أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السيد نجم - عراء آخر فى رواية العراء















المزيد.....

عراء آخر فى رواية العراء


السيد نجم

الحوار المتمدن-العدد: 7845 - 2024 / 1 / 3 - 07:31
المحور: الادب والفن
    


عراء آخر في رواية "العراء" لحفيظة قاره بيبان
بقلم: السيد نجم
كم هو طموح الكاتب المبدع جميلا بالمعنى الجمالي الفني، وايديولوجي بالمعنى السياسي العقادي، واجتماعي بالمعنلى المجتمعي.. ذلك عندما يعي المبدع أهمية دور الفن ووظيفته البعيدة والقريبة؛ في اقتحامواقع الجمال واختلاسه، ثم القبض على ذهنية وعواطف الآخر في فكر الجماعة من حوله، مع ذلك يتعاطف معه الجماعة
ويخال كل فرد فيه، أن هذا المبدع الفنان يتحدث عنه شخصيا؟!
ذلك هو الانطباع الأول والسريع فور الانتهاء من قراءة رواية "العراء" للكاتبة الروائية التونسية المخضرمة بنت البحر "حفيظة قاره بيبان".. وينفر السؤال فورا: ما دلالة العراء ومعناه المتعدد الذي انطوت الرواية طرحه أمام عين القارىء وفهمه.
تقع رواية العراء في أكثر من 40 ألف كلمة، شيدت بناء داخليا للنص خاص بها؛ 14 فصلا مزقتهم 3 فواصل ، و مجموعات.. مجموعتان فى كل مجموعة 4 فصول، و المجموعة قبل الأخيرة تتكون من 5 فصول وبعدها فاصل أخير وبعده فصل واحد (أخير).. ثم كان هذا اﻹهداء الدال: (يـــــــــــــــــا امـــــــــــرأة الغيـــــــــــاب الباقيـــــــــــــــــــــــــــــة .. أمــــــــــــــــــــــــــــي "حبـيـــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــــة)" ليتولد السؤال في النهاية: من تعنى الكاتبة، هل هي الأم التى ولدتها أم الأم التي ولدت على أرضها وﺇن هاجرت لم تبرحها ولم تنسها.. هل هي فلسطين؟
هذا البناء العمدي شيد محاور فكرية قدمتها الكاتبة في الرواية فى تماس ورؤية فنية تجذب القارىء كالتالى:
.. قدمت العديد من صور العراء الجسدي والفسيولوجي والتشريحي، وهو ما تمثل في تلك اللقطات الشبقية الحميمة للفتاة/ السيدة "دجله" مع نفسها أمام المرآة: (أمام المرآة، فتحت الرافعة، أخيرا تنفست ملء رئتي، وقد زال الضغط وعاد الهواء ينعش كامل الجسد. ألقيت الرافعة المنداة بالعرق، وتحت النور المنهمر من النجفة، رفرفت الحلمتان الموردتان، وانطلق نهداي متحررين، بضين، شامخين، بينما ظل تحتهما خط بنفسجي داكن امتد حولي من قسوة الضغط، طيلة يومي الحافل بالعاصمة).. 2 / الفصل الثاني.
وكانت مع حبيبها "غسان" حبها الاول وربما الأخير: (فجأة، وجدتني أقتلع جسدي من حضن الأرض.، تنفتح عيناي باندهاش وأنا أبصرني شبه عارية، ويد الرجل الحارقة مازالت تمسك يدي. جذبتها بقوة إلي، وإذا بها، تنفصل، عن جسدي... أخذت أركض في ظلمة الليل ... نادتني الأرض، سدى.. كنت أركض..أركض، ماضية إلى برزخ مجهول. أخيرا، توقفت لاهثة..تلفت حوالي... إذ وجدت معي يدي الاثنتين.(رقم 1 فصل خوف التفاح)
ومع زوجها "حسام" الذي يقدم لها دليل أنوثتها ويعيدها ﺇلى بؤرة توهجها مع برد الشتاء وبرد الوحدة والشتات النفسي، بالرغم عنها وعدم الرضاء على ما يحاول تقديمه لها: ( في الظلمة، وأنا ألوذ بصدر حسام، وأنفاسه الساخنة تهمهم في وجهي ــــ اشتقتك!، عادت المرآة تبرق، وصدري يرفرف، والعنكبوت يمسك بالنتوء الغامض..انكمشت في أحضانه، أطفئ توقده، مغمغمة :ـــ غدا أزور الطبيب! لم أنتظر سؤاله، دفنت رأسي في صدره وتظاهرت بالنوم.كان منقار غراب، تحت المنامة، لا يتوقف، ينقر صدري، بينما ظل ملمس النتوء الصلب الغريب الذي اكتشفت، لا يفارق أصابعي.) رقم 2 فصل 2
لقد جاء توظيف حالة "العراء" على أشكال مختلفة، من أجل التعبير عن خطوات وحالات انسانية وقومية معا، من أجل التواصل مع الخاص والعام، من أجل ﺇبراز بعض أحوال وأحداث القضية الفلسطينية..
ها هي الرواية ترصد حملات الاعتداء والتهجير الأولى، تهجير الفلسطينيين بعد الاعتداء عليهم ببنادق جنود اﻹسرائيليين أو لنقل اليهود قبلا.. (عصابات غريبة هجمت بسرعة مرعبة.. جراد أسود على الطريق أخذوا يقفزون من شاحنة قدمت هادرة..انتشروا مصوبين البنادق إلى الفلاحين العائدين إلى بيوتهم، صارخين، «كاديما! ..كاديما!..»... تعني : اقتلوا الفلسطينيين وشردوهم! لا ندري كيف تفجرت جهنم... وتوالى الطلق الناري من كل الجهات..حين انقشع الدخان، رأينا رجالا ساقطين على التراب، يرجفون في دمهم.. أخذنا نعدو، مذعورين باتجاه بيوتنا..(رقم4 الفصل الاول)
كما رصدت الرواية أحداث بيروت مع الفلسطينيين عام 1982م..(..العاصمة المحاصرة النازفة المحترقة ابتلع آخر ذرى جبالها الماء....تلاشت أصوات الأرض، وتلاشى الثبات من تحت أقدامنا، وصفعنا الموج من كل الجهات... يزداد صفيرها كلما توغلنا، غامرا ذاكرة يجرونها للنسيان. ولكن، هل تنسى الذاكرة ؟هل تنسى الذاكرة الوطن المغتصب والطفولة الموؤدة ؟ والأم الضائعة ... هل تسنى الذاكرة أبي الهالك حزنا وكمدا في مخيم اللاجئين... رجع أبي يوما بعد إحدى محاولاته العودة إلى حيفا، بحفنة من تراب، زرع فيها حبقا ونعنعا يشم منه رائحة أرضه المغتصبة. كنا نرعاه ونسقيه معا.)
فيما بدت السردية ملتمزة مرافقة "دجلة" فى رحلتها من فلسطين الى تونس، من كونها محبة ومحبوبه الى زوجة مخلصة لبيتها وابنتها "سناء" وولدها "على".. حيث تجلت معهما الرؤية المستقبلية للقضية الفلسطينية.
أما وقد أصيبت الأم "دجلة" بالمرض الخبيث (السرطان) ومرت بالكثير من المشاعر والآلام ومن حولها، حتى تم اجراء عملية جراحية لها، وهنا نستشرف الام/ الكاتبة المستقبل للقضية الفلسطينية المريضة.. حيث يقدم الأطفال المستقبل رؤيتهما فى ورقة أو رساله للام وهى على سرير المرض.. تقول البنت سناء: (أمــــــــّــي الحبيبـــــــة.. عيــــــــدك أجمـــــــــل الأعيــــــاد.. قلت لي يوما : سميتك سناء لأنك ضوء أنار هذا البيت! بل أنت يا أمي ضوؤنا، فلا تتركينا للظلام!...)
أما رسالة "على" قال: (رسالـة عــلــيّ.. أمــــــّــــــــي العزيــــــــــــــــزة.. أتمنى لك عيدا سعيدا.. وأهديك هذا الكتاب : «الغد المشرق». اشتريته لك لأن عنوانه يوحي بالأمل ويبعث على التفاؤل وكاتبه معروف بجودة أسلوبه وقيمة كتبه كما قالت لي أستاذة العربية.)
يخلص القاريء ﺇلى معايشة تجربة ﺇبداعية اجتهدت فيها الكاتبة ﻹبراز القضية الفلسطينية بمنحى فني يتسم بالجمال والرقة واﻹنسانية، على الرغم من فسوة الموضوع وحجم الألم الذي يستشعره ، وماذا بعد القتل والسلب والنهب للأرض والعرض في مقابل عري بل في شكل من أشكاله.. قيح المرض ومحاولات العلاج بالجراحة وهي جراحة لبتر بؤر المشكلة، ومع ذلك يبقى الأمل في صوت قادم من بعيد، من صوت الأبناء الصغار، ولما لا وهم المستقبل.. ﺇن الأمل باق والحق لا بد له من مطالب.
فب النهاية تشكلت الرواية بقدر غير قليل من الجهد الابداعي حيث قدمت الكاتبة العديد من القصائد الشعرية المتعلقة بالأحداث.. وأيضا بعدد من الأغنيات مثل أغاني المطربة "فيروز" اللبنانية.. مع رصد تأريخي لعدد من المشاهد الواقعية التي تتعلق بالقضية الفلسطينية ومحطات الصراع التي لم تنته بعد.. ذلك من خلال توظيف الأسلوب الواصف والشاعري في كثير من المواضع.
هكذا يخلص القارىء يعد الانتهاء من القراءة ﺇلى أن علاقة العراء بالقضية هي علاقة البحث عن الخفي وغير المبرر المسيء لنا كعرب وفلسطينيين وفضحه.. وهو ما جعل للعراء وظيفة بل وظائف متعددة قدمتها الكاتبة "حفيظة قارة" بنجاح كبير.
*************



#السيد_نجم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحمام الابيض يكسر الحصار
- اسرار ودوافع الكتابة للطفل عند السيد نجم
- اسرار النزهة المؤجلة
- النيل والثورة والناس فى ضجيج الضفادع للسيد نجم
- نقد لى/ مجموعة قصص -كمستير- لجعفر العقيلى.
- -رئيس التحرير بين الرواية والسيرة.. قراءة للسيد نجم
- ابداع التجربة الحربية المصرية لمعارك اكتوبر 73
- قصة من التراث للصغار- الاخوة المغامرون
- التقنية الرقمية تبدع مسرحها.. المسرح الرقمى
- ملف -السيد نجم أديب المقاومة-
- المنتج الثقافى لثورة 25يناير.. تحت المجهر
- ملامح ثقافية وأدبية مع ثورة25يناير
- عالم -نجيب محفوظ- فى أضخم ببليوجرافيا!


المزيد.....




- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...
- في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل ...
- أوبرا زرقاء اليمامة.. -الأولى- سعوديا و-الأكبر- باللغة العرب ...
- ابنة رئيس جمهورية الشيشان توجه رسالة -بالليزر- إلى المجتمع ا ...
- موسيقى الراب في إيران: -قد تتحول إلى هدف في اللحظة التي تتجا ...
- فتاة بيلاروسية تتعرض للضرب في وارسو لتحدثها باللغة الروسية ( ...
- الموسم الخامس من المؤسس عثمان الحلقة 158 قصة عشق  وقناة الفج ...
- يونيفرسال ميوزيك تعيد محتواها الموسيقي إلى منصة تيك توك


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السيد نجم - عراء آخر فى رواية العراء