أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - خولة جبار محمد الجنابي - الديمقراطية كمفهوم عن الحرية والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات والحياة الاجتماعية















المزيد.....



الديمقراطية كمفهوم عن الحرية والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات والحياة الاجتماعية


خولة جبار محمد الجنابي

الحوار المتمدن-العدد: 7806 - 2023 / 11 / 25 - 20:29
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


إن الديمقراطية هي التي تعبر عن مفاهيم الحرية والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات والحياة الاجتماعية المسالمة حيت سيادة القانون وتساوي المواطنين وغير ذلك من مفاهيم وممارسات . لكن هذه العناصر أو المفاهيم بمعناها الجديد المعروف لا نكاد نجدها في وطننا العربي فالديمقراطية ليست مجرد ضمانات للأفراد ولا مجرد كفالة للحريات الفردية بل هي أسلوب لتنظيم السياسي يكفل حكم الشعب نفسه بنفسه أو مشاركته في ذلك بدرجة من درجات الفعالية ولكننا لا نجد هذا الأسلوب مطبقا في الأنظمة العربية . بل تكتفي هده الأنظمة بأن تتبنى هذا الأسلوب من الناحية الشكلية فقط وذلك لان الديمقراطية في جوهرها تواجه العديد من العوائق تبدأ من الجهل الفردي وقلة الوعي الثقافي وتمر بظاهرة الاستعمار وما خلفه من آثار سلبية على الشعوب العربية سواء كان هدا الاستعمار عسكري أو ثقافي أو تكنولوجي ( العولمة ) وتقف عند عدم تقبل الحكام العرب للديمقراطية كنظام للحكم لأنها تتعارض مع مصالحهم..
عندما يتم طرح مفهوم الديمقراطية يتبادر إلى الذهن فورا مفاهيم الحرية والعدل في الحقوق والواجبات والحياة الاجتماعية المسالمة حيث سيادة القانون وتساوي المواطنين وغير ذلك من مفاهيم وممارسات تعبر عن احترام حقوق الإنسان والمواطن بغض النظر عن فكرة ولونه وانتمائه وثراءه ولكن هل عكس مفهوم الديمقراطية هذه المعاني حقاً ؟قبل الإجابة على هذا التساؤل لا بد لنا وان نتعرف على الإطار النظري لمفهوم الديمقراطية.
- تعريف الديمقراطية وصورها :-
- أولاً : تعريف الديمقراطية : الديمقراطية هي كلمة غامضة لا يتفق علماء السياسة على تعريف موحد لها ، فهناك المئات من التعريفات المختلفة لهذه الكلمة .
- فأصل كلمة الديمقراطية هو لفظ يوناني يتكون من مقطعين الأول ديموس ويعني الشعب DEMOS والثاني كراتيا CRATIA ويعني الحكم أي حكم الحكومة أو حكم الشعب أو حكم الناس .
- ويعني لفظ الديمقراطية في اليونانية أيضاً " قوة الشعب " وسيطرة العامة . بالإضافة إلى المعنى الشائع " حكومة الشعب أو حكم الشعب من قبل الشعب وطور الرئيس الأمريكي إبراهيم لنكونن (1861- 1865 ) المعنى بعبارته الشهيرة " حكومة من الناس وللناس ومن أجل الناس " .
- أو حكم الشعب من الشعب وللشعب
- Government of the people by the people for the people
- والديمقراطية مفهوم يوصف به ذلك النظام من الحكم الذي تسود فيه السيادة الشعبية والمساواة السياسية والاستفتاءات الشعبية وحكم الأغلبية مع المحافظة على حقوق الأقلية وتمكن الأفراد من اكتساب السلطة .
" وهي تعني حرية اختيار صانعي السياسة العامة ومنظمي الشئون الحكومية لضمان أن سياسة الدولة تمثل الأولويات الاختيارات الشعبية وتعبر عنها وللحكومة الديمقراطية قد تكون ملكية دستورية أو جمهورية موحدة أو فيدرالية ، وفي جميع هذه الصور يقوم النظام على أساس أن الأمة هي مصدر السلطات .
