أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كريم الساعدي - جماليات البناء الأنطولوجي للشكل الفني















المزيد.....

جماليات البناء الأنطولوجي للشكل الفني


محمد كريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 7882 - 2024 / 2 / 9 - 00:47
المحور: الادب والفن
    


إنَّ جماليات البناء الشكلي في الصورة الفنية هي من الضروريات التي تعطي للعمل الفني في مختلف الفنون وجودها الفعلي كون العمل الفني في ذاتياته يرتكز على المضمون بوصفه معطى ميتافيزيقي والصورة الفنية وبنائها الشكلي قيمتها الفيزيقية التي تحدد اشتغالها البصري على مستوى تأكيد المضمون وما يرمي إليه في تكوين المعنى في العمل ذاته ليصل الى المتفرج المتبني لفعل الإيجاد البصري من حيث البنى المعرفية المتشكلة في الأفاق الثلاثة ابتداءَ من أفق العمل الفني وصولاً الى أفق التلقي وما بينهما من أفق تواصلي مبني على الأفقين السابقين وداخل بينهما .
ويتمظهر السؤال المتبنى في هذا المجال المعرفي ذات البعد البصري في كون المبتغى من هذه الجماليات هل هي ذات مغزى معلن غايته دفع التفكير في ذات الموضوع الجمالي ؟ أم أن الغاية المبتغى من هذا الفعل الجمالي في البناء الشكل ه إيجاد مساحة معرفية أخرى تجعل المتفرج قادراً على استنباط المرمى المعرفي ذات الإيديولوجية المعينة في التمظهر الجمالي المبتغى من الفعل الفني في البناء الشكلي للمنطلق الجمالي ذاته؟.
إنَّ الفنون المتنوعة ينطلق منها البناء الشكلي في الصورة الفنية والإطار الشكلي فيها من عناصر ، ويذكر ها الدكتور (زكريا ابراهيم) ،إذ يرى الآتي : " ذهب بعض علماء الجمال الى أن ثمة عناصر ثلاثة لابد أن تدخل في تكوين العمل الفني . ألا وهي على التعاقب : المادة ، الموضوع ، التعبير"(1) ، وهذه العناصر الثلاثة التي تشكل العمل الفني بما فيها العمل المسرحي ، تدخل أثنان منهما في البناء الشكلي للصورة الفنية وهما المادة والتعبير ، والثالث يدخل في البناء الداخلي لما يريده القائم على العمل في تشكيل معنى صورة العمل المسرحي ، سواء أكان نصاً ،أم عرضاً مسرحياً .
إنَّ الجمال في الفن المسرحي ينطلق من السؤال عن الهدف الأسمى للعمل المسرحي ، وهذا السؤال الجمالي الذي تمظهر في صور متعددة على مستوى مخاطبة الجمهور بمستويات متعددة من أجل إيجاد مساحة معرفية إبداعية يتخللها الفعلي الجمالي على مستوى البناء الشكلي والفني في العمل ذاته ، لذا فإن هذه المسيرة الجمالية في الفن المسرحي تعد في جوهرها بحثاً جمالياً من أجل إيجاد إبداع مسرحي يتمثل في جميع أشكاله " في إعادة ابتكار مفهوم الجمهور بحيث يكلف هذا الأخير عن أن يكون متلقياً سكونياً ليتحول الى مشارك في العمل الفني بوجوده ، وبمحسوسيته ثم باندماجه في دينامية هذا العمل أو ذاك " (2). إنَّ ما يريده الشخص المعني من عمله الفني المسرحي هو بناء معنى داخلي للعمل يتمحور في إطار شكلي فني جمالي غايته جمهور متفاعل ، وليس غايته العمل ذاته فقط ، فإن الجماليات في البناء الشكلي إذا ما ارتبطت في العمل الفني ذاته دون غايات أخرى سيفقد العمل الفني مشروعيته الجمالية التي يسعى اليها المتبني للرؤية الجمالية في المسرح .
إنَّ ما يهدف اليه الفاعل المسرحي في توفير رؤياه الجمالية هو خلق منظومة تعبيرية ذات واقع دلالي في العمل الفني المسرحي ، كون هذا العمل الفني المسرحي سواء في النص وهو القاعدة الفعلية لإنتاج المنعى الجمالي في قاعدته الأولى ، أو في البناء الأنطولوجي ذات الجوانب البصرية التي يستهدفها القائم على البناء المسرحي في العرض المسرحي وعناصره الفنية ذات البعد الجمالية فيه ، ومن هذا المعنى الجمالي تولد الصورة في أوسع معناها الفني الجمالي ، إذ تعد هي " منظومة تعبيرية ذات رصيد دلالي قيمي ، لأنها تحمل معنى وتمارس وجوداً دائماً من طرف ثاني ، وهذا ما يجعلها واقعاً قابل للتثبات والاستعادة ، طالما بقيت مرجعاً مهما لها تاريخها ودورها الحتمي " (3) ، ومن ثم فإن الاشتغال على تكوين العمل البصري لابد من الأخذ فيه بجمال الصورة الفنية على فق البناء الأنطولوجي للشكل الفني في العمل ذاته في غاية يكون فيها للجمهور المشاهد للعمل الفني إنتاج المعنى الجمالي المكتسب من هذا البناء الشكلي الجمالي .
إنَّ ما يعطي للصورة الفنية بنائها الشكلي هي العناصر الداخلة في تكوينها ، من حيث أن هذه العناصر هي التي يمكن للفنان في المجالات الفنية المختلفة بصورة عامة والفن المسرحي بصورة خاصة التركيز عليها في الوصول الى ما هو مأمول من معنى يصل الى المتفرج ، ومثلما ذكر الدكتور (زكريا إبراهيم ) فإن أول هذه العناصر هو :
1. المادة : والمادة في المجال الفني المسرحي متنوعة ، وتبدأ من النص الذي يقع في مجال الكتابة ذات البعد الأنطولوجي من خلال ما يكتب ويقدم عن الأفكار المجردة في ذهنية الكاتب الى ما يكتب على الصفحات ، ويدون من خلال الحروف والكلمات والجمل والبناء النصي في هذا المجال ، أما العناصر الأنطولوجية الأخرى المكونة للعمل الفني المسرحي فهي تأتي على شكل مفردات العرض من ( ممثلين ،وأزياء ، وإكسسوارات ، وديكورات ، واضاءة ، وخشبة المسرحي وغيرها ) التي يجسد من خلالها البناء الجمالي وأنطولوجيته في إطاره الشكلي والفني المقدم في العرض المسرحي ، ومن هنا فإن المادة التي يحولها المبدع الى صورة مرئية هي في الأصل مادة خام لكن المبدع هو الذي يصيغها في مجالها الأنطولوجي الشكلي الجمالي ، أي أن " المادة الخام لا تكتسب صبغة فنية فتصبح مادة استطيقية ، إلا بعد أن تكون يد الفنان قد امتدت اليها فخلقت منها (محسوسا جماليا)" (4)يشكل البعد الجمالي في العمل الفني.
2. الموضوع : إنَّ المسرح في مجاله الفني والثقافي والاجتماعي يعد المتبنى المهم والمباشر في تقديم المواضيع المسرحية الداخلة في خدمة المجتمعات الإنسانية منذ اللحظات الأولى التي ولد فيها المسرح ، وكل ما قدم في المسرح ابتداءً من الإغريق الى الوقت الحاضر كانت الموضوعات المقدمة غايتها جذب المتفرج اليها على الرغم من أختلاف ما يهدف اليه المبدع من خلال بناءه الشكلي في موضوعاته الجمالية المقدمة في المسرح .
3. التعبير : إنَّ ما يميز المسرح هو مجاله التعبير الذي يقدمه المبدع من خلال تشفير مضمونه الفكري في إطاره الشكل المقدم من خلال عناصر الصورة الفنية المقدمة في المسرح ، من حيث أن البناء الشكلي " الذي يتميز به غرض مجسد في صورة ما أو عبر رمز لا وجود ظاهراتياً له في العالم الحقيقي . فالموضوع في هذا المضمار يتعلق بإدراك الشكل على أنه وحدة ، وهيئة تشير الى وجود كل يهيكل أقسامها بشكل منطقي " (5) داخل في تكوين التعبير الفني عن المضمون الفكري في إطار البناء الأنطولوجي للبناء الشكلي وجماليته المتمركز في فضاء البث المسرحي ، وصولاً إلى فضاء (التلقي / الجمهور) في المسرح.
الهوامش
1. د . زكريا إبراهيم : مشكلة الفن ، القاهرة : مكتبة مصر ، ب، ت ـ ص 27.
2. فريد الزاهي من الصورة الى البصري ، الدار البيضاء : المركز الثقافي للكتاب ، 2018، ص90.
3. د. عقيل مهدي : السؤال الجمالي ، بغداد : سلسلة عشتار الثقافية ، 2008، ص270.
4. د . زكريا إبراهيم : المصدر السابق ، ص 27.
5. جاك أومون : الصورة ، ترجمة : ريتا الخوري ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، 2013، ص 69.



#محمد_كريم_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليونان والرومان والحقبة المسيحية ومسرح الشارع رؤية نقدية في ...
- مسرح الشارع وتحديد المسار الاصطلاحي ... رؤية نقدية في مسرح ا ...
- رؤية نقدية في مسرح الشارع الجزء الأول : تساؤلات في أصل فكرة ...
- إشكالية الأفق الثقافي العراقي
- مسارات في الأنطولوجيا ومتغيراتها التصورية
- القصديتان (الدينية والفلسفية) وثنائيات المنظومة الغربية
- جريمة حرق القرآن الكريم وتشويه صورة الآخر المسلم هي من مرتكز ...
- أرسطو وعالم الأشياء الواقعية
- الواقعية التعبيرية في المعرض السنوي لفنانين ميسان
- تصورات الوجود في الفلسفة ما قبل السقراطية
- الغائية التاريخية للهوية الجمالية في الفكر الإغريقي
- أفلاطون وجماليات عالم المثل
- بندول المعرفة والحركة البينية بين الوجود والمعنى
- الكتابة في درجة الصفر
- جدلية الشعري واليومي في الظهور الأنطولوجي للشاعر البريسم
- الواقع المعاش حل أنطولوجي
- الهوية الجمالية (الابتكار والهوية )
- الجماليات المحاكاتية
- الاستشراق واسباب الظهور
- التفكيك أو البحث في المختلف


المزيد.....




- الغاوون ,قصيدة عامية بعنوان (العقدالمفروط) بقلم أخميس بوادى. ...
- -ربيعيات أصيلة-في دورة سادسة بمشاركة فنانين من المغرب والبحر ...
- -بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...
- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كريم الساعدي - جماليات البناء الأنطولوجي للشكل الفني