ان عائلة سعود شديدة التنظيم مثل فرقة عسكرية-2-

سلطان الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 1739 - 2006 / 11 / 19 - 10:20
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    

ان الأمير عبد العزيز -وهو الابن المدلل للملك فهد- هو اغنى مراهق في العالم ، وأصبح بفضل انغماسه في (الاعمال) من أصغر الملياردرية بالدولار على سطح الأرض . وآخر ما تملكه(وقت نشر الكتاب) هو فندق ((المرديان)) في القاهرة (80 مليون دولار) . وقد وفر له ربحا صافيا ب 20 مليون دولار ، مما أذهل منافسيه . وليس في هذا الأمير ما يثير الاعجاب لا جسديا . لأنه أميل اللى البدانة مثل أبيه بالرغم من حداثة سنه . ولا ثقافيا على الرغم من حصوله على شهادة b.a في العلوم السياسية ، وقد حضر ابوه شخصيا حفل تخرجه من الجامعة. وتقول الألسنة الخبيثة أن الأمير لم يكن يحضر المحاضرات كما لم يكن يداوم على الدروس ، ولكنه يرطن بالانكليزية والأهم (انه ينطق بالمال بشكل جيد). ويزعم انه غير مستقر ، ومتقلب الأطوار جدا -----وقد جمع أخواله أموالا طائلة في في عدة سنوات تم استثمارها كلها في الخارج . أحد أخواله ويدعى وليد هو مالك القناة التلفزيونية mbc ، الناطقة باللغة العربية والتي تبث برامجها من لندن الى الشرق الأوسط. اما الأخوة ابراهيم . وقد أضافوا الى أسمائهم الآن لقب (الشيخ) -فانهم مثار حسد كل أعضاء العائلة المالكة المتبقين بسبب نجاخهم المالي الاستثنائي ، كما يحظون بكراهية الرأي العام ، لأنهم يمثلون- في قناعة الكثيرين- الفساد والمحسوبية.
وبين أفراد العائلة أمراء من ذوي القوادم الخمس: ولعل أشهرهم هو الأمير مشعل ، أخ الملك فقد اضحك الناس عليه عام 1993 حينما احتفظ بعميل تجاري فرنسي عنوة في المملكة بعد ان صادر جواز سفره. وقد نشأ خلاف بينهما حول ترميم قصر الأمير ورفض الأمير دفع الأتعاب. وانتهى بهرب المواطن الفرنسي ، بعد ان استحصل على جواز آخر ونجح في الفرار على الطريقة الانكليزية فآراح الجميع . وهناك أمراء غير معروفين من قبل الجمهور ، ولكنهم لا يقلون مراوغة واحتيالا : امراء وأميرات يرفضون ان يدفعوا الضمانة الاجتماعية للموظفين الذين يعملون عندهم. او الضرائب المترتبة عليهم في الخارج او الذين يرفضون تسديد الديون المستحقة ، او الذين لا يدفعون اثمان السلع التي تعاقدوا على شرائها . وفي خلال السنوات الثلاث الماضية اقيمت اكثر من مئات الدعاوى القضائية من قبل العدالة الفرنسية ضد امراء وأميرات من العربية السعودية كانوا في زيارة لفرنسا . وقد ضاعت معظم هذه الدعاوى في الرمال بسبب عدم وجود اتفاق قضائي بين العربية السعودية وفرنسا ، ولكن المخجل ان اكثر هذه الاحتيالات مالية -حتى لا توصف بأوصاف أفدح- كانت من فعل اسماء كبيرة في عائلة آل سعود . وحينما يختار الدائن الالتجاء الى الملاحقين القضائيين فقد تنشأ (حادثة دبلوماسية) يحسن تجنبها . ففي شهر حزيران 1994 تقرر وضع اشارة الحجز الاحتياطي على شقتين يملكهما الأمير سلطان في باريس ، مما اوقع البلدين في احراج دبلوماسي -وقد اعلن وزير الدفاع السعودي الذي كان مدينا لشركة مراقبة بمبلغ 4 ملايين فرنك فرنسي انه غاضب، ولكنه دفع آخر الأمر. وواقع الحال، ان الخوف من الفضيحة ، لدى الأمراء السعوديين اكبر من جشعهم ومن عجرفتهم.

