أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز الشمري - لا يهلك الذئب.. ولا يفنى الغنم..!














المزيد.....

لا يهلك الذئب.. ولا يفنى الغنم..!


معتز الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 1752 - 2006 / 12 / 2 - 07:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


«لا يهلك الذئب ولا يفنى الغنم» المثل الذي يجسد حال أزمة الدولة العربية مع موضوع الإصلاح الذي دقت أجراسه مع إعلان «مشروع الشرق الأوسط الكبير».

فالذئب يجسد السلطة والغنم أرمز فيه للشعب، ومن المؤكد اني لا أغفل التباين بين البهائم والإنسان. تراثنا العربي مليء بكثير من الأمثلة الشعبية التي تصلح لوصف الأحوال العربية، فعلى سبيل المثال يقولون «إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص»، فالمثل يرمز للسلطة المتجسدة في الأب الذي إذا ما انحرف مساره، فمن المتوقع أن يتأثر الأبناء. والحال ينطبق على السلطة السياسية, فأي اعوجاج يلحق بها له تداعياته على مواطنيها.

إذن قد نخلص إلى أن المطالبة بالإصلاح في البلاد العربية له ما يبرره, ويقودنا إلى النتيجة المنطقية بأن ثمة اعوجاجا وأن الأمور لا تسير بدربها الصحيح، وأن تصحيح المسار وإعادة الأمور إلى نصابها يصبح ضرورة ملحة بالرغم من أنني لست من هؤلاء الذين يؤمنون بمثال «ضارب الدف» و«الذئب والغنم»، حيث لا أؤمن بنظرية توارث الانحراف، ولست مع القول بأن الانحراف له مسبباته الجينية كما يؤمن بعض علماء الجريمة والاجتماع والنفس. كما أنني لا أؤمن بقوة الذئب وخنوع الغنم، فمهما كانت شراسة أنياب الذئب فالغنم له من الذكاء ما يجعله يستخدم الحيلة في مواجهة شراسة الذئب، وخصوصا مع تطور علم الجينات حيث أصبح بالإمكان تهجين الغنم ليحمل سمات الذئب.

إذن لا بد لنا من منطق جديد يجعل الذئب يعود إلى عقله، ويستبدل أكل لحم الغنم الطازج باللحوم المعلبة، ويدع الغنم يعيش في سلام ويبعد عنه الرهبة. ما أتحدث عنه ينطلق من المواءمة بين الذئب والغنم. إنه منطق التعايش والقبول بالآخر، فالذئب لن يبقى ذئبا طالما تغير حال الغنم، ويبدأ كل منهما يفكر في إيجاد السبل للتعايش، ويعمل الاثنان على حماية حقوق الآخر. المهم في هذه المعادلة هو الاقتراب من الواقعية وأعني بذلك أن منطق التغيير في البلاد العربية يجب أن لا يخل في معادلة السلطة والمواطن. فحصول المواطن على حقوقه لا يعني تهديدا للسلطة، وان منطق اعتماد العنف سيقود إلى مهالك كبيرة يدفع ثمنها الطرفان.

النموذج الذي أتحدث عنه هو المتجسد في السلطة والمواطن والإصلاح، فالسلطة والمواطن يشتركان في صنع الواقع الذي يعيشانه. والاثنان ينشدان الإصلاح، إلا أن الاثنين تنقصهما علاقة الثقة، مما يسبب حالة الارتباك التي تعيشها الدولة العربية.

نحن نفترض بأن على الدولة أن تنهج الحيادية، وأن تكون ممثلة للمواطن بصرف النظر عن اتجاهاته وأفكاره، فهي مطالبة بالوسطية في نهجها، كما أنها مطالبة بتوفير الحماية والضمانات للتعايش بسلام. والحال نفسه ينطبق على المواطن الذي عليه مسؤولية القبول بالآخر، وان تتوفر لديه القناعة بأن فكر الإقصاء لن يقود إلا إلى مزيد من الدمار والهلاك. المواطن الراديكالي صاحب الفكر الأحادي، يرسم لنا صورة وطن يحصر فيه الآخر في زاوية ولا يؤمن بالتعددية، فهو يصبو إلى قيام نموذجه الذي يحلم به.

الايديولوجيا الراديكالية يشترك فيها «الإسلامي» المتشدد والعلماني المتطرف، فكلاهما ينطلقان من أرضية ثقافية واحدة وإن اختلفت الأفكار والأدوات. الاثنان يحملان في تفكيرهما ثقافة أحادية وينطلقان من مفاهيم ألبسوها القدسية. أما المواطن الليبرالي المعتدل فيرى في الاثنين تهديدا لكيانه، حيث ان كليهما يجسدان السيطرة والاستعلاء.

الإسلامي المتشدد مرجعيته الماضي والتراث، فهو يرى في الرجوع إليه خلاصا من الأزمة التي يواجهها، فهو ينطلق من منطق القطيعة بين فواصل الزمن. أما الطرف الآخر فيرى في الماضي تجسيدا لازمة الحاضر وفي ظل هذا المنطق يتصاعد التراشق بين الطرفين!

أمام هذه المعضلة الفكرية ينقسم الناس وتتشتت الطاقات، ويدفع الوطن ثمن المعاكسات الفكرية. ويبقى السؤال ما هو شكل الوطن الذي يحتضن ترابه كل الخصوم. لا أعتقد أن الإجابة عسيرة، فما نطمح له أن تتحقق مبادئ العدالة وان يحتمي الجميع تحت مظلة الوطن، وان يشعر الجميع بكافة ألوانهم الفكرية والعرقية يتمتعون بحقوق مدنية متساوية.

لا أدري إذا ما كنت قد شطحت إلى عالم الخيال، ولا أعلم إذا ما كانت هذه المطالب حلم لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع. وإذا ما ضاقت بنا الدروب فأجدني أتذكر «هالة والملك»، المسرحية السياسية التي قدمتها فيروز في نهاية الستينات في القرن المنصرم، حيث حثت الشعب على المغادرة خوفا من جور الحاكم، الأمر الذي جعل الحاكم يجد نفسه بلا شعب، وبالتالي وجد نفسه حاكما على نفسه، وانتهى الأمر به يتسول مع شعبه ويحثهم إلى الرجوع ويعدهم بإصلاح شأنهم.

أما إذا ضاقت بنا الدنيا وتعثر حال الإصلاح، فقد يكون في ذلك مخرجا لنا بأن نغادر أوطاننا إلى المجرات القريبة من الأرض، ونترك حكامنا أرضاً وفضاء..!



#معتز_الشمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سمعتم بقصة السعلوّة !


المزيد.....




- قمة السلام الخاصة بأوكرانيا تحمل روسيا مسؤولية المعاناة والد ...
- -شبيغل-: ألمانيا تدرس الترحيل إلى أفغانستان عبر أوزبكستان
- زيلينسكي في ختام قمة أوكرانيا: روسيا غير مستعدة -لسلام عادل- ...
- السديس يثير تفاعلا بما قاله عن الفلسطينيين في خطبة عيد الأضح ...
- مقتل شخصين وإصابة 6 آخرين بإطلاق نار خلال احتفال -بيوم الحري ...
- 47 درجة مئوية في الظل.. الأرصاد السعودية تسجل أعلى درجة حرار ...
- ساركوزي يحذر من قرار مفاجىء لماكرون سيدفع فرنسا إلى الفوضى
- حريق كبير يلتهم 300 نخلة في محافظة الوادي الجديد المصرية
- المحكمة العليا الإسرائيلية تجمد التحقيق بشأن عمل الجيش الإسر ...
- مصدر مصري رفيع المستوى يعلن تكثيف القاهرة اتصالاتها لتطبيق ه ...


المزيد.....

- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز الشمري - لا يهلك الذئب.. ولا يفنى الغنم..!