أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كريم الساعدي - أرسطو وعالم الأشياء الواقعية















المزيد.....

أرسطو وعالم الأشياء الواقعية


محمد كريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 7571 - 2023 / 4 / 4 - 08:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أرسطو أحد تلامذة ( أفلاطون ) البارزين ، أتخذ من عملية المواجهة مع الواقع والبحث في مادياته وظواهره حلاً فلسفياً جديداً مغاير لتفكير أستاذه ، اذ رد " الاعتبار الى العالم ـــ عالم الأشياء الواقعية ـــ الذي أعتبره افلاطون عالماً للأشباح والظلال ، وقد فعل ( أرسطو ) هذا بالفعل عندما أنزل المثل من العالم السماوي العلوي الى الأشياء الواقعية وجعل المثل صوراً ، وتصور الصور بوصفها طاقات وقوى كامنة في الموجود تتحرك حركة ( سماها أرسطو الانتليخيا ) وهي حركة صوب غاية محددة من شأنها أن تصبح الإطار الذي تتجمع فيه حركتا خلق الشيء وإيجاده "(1) وهذا الإطار قد غير من الرؤية نحو الأشياء ،أي غير الأتجاه من الباطن الى الظاهر، ومن المثل الى الواقع ، ومن العقل الذي يتجه الى العالم العلوي الى العقل العملي الذي يبحث بالأشياء خارج إطار الماورائيات الأفلاطونية التي شكلت قطع مع العالم المادي . عد ( أرسطو ) هذا العالم الذي يجب أن نبدأ به ونؤسس عليه أفكارنا واعتقاداتنا في إطار البحث وليس الابتعاد والذهاب الى عالم المثل الأفلاطوني الواقع خارج الصورة صورة الأشياء فهو بحث عن التطابق بين الصورة والمادة من أجل الوصول الى الموجود الطبيعي حتى أنه عد الموجود الطبيعي هو الطبيعة بذاتها وليس خارجها ،وعندما وضع نظام للأفكار والمعاني وضعها على وفق هذا التصور ؛ إذ إن" رأي (أرسطوطاليس ) أن الافكار والمعاني المسلمة بالوجود هي الموجودات المحددة والتي تأتي فقط عن طريق العلاقات ومتغيرة الى موجودات أن كل وجود محدد يحمل عناصر منطقية وسليمة التفكير كما يحمل عناصر روحية لا مادية وهو ما يسميه (أرسطوطاليس ) (الشكل أو النموذج ) هذا الشكل أو النموذج الروحي اللامادي كفكرة إذا ما تحقق بالتحديد يكون متماثلاً ومتوافقاً مع طبيعة الشيء المعطى أو جوهرياته لهذا يصبح الشكل أو النموذج هو الجوهر والأساس والذي لا ينفصل عن الشيء ذاته فهو في داخل الشيء وهو شريك في المادة الاساس التي يعيش عليها "(2) . إنَّ ( ارسطو ) إذ يؤكد الى عدم الذهاب خارج العالم الواقعي والطبيعة من حولنا فهو يرى بأن ما يمكن أن نسميه الأفكار التي تؤدي الى عالم المثل عند ( أفلاطون ) هي موجودة في الشيء ذاته في واقعيته على شرط يوجد توافق بين الفكرة والشيء وتحقق التطابق يكون العالم محسوماً ومعاشاً بشكل سليم وهذا التحقق ناتج من كون الأشياء في الوجود هي من تحقق معانيها في داخل الذهن البشري إذا تم الاستبصار بها بشكل سليم وليس البحث في خارجها عما يؤكدها ويؤكد وجودها فكيف نتحقق من وجود صورها في عالم آخر قد لا يصل اليه بعض البشر الى عالم مثالي مبني على انطباعات قد لا تتحقق و تتطابق مع ما هو موجود كما الشيء في الطبيعة .إنَّ " مزاج (أرسطوطاليس) الفكري درج على رقية العالم التجريبي من منطلقاته الخاصة يوصف واقعاً مئة بالمئة لم يستطيع أن يسلم باستنتاج (أفلاطون) القائل : أن اساس الواقع موجود في ملكوت كيانات مثالية متعالٍ ولا مادي كلياً آمن .أن الواقع الحقيقي هو عالم الأشياء الملموسة القابل للإدراك بالحواس لا عالم أفكار سرمدية عصي على الأدراك ونظرية الأفكار بدأت في نظره غير قابلة للإثبات من ناحية ، ومثقلة بحشد من الصعوبات المنطقية من ناحية ثانية "(3) ، لذا فهي لا تتماشي مع الفكر الأرسطوطالي حتى وأن كان هذا الفكر قد تبناه في مرحلته الأولى للفكر الأفلاطوني ، ولكن عملية بناء منظومة معرفية عن الكون والحياة والإنسان يتطلب إيجاد مسلمات منطقية يتعامل معها الفكر الفلسفي مع الواقع المعاش دون البحث فيما وراء الأشياء عن الأشياء ذاتها وفي ذاتها ، لذا فقد عمل الفكر الأرسطوطالي بالبحث عن الصورة والمادة وما هو موجود بالقوة وما هو موجود بالفعل وما هي العلل الأربعة التي يمكن من خلالها يمكن معرفة الوجود والموجود والجزئي المقيد بالزمان والمكان ، لذلك جعل العلل أربعة أنواع وهي " العلة المادية والعلة الصورية والعلة الفاعلة والعلة الغائية ، العلتان الأولى والثانية تمثلان الوجود الكوني للشيء والثالثة والرابعة تمثلان الوجود الحركي للشيء أو تمثلان الشيء في حالة التغيير والضرورة (...) وعلى ذلك فأن نقطة البدء في التفكير الواقعي بوجه عام ليست هي الذات العارفة ( المثالية الرومانسية ) وليست الصيرورة الموجهة التي يسيطر عليها وجود المطلق فيها (الواقعية الروحية ) ،بل الكون الطبيعي في صيرورته الأصلية ( الواقعية والطبيعية) "(4). إنَّ ما بين الوجودين الحركي والكوني للشيء وحركيته هو ما يقع في تشكيل المعرفة الأرسطوطالية الواقعية في فهم الأشياء بكلياتها الكوزمولوجية وحركتها التي تسهم في صنع ماهيتها وتثبيت صورها التي تنتقل من حال الى آخر نتيجة لهذا الوجود الحركي الذي يصاحب الأشياء في مديات وجودها منذ بدايتها وحتى النهايات و" هنا يظهر كل الظهور أن أرسطو يعطي أولوية كبيرة للبحث عن العلل كموضوع أساسي للوعي الفلسفي ويؤكد أن هذا الأمر لم يعط حقه كاملاً ،ولذلك فهو يجترح رؤية جديدة أساسها أن الهيولي والصورة علتان ذاتيتان يتكون منهما الشيء ويعلم بهما كما يتكون التمثال من النحاس وصورة ( ابولون ) علما أن العلة تقال أيضاً على نحوين آخرين الواحد ما تصدر عنه بداية الحركة والسكون والثاني الغاية التي تقصد اليها الحركة فتكون العلل أربعاً : علة مادية وصورية وفاعلية وغائية "(5) ،وتتحقق ( الانتليخيا )عند ( أرسطو ) من خلال العلل الأربعة التي تشكل مضمون الحركة التي تحتوي في داخلها حركة خلق الشيء وحركة إيجاده .
الهوامش
1. سليمان ، جمال محمد احمد : مارتن هيدجر : الوجود والموجود ، بيروت : دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع ، 2009 ، ص 36.
2. توماس ، بيتش : انطولوجيا المسرحية ، ترجمة : كمال الدين عيد ، القاهرة : المركز القومي للترجمة ، 2009 ، ص 116 .
3. تارناس ، ريتشارد : آلام العقل العربي ، ترجمة : فاضل .... ، ابو ظبي : كلمة ، هيئة ابو ظبي للثقافة والتراث ، 2010 ، ص 85.
4. الكومي ، محمد شبل : الوجود والحرية ، القاهرة : الهية المصرية العامة للكتاب ، 2009 ، ص 105-106.
5. أسبر ، علي ممد : ماهية الوعي الفلسفي ، دمشق : دار التكوين للتأليف والترجمة والنشر ، ط1 ، 2010 ، ص 40.



#محمد_كريم_الساعدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواقعية التعبيرية في المعرض السنوي لفنانين ميسان
- تصورات الوجود في الفلسفة ما قبل السقراطية
- الغائية التاريخية للهوية الجمالية في الفكر الإغريقي
- أفلاطون وجماليات عالم المثل
- بندول المعرفة والحركة البينية بين الوجود والمعنى
- الكتابة في درجة الصفر
- جدلية الشعري واليومي في الظهور الأنطولوجي للشاعر البريسم
- الواقع المعاش حل أنطولوجي
- الهوية الجمالية (الابتكار والهوية )
- الجماليات المحاكاتية
- الاستشراق واسباب الظهور
- التفكيك أو البحث في المختلف
- المرتكزات الفكرية في تأصيل ظاهرة التشويه لشخصية الرسول محمد ...
- الفنان والوعي بالانتماء الجمالي
- جماليات النظام الصارم في نسبه وغائية الجمال الأخلاقي
- ما قبل السقراطية وجمالية التناسب الهارموني ونسبية الوجود الج ...
- الوعي والمعنى وتشكل الموجودات
- الوعي والهوية الجمالية
- الفنان ومخيال المدوّن في التجربة الجمالية الإغريقية
- الفنان والمنطلق الجمالي


المزيد.....




- “نظرتُ خلفي ولم أرَ أحدًا”.. ناج من فيضان مفاجئ يصف مصرع حوا ...
- ردود فعل متباينة بعد قمة ألاسكا.. القادة الأوروبيون يدعون لم ...
- الدوري الإنجليزي.. تحقيق حول إساءة عنصرية ضد لاعب بورنموث
- قادة أوربيون يدعمون -اتفاق سلام- مع روسيا بضمانات لأوكرانيا ...
- بريطانيا ستحاكم نحو 60 شخصا بتهمة -إظهار الدعم- لحركة محظورة ...
- قمة ألاسكا تكسر -عزلة- بوتين على الساحة الدبلوماسية الدولية ...
- شامية وأبو ركبة يواصلان من غزة رسالة الشهيدين الشريف وقريقع ...
- الحرب على صوت أميركا لم تبدأ مع ترامب فقد سبقه إليها مكارثي ...
- قمة ألاسكا تجمع ترامب وبوتين في مباحثات شاملة ودعوة للقاء بم ...
- باكستان تعلن حالة الطوارئ بسبب الفيضانات والانزلاقات الأرضية ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كريم الساعدي - أرسطو وعالم الأشياء الواقعية