أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد مسلم الحسيني - هل يرحل الأمريكيون من العراق؟















المزيد.....

هل يرحل الأمريكيون من العراق؟


محمد مسلم الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 1758 - 2006 / 12 / 8 - 10:11
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


أن الخسائر الروحية والمادية والمعنوية التي تلحق يوميّا بالأمريكيين كبيرة وجسيمة , ويبدو أنها لم تكن في تقديرات وحسابات الأدارة الأمريكية عندما قررت أجتياح العراق في مارس 2003 م !. أن هذه الخسائر المستمرة والمتواصلة وغير المحسوبة , لابد أن تحدث تغيّرا هاما في الستراتيجيّة والخطط الأمريكيّة , سواء كان هذا التغيّرمحصورا بالشأن العراقي على وجه الخصوص أو يتعداه الى مشروعهم الجبار! (مشروع الشرق الأوسط الكبير) .
أن نظام دولة ديمقراطية متحضرة ومتطورة كنظام الولايات المتحدة الأمريكيّة , لايسمح بتورط أدارتها في مأزق معقد وشائك وطويل كالمأزق الذي تورطت فيه بالشأن العراقي . حيث يبدو وكأن الأدارة الأمريكية قد مسكت الثور من ذيله في قضية العراق !. أذ لم يكن في حسبانها وحساباتها ودراسات عملها أحتمالية وصول الحالة العراقية الى ما وصلت اليه الآن !. وهكذا فقد أصبحت هذه الأدارة ملامة ليس فقط من قبل الرأي العام العالمي فحسب , وأنما ملامة أيضا من قبل شعوبها ومواطنيها !. وقد تشمّت الذين عارضوا أجتياح العراق كالدول الأوربية وسائر دول العالم الأخرى ,كما تشمّت أعداء اللولب الأمريكي البريطاني , أزاء الفشل الواضح في الخطة الأمريكيّة !. أن أسباب هذه الورطة كثيرة ومتعددة , ومن أهمها , ضعف في التصور والفهم الأمريكي للحالة العراقية بشكل عام وللفرد العراقي بشكل خاص , وبعثرة وتخبط في الستراتيجة الأمريكية أزاء الحالة العراقيّة المعقدة أصلا. مضافا الى هذا وذاك , طبيعة السياسة الأمريكية غير المتوازنة والتي تتصف بالغرور والسطحية والأندفاع الغوغائي في معالجة الأمور ! . لقد أرتكب الأمريكيون أخطاء ستراتيجية هامة ومنذ تسلمهم أمور البلاد وشؤونها ولحد هذه الساعة . أن غالبية هذه الأخطاء كان لابد لها ألاّ تحصل وكان من السهولة تجاوزها وعدم الوقوع فيها !. لأنها كانت , وفي أغلب الأحيان, من المسلمات البسيطة والبديهيات التي قد يعرفها الأنسان البسيط قبل السياسي أو صاحب الحس والحنكة السياسية!.
أن ورطة الأمريكين في العراق هي ورطة حقيقية وليست مصطنعة أو تكتيكيّة , وكما يحاول بعض النقاد أن يسموها أو يفسروها . ومهما كانت أسباب هذه الورطة وتفاصيل حصولها , فأن السؤال الأهم في هذه المرحلة هو : هل سيواصل الأمريكيون برنامجهم السياسي على ظهر سفينة التغيير الأمريكية وسط الخضم الهائج والمتلاطمة أمواجه من كل حدب وصوب !؟ . والى متى ستقاوم سفينة التغيير الأمريكية هذه في بحر العرب الملغوم في مقالبه وأحداثه ! ؟ . دون شك من الخطأ ان يجزم أحد في مالذي سيحصل ؟ وهل سيواصل الأمريكيون بقاءهم وتواجدهم أم سينهزمون ؟ . لأن سلسلة الحوادث والتغيرات وطبيعة الأحداث غير المحسوبة قد تغيّر المعادلات الحسابية وتقلب كل التحاليل والتصورات رأسا على عقب ! . ولكن ضمن ماهو متوفر من معلومات وأمورعلى الساحة العراقية بشكل خاص وساحات البلدان المجاورة للعراق بشكل عام وضمن مايقوله المنطق ويستسيغه , نستطيع أن نقول بأن الأنسحاب الأمريكي من العراق وعلى المدى المنظور غير وارد ورغم الخسائر البشرية والنفقات المادية المترتبة على ذلك , وذلك للأسباب التالية :-
1- أن الأنسحاب الأمريكي السريع وغير المبرمج من العراق يعني الهزيمة والخسارة العسكرية والنفسيّة والتأريخيّة والمعنوية والمادية الهائلة للحضارة الأمريكية المعاصرة . حيث سوف تفقد أمريكا هيبتها وسطوتها العسكرية أمام العالم , وستسقط عنجهيتها ويتبدد غرورها وتتشجع الأقوام والأمم التي تتجنبها على تحديها وتنحسرعقدة الخوف عنها . فقد سقط الفارس عن جواده فلم نخشاه!...؟ . السؤال المطروح هو : هل ستتقبل الأدارة الأمريكية هذه الهزيمة ومشتقاتها ونتائجها ومردوداتها وأمام مرأى ومسمع كلّ العالم بسهولة !؟ وهل ستقبل أمريكا ان تكون موضع تهكم وسخرية أمام العالم أجمع ! ؟ . 2- أن هزيمة أمريكا في العراق يعني أنتصارا للقوى المعادية لأمريكا في المنطقة بشكل خاص والقوى المعادية لها في العالم على وجه العموم . وهذا يعني أنتصارا للأيرانيين والسوريين الذين يمثلون محاور هامة من محاور(الشرالأمريكية)! , أضافة الى القوى الأسلامية وغير الأسلامية المعارضة للوجود الأمريكي في المنطقة . هذا من جهة , ومن جهة أخرى فسيدعي تنظيم القاعدة بأنه قد حقق أنتصارا حاسما على أمريكا وهذا ما سيقوّض المبدأ والشعار الأمريكي في محاربة الأرهاب في العالم ويضعف وضعها بشكل محسوس في محاربة هذه الظاهرة . كما وسيقوّض وضعها ومقامها ومعنويات جنودها في أفغانستان أيضا . وسوف تعطي تأكيدا قويّا وموثقا للنظرية التي أنبثقت من خلال الحرب الأخيرة بين المقاومة اللبنانيّة وأسرائيل والتي مفادها , أمكانية أنتصار المقاومة الشعبيّة على الأمبراطوريات العسكرية والتقنية المتطورة في العالم !. وهذا ما سيخلق خللا ستراتيجيا هاما في الموقف العسكري الأمريكي والأسرائيلي على حدّ سواء أمام العرب بشكل خاص والعالم بشكل عام . كما وستستمر أيران وكوريا الشمالية في مشروعيهما النووي دونما تحسب أوخوف , وذلك أنطلاقا من المثل القائل : (أن سقط الثور زادت قصاصيبه) !.
3 - أن الأنسحاب الأمريكي المبكر وغير المبرمج من العراق يعني خسارة أمريكا لمصالحها في المنطقة . فأنها ستخسرليس فقط مصالحها في العراق فحسب وأنما ستخسر مصالحها في عموم بلدان هذه المنطقة . أن ترك العراق كلقمة سائغة بيد القوى المضادة لأميركا , يعني ترك بؤرة حيوية جدا لأعدائها وعدائية جدا لها . وهذه البؤرة العدائية ربما تكون منطلق هام لتقويض المصالح الأمريكية المترامية في هذه المنطقة الحيوية من العالم . أذ أن أنكسار هيبة أمريكا تعني انكسار هيبة الأنظمة التي حلت بركبها , وأنهزام أمريكا ربما يقود الى أنهزام هذه الأنظمة معها ! . فهل ستضحي أمريكا بشرايينها الحيوية وتنتحر....! ؟ .
أذن بوجود هذه الأسباب الستراتيجية الهامة , لايمكن للمحلل السياسي أن يتوقع هروب أمريكي من الساحة العراقية وبشكل سافروغيرمنتظم , ومهما كانت شدّة الضربات والضغوطات التي تتلقاها . ولكن دون شك سيكون هنالك سيناريوهات جديدة وستراتيجيات مختلفة سوف تطفو آثارها على السطح , من أجل إستيعاب الموقف وإيقاف حالة التداعي المستمر والمحاولة للخروج من المأزق . وستكون هذه على هيأة سلسلة من التنازلات الأمريكية عن مواقف سابقة , سواء كان ذلك تجاه الحالة السياسية داخل العراق , أو أزاء المواقف تجاه بعض دول الجوار التي تلعب دورا هاما وحساسا في وضع العراق وحالة إستقراره . أن هذه التنازلات والتي سوف تستجيب لها الأدارة الأمريكية مكرهة , ربما لاتكون كافية لتحسين الوضع الداخلي في العراق , ولهذا فأن الأمريكين سيستمرون في بحثهم مع أنفسهم ومع حلفائهم بكافة الأطر والسبل التي تمنع أو تتصدى الى مأزق الأنهيار المحتمل أوالهزيمة . وأن كان الأمريكيون قد أخطأوا في تفاصيل ستراتيجية هامة أثناء فترة الأحتلال , فقد كان من أول أخطائهم هو أن بدأوا مشروعهم المسمّى (مشروع الشرق الأوسط الكبير) في العراق , وعلى عكس القاعدة التي تقول : أبدأ بالأسهل ثم الأصعب , أذ أنهم لم يطلعوا على حكمة عنترة بن شداد , حينما شرح سر قوّته فقال أنا أضرب الأضعف فيهابني الأقوى... . والأمريكيون ضربوا الأصعب والأعقد فذهب ريحهم , وفلت الأبسط والأسهل من بين أيديهم ! ....و صار كلّ شيء في مهبّ الريح ..!!! .
أن حصلت المعجزة وقررت أمريكا أن تغادر العراق بشكل مستعجل وقبل الأوان وهي مكرهة على ذلك , فعلى العراقيين أن لايستبشروا خيرا لذلك ولا يفرحوا أبدا . إذ أن هذا الأنسحاب سيكون تحت برنامج خطير ومعقد , فلن يكن السلم والأنعتاق والتحرر ثمرة لذلك وكما يعتقد البعض ويتصور !. أن الذي سيحصل, ومن وجهة نظري الشخصيّة, هو الكارثة بكل معانيها ! . أذ أن الأنسحاب الأمريكي يعني إخلاء الساحة العراقية وتحضيرها الى معركة طائفية شرسة تدور رحاها ضمن محورين رئيسيين وهما : المحور العربي والمحور الأيراني , وسيكون المحور العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وبمشاركة أردنية فعّالة . أن هذه الحرب التي ستدور رحاها ,لاسمح الله ,على أرض العراق ستكون بمرحلتين : المرحلة الأولى والتي أسميها الحرب بالوكالة أو الصراع غير المباشر . حيث ستدعم السعودية والأطراف العربية الأخرى الطائفة السنيّة ويدعم الأيرانيون الطائفة الشيعية وتقع حرب أهلية طاحنة بين الطائفتين قد تكون طويلة ومدمرة ! . لا تتدخل القوات المسلحة العائدة الى كل من المحوريين في هذا الصراع بشكل مباشر في بداية المطاف , وأنما سيساعد كل محور الطرف الذي يتبناه بالسلاح والمادة والمساعدة اللوجستية وبالأفراد والمتطوعين . أما المرحلة الثانية في هذا الصراع فستكون مرحلة الصراع المباشر بين المحوريين . ويتم ذلك بعد أذ يشعر أحد محاور النزاع بأحتمالية خسارة الطرف الذي يدعمه . حيث لاتسمح السعودية مثلا بخسارة السنّة في هذا الصراع , كما لاتسمح إيران بخسارة الشيعة , وهكذا سيتم التدخل المباشر في نصرةالطرف الأضعف , وسيشب النزاع المباشر بين المحوريين طبقا لذلك . أن حصل النزاع المباشر بين المحورين فإن الأمريكيين والأوربيين سيدعمون المحور العربي في هذا النزاع , من أجل الأطاحة بالنظام الأيراني أو على الأقل تحجيمه وإيقافه عن مشروعه النووي . كما وسيكون ممكنا أمام هذه الأطراف محاصرة وتقويض حزب الله وإضعافه في لبنان وستكون سوريا معزولة ومهمشة وهشة الأوصال بل سهلة الوصال من قبل المتربصين بها . وهكذا سوف تعود بنا الذاكرة من جديد الى الأيام السوداء التي قضاها العراقيون في وحل حرب الخليج الأولى بين العراق وأيران , ولكن ضمن سيناريوهات مختلفة هذه المرّة !. وبهذا فإن الأنسحاب الأمريكي الأجباري عن العراق سيكون مغلف ببرنامج لئيم وقاتل وسوف لا يسعد فيه أحد , إلاّ اللهمّ أعداء العرب والمسلمين ! .



#محمد_مسلم_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد مسلم الحسيني - هل يرحل الأمريكيون من العراق؟