ان عائلة سعود شديدة التنظيم مثل فرقة عسكرية:
للعائلة زعيم غير منازع هو الملك ، رأس الترتيب الهرمي الذي لا ينتهكه احد ، وهناك اصحاب السمو الملكي ، الذين يتحدرون مباشة من الملك عبد العزيز ، واصحاب السمو فقط الذين ينتمون الى الفروع الثانوية في العائلة ، والكل يتلمظ بألقابه المتورمة ، متناسيا ان الرسول العربي وصحبه لم يكونو يتميزون عن المؤمنين الا بايمانهم وشجاعتهم. ويملك زعيم العائلة او الفرع حق السيادة والحكم المطلق ، ولا وجود لانتقال السلطة لسواه، مما يسبب تباطؤاً في اتخاذ القرارات ، وتهربا من تحمل المسؤوليات ، وتكثر هذه الظواهر في ادارة الشؤون العامة التي تتطلب مشاركة الأمراء فيها.
ولهذا كله بوتوكول مبني على اساس القبلة: القبلة على باطن الكتف تعني الاستسلام ، ثلاث قبل على الأنف دلالة على القرابة ، والتساوي في الرتبة . القبلة على الجبهة دليل الاحترام والتقدير . وهناك الفاظ وتعابير لا يجوز تجاوزها -----
وتشجع العائلة المالكة روح التعصب: فلا يجوز الزواج من الخارج والمطلوب هو التزاوج من ذات القبيلة او الفرع ، أو بين اولاد ابناء العم ومثل هذه الزيجات تحافظ على المصالح المالية للجماعة ، ولكنها تؤديي الى ولادة الأولاد المعتوهين او اصحاب العاهات ، وعادة ما تلجأ العائلات الى التستر عليهم ،وتركهم بين ايدي الخد الأسيويين.
ولا تختلط العائلات ، بغيرها من العائلات وكما لا يستحسن الزواج من الغير فلا يجوز اقامة علاقات مع العائلات الأخرى . يبستقبل الأمراء اصدقاءهم ومعارفهم ((في مجالسهم)) ولكنهم يأنفون من زيارتهم في بيوتهم . وتبقى العلاقة مهنية متعالية ولا تتجاوز قط الاطار الهرمي المتعارف عايه . والأمير يشعر محادثيه دوما بانه متميز عنهم ، ولا يشارك الأمراء الا نادرا في الحفلات الرسمية ---وحينما يسافرون الى الخارج ، فهم مرافقون دوما بخدمهم الآسيويين أو الأفريقيين ، أو المرتزقة العرب، وبعض الأحيان الغربيين . ولكن الأمراء يبقون وهم محاطون بالمرافقين هؤلاء ، داخل فقاعة مغلقة لحمايتهم من العالم الخارجي.
وكان للأمراء ، وخاصة للكبار منهم، مصرفهم الخاص بهم، وهو البنك الأهلي ، أول مصرف في البلاد وتديره اسرة بن محفوظ . وكانوا يغرفون منه عن سعة ، ولم يلتزموا قط بتسديد ما يقترضونه . وحينما تراكمت الحسابات المكشوفة فيه ، ابدت الsamaاي الوكالة النقدية للسعودية ، وتعادل (البنك المركزي ) تذمرها الشديد واخذت تتلكأ اكثر فأكثر في تغطية هذه الحسابات . ولأن زعيم اسرة بن محفوظ لم يفعل شيئا حيال ذلك ، اتهم في قضية بنك الانماء bcci الذي ارتبط اسمه بتنظيف المال المتسخ المتراكم من الاتجار بالمخدرات ، وتوجب على البنك الأهلي ، آخر الأمر ، ان ينظم حساباته ، فنشر في نهاية عام 1993 ، سجلا عن حساباته ، وكانت هذه اول مرة وقد لوحظ ان حسابات الأمراء السعوديين قد اكتسبت شيئا من الشرعية بمساعدة الدولة السعودية . ولكن من المشكوك فيه ان يكون هذا البنك قد توقف عن اسعاف حسابات الأمراء الكبار ، ولو على نطاق محدود.

