أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إدريس زايدي - العزلة والأدب














المزيد.....

العزلة والأدب


إدريس زايدي

الحوار المتمدن-العدد: 7956 - 2024 / 4 / 23 - 18:37
المحور: الادب والفن
    


العزلة وعاء عام للإبداع. وليس تنفصل العزلة في المكان عن مفهوم العزلة في الأدب، وكأن الكتابة الأدبية لا تقوم خارجها، من حيث الاحتمال في فعل الأدب نفسه. فالشعور بالعزلة هو عنصر ملازم للأديب، فلا نتحدث عن الأمكنة والأزمنة والذات إلا في علاقتها بالأشياء والمواقف الاجتماعية والسياسية والنفسية وغيرها... هو كل هذا المزيج الذي يجعل من الكاتب أديبا في عزلته وتميزه عن باقي الذين يكتفون بالنظر والانفعال الباطني دون ترجمته إلى تجربة في الكتابة.
إن الكتابة تتعالى على الشعور بالعزلة التي تمنحها وجبة إبداعية كباقي المؤثرات الأخرى. قد يكتب المبدع وهو سجين أو مسافر أومهجّر، وغيرها من الأسباب، إذ تصبح العزلة بمختلف ألوانها الطبيعية أو الإجبارية فضاء لرحلة البحث عن واقع لا تقوى الكلمات على التعبير عنه إلا من حيث هي مادة لبنية الاحتمالات في اللغة . وهو نفسه ذلك القلق الذي يعتري الكاتب أثناء الكتابة. إنه صراع لا يفصل بين الذات الحاضرة واستحضار الموانع - التي هي بطبيعة التكوين البشري النفسي والاجتماعي - تفرض نوعا من الصراع ومناهضة القلق الوجودي. فما نعتقده عزلة لا يعني أن الكتابة تتجرد من الذات الثقافية التي تشكل رؤية المبدع للعالم الذي شكّل تجربته وبناها، بل ولا يحضر الشعور بالعزلة إلا كمحفز على تجديد العلاقة بين عنصري الخيال والعالم الرؤيوي الذي ينبثق منه. من هنا تصبح العزلة مجالا للكتابة خارج نطاق الشعور بالوحدة داخل الجماعة أو المجتمع .
إن ما نعتبره أدب العزلة ليس في حقيقته سوى موضوعات مؤجلة تنتظر لحظة الانفجار خارج مفهومي المكان والزمان، وما الشاعر أبو العلاء المعري متشائما، لو أن بيئته منحته ما تصبو إليه نفسه. وليس فرانز كافكا غير ما نسجته ثقافة الجبل من عزلة جعلته يتعلق بميلينيا التي ترجمت هواجسه، ليتعلق بها ويهرب من نساء أخريات، فكانت الرسائل ترجمة لرغبات ظلت معزولة فيه، كما يمكن الإشارة إلى فيرجينيا وولف وعزلتها في غرفتها الخاصة مستقلة عما حولها للكتابة ...
وفي تجارب الكتاب والفلاسفة ما يدل على أن العزلة ناتجة عن سبب ما، قد يكون المرض والرغبة والتأمل في الكون وغيرها من الأسباب التي تشكلت ماديا أو معنويا، بحيث لا يمكن أن يستوعبها غير الانعزال للتأمل في كيفية التعبير عن الحال، على شاكلة المتصوفة والسالكين العاكفين وهم يرغبون في التعالي عن عالم المادة، أو ما يقطعه المرء مع نفسة لأداء وظيفة معينة كانعزال أبي حامد الغزالي لتدوين قلقه الوجودي في (إحياء علوم الدين) ....
ويمكن الحديث عن علاقة الأدب بالعزلة من حيث الجمال الذي تصنعه، فمثلا لماذا كتب غابرييل غارسيا ماركيز روايته ( مائة عام من العزلة) لو لم تكن العزلة تشكل عنده عنصرا فنيا استطاع من خلال التخييل أن يكشف عن حكاية قرية(ماكوندو) وتاريخ أسرة ( بوينديا)...
من هنا فإشكالية العزلة تعتبر فضاء مجردا للكتابة، ولا يمكن أن يعكس بشكل آلي حياة المبدع وسلوكاته، لأن العزلة تتلبس بخضوعها لتطوير التجربة الأدبية، على غرار الجنون الذي يتفوه بصاحبه كلاما قد وُصف بالحكمة.
إن العزلة هو الانصراف إلى التأمل والخروج عن دائرة العالم المحسوس كما يراه الناس، حيث ينسج الكاتب مسافة بين الذات والموضوع، فيحقق العمق في الرؤية لديه نوعا من التطهير الشعوري بالمفهوم الفني والجمالي للأدب. وبهذا تكون العزلة انصرافا إلى لغة التأمل التي لا تكون إلا بركوب الخيال وما يحويه من مجازات وأمداء جمالية سواء تعلق الأمر بالرسم والشعر والسرد والفكر وغيرها من أشكال التعبير ....

• إدريس زايدي- المغرب






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كلاكيت: الذكاء الاصطناعي في السينما
- صدر حديثا. رواية للقطط نصيب معلوم
- أمستردام.. أكبر مهرجان وثائقي يتبنى المقاطعة ويرفض اعتماد صن ...
- كاتب نيجيري حائز نوبل للآداب يؤكد أن الولايات المتحدة ألغت ت ...
- إقبال كبير من الشباب الأتراك على تعلم اللغة الألمانية
- حي الأمين.. نغمة الوفاء في سيمفونية دمشق
- أحمد الفيشاوي يعلن مشاركته بفيلم جديد بعد -سفاح التجمع-
- لماذا لا يفوز أدباء العرب بعد نجيب محفوظ بجائزة نوبل؟
- رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر تحتفي بإرث ثقافي يخاطب العالم
- رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر تحتفي بإرث ثقافي يخاطب العالم


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إدريس زايدي - العزلة والأدب