وفي الوقت الذي يتغنى به الجميع بالديمقراطية الأثينية التي أفسحت المجال أمام المواطنين في أثينا لاتخاذ القرارات التي تتعلق بالمصلحة العامة وتبوء المناصب العليا للدولة نجد أن هذا المجتمع الأثيني الديمقراطي نفسه حدّ من نسبة المشاركة السياسية للمواطنين وذلك عندما اقر نظام العبودية ، وأنكر حقوق المرأة ولم يتمتع بالديمقراطية الأثينية إلا الأشخاص وأرثي كامل حقوق المواطنة وكانت تلك الصفة لا تنطبق إلا على عشرة بالمائة من عدد سكان أثينا وبذلك كانت الديمقراطية الآثينية عبارة عن نخبة تشكل عشرة بالمائة من السكان ولكن على الرغـم من ذلك فان تطبيق الديمقراطية كان حقيقة واقعية ضمن الإطار المحدد لنطاق عملها .


 ويصنف علماء السياسة تعاريف الديمقراطية ضمن مدرستين فكريتين :
الأولى :- وتنظر إلى الديمقراطية على أنها تعني ببساطة نوع معين من الحكم في ذلك النظام السياسي الذي يمارس فيه الشعب أو الأكثرية من الشعب السلطة السياسية .
أما المدرسة الثانية :- فترى في الديمقراطية مفهوما اعمق بكثير من مجرد كونها نوع معين من أنواع الأنظمة السياسية ويرى أصحاب هذه المدرسة أن الديمقراطية ليست مجرد مؤسسات بل هي نهج عام وطريقة حياة وتعتبر أنها فلسفة للمجتمع الإنساني أو طريقة حياة أي أن مجموعة من المبادئ ترشد وتهدي سلوك الأفراد في المجتمع اتجاه بعضهم البعض ليس فقط في الشئون السياسية بل في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية الثقافية أيضاً .
ويعني القول أن الديمقراطية هي كلا الأمرين معا فهي شكل من أشكال الحكم ونوع من أنواع الأنظمة السياسية التي يشارك فيها المواطن العادي بصنع القرار في كافة المسائل الهامة للسياسة العامة كما هي فلسفة ونهج وطريقة في الحياة أيضاً .
والخلاصة :- فإن الديمقراطية السياسية كما هي معروفة في العصر الحديث تعني حكم الشعب حكما قائما على الحرية والعدل والمساواة وضمان حقوق الإنسان وانتخاب صانعي القرار السياسي بالأغلبية المطلقة من الشعب واحترام مبدأ تداول السلطة بالطرق السليمة .

ثانياً :- نماذج وصور الديمقراطية :
هناك ثلاث نماذج أو صور للديمقراطية وسوف يتم توضيحها فيما يلي:-
1- الديمقراطية المباشرة :- وتعني ممارسة الشعب السلطة بنفسه ودون وجود وسيط أو مندوبين ، ويكون ذلك حين ينفرد الشعب بإدارة كافة الشئون العامة للدولة من خلال اجتماع المواطنين الذين لهم حق مباشرة الحقوق السياسية في صورة جمعية عامة قادرة على إصدار التشريعات وتنفيذها وعلى الفصل في المنازعات . ولكن هذا النوع من الديمقراطية يكاد يكون مستحيلا في ارض الواقع وذلك لصعوبة ممارسة الشعب للسيادة .
لصغر حجم المجتمع من حيث السكان، مورست في أثينا القديمة في القرن الخامس والسادس قبل الميلاد، حيث يجتمع من 5000الى 6000 رجل لتقرير السياسات العامة للدولة بأغلبية بسيطة للأصوات . اختفى هذا النظام تقريبا ويمارس حاليا في نطاق ضيق في بعض المقاطعات السويسرية مثل مقاطعة جلارسي، ويندفالين، و اويفالدين. ولقد شهدت المدن اليونانية القديمة ديمقراطية مباشرة كان المواطنون فيها هم الذين يتولون بالفعل رسم السياسة للدولة ووضع برامجها ومخططاتها وهكذا فهم الذين يقومون بصياغة إرادة الدولة ولقد دافع جان جاك رسو عن الديمقراطية المباشرة في مؤلفة عن العقد الاجتماعي فلقد رأى فيها الصورة الحقيقية والترجمة الصحيحة لمبدأ السيادة الشعبية المطلقة وذلك أن الإرادة العامة لا تقبل الإنابة أو التمثيل ومن ثم هاجم رسو النظام النيابي هجوما عنيفا لأنه يصيب الروح الوطنية لدى الشعب بالضعف والوهن إذن إن الديمقراطية المباشرة تعني أن الشعب صاحب السيادة المطلقة وعليه أن يتولى كل السلطات للدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية والميزة التي يتمتع بها النظام الديمقراطي المباشر هي تحقيق مبدأ سيادة الشعب تحقيقا مثالياً لكن هذا النظام يعاني من بعض جوانب النقص والقصور وذلك لأنه من العسير تطبيقه في الدول الشاسعة المساحة والمكتظة بالسكان كذلك فان تعقيد أعمال الدولة وكثرتها يلزم لمباشرتها فنيون وخبراء مدربين على هذا النوع من العمل بينما الأفراد العاديون من الشعب فمعظمهم لا تتوافر فيهم هذه الدراية .
هذا وقد عرفت أيضاً الديمقراطية المباشرة في الولايات السويسرية حالياً وكان من عيوب النظام الديمقراطي المباشر في سويسرا أن الشعب يتأثر فيه بنفوذ رجال الدين والموظفين ورجال الأعمال ويرجع ذلك لان عملية التصويت كانت تتم بصورة علنية وهذه الطريقة تؤدي غالبا إلى زيادة تأثير كبار الدولة على بقية الأفراد . إن الديمقراطية المباشرة تتناسب في الغالب داخل المجتمعات الصغيرة التي يكون من السهل جمع المواطنين فيها في مكان واحد .
2-الديمقراطية غير المباشرة ( النيابية ) Representation Democracy
يمارس الشعب سيادته من خلال انتخاب ممثلين له لفترة محدودة، و وجود برلمان منتخب كله أو بعضه لفترة معينه . إذا كانت وزارت ألدوله والوزراء مسؤلون أمام البرلمان، سمي نضام الحكم نيابي برلماني كما هو الحال في انجلترا وفرنسا ومصر وفلسطين، وإذا كان الوزراء مسؤلون أمام رئيس ألدوله سمي .النظام نيابي رئاسي كما هو الحال في الولايات المتحدة ومعظم دول أمريكا اللاتينه.
وتقوم الديموقراطية غير المباشرة على أساس أن الشعب ينتخب نوابا يمارسون السلطة باسمه وعنه وذلك خلال مدة معينة يحددها الدستور .
ويتمثل جوهر هذا النظام في وجود برلمان مكون من أعضاء منتخبين من الشعب لفترة محددة يمارسون السلطة باسم الشعب ولمصلحته بمعنى أن الشعب يحكم بواسطة ممثلة ، وبالتالي فان النظام النيابي ما هو إلا وسيلة للتغلب على العقبات التي تواجه الديمقراطية نتيجة عجز جميع أفراد المجتمع عن القيام بالوظائف العامة . مما يستتبع إسنادها الى فئة يتم اختبارها بطرق معينة لتنوب عن هذا المجتمع للقيام بهذه المهمة
هذا ويستند الحكم النيابي على عدة أركان وتتمثل في التالي :-
1- وجود برلمان منتخب من قبل الشعب بغض النظر عن عدد أعضاء البرلمان او وجود البرلمان على هيئة مجلس أو مجلسين .
2- أن يمثل عضو البرلمان الأمة بأسرها فالنائب لا يمثل دائرته وحدها وانما يمثل الأمة كلها وقد استقرت هذه القاعدة وأصبحت الدساتير الحديثة تقرها . ومن ثم فان النائب غير مقيد بأية تعليمات يضعها له ناخبوه وهو حر في إبداء رأيه كما يشاء .
3- أن يكون البرلمان مستقلا أثناء مدة النيابة عم مجموع الناخبين ومعنى ذلك أن البرلمان وقد تم انتخابه وتكوينه أصبح هو صاحب السلطة القانونية ولا يجوز للشعب التدخل في أعماله .
4- أن يحدث تجديد البرلمان بصفة دورية يعيد الشعب انتخاب ممثله وذلك تحقيقا لمبدأ رقابة الشعب على نوابه ولذلك يتعين أن تكون مدة النيابة محددة ومعقولة بأجل معلوم
 الديمقراطية شبه المباشرة :- وتعد نظاما وسطا بين الديمقراطية المباشرة والديمقراطية النيابية ويؤمن هذا النظام بحق الشعب في التدخل بصورة مباشرة في الشئون العامة والتشريع في ظروف معينة وفي نفس الوقت الذي ينتخب فيه الشعب برلمان ينوب عنه ، ومعنى ذلك بعبارة أخرى أن النظام شبه المباشر يخول للشعب أو هيئة الناخبين حق المراقبة الكاملة للبرلمان أو المجلس النيابي فله حق الاعتراض على القوانين التي يقرها البرلمان وله حق اقتراح القوانين … الخ. والديمقراطية شبه المباشرة عبارة عن نظام وسط ما بين الديمقراطية المباشره و الديمقراطية النيابية، وهو يقوم على وجود مجلس منتخب، ولكن مع الرجوع للشعب في بعض الأمور ألهامه وذلك من خلال الاستفتاء الشعبي الاعتراض الشعبي كما هو الحال في سويسرا.
. وللنظام الديمقراطي شبه المباشر عدة مظاهر يتم توضيحها فيما يلي :-
أولاً :- حق الاقتراح الشعبي حين يساعد الشعب في عملية اقتراح القوانين وإعدادها وتقديمها للبرلمان لمناقشتها وهي في الغالب تشترط أن يكون مشروع القانون موقعاً من عدد معين من الأشخاص لكي تلزم البرلمان بمناقشته. ويعني أيضاً باختصار مساهمة الشعب فعلياً في التشريع.
ثانياً :- الاعتراض الشعبي على قانون أصدره البرلمان حيث يعطي الحق لعدد معين من أفراد الشعب بالاعتراض على القوانين .
ثالثاً :- الاستفتاء الشعبي ويتم ذلك :-
أ- حين يؤخذ رأي الشعب في قانون قد تم إقراره من قبل البرلمان فلا يصبح القانون ساري المفعول إلا إذا تم الموافقة عليه في استفتاء شعبي .
ب- قد يؤخذ الاستفتاء الشعبي على سياسات معينة مثل الموافقة على معاهدة أو اتفاقية .
ج- كذلك يشمل الاستفتاء على أشخاص معينين لتولي مناصب معينة في الدولة حين يؤخذ رأي الشعب في انتخاب شخص معين أو عدم انتخابه مثل انتخاب رئيس الدولة من عدمه .
رابعاً :- الحق في إقالة النائب وبمقتضاه يجوز للناخبين المطالبة بعزل النائب وهذا الحق لا يقتصر على إقالة نواب البرلمان وإنما يشمل الموظفين والقضاة المنتخبين … الخ .
خامساً:- الحـل الشعبـي وبمقتضى هذا الحق يجوز للناخبين حل الهيئة البرلمانية وبأسرها وعزل أعضائها كوحدة ، وهذا الأمـر يجب أن يعرض على الشعـب للاستفتاء الشعبي .
سادساً :- الحق في عزل رئيس الجمهورية قبل انقضاء مدة رئاسته وذلك إذا وافق مجلس على طلب العزل بأغلبية ثلثي الأعضاء فإذا تمت الموافقة عرض الأمر على الشعب للاستفتاء والحصول على موافقته بخصوص عزل رئيس الجمهورية أما عدم موافقة الشعب على الفرد فهي تعتبر تجديدا لانتخاب رئيس الجمهورية وفي الوقت ذاته حلا لمجلس .
وفقا لهذا العرض لهذه المبادئ نستنتج أن النظام الديمقراطي شبه المباشر هو الذي يعد اقرب النظم الى الديمقراطية الحقة طالما أن الديمقراطية المباشرة تكاد تكون مستحيلة عمليا وان الديمقراطية النيابية تجعل السيادة الفعلية في يد البرلمان .
وللنظام شبه المباشر مميزات هامة فهو يحكم مراقبة الشعب على البرلمان .
وانه يحول دون استبدال الأغلبية البرلمانية بعد التوزيع السلطات التشريعية بين البرلمان والشعب كما أن الديمقراطية تجئ معبرة تماما عن ميول الشعب ورغباته ورغم هذه الميزات لهذا النظام إلا انه لم يخلو من بعض العيوب منها انه يتم إشراك المواطنين في العملية السياسية يفترض أن للمواطنين الوعي السياسي الكافي لذلك وهو أمر لا يتحقق في كل الأحوال ثم أن الاستفتاء الشعبي في شأن القوانين لا تسبقه عادة مناقشات كافية تسمح لفئات الشعب المختلفة بالوقوف على مختلف وجهات النظر الأساسية الفنية التي تحيط بالموضوع مما يجعل أمر الحكم عليه صعبا في اغلب الأحيان.
هذه هي صور الديمقراطية التي عرفتها الشعوب قديما وحديثا التي بدأت في المدن اليونانية وكانت ممارستها بصورة مباشرة من قبل الشعب وتم إرساء مبادئ الديمقراطية من جديد وذلك في أعقاب الثورة الفرنسية القائمة على الحرية والمساواة والإخاء . ان كلمة الديمقراطية التي يتغنى بها الجمهور وتعارفت عليها الشعوب الحديثة هي الديمقراطية النيابية لذا فان إطلاق كلمة الديمقراطية بصفة عامة هي تعني الديمقراطية النيابية لأنها هي التي يتم الأخذ بها في جميع الشعوب على الرغم من اختلاف أنواعها سواء كانت ديمقراطية ملكية دستورية أو ديمقراطية جمهورية .
الديمقراطية,, كتب عنها وتطرق لها مفكرين وفلاسفة أمثال أفلاطون، وجان جاك روسو، وكان الهدف أساسا من هذه الفكرة هو الحد من حكم صلاحيات الملوك في أوروبا حيث كان انتشار نظام الملكية المطلقة .بقيت الديمقراطية فكرة نظرية مجمدة لا تمارس كنظام حكم، حتى جاءت الثورة الفرنسية وجعلت المبدأ الديمقراطي أساسا لحكم الشعوب، وضمنته إعلان حقوق الإنسان في فرنسا عام 1789، حيث نصت المادة الثالثة منة " السيادة كلها مركزة في الأمة، وليس لأية هيئة أو لأي شخص استعمال السلطة لم تكن الأمة مصدرها “. ويمكن القول، أن، النظام الديمقراطي بشكله الحالي، ظهر في القرن الثامن عشر، على اثر الثورة الأمريكية وإعلان الاستقلال عام 1775، ووضع لدستور عام 1789، وقيام الثورة الفرنسية وإعلان حقوق الإنسان في فرنسا. الديمقراطية مصطلح يوناني قديم مشتق من الكلمة اليونانية ديموس (الشعب ) كراتوس ( السلطة ) . بمعنى إن الشعب هو صاحب السلطة في إدارة شؤون البلاد وحمايتها . ولمفهوم الديمقراطية تعريفات وتفسيرات كثيرة، نورد منها على سبيل الذكر:

- الديمقراطية هي " حكومة الشعب، من الشعب، والى الشعب"
- حكومة من الشعب، حيث الصلاحيات العليا بيد الشعب وتمارس مباشرة من قبلهم أو من خلال ممثليهم المنتخبين في ظل نظام انتخابي حر "
تختلف ممارسة المفاهيم الديمقراطية من مجتمع لآخر طبقا للظروف السياسية، الاجتماعية، الثقافية، الدينية، العادات والتقاليد . وتختلف درجة الديمقراطية من مجتمع لآخر طبقا لمدى ممارسة وتطبيق تلك المفاهيم الأساسية للديمقراطية
الأركان الأساسية لأي نظام ديمقراطي
إن مدى ديمقراطية المجتمع، تعتمد بالدرجة الأولى والأخيرة على مدى ممارسة وتطبيق المبادئ والسمات ألعامه – التي تشكل النسيج الأساسي لأي نظام ديمقراطي – من قبل المواطن والمسئول
الاركان التاليه تحدد الأسس السلمية التي يبنى عليها أي نظام ديمقراطي :
سيادة الشعب.
اختيار حر للناخبين لمرشحكم للحكم.
حكم الأغلبية المنتخبة .
حقوق الأقلية وعدم اضطهادها.
ضمان حقوق الإنسان الأساسية.
انتخابات حرة ونزيهة.
المساواة أمام القانون بدون تفريق.
إتباع الإجراءات ألقانونيه المعتمدة.
القيود الدستورية على الحكومة.
التعددية السياسية والحزبية.
قيم التسامح و الواقعية و التعاون و التوافق و التراضي .
