المصرح لهم. لقد اثبتت التجارب العالمية ان التدرج الوظيفي هو منبع بروز القيادات من حيث الخبرة وتراكمها والتمرس والتخصص , فمن اهم البنى التحتية بناء الكادر الامني والاستخباري , فاصبحت الدول على تلازم الرتب العسكرية بالشهادات الدراسية .
التجسـس هـو نقـل او افشـاء أخـابر تتمتـع بالسريـة ويترتـب عـن افشـاءها اضرار بالدولـة ومصالحهـا العليـا. ولجريمة التجسـس اركان ثلاثةكأي جريمة , فالركـن المـادي ويتمثـل بنقـل او افشـاء الاسرار ويتحقـق هـذا الركـن مـن خـلال السـلوك الإيجـابي او السـلوك السـلبي (الإمتناع). والمشرع الجنــائي العراقــي كان صارمــا في تناوله لجريمة التجســس حيــث فرض عقوبــات قاسـية تصـل الى الإعـدام او السـجن المؤبـد . وقد ميـَّـز المشـرع العراقــي مــا بـيـن حالــة الحــرب وحالــة الســلم عنــد معاينته لأحــكام جريمة التجســس وحســناً فعــل تحقيقــاً للعدالــة. والمبـاديء والأحـكام التـي تناولهـا المشرع الجنـائي السـوري متشـابه الى حـد كبيـر مـع المبـاديء الموجـودة في القانـون العراقـي والسـبب يعـود الى تطابـق فلسـفة الحكـم في الدولتيـن عنـد إقـرار قانونهـما العقـابي. جرائم الخيانة هي أخطر الجرائم التي تقع من الفرد ضد دولته، ذلك أن مقترف هذه الجريمة يقطع رابطة الولاء المقدسة التي تربطه بدولته وأمته حين يتخذ موقفاً معادياً لوطنه وشعبه وهو موقف لا يقدم عليه المواطن الشريف . وقد تعددت مظاهر هذه الأفعال المشينة والتي تتمثل في حمل السلاح ضد الوطن والتخابر مع دولة أجنبية بقصد حملها على القيام بأعمال عدوانية ضد الوطن أو بتسليم أرض ومنشآت وطنية للعدو...وغير ذلك . وكلها أعمال تظهر عدوانية الفرد ضد مجتمعه وتعرض سلامة الوطن للخطر. .
المادة (178 ) مـن قانـون العقوبـات العراقـي رقم 111 لسنة 1969 تنـص عـى انـه (يعاقـب بالسـجن مـدة لا تزيـد عـلى عـشر سـنين 1 -مـن حصـل بأيـة وسـيلة غـير مشروعـة عـلى سر مـن اسرار الدفـاع عـن البـلاد ولم يكـن بقصــد تســليمه او افشــائه لدولــة اجنبيــة او لأحــد ممــن يعملــون لمصلحتهــا 2 -مــن اذاع او افشـى بايـة طريقـة سرا مـن اسرار الدفـاع 3 -مـن نظَّـم او اسـتعمل ايـة وسـيلة مـن وسـائل الإتصــال بقصــد الحصــول عـلـى سر مــن اسرار الدفــاع عــن البــلاد او بقصــد تســليمه او اذاعتــه، وتكــون العقوبــة الســجن مــدة لا تزيــد عــلى خمــس عشــرة ســنة اذا وقعــت الجريميـة في زمــن الحـرب او كان الجـاني شـخصا مكلفـاً بخدمـة عامـة). مـن خـلال دراسـة النـص أعـلاه نجـد بـان المشـرع الجنـائي العراقـي قـد فـرَّق في فـرض العقوبـة عنـد الحصـول عـى سر مـن اسرار البـلاد مـن قبـل شـخص طبيعـي ومـن المكلـف بخدمـة عامـة حيـث شـدد مـن عقوبـة المكلـف بخدمـة عامـة وكذلـك شـدد العقوبـة في حالـة الحصـول عـلى سر مـن اسرار البـلاد وقـت الحـرب والسـبب في ذلـك ان ظـرف الحـرب من جهـة يُعـد ظرفـا خاصـا تمرُّ بـه الدولـة وان الحصـول علـى سر مـن اسرار البـلاد في مثـل هـذه الظـروف الإسـتثنائية أدت الى تشـديد العقوبـة ونعتقد ان المشـرع قـد أصـاب ويضـاف لذلـك فـان تشـديد العقوبـة عـلى المكلـف بخدمـه عامـة أيضاً كان صائبـا لأن موقـع ومكانـة المكلـف بخدمـة عامـة تجعلـه ان يحصـل عـلى اسرار البلـد بـكل سـهولة ويُـسر والواجـب عليـه المحافظـة عليه وكتمانه.
الحرب النفسية هي من اقدم فنون الحرب لدى البشر، وتطورت وكبرت في مجال الاذرع والوسائل بفعل التواصل والشبكة العنكبوتية والاتصالات والاعلام، وهي علم متكامل يرتكز على الاستفادة من مجموعة علوم ويأخذ منها ما يخدم تشكيل قناعات مضخَّمة تؤدي الى زعزعة مجتمع العدو المدني والعسكري، ويعتمد هذا العلم على علم النفس وعلم الاجتماع وعلم السكان و الاحصاء و المعلومات والاعلام.ومن ابرز اهداف الحرب النفسية بث الياس والاستسلام و زعزعة الايمان بالمباديء و تضخيم اخطاء قيادة العدو واضعاف الجبهة الداخلية وتفتيت الوحدة، وتستفيد الحرب النفسية بشكل كبير من جهل المجتمع والضعف الثقافي والتعليمي والامية، كما تستفيد الحرب النفسية من نقاط الضعف بشكل كبير و تتم وفق اسلوب يأخذ بنظر الاعتبار عادات وتقاليد العدو. وقد ادى استفحال آفة الفساد داخل المؤسسة الاستخبارية الى انهيار سرية المصادر , فصار من السائد استغلال المصدر والمخبر بشكل كبير , واصبح مصدر رزق لدى البعض من ضباط الاستخبارات الفاسدين الذين لم يتورع البعض منهم عن تسليم اسماء المصادر الى عناصر الارهاب والتجسس على دوائرهم.
ضرورة مراعـاة مبـاديء حقـوق الإنسـان والمعاييـر الدوليـة الأخـرى عنـد فـرض العقوبـة في جريمة التجسس وضرورة تعديـل هـذه العقوبـات لتكـون متلائمة مـع هذه الجريمة. ان تشريـع قانـون مسـتقل بالتجسـس كمـا هـو الحـال بالنسـبة لقانـون المخـدرات او قانـون مكافحـة البغـاء وغيرهـا هـو الحـل الأفضـل لتنـاول جميـع المبـاديء المتعلقـة بجريمة التجسـس ضمـن اطـار قانـون مسـتقل. ، إن "نص المادة 438 من قانون العقوبات في حال تكييفها للمراسلات الرقمية، يوجب العقوبة بالحبس مدة لا تزيد على سنة والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين"، أنّ "متداولي مثل هذه الرسائل ومتناقليها بأي من طرق العلانية، وفق القانون العراقي، قد يعرضون أنفسهم للعقوبة أيضًا، خاصة إذا كان من شأن ذلك إلحاق ضرر بأحد". وفي فترة حكم النظام الديكتاتوري كانت هناك مواد بالقانون تكافح التجسس وبقسوة فالمواد 158-159-163-164 مواد تحكم بالسجن والاعدام على الجواسيس وحتى المادة 167 من قانون العقوبات تحاسب بقوة من حصل على مبالغ مالية من شركة او جهة اجنبية وان الجهة المتخصصه والقطاعية التي تتابع فيها هي المخابرات وكان قسم الاحكام الاخاصة بسجن ابي غريب شاهد على سجن هؤلاء الجواسيس
أن موضوع ردع الجرائم الدولية عَرف تطورا ملموساً خصوصاً في السنوات الأخيرة، مع بدء الأزمات في الوطن العربي، وبعض الأقاليم ذات الأقليات المضطهدة، ولو أن هذا الموضوع درس قبل هذه سنوات لكانت النتائج مختلفة تماما عما تم التوصل إليه اليوم. فالأصل في ردع الجرائم الدولية يعود إلى الإختصاص الوطني والذي بدوره إعتمد في هذا الجانب على الأسس التقليدية للردع من إقليمية وعينية وشخصية، غير أن كل هذه الأسس سرعان ما تصطدم بصعوبات شكلية وأخرى موضوعية، إستلزم من المجتمع الدولي البحث عن إمتداد للمتابعة من خلال إعتماد الإختصاص العالمي، بينما صنف البعض الإختصاص العالمي كإستثناء عن مبدأ الإقليمية.
عقب فشل القضاء الوطني في متابعة الجرائم الدولية، كون في الغالب مرتكبي الجرائم تتبع المدانين، بدأ البحث عن الدولية من ذوو الحصانات، أو في صالح دولة ما، مما عسَّر العدالة المنشودة في القضاء الدولي. بالرغم من أن القضاء الدولي المؤقت خصوصا المحاكم العسكرية منها كانت ذات توجهات سياسية ومحاكمة المنتصر للمنهزم، الغائب الأكبر فيها المحاكمة العادلة، إلاّ أن هذا لم يمنع من أنها شجَّعت على اللجوء للقضاء الدولي، وهذا ما حدث في محكمتي يوغسلافيا سابقا، ورواندا، كما كان لها دور أساسي في تقنين الجرائم الدولية. و تركت المجتمع الدولي يستنتج مساوئ ومحاسن التجارب السابقة على مدى سنوات عديدة، إنّ إشراك الدول في صياغة نظام روما الأساسي، من أجل خلق قضاء جنائي دولي دائم، تكون له الولاية في تتبع الجرائم الدولية، ولا تكون له الأولوية أو الأسبقية على القضاء الوطني، مما يستبعد شبهة مزاحمة القضاء الوطني ومساس سيادة الدول، ويكون مكمل للقضاء في حالة إنهياره أو شبهة عدم إستقلاليته أو عدم حياده.
#ماجد_احمد_الزاملي (هاشتاغ)
Majid_Ahmad_Alzamli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