أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يحيى محمد - مصطلح الفلسفة والتشبّه في تراثنا القديم؟














المزيد.....

مصطلح الفلسفة والتشبّه في تراثنا القديم؟


يحيى محمد

الحوار المتمدن-العدد: 7819 - 2023 / 12 / 8 - 18:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ثمة تعاريف عديدة للفلسفة تبرز الوظيفة التي من أجلها وضعت، وهي أنها تريد التعرّف على الوجود. كما هناك تعاريف أخرى تطل على طبيعة الجوهر الداخلي الذي يشغلها كدينامو للتفكير الفلسفي بما يترتب عليه من تضمنات لعلاقة «الحتمية».
فلفظة «فلسفة» مشتقة من كلمة أجنبية هي «فيلا سوفيا» وتعني محبة الحكمة. وحُكي أن أصلها يعود إلى فيثاغورس، وهي أجنبية على اللغة اليونانية، وأنها بحسب تعبير افلاطون (في محاورة اقراطيلوس لافلاطون) غامضة ومستعارة من «البرابرة» أو الأجانب غير اليونانيين.
ويبدو ان مصدر هذا المصطلح يعود إلى حكمة الشرق بما تعبّر عن تأملات غنوصية (صوفية) شائعة آنذاك، وقد يعود الأصل في لفظة (الصوفية) إلى «سوفيا» بمعنى الحكمة، وليس كما غلبَ على تراثنا الإسلامي من ان اللفظة مشتقة من الصوف كدلالة على الزهد والتنسّك لمن لبسه، أو انها عائدة إلى (الصفاء) وغير ذلك من الألفاظ العربية.
وسبق للبيروني (المتوفى سنة 440هـ) ان انفرد من بين الكتّاب العرب – كما هو رأي الباحث أبو العلا عفيفي – بالقول ان هناك صلة بين لفظة (الصوفي) والكلمة اليونانية (سوفيا)، وهو الاعتقاد الذي عوّل عليه المستشرق النمساوي جوزيف فون هامر والذي قال بأن تلك اللفظة مأخوذة من كلمة Gymnosophist، ومعناها الحكيم العاري، وهي كلمة يونانية أطلقها اليونان على بعض حكماء الهنود القدماء الذين اشتهروا بحياة التأمل والعبادة.
ويتسق هذا الرأي مع محبة الفلاسفة اليونانيين للتزود بالعلوم الغنوصية مثلما كانت بارزة لدى كهنة مصر القديمة. وما زالت لفظة (حكيم) مستخدمة إلى يومنا هذا للدلالة على الطبيب في عدد من الدول والمدن العربية والإسلامية، وعلى رأسها مصر، الأمر الذي ينسجم مع ما اشتهرت به مصر القديمة من الطب والغنوص وغيرهما.
ومن حيث الإصطلاح عُرّفت الفلسفة بأنها «العلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه، وإرتباط الأسباب بالمسببات، وأسرار انضباط نظام الموجودات، والعمل بمقتضاه». كما عرّفها البعض بأنها «علم حقائق الأشياء والعمل بما هو أصلح».
وهذا يعني أن في الفلسفة جانبين، أحدهما معرفة الوجود، والآخر العمل «بما هو أصلح»، أو العمل بمقتضى نظام الوجود، حسب التعريفين الآنفي الذكر. وهو ما له دلالة على أن الفلسفة تريد من قارئ الوجود أن يصير ممتثلاً للوجود ذاته، فيكون متشبهاً به أو على شاكلته في أعلى الدرجات الممكنة التي تنال بها السعادة القصوى. وهذا ما يتضح مما ينص عليه إبن سينا في تعريفه للفلسفة، حيث يراها بأنها «صناعة نظرية يستفيد منها الإنسان تحصيل ما عليه الوجود كلية في نفسه، وما عليه الواجب مما ينبغي أن يكتسبه بعلمه، ليتشرف بذلك نفسه، ويستكمل ويصير عالماً معقولاً مضاهياً للعالم الموجود، ويستعد للسعادة القصوى الأخروية، وذلك بحسب الطاقة البشرية».
وعليه فهناك تعاريف بعضها مكرس لإظهار موضوع القراءة الفلسفية المتمثل في الوجود، وبعض آخر مهتم بالغاية التي تريدها الفلسفة، وهي التشبه بالوجود أو الإمتثال لنظامه المفضي إلى السعادة القصوى.. الأمر الذي يتضمن الإشارة إلى ما تحمله الفلسفة من طبيعة خاصة بدينامو التفكير الوجودي.
فعلى الصعيد الأول، عرّف جابر بن حيان الكوفي الفلسفة بأنها «العلم بحقائق الموجودات المعلولة». أو هي: «العلم بالأمور الطبيعية وعللها القريبة من الطبيعة من أعلى، والقريبة والبعيدة من أسفل». كما عرّفها الكندي بأنها «علم الأشياء بحقائقها بقدر طاقة الإنسان». وعرّفها الفارابي بأنها «العلم بالموجودات بما هي موجودة». وعرّفها إبن حزم بأنها «معرفة الأشياء على ما هي عليه من حدودها من أعلى الأجناس إلى الأشخاص، ومعرفة إلهية». وعرّفها إبن رشد بأنها «النظر في الأشياء بحسب ما تقتضيه طبيعة البرهان».
أما على الصعيد الآخر المكرس لإظهار الغاية المتمثلة بالتشبه بالوجود أو الإمتثال لنظامه العلوي، فقد جاء عن محمد بن زكريا الرازي قول الفلاسفة جميعاً «أن الفلسفة هي التشبه بالله عز وجل بقدر ما في طاقة الإنسان». كما ذكر إخوان الصفاء بأن حد الفلسفة هو «أنها التشبه بالإله بحسب طاقة الإنسان». ونقل الشهرستاني عن الفلاسفة قولهم بأن غاية الفيلسوف هي «أن يتجلى لعقله كل الكون ويتشبه بالإله الحق بغاية الإمكان». كما عرّفها الجرجاني بأنها «التشبه بالإله بحسب الطاقة البشرية لتحصيل السعادة الأبدية».
فهذا التعريف يتسق مع الأصل المولّد للفلسفة لِما له من دلالة على علاقة (الأصل والشبه) أو السنخية كما فصلنا الحديث عنها في عدد من اجزاء المشروع الخماسي (المنهج في فهم الاسلام). وهو لم يأتِ اعتباطاً كما ظن المرحوم مرتضى مطهري عندما نقد صدر المتألهين الشيرازي لذكره هذا التعريف في كتابه (شرح الهداية الأثيرية) والذي نقله عن السهروردي. بل سبق للرازي - الذي عاش خلال القرنين الثالث والرابع الهجري - أن ذكر هذا التعريف ونسبه إلى الفلاسفة. كما سبق لإخوان الصفا أن ذكروه، وقبلهم اعتبر افلاطون أن صفة الفيلسوف هي التشبّه بالإله.