كيف تحكم على ديمقراطية المجتمع ؟
هنالك بعض الضوابط و المعايير الأساسية التي تحدد مدى ممارسة الديمقراطية في المجتمعات من قبل المواطن والسلطة ألحاكمه ، على جميع الأصعدة . على سبيل الذكر لا للحصر0-
* حريات فردية:
- حرية التعبير - حرية التجمع السلمي - حرية التنقل - حرية الدين والاعتقاد - حق في الخصوصية الشخصية .
*حريات سياسية:
وجود قوانين و قيود دستورية تضبط عمل الحكومة – حرية الكلمة والرأي – حرية الصحافة والإعلام – انتخابات حرة ونزيهة ودورية – عدم مصادرة الجنسية قصرا وبدون أسباب قانونية توجب ذلك – حرية التجمع والتظاهر السلمي، التعددية السياسية الحزبية .
*حريات اقتصادية:
منع بعض أنواع المهن والعمل المشروع_ حرية التملك الشخصي _ حرية العمل والمهنة _ حرية الانضمام للنقابات المهنية والجمعيات _ حرية البيع والشراء .
* حماية قانونية وقضائية:
المواطنون جميعا متساوون أمام القانون – إجراءات قانونية عادلة – عدم جواز الاعتقال بغير جرم، أو السجن المطلق دون توجيه اتهامات _ عدم استخدام التعذيب الوحشي أو المضايقات من أجهزة الأمن أو من يعمل فيها .
الديمقراطية وحقوق الإنسان
حقوق الإنسان مكفوله من جميع الشرائع الدولية وهي معروفة من قديم الزمان في العصر الإغريقي، وقد تطورت فكرة حقوق الإنسان في العصور الوسطى وظهرت أولى الوثائق التاريخية بهذا الصدد وهي وثيقة الماغنا كرتا ( الميثاق العظيم ) في بريطانيا عام 1215 م ، مرورا بإعلان الاستقلال للولايات المتحدة ، وإعلان حقوق الإنسان في فرنسا ، حتى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر من هيئة الأمم المتحدة عام 1948 . كما أن الأديان السماوية كرمت الإنسان ورفعت من قدرة ومن إنسانيته وأدميته . الحقوق الأساسية للإنسان ، " هي الحقوق المرتبطة بطبيعة الإنسان وخلقته " . إن حقوق الإنسان تتعلق بالفرد في مجتمعة وعلاقته بالآخرين ، ولذلك فان القوانين الوضعية في المجتمع هي التي تنظمها وتقررها ، وهذا يعكس الاختلافات في تقرير وتطبيق حقوق الإنسان من مجتمع لأخر وطبقا لطبيعة النظام السياسي القائم ، لحصول الفرد على حقوقه كاملة ، لا يتسنى ذلك إلا في ظل نظام ديمقراطي حقيقي ، والذي يضمن ويحدد وحدة هذه الحقوق ونطاقها.
الديمقراطية والدستور
لا يمكن أن يستقيم نظام ديمقراطي حقيقي بدون قوة تحميه في المجتمع ، وهذه القوة هي قوة القانون ، ويتمثل ذلك في أعلى وثيقة قانونية في أي مجتمع ألا وهو الدستور 0 تستهدف نصوص الدستور تنظيم السلطات الأساسية في الدولة ، وتحديد اختصاصات كل منها والتعريف بحقوق الأفراد و واجباتهم وحرياتهم العامة فضلا لاعن تعين الحدود والضوابط التي تحمي هذه الاختصاصات والسلطات والحقوق في إطار وأسس النظام السياسي والاجتماعي الصادرة في ظل الدستور " .
الدستور قد يكون مكتوب كما هو متبع في معظم دول العالم او غير مكتوب كما هو الحال في بريطانيا، استراليا وغيرها......
الغرض من وجود دستور
لابد أن يكون لأي نظام سياسي، مهما اختلفت طبيعته، له دستور أو قانون أساسي يحكمه لان وجود دستور يحقق غرضين أساسيين:-
1 -يعمل الدستور، على تحديد عمل الحكومة، ويصف هيكليتها وتركيبها .
2- ينظم الدستور الحقوق الأساسية للأفراد وعلاقتهم ببعض من ناحية، وعلاقتهم بالسلطات العامة بالدولة وأجهزتها من جهة أخرى
3- يعمل الدستور – في النظام الديمقراطية بالتحديد – على الحفاظ على النظام الديمقراطي السائد، لان الدستور يشكل القاعدة الأساسية الذي يحدد الأدوار، الأهداف والإنجازات النهائية التي تسعى الحكومة لتحقيقها، كما يحدد طبيعة الوسائل والإجراءات التي يجب إتباعها لتحقيق هذه الإنجازات .
من أين يستمد الدستور بنوده ؟
من مصادر عدة، سواء من واقع حياة المجتمع، تراثه وديانته والعرف وشكل النظام السياسي، من دساتير دول أخرى، من سوابق قضائية وأحكام ومجموعة قوانين وقرارات سابقة
فلسطينيا، لأول مرة تم إنشاء سلطة وطنية فلسطينية على ارض الوطن وجرت انتخابات عامة انتخب فيها الفلسطينيين نواب للمجلس التشريعي ورئيس السلطة الوطنية عام 1996 . اقر المجلس التشريعي مسودة القانون الأساسي المؤقت للمرحلة الانتقالية بقراءة الثالثة ويصبح ساري المفعول عند توقيع رئيس السلطة علية

مقومات ودعائم ومرتكزات الديمقراطية
مع أن علماء السياسة لا يتفقون على تحديد المكونات الأساسية للديمقراطية وطبيعتها ومعناها إلا أن هناك عشر ركائز رئيسية للمفهوم الديمقراطي لا خلاف عليها .
الركيزة الأولى :- الحرية: وهي فكرة هامة للنظرية الديمقراطية فهي تتعلق بتطلع الفرد والجماعة الى الحياة بحرية وقد منح الإسلام الحرية السياسيـة والفكرية لأبناء الأمة الإسلامية وكذلك حريـة الكلمـة والتعبير وقد نص القرآن الكريـم على ممارسة الإنسان للحريـة " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي " وكذلك " الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ".
أي أشار القرآن الكريم الى حرية الإنسان في اعتناق الأديان دون إكراه أو التزام باعتقاد معين في داخل الأرض الإسلامية .
"واصطلاح الحرية لفظ يتضمن العديد من الحريات المحددة : السياسية والمدنية والدينية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، وقد ناضل البشر للحصول على الحق في ممارسة الحرية الدينية ثم يتبع ذلك حرية التعبير والصحافة ثم الحرية السياسية أي حق الشعب في المشاركة في الحكم واتخاذ القرارات الخاصة بالسياسة العامة ثم جاء بعد ذلك حرية التعاقد وحرية النشاطات التجارية وفي الزمن المعاصر برزت مطالب لتحقيق الحرية من الحاجة والحرية من الخوف .
وانتقل التركيز في تعريف الحرية من المفهوم السلبي الذي كان سائداً بأن الحرية هي مجرد غياب تدخل الدولة إلى المفهوم الإيجابي هي إتاحة الفرصة أمام المواطنين للسعي من أجل تحقيق سعادتهم. وبالمحصلة النهائية لا يجد مؤيدي الديمقراطية أنها تحد من الحريات المدنية أو السياسية أو الاجتماعية بل على العكس فان الديمقراطية تطلق الحريات بجميع أشكالها وأنواعها وخاصة .
1- حرية الترشيح والتصويت دون ضغط أو إكراه أو إرشاد أو توجيه .
2-حرية القيام بالحملات الانتخابية .
3-حرية تأليف الأحزاب السياسية وتقديم المرشحين للانتخابات العامة .
4-حرية المعارضة السياسية في أن تقوم بالترويج لأفكارها السياسية وبرامجها الوطنية .
5- حرية المواطنين في إنشاء جماعات المصالح والمنظمات غير الحكومية .
6- حرية التعبير والإبداع والتأليف والنشر .
الركيزة الثانية : الكرامة الإنسانية : وتعني الكرامة الإنسانية حق المواطنة في التمتع بالحقوق الأساسية وان على الدولة أن تضمنها وهي حق الحياة وحق الحرية وحق الملكية وحق السعي لتحقيق السعادة .
وأن يشعر الفرد بان له أهمية في المجتمع والتركيز على اعتبار أن الإنسان هو محور وسبب الحياة " وتعتبر الديمقراطية نظام اجتماعي يؤكد قيمة الفرد وكرامته الشخصية وتعتبر الديمقراطية أن كل فرد فريد له شخصية وأهميته وكرامته ووجود وان كافة المؤسسات الاجتماعية هي قائمة من اجل خدمة الفرد ولتلبية احتياجات ويجعل حياته مريحة وسهلة وآمنة .
