|
الشاعر ماجد مطرود والقصيدة الاقصوصة
اسماعيل الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7885 - 2024 / 2 / 12 - 12:22
المحور:
الادب والفن
الشاعر ماجد مطرود والقصيدة الاقصوصة
الجزء الثاني
تبرز أهمية نص ماجد مطرود من خلال الحضور الفاعل لجميع عناصر النص ، وهو حضور مشاركة وبناء ، فهم جميعاً يروون الحدث ( مركز الخلاف أو النقاش أو الاشعاع داخل النص ) وهي تقنية تبرز من خلالها وجهات نظرهم ، وليست وجهة نظر الشاعر فقط . فيتكامل النص من خلال هذه السمفونية التعددية لاصوات عناصر وابطال النص ، وهذه تقنية جسدها : وليم فوكنر ، في رواية : " الصخب والعنف" ، ونجح نجيب محفوظ في إبراز دواخل شخصياته ( آراؤهم ) من خلالها في رواية : ميرامار . وهذه التقنية لا نجدها في النص القديم الذي يروي فيه السارد أو الشاعر الحدث بمفرده : فطرفة بن العبد يبدأ معلقته - ككل شعراء الجاهلية ، ما عدا الاحناف منهم - بالحديث عن امرأة غائبة : يذكرها حين يمر بديارها التي لم يتبق منها شيء إلّا كبقايا ( الوشم في ظاهر اليد ) واذا لم يتبق من ديارها شيء : فكم سنة مرت على غيابه ؟ على الضد من هذا النص الذي لا نلمس فيه حضوراً لبطلته ، يبدأ نص ماجد مطرود بالحضور الفاعل لامرأة في مشهد العمل ، امرأة : أفعالها هي التي تروي الحدث ، وهي أفعال ذات نزوع انساني . نحن أمام نصين : قديم وحديث ، يتحدثان عن امرأتين : واحدة حاضرة في أتون الحياة واخرى غائبة .الحاضرة منهما ذات أفعال آنية ومستقبلية : فهي تعمل في مكان وتستثمر أموالها في مكان آخر ، ولكنها في المكانين ذات حضور فعّال : تبادر وتنشط كي تجعل الحياة أكثر إشراقاً في عيون شريحة من الناس : وقعت ضحية لآلية التشيء والاغتراب : النابعتان من آلية اكبر : آلية الامتصاص والكنز وحب تكثير الأموال
معشوقة الشاعر الجاهلي الشاب : طرفة بن العبد مرسومة في القصيدة بعيون طرفة وبمشاعر طرفة . وعلينا أن نصدق طرفة فوراً بما يخبرنا به . في الثقافة الشفاهية : انت غير مطالب بتقديم البرهان على ما تقول ، اما الثقافة الكتابية فتطالبك بالبرهان والدليل على ما تقول . في المجتمعات الشفاهية ، لا يطالبك احد بتقديم البرهان على ما تقول بل بالعكس : تطالب انت الجميع بتصديق ما تقول ، والا انزلت اللعنة عليهم اذا لم يصدقوك : حتى لو كان قولك مجرد ثرثرة وهذيان . بينما في المجتمعات الكتابية ، وخاصة في نماذجها الصناعية الأرقى : انت مطالب بتقديم الدليل الملموس على ما تقول ، وإدخالها الى المختبرات العلمية لتجريب صحة منطقها وسلامة مفاهيمها العلمية . كيف نصدق طرفة عما أخبرنا به عن مروره بديار محبوبته ؟ من حقنا أن نتساءل عن مصداقيته فيما أخبرنا به من حب لفتاته : وما سيخبرنا به في باقي القصيدة من ممارسته للصعلكة ، وان قبيلته طردته نتيجة صعلكته ومعاقرته الخمر واضاعته ما يملك من طارف وتليد ...
" السمينة " في قصيدة ماجد لا تقول : سوف افعل ، لان القصيدة تتحدث عن فعل جارٍ ، وتصفها وهي تفعل ، انها تعمل وتمنح من عملها المهمشين العابرين . وحين تنتقل بطلة قصيدة الماجد إلى بلاد أخرى : تجد أمامها المبنى نفسه الذي كانت تعمل فيه . فهي لا تقول للناس : انتي كنت ، وأنني منحتكم ، وأنني اطالبكم بإرجاع الدين ، بل تباشر عملها القديم فوراً يوم كانت اجيرة ، رغم أنها تملك المكان الجديد برمته ، أنها النموذج الذي يستحق أن نتأمله ، أنه الجمال الذي يحرر عيوننا من ادماننا على رؤية القبح والخراب والبشاعة الروحية التي تنهض أمامنا في كل ممارسة مبنية على : سوف اعمل ، وثقوا بي ...
" المغربية " هي النص الثاني الذي اعتز به لماجد مطرود . والمغربية اسم بطلة قصيدة المغربية ، انها اقصوصة عن الجمال الذي يشع ويضيء الممرات والدهاليز السرية للنفس البشرية التي حتى مدرسة التحليل النفسي غرقت في عوالمها السرية ، ولم تعلن عن فك شفراتها . والمغربية عي اقصوصة - قصيدة عن الانسان الذي لا يدرك كنه ذاته ، ولا يعرف مزاياه ، وما يتمتع به من خصوصية . انها تخطو ولا تعرف شيئاً عن الأمواج التي تخطو بجسدها . وهي اقصوصة عن الحب الذي يرفض التمدد في المؤسسات الاجتماعية ، ويفضل عليها مؤسسة حرية الجسد المبنية على وحدة الشكل والمضمون ، الصورة والمادة ...
#اسماعيل_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هتتفرج بدون اشتراك… رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 ب
...
-
“باقة من البرامج والمسلسلات وأفلام السينما”عبر تردد قناة CBC
...
-
“ابنك هيدمنها” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمشاهدة ج
...
-
مايكل دوغلاس يزور مستوطنة إسرائيلية ويصف المتضامنين الأمريكي
...
-
بتهمة -الفعل الفاضح-.. إحالة سائق -أوبر- بواقعة التحرش بفنان
...
-
عز وفهمي وإمام نجوم الشباك في موسم أفلام عيد الأضحى 2024
-
فرويد ولندن.. أتاها نجماً هارباً فجعلته أسطورة خالدة
-
الروسي بيفول يهزم الليبي مالك الزناد بالضربة الفنية القاضية
...
-
وزير الثقافة اللبناني يزور منزل الشهيد عبد اللهيان
-
إدارة أعمال الفنان جورج وسوف تكشف عن حالته الصحيه بعد أنباء
...
المزيد.....
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
المزيد.....
|