#يحيى_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصوفية في ثلاثة أصناف
- فلسفة النظام الاخلاقي (3)
- فلسفة النظام الاخلاقي (2)
- فلسفة النظام الاخلاقي (1)
- متى يكتمل حضور الجهاز المعرفي لدى الانسان؟
- جدليات نظرية التطور
- الانزلاقات في العلم: تشابه جينات البشر والشمبانزي نموذجاً
- هل للجسم مشاعر؟
- الايفو ديفو والتطور الدارويني
- الركود والانقطاع في التطور: التوازن المتقطع
- صخرة الإيمان: الإله والتصميم
- نهج المفكر الصدر في اثبات المسألة الإلهية
- القضية العلمية والتصميم
- الموجهات المعرفية كمعيار سلبي للتفسير
- الداروينية الجديدة ومنافساتها (2)
- الداروينية الجديدة ومنافساتها (1)
- المشاكل التي واجهتها الداروينية (2-2)
- المشاكل التي واجهتها الداروينية (1-2)
- جدليات نظرية داروين
- التصميم والضبط الفيزيائي الدقيق


المزيد.....




- غراب أبيض اللون..مصور يوثق مشهدًا نادرًا في ألاسكا
- طالب بجامعة كولومبيا في أمريكا يصف ما يحدث وسط المظاهرات.. ش ...
- ما السر وراء الشبه الكبير بين حارس مقبرة أخناتون والفرعون ال ...
- أسرار -أبرامز- الأمريكية في أيدي المتخصصين الروس
- شاهد لحظة طعن سائح تركي شرطي إسرائيلي في القدس
- -بسبب رحلة للغلاف المغناطسي-.. أشعة كونية ضارة قصفت الأرض قب ...
- متطوعون يوزعون الطعام في مخيم المواصي للنازحين الفلسطينيين ف ...
- محكمة العدل الدولية تصدر قرارها اليوم في دعوى تتهم ألمانيا ب ...
- نجم فرنسا: لهذا السبب لا يناسب زيدان بايرن ميونيخ
- نتنياهو عازم على دخول رفح والشرطة تقتل تركياً طعن شرطياً


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يحيى محمد - مصطلح الفلسفة والتشبّه في تراثنا القديم؟