الركيزة الثالثة :- المساواة :- ويقصد بالمساواة هنا المساواة أمام القانون ، ولذلك أن القانون واحد بالنسبة للكافة ولا تمييز بين الأفراد أو الطبقات من حيث خضوعها للقانون وتشمل المساواة القانونية عدة حقوق وهي المساواة أمام القانون والمساواة أمام القضاء والمساواة في الوظائف والمساواة في الضرائب . ومن هذا تبين لنا أن جميع البشر ولدوا متساويين "كيف لا فقد ورد هذا في كتاب الله الحكيم في قوله "إنما المؤمنين اخوة " سورة الحجرات" الآية (10). وكذلك في قوله " إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتتعارفوا " إن أكرمكم عند الله اتقاكم " آية (13) وقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على أعجمي ولا ابيض على اسود إلا بالتقوى ومكارم الأخـلاق "وقول عمـر بن الخطـاب " متى استعبدتـم الناس وقد ولدتهم أمهاتهـم أحـراراً "
هذه هي المساواة المطلوبة للإنسانية بصفة عامة لكن هل المساواة الديمقراطية تسعى الى خلق نظام مطلق من المساواة يتساوى فيه كل فرد مع الآخرين في كافة المجالات ؟
الإجابة قطعا تكون بالنفي فلا بد وان تكون المساواة في مجالات محددة مثل ما تم ذكره في التعريف للمساواة أي المساواة أمام القانون والتصويت وإتاحة الفرص ويفسح ذلك المجال أمام الموهوبين لابراز قدراتهم ومواهبهم وكفاءاتهم فالمساواة لا تكون مساواة حينما يكون هناك تساوي بين فرد عادي وآخر لديه مواهب وكفاءات عالية من المهارة والدراية فالتساوي لا بد وان يكون بين شخصين من نفس الدرجة أو الكفاءة "
الركيزة الرابعة :- حكم الأكثرية : وهو من المبادئ الرئيسية للمفهوم الديمقراطي ويقتضي حكم الأكثرية كما يعبر عنه العالم السياسي الأمريكي روبرت داهل في كتابه تمهيد للنظرية الديمقراطية الصادرة . أنه لدى الاختيار بين البدائل المطروحة فأن الخيار المفضل هو ذلك الذي يحصل على تأييد الأكثرية وعلى جميع أفراد المجتمع أن يعبروا عن إرادتهم أما عن طريق الانتخابات أو الاستفتاءات أو غيرها ولا يعني حكم الأكثرية أن القرارات السياسية يجب أن تصدر على الدوام عن أكثرية إما بالانتخابات أو الاستفتاءات وفي كافة المجتمعات الديمقراطية يأخذ القرارات ويصنع السياسة العامة في المحصلة النهائية أفراد ولكن حكم الأكثرية يعني أن تأتى هذه القرارات والسياسات العامة معبرة عن رأي الأكثرية وإرادتها ورغبتها ومصالحها عندما لا تكون هذه الإرادة واضحة فأنه من الممكن إجراء استفتاءات عامة لتقريرها وليس بالضرورة أن تعبر المجالس النيابية عن حكم الشعب أن افضل وسيلة لإقرار المسائل الهامة للسياسة العامة هي طرح هذه المسائل على الشعب بأكمله أو لأكبر عدد ممكن من المواطنين وهذا يعني أن تكون الأكثرية هي صانعة القرار إما بشكل مباشر من المواطنين أنفسهم أو بشكل غير مباشر عن طريق ممثلهم وهذه الوسيلة لا تعني أن الأكثرية لا تخطئ وأن هذه الأكثرية تتضمن عامة الشعب ودون التركيز على الكفاءات .
الركيزة الخامسة :- ضمان حقوق للأقلية :- " يرى المفكرون السياسيون أنه لا يمكن أن يصبح ديمقراطيا دون أن تضمن الأكثرية الأقلية كافة حقوقها بما في ذلك في أن يصبح أكثرية ولا يعني حكم الأكثرية هدر حقوق الأقلية بل يفترض أن تحافظ الأكثرية على كافة الحقوق التي تضمن للأقلية حريتها في العمل من أجل أن تسعى لتصبح أقلية كما يفترض ألا تقوم الأكثرية بأي عمل من شأنه الأضرار بمصالح الأقلية أو حقوقها وