أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي 2024 - أوضاع المرأة في الحروب والصراعات وكيفية حمايتها، والتحديات التي تواجهها - شيرين عبدالله - الثامن من اَذار 2024، تحديات وافاق النضال النسوي التحرري في المنظقة















المزيد.....

الثامن من اَذار 2024، تحديات وافاق النضال النسوي التحرري في المنظقة


شيرين عبدالله
(Shirin Abdulla)


الحوار المتمدن-العدد: 7918 - 2024 / 3 / 16 - 16:47
المحور: ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي 2024 - أوضاع المرأة في الحروب والصراعات وكيفية حمايتها، والتحديات التي تواجهها
    


يمر النظام الراسمالي حاليا باحدى اكبر واعمق ازماته التاريخية. ويبدو ان احدى بؤر هذه الازمة حاليا ممتركزة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وتتحمل النساء القسط الاكبر من تبعات هذه الازمة.
نشهد احدى ابشع مجازر التاريخ، تنفك طياتها يوم بعد يوم امام مراى ومسمع البشرية متمثلة في حرب الابادة الجماعية في غزة منذ خمسة اشهر. جرائم وبشاعات مروعة واغتصابات جماعية تجري في السودان بتعتيم اعلامي تام. ولا يمكننا ايضا تجاهل ما يجري في مناطق النزاعات المجاورة في العديد من دول المنطقة.
لا نحتاج للتمعن كثيرا كي ندرك ان الحروب والمجاعات والاوبئة والفيضانات والتلوث اصبحت من مظاهر الحياة الطبيعية للغالبية العظمى من البشر، هذه كلها اعراض وعلامات هذه الازمة الخانقة في ظل الراسمالية وعسكرتاريتها وسياساتها الاقتصادية النيوليبرالية التي لا تقدم حلولا سوى فرض المزيد من الفقر واللامساواة والبطالة وغلاء تكاليف المعيشة وتدمير البيئة لضمان ارباحها .. هذه هي صورة وخلفية الثامن من اذار لهذه السنة.
اضف الى ذلك سيادة وسيطرة انظمة استبدادية قمعية وذكورية معادية للنساء في معظم بلدان المنطقة.
توقع الراسمالية بثقل ازماتها على كاهل النساء والمهاجرين وبقية الفئات المهمشة في المجتمع، والتي ليس لها يد في اختلاق هذه الازمات، وذلك باستغلالهم كجيش احتياط ومصدر للعمل الرخيص والشاق والهش متى ما دعت حاجة السوق ومن ثم تسريحهم والاستغناء عنهم في اوقات الازمات ومتى ما انتهت الحاجة.
اثناء ازمات الراسمالية تنتهز الطبقة السائدة وممثليها الفرصة لسلب المكتسبات والحقوق التي انتزعتها الفئات المضطهدة بنضالاتها المريرة والدامية عبر العقود، بحجج "المصلحة الوطنية" و"الامن القومي" و "العدوان الخارجي" وما الى ذلك.. بتقليص الخدمات العامة كالتعليم والصحة والمواصلات والسكن فتزداد البطالة ويصعب على النساء الخوض في المنافسة على الوضائف القليلة الموجودة في سوق العمل ويجبرن على القبول بشروط عمل واجور ادنى او ترك سوق العمل كليا والمكوث في المنزل لاعالة الاطفال ومسني العائلة وذوي الاحتياجات الذين تخلت الدولة عنهم بسبب استقطاع الخدمات.
ينعكس التاثير بدرجة كبيرة على الوضع الصحي (الجسدي والنفسي) للنساء، اذ ان ذكور العائلة في المجتمع البطريركي لهم الاولوية في زيارة الطبيب وتكاليف العلاج والتغذية والتعليم... ويستحقون النصيب الاكبر من الدخل المتدني للعائلة. كثيرا ما نقرا ونسمع عن دراسات تشير الى اصابة النساء بحالات الاختلال العقلية بنسبة اكثر من الرجال، ولكن اغلبية هذه الدراسات تغفل دور المجتمع الابوي التي تنشا فيها هذه الحالات بين النساء التي تعاني من الفقر والتهميش بالاضافة الى التمييز والعنف الجنسي والمنزلي. فبالرغم من اهمية التشخيص النفسي في الحالات الفردية، ولكن علينا التفكير بشكل اوسع وتفكيك انظمة القمع التي تجعل منا كلنا مرضى.
لم تكن فكرة اسعباد النساء من صنع الراسمالية، فالهزيمة التاريخية للنساء التي يتحدث عنها انجلز تسبق الراسمالية بكثير وكانت تلك ظاهرة عفوية نتيجة التقسيم العشوائي للعمل في العائلة وملكية وسائل العيش، لكن الراسمالية ابدعت في اعادة انتاجه والتفنن في تسليع النساء من خلال تسخير ماكنة اعلامية ومنظومة فكرية واجتماعية رجعية وذكورية كقوانين الزواج والطلاق والصيغة والارث والاجهاض. تستغل الراسمالية كل مظاهر الحياة لايجاد سوق لبضاعتها وكسب الارباح و حتى الفن والادب والاحاسيس الانسانية مثل اعياد الام او الفالنتاين او الرغبة في الانجاب وغيرها كلها تتفرغ من محتوها الانساني وتهبط الى مناسبات للتسليع والاستهلاك لملئ الحسابات البانكية للراسماليين.
كل هذه الظواهر موجودة وتنتشر بسرعة هذه السنوات في بلدان المنطقة اذ نرى انتعاش القطاع الخاص مئات المدارس والمستشفيات الاهلية التي لا يمكن للاغلبية العظمى من الناس تحمل تكاليفها، على حساب قطع التمويل عن القطاع العام وتدهور الخدمات فيه والمئات من عيادات التجميل والدعاية ل "منتجاتهم" وحث الشابات (وكذلك الشباب) على تشويه اجزاء من اجسادهم لا تخطر ببال احد. وكل المناسبات والاعياد المتبعة تصبح ضغطا اقتصاديا كبيرا على الملايين من العمال والكادحين المضطرين وتحت ضغط شركات الدعاية والاعلام الى انفاق قسم معين من دخولم المتدنية بالاصل على الهدايا لاحبائهم محملين انفسهم فوق طاقتهم والمستفيد الاكبر هو الراسمالي والبنوك العالمية.
في نفس الوقت الذي تتدهور فيه اوضاع الفئات المسحوقة وعلى راسها النساء، تتفاقم ثروة الراسمالييين وتنحصر الثروات اكثر فاكثر بايدي حفنة صغيرة تنتهز اوضاع الازمة ومعاناة الملايين من اجل تكديس الاموال من خلال تجارة الاسلحة والادوية والمواد الطبية والاغذية وبقية احتياجات المجتمع و بمساندة تامة من الدول والانظمة البرجوازية الحاكمة، فالراسمالية اينما كانت ستجد فرصة لجني المزيد من الارباح باي طريقة كانت ولا يهمها تعريض الملايين من البشر الى مستقبل مجهول وانقاذ البنوك واصحاب المليارات.
ومن المعروف ان النطام الراسمالي يستغل كافة ازماته من اجل فرض التراجع المادي والمعنوي على معظم الجماهير، وكلما اشتدت الازمة كلما كانت الهجمة الرجعية اقوى واشرس ونصيب النساء منها اكثر.
ان ما كانت النساء تعانيه تحت سيطرة الانظمة الاستبدادية الذكورية في مختلف بلدان المنطقة قبل هذه الحروب والنزاعات تضاعفت مرات عديدة الاَن، ما يحصل لنساء غزة والسودان هي جرائم لا يمكن السكوت عنها، ولكن ما يجري في المناطق الاخرى في بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا بالاخص منذ الاخفاقات التي عانتها ثورات مصر وتونس 2011 يلوح بخطر تراجع اجتماعي وسياسي. ولكن بالتوازي مع هذه الازمة وهذا الهجوم المعادي تتنامى القدرة الثورية وبوادر المقاومة النسوية والتحدي لهذه الاوضاع المزرية.
حملات تحجيب الشابات الصغيرات في ما يسمى ب "مهرجان التاج الذهبي" السنوية وغيرها، الممولة بقوة من قبل سلطات الاسلام السياسي في المنطقة ما هي الا مظاهر من هذا الهجوم المضاد ضد النساء بهدف ضمان استسلام الاجيال القادمة فكريا وجسديا وتحضيرهن لقبول الهيمنة الذكورية والايديولوجيا المناهضة للمراة وبالتالي استعبادها.
معاناة نساء المنطقة تحت حكم الانظمة الرجعية الذكورية وسيادة واحياء القوانين والقيم البطريركية والعشائرية هي الارضية التي عليها ترتكب يوميا جرائم القتل والعنف والاتجار وزواج القاصرات وتعدد الزوجات و الحرمان من الحقوق في الطلاق والارث ورعاية الاطفال..
في خضم هذا السيناريو والمشاهد القاتمة وبالرغم من الهجمة المضادة الشرسة ضد النساء وضد الطبقة العاملة من قبل الراسمالية وانظمتها الرجعية، لا يمكننا تجاهل مظاهر النقد وعدم السكوت على ما هو رجعي وقرووسطي وذكوري و هناك شعور متزايد بنمو بوادر حركة تمرد نسوية واسعة في الافق وخاصة بين الشابات.
التحدي والتضامن الاممي والاعتراضات والانتفاضات في العديد من بلدان العالم باتت تتزايد، اذ شهدت الحركة النسوية انتعاشا في العقد الماضي من خلال حركات مثل (مي تو- انا ايضا) 2017 والتي سلطت الضوء على قضية التحرش وازدياد الوعي المجتمعي بمظاهر التحرش الجنسي وانتهاكات اصحاب السلطة والنفوذ واثبتت انه بعد اليوم لا يمكن القبول بهذه التصرفات كاشياء "لا بد منها"، النضالات من اجل الحقوق الانجابية والاجهاض.

وكما هو معلوم، أثار مقتل الشابة مهسا (ژینا) أميني على يد شرطة الأخلاق الإيرانية في سبتمبر/أيلول 2022، انتفاضات واسعة النطاق في معظم المدن والبلدات الإيرانية، بتضامن اممي واسع النطاق. وسرعان ما تحولت هذه الانتفاضة، التي اندلعت ضد اضطهاد المرأة والحجاب القسري بالاساس، إلى انتفاضة سياسية وشعبية ضد الفقر والبطالة والقمع السياسي والثقافي للنظام الرأسمالي ونظامه السياسي الإسلامي في إيران.
هذه الحركات النسوية اخذت ابعادا عالمية في فترة قصيرة وبنظري ان التركيز على التضامن الاممي بين النساء وخاصة نساء الطبقة العاملة والاوساط المفقرة هو من الامور الجوهرية في نضالنا في هذه المرحلة.
وخلقت جائحة كورونا وعي متزايد باللامساواة وتعددية اشكالها وكيف ان المرض والصحة يتبعان تدرجا اجتماعيا: فكلما انخفض الوضع الاجتماعي والاقتصادي، كلما كانت الصحة ومعدل العمر أسوأ.
وربما نقول بان اوضاع النساء في البلدان الغربية وحقوقهم وحرياتهم احسن بكثير مما هو عليه في بلدان المنطقة مثل العراق وسوريا والسعودية وباكستان وايران وغيرها، وهذا صحيح تماما، ولكن ما حققته النساء في هذه البلدان من انجازات ليست ثابتة ودائما مهددة بالزوال كما راينا في قضية (رو ضد وايد) في الولايات المتحدة حين فررت المحكمة العليا بابطال قانون الاجهاض الذي كان معمولا به منذ 50 سنة في صيف 2022.
ان الحركة العمالية والانتفاضات الثورية لا يمكنها تحقيق اهدافها بدون التدخل الفاعل والمؤثر للحركة النسوية التحررية الراديكالية. و منذ زمن طويل والنساء مبعدات عن التدخل الفاعل في السياسة وصنع القرار في عالم السياسة الذكوري، وخاصة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ولكن ان الاوان لتغيير هذه المعادلة وان ترتقي النساء بخطابها التحرري لتنطلق القوة الهائلة الكامنة في الحركة النسوية من اجل احداث التغيير الجذري والغاء كل الانماط الذكورية والرجعية الموروثة منذ عصور. وليس هذا فحسب بل بامكانها ان تكون نواة لتحرر المجتمع كله من كافة اشكال الاستغلال والتمييز.



#شيرين_عبدالله (هاشتاغ)       Shirin_Abdulla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجرد قبلة عفوية أم معايير ذكورية عفا عليها الزمن؟
- الأساءة والعنف الصحي المؤسَسي ضد المرأة اثناء الحمل والولادة ...
- الاجهاض، ازمة انسانية في الخفاء!
- تصاعد موجة الاضرابات في بريطانيا ومحاولات الدولة لاجهاضها! - ...
- اضراب الممرضات الحالي في بريطانيا وانعكاساته على المراة العا ...
- حول قرار الحكومة البريطانية بتسفير طالبي اللجوء الى رواندا
- أسطورة العذرية، وهم فحص غشاء البكارة وترقيعها
- نحو نظام صحة عامة للجميع.. يجب ان يكون النظام الصحي نموذجأ ل ...
- قتل النساء، الانتحار والعنف.. الى متى!
- حول اختيار جنس الجنين واجهاض الاناث
- الفقر واللامساواة بعد عام من كوفيد:
- سباق اللقاح، الى اين؟
- التحرش الجنسي، لماذا لايمكن لوم الضحية!


المزيد.....




- بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل
- جهود عربية لوقف حرب إسرائيل على غزة
- -عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم- مر ...
- شاهد.. سيارة طائرة تنفذ أول رحلة ركاب لها
- -حماس-: لم نصدر أي تصريح لا باسمنا ولا منسوبٍ لمصادر في الحر ...
- متحف -مرآب المهام الخاصة- يعرض سيارات قادة روسيا في مختلف مر ...
- البيت الأبيض: رصيف غزة العائم سيكون جاهزا خلال 3 أسابيع
- مباحثات قطرية أميركية بشأن إنهاء حرب غزة وتعزيز استقرار أفغا ...
- قصف إسرائيلي يدمر منزلا شرقي رفح ويحيله إلى كومة ركام
- -قناع بلون السماء- للروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي تفوز ...


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي 2024 - أوضاع المرأة في الحروب والصراعات وكيفية حمايتها، والتحديات التي تواجهها - شيرين عبدالله - الثامن من اَذار 2024، تحديات وافاق النضال النسوي التحرري في المنظقة