ولآل سعود هواياتهم الخاصة بهم ، فالى جانب الزراعة اتي الحقت خسائر فادحة بالأجواف المائية للبلاد ، هناك صيد الصقور ففي المملكة لا اقل من مائة فريق صيد ، وجلهم من الامراء وهذه الهواية مكلفة للغاية اذ يكلف ترويض وحدة من الصقور ما لا يقل عن مائة الف دولار ------
وهناك هواية اخرى لعائلة آل سعود : كرة القدم ، لا ممارسة هذه الرياضة وانما ادارة وتمويل نواد لممارسة هذه الرياضة ، والملاحظ ان كل افراد آل سعود مهووسون بهذه الهواية ، ويشاركهم الملك ذاته، اذ يعتبر هو الحامي الاكبر لفريق كرة القدم الوطني.

وتعرف العائلة المالكة الكثير من التوترات الداخلية بسبب التضارب بين الطموحات المتنافسة لأفرادها . وتتحكم في العائلة حاليا عصبة السديري التي تضم الأولاد السبعة للملك عبد العزيز من زوجته حصة السديري ، احدى زوجات مؤسس المملكة واكثرهن اثارة للاهتمام . وكان الملك قد تركها وطلقها بعد فترة وجيزة من الزواج بها ، ولم يستعد حبه لها الا بعد ان تزوجت من غيره ، حينئذ أرغمها على الطلاق من زوجها وتزوجها ثانية ، وقد انجبت له بعد زواجها الثاني منه اثني عشر ولدا ، منهم الأولاد السيعة الذين شكلوا على الدوام وحدة متضامنة تحت قيادة امهم . وهم اليوم يحكمون البلاد دون منازع وتتألف هذه الوحدة ، بالاضافة الى الملك وهو اكبرها:
الأمير سلطان وزير الدفاع تولد 1931
= عبد الرحمن وزير الداخلية 1933
= تركي لا يشغل اي منصب 1934
=سلمان حاكم الرياض 1936
=احمد نائب وزير الداخلية 1940
وهذه المجموعة التي ينظمها تضامن حقيقي ، تحتل المراكز القوية الرئيسية في الحكومة وخاصة وزارتي الدفاع والداخلية ----هذه السيادة شبه المطلقة تثير انتقادات الفروع الأخرى من العائلة وحسدها ، فهل ستبقى بعد وفاة الملك؟ يحق لنا ان نتساءل على كلٍ لنكتف الآن بأن نتذكر بأنه حينما يتوفى ملك ، فلا بد من أن تترك المجموعة التي كانت معه الواجهة الأمامية من المسرح لتقنع بالواجهة الخلفية---
ويصعب على الملك فهد الآن ان يضمن عدم تعرض المنحدرين منه الى ذات المصير اذ لا بد ان يأتي دورهم في الاقصاء ةالتهميش . حيث سيحاول على الأرجح، وحتى اللحظة الأخيرة ، ان يحافظ على سيادة المجموعة التي ينتمي اليها ، بدفع اخيه سلطان الى الحكم . ان استبعاد ولي العهد الحالي سيكون مخالفة لتقاليد البلاد (ويقال بأن هذه العملية تحظى بتأييد أمريكي) ويمكن ان تولد انشقاقا كبيرا داخل عائلة آل سعود . ويحق لنا ان نعتقد بأن الملك سيفكر كثيرا قبل الاقدام على مثل هذه المغامرة .


من كتاب السعودية الديكتاتورية المحمية
جان ميشيل فولكيه
اصدار ميديويست للنشر
منشورات اليان ميشيل

#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات