أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حسام كناعنة وريما شمالي - جرح فوق جروح لم تندمل














المزيد.....

جرح فوق جروح لم تندمل


حسام كناعنة وريما شمالي

الحوار المتمدن-العدد: 7886 - 2024 / 2 / 13 - 13:20
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


جرحٌ فوقَ جُروحٍ لم تَندمِل
حسام كناعنة - كاتب ومشرف ومعالج نفسي في المركز الفلسطيني للإرشاد
ريما شمالي - مرشدة في المركز الفلسطيني للإرشاد

نلوم أنفسَنا دائمًا من أجل من نحب، كلّ من نحب، خاصة أولئك الذين خسرناهم وفقدناهم بسبب الموت والبعاد، وبقينا نحن هنا، سادرين، على قيد الحياة.
هم تحت التراب ونحن فوقه، حتى مجرّد التفكير بإمكانية حدوث ذلك، وأنهم قد يكونون تحت الركام وتحت القصف،ونحن غير متيقّنين من فقدانهم ومن مصيرهم، لكن مجرّد التهديد بذلك، تنتابنا نفس المشاعر، خوف حقيقي وكأنّنا حقًا فقدناهم، وقد انقطع الاتصال والتواصل معهم وانقطعت بنا السُبل. مشاعر الخوف والقلق والغضب والعجز، وغصّة مخنوقة في الحلق، خاصة وأنّنا غير قادرين على الاجتماع بهم بنفس المكان، وعلى الاتصال بهم والاطمئنان عليهم،ماذا نفعل، وماذا نملكغير قلّة حيلة!إنّ الشعور بالعجز،وبعدم القدرة على فعل أيّ شيء، يُكبّلنا بأغلال الحزنالذي يجثو فوق صدورنا، وبأصفاد الفَقدالثقيلة والمؤلمة التي لا تنفكّ تحزّ أرواحنا وتنهشها.
يا لقلّة حليتنا ويا لعجزنا، كم هما ثقيلان علىأكتافنا المُنهكة والمتهالكة، وعلى رؤوسنا المنحنيةأمام هاماتهم الصامدة هناك. ويا لهشاشتنا، أمامَ اتصالٍ قد يأتينا منهم، إن أتى، ونستقبله بأيدٍ ترتجف، ليخبرنا بما أصبحنا نعرفه وننتظره، بأسماء مَن سبقونا إلى الحياة الأخرى، وبقينا نحن هنا أمواتًا في الحياة الدنيا. ويا لهشاشتنا وفرائصُنا ترتعد ونحن ننتظرهم على الخطّ الآخر، ورنين هاتفهم يصدح ليعلو فوق دويّ الصمت الذي يخرس كلّ الأصوات. ويا لضآلتنا حين يفتحون خطوط هواتفهم، وأيدينا ترتعش، ليقولوا لنا: اطمئنّوا، ما زلنا على قيد الحياة، وعلى لائحة الموت، إن أتى، ليرحمنا ممّا نحن فيه. إنّ الموت لهو أهون بألف مرّة من انتظاره.
بَيْدَأنّللشعور بقلّة الحيلة، في بلدٍ غريب، طعمٌ آخر، يتراوح بين الاستسلام والاستكانة! ولكنّك لستَ ببلدٍغريب أيها القريب البعيد،فـ "أنا من هناك، أنا من هنا،ولست هناك ولست هنا"؛ إنّه وطني، بلدي، شعبي الذي لطالما حلمت أن أكون بجانبه، وأنأقوم بزيارته، لكنّ العقل والقلب في هذه الظروف يسيران على هواهما، خبط عشواء، ويسيّراني كما يشاءان، ويجرّداني على قلّة ما أملك، فلا أتمالك نفسي أمامهما؛فمن الصعب بمكان جعلهما يتقبّلان فكرة الابتعاد عمّن نحب، فكم بالحريّ فقدانهم، أو حتى ألّا يستجيبوا على هواتفهم!ذاك الذي يجعل أكتافنا ثقيلة، فلا شيء محبّب، وأسئلة كثيرة تلوب في خلدي: ماذا أفعل لو لم يردّوا على اتصالي؟ وبماذا أجيبهم، ووجيب القلب يصدح، حين يردّون؟
ضُعفاءٌ وقليلوحيلة! هذا ما نحن عليه، لكن ماذا كان علينا أن نفعل؟ وماذا كنّا نفعل، فقد قدِمنا لنكدّ ولنكسب لقمة عيشنا بعرق جبيننا وبكرامة لنسدّ أودَ من تركناهم هناك من خلفنا، فوجدنا أنفسنا في الخلف، متخلّفين عنهم وهم أمامنا يحموننا ويحملون همّنا، ويذودون عنّا وعن كرامتنا.
أعلم أنّنا جميعاً نستطيع أن نولد من رمادنا ذات يوم، وقد ولدنا مرّات عجز الموت فيها عن الاستمرار في قتلنا، وفي تعداد موتانا، لكثرة ما ولدنا من تحت الركام والرّماد كطائر العنقاء.
إنّ مجرّد الشعور بفقدان أحبّتنا أو مجرّد التفكير والإحساس بذلك يوتّرنا، ويخفينا، كما يجعلنا نغضب منهم كالأطفال، كشعورهم بأنّهم سيذهبون ويتركوننا، ذلك يضيق صدرنا ويحزننا كثيرًا، إلّا أنّني أسال نفسي، ماذا يحصل لو أننا سمحنا لحياتنا أن تتلخبط قليلاً؟ حتى لو فقدنا السيطرة عليها وتخبّطنا فيها؟ أوليس لنا الحق في ذلك، في الاهتمام بأنفسنا، لنهتمّ بهم حين نعود إليهم وإلى من تبقّى منهم وما بَقي منّا؟







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كاميرا CNN تتجول في المكان الذي درس فيه البابا لاوُن الرابع ...
- أول هجوم للحوثيين على إسرائيل بعد إعلان ترامب التوصل إلى اتف ...
- حماس ترد على السفير الأمريكي وتطالب بفتح المعابر أمام المساع ...
- زاخاروفا: الغرب -يصاب بالجنون- لأن الحقائق والتاريخ في صف رو ...
- السفير الأمريكي لدى إسرائيل: تسليم المساعدات إلى غزة سيبدأ ق ...
- ماذا نعرف عن مقاتلة رافال فرنسية الصنع التي أسقطتها طائرة صي ...
- هل هناك تنسيق بين الدماغ والأمعاء؟
- هذه الحكومة الإسرائيلية ليست حليفتنا – نيويورك تايمز
- عرض عسكري ضخم في الساحة الحمراء بموسكو احتفالا بالذكرى الثما ...
- وزير الخارجية الإيراني في السعودية السبت قبيل زيارة دونالد ت ...


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حسام كناعنة وريما شمالي - جرح فوق جروح لم تندمل