أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - فح والفاشر: حرب الإبادة والتضامن الواجب














المزيد.....

فح والفاشر: حرب الإبادة والتضامن الواجب


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7978 - 2024 / 5 / 15 - 11:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بينما يستكمل الجيش الإسرائيلي استعداده للانقضاض على مدينة رفح التي آوت أكثر من نصف سكان غزة بعد نزوحهم من سائر مناطق القطاع، أي ما يزيد عن مليون إنسان، تستعد «قوات الدعم السريع» السودانية للانقضاض على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي بات عدد سكانها يزيد عن المليون بعد التحاق نازحين جدد بالنازحين القدامى. وفي الحالتين، يواجه السكان المحليون حرب إبادة جماعية، إحداهما يخوضها جيش صهيوني يستلهم مشروعا عنصريا يهوديا يرمي إلى السيطرة على كامل فلسطين ويقوم على إبادة جماعية مصحوبة بتطهير عرقي، فيما تخوض الأخرى عصابات مسلّحة تحرّكها مطامع قبَلية وعنصرية عربية ترمي إلى السيطرة على كامل إقليم دارفور (الذي تبلغ مساحته ما يناهز عشرين ضعفاً من مساحة فلسطين بين البحر والنهر) وتقوم هي أيضاً على إبادة جماعية مصحوبة بتطهير عرقي.
وإذ نواجه فظاعة حرب الإبادة الصهيونية الجارية في غزة، والتي أحدثت بعد سبعة أشهر وأسبوع واحد ما يناهز 45.000 من القتلى (مع أخذ الجثث المجهولة التي لا تزال تحت الأنقاض بالحسبان وعددها 10.000 بأقل تقدير) فإننا إزاء حرب لن تقلّ فظاعةً في دارفور، إذا قسناها بعدد القتلى الذين سقطوا في الخريف الماضي في مدينة الجنينة وحدها في غرب دارفور، حيث قدّر تقرير للأمم المتحدة أن ما بين 10.000 و15.000 لقوا حتفهم على أيدي «قوات الدعم السريع» من أصل عدد إجمالي من السكان يبلغ 150.000. هذه النسبة تُنذر بأن يصل عدد القتلى في الفاشر إلى ما بين 60.000 و100.000 في حال احتلّها الغزاة، لا سيما أن حرب الإبادة التي خيضت في دارفور في ظل عمر البشير، بدءاً من عام 2003، خلّفت عدداً من القتلى بلغ 300.000 في تقدير الأمم المتحدة. هذا وناهيك من حجم الكارثة الإنسانية الذي يتعدّى في السودان حجمها في غزة، إذ يفوق عدد النازحين داخل الأراضي السودانية وإلى خارجها ثمانية ملايين ونصف المليون من البشر، تتهدّد قسماً عظيماً منهم مجاعة لا تقل فظاعة عن تلك التي باتت تتهدّد أهل غزة.
ولو احتلّ الجيش الصهيوني رفح بعد محاصرتها بلا أن يجرؤ أي من سكانها والنازحين إليها على الخروج منها خوفاً من ذبحهم، كما هي الحال في الفاشر، لبلغ عدد القتلى ما لا يقلّ عمّا ينتظر عاصمة شمال دارفور. لكنّ الضغط الدولي على إسرائيل بما فيه ضغط الشريك الأمريكي في الحرب على غزة، وبتأثير من الحراك العالمي الرائع تضامناً مع أهل غزّة بما فيه الحراك الذي انطلق من الجامعات الأمريكية، هذا الضغط فرض على الدولة الصهيونية أن تسعى إلى تقليل عدد الضحايا المحتملين من هجومها على رفح من خلال دعوة الغزاويين إلى ترك المدينة والانتقال إلى منطقة المواصي «الإنسانية» الموسّعة على الشاطئ، غربيّ مدينة خان يونس.


لكن، وبخلاف غزة ورفح، ليس من حراك حول الحرب الدائرة في السودان ولا من اهتمام بالمصير الذي ينتظر الفاشر، اللهمّ عدا بعض المقالات النادرة في الصحافة العالمية.
إن فارق الاهتمام هذا يفسّره أنصار إسرائيل بأنه ينمّ عن «اللاسامية» بمعنى محاسبة الدولة «اليهودية» بمعايير أقوى من تلك التي تُحاسب بها دولاً أخرى. أما الحقيقة فهي أن العالم الغربي يهتمّ بإسرائيل من خلال «التعاطف النرجسي» إذ يرى في الدولة الصهيونية قطعة من الغرب في خاصرة الشرق العربي. هذا «التعاطف النرجسي» هو الذي يجرّ الإعلام الغربي إلى إيلاء ضحايا «الحادي عشر من سبتمبر» الذين ناهز عددهم 3.000، وضحايا «السابع من أكتوبر» الذين بلغ عددهم 1.143 في الجانب الإسرائيلي، اهتماماً أكبر بكثير مما يوليه لملايين الضحايا الذين سقطوا ويسقطون في حروب أفريقيا جنوبي الصحراء على وجه الخصوص. بيد أن التماثل الغربي مع إسرائيل، الذي هو في أساس «التعاطف النرجسي» إنما يرتدّ ضدّها إذ يحاسبها أصحاب الضمير في الرأي العام الغربي مثلما يحاسبون حكوماتهم.
فعلى سبيل المثال، فاق الحراك المناهض للعدوان الأمريكي على فيتنام في الدول الغربية وبكثير الحراك المناهض للعدوان الروسي على أوكرانيا. ذلك أن أنصار السلام في الغرب رأوا أن مسؤولية الحرب الأولى تقع على أقوى دولهم بينما لا يشعرون بمسؤولية مماثلة إزاء ما تقوم به الدولة الروسية. فإن السبب الذي يجعل اهتمامهم بعدوان إسرائيل على غزة أكبر بكثير من اهتمامهم بما يجري في دارفور، إنما هو إدراكهم أن الدولة الصهيونية هي جزء عضوي من المعسكر الغربي، بل أن عدوانها على الشعب الفلسطيني ما كان ممكناً لولا المشاركة الأمريكية. هذا ما عناه محمود درويش عندما قال للشاعرة الإسرائيلية هيليت يشورون، خلال مقابلة أجرتها معه في عام 1996: «أتعرفين لماذا نحن الفلسطينيين على هذه الدرجة من الشهرة؟ إن السبب في ذلك هو أنكم عدوّنا. فالاهتمام بالمسألة الفلسطينية نابع من الاهتمام بالمسألة اليهودية. أجل، الناس مهتمون بكم وليس بنا…! ولا يعكس الاهتمام الدولي بالمسألة الفلسطينية سوى اهتمام الناس بالمسألة اليهودية».
هي ذي الحقيقة، لكنّها لا تعفينا، نحن العرب، من ذنب سلوك نهج «التعاطف النرجسي» في اهتمامنا بما تفعله الدولة الصهيونية بالشعب الفلسطيني الشقيق، مدعومة بالسلاح من الولايات المتحدة الأمريكية، وعدم الاكتراث لما تفعله عصابات عربية بأهل دارفور من الأفريقيين غير العرب، مدعومة بالسلاح من الإمارات العربية المتحدة. فعلى أصحاب الضمير الذين تحرّكهم القيَم الإنسانية أن يندّدوا بالجرائم الدائرة في دارفور والسودان مثلما يندّدون بالجرائم الدائرة في غزة وفلسطين.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قض ...
- لعبة القمار بين «حماس» ونتنياهو
- مصير فلسطين في ضوء العدوان على غزة
- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- «دولة فلسطين» بين تصفية القضية ومواصلة النضال
- إن يسارا مغايرا ممكنٌ
- درسان ثمينان من الانتخابات التركية
- نفاق الإدارة الأمريكية والصفاقة الإسرائيلية
- صراعات على منصب بلا سلطة: السجال حول تعيين محمد مصطفى
- السيسي يفوز بأوسكار أسوأ إدارة اقتصادية
- 24، 41، 834: ثلاثة أرقام من إيران
- فلسطين بين خيارين صهيونيين
- نظام السيسي يبني معسكر اعتقال ضخم لأهل غزة
- استئصال «حماس» واستكمال احتلال غزة
- حرب الإبادة الصهيونية بعد أربعة أشهر
- حرب الإبادة الأخرى والتواطؤ الإقليمي
- توأم الصهيونية على نطاق أعظم بكثير
- خواطر ثائرة إزاء منطقة مستباحة
- إسرائيل تصعّد وأمريكا تجاريها


المزيد.....




- تشيرنوبل جديدة.. هل يمكن أن تؤدي الضربات الإسرائيلية على إير ...
- خلال بث مباشر.. فيديو يظهر ما يبدو أنها غارة إسرائيلية على ا ...
- مسؤول أمريكي لـCNN: حاملة الطائرات -نيميتز- تتحرك إلى الشرق ...
- إعلام: مسؤولو القناتين 12 و14 الإسرائيليتين يصدرون تعليمات ل ...
- معجزة الكونكيستا أو كيف استطاع زهاء 10 آلاف مقاتل استعمار أم ...
- مشاهد جوية توثق أضرارا جسيمة في تل أبيب بعد الضربة الإيرانية ...
- بعد فيديو الاعتداء على بائع -المحاجب- في الجزائر.. الدرك الو ...
- القبض على خلية للموساد ومطاردة لعناصره في إيران
- مواطنون يوثقون معركة الصواريخ الإسرائيلية والإيرانية في سماء ...
- لحظة ضرب مبنى التلفزيون الإيراني


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - فح والفاشر: حرب الإبادة والتضامن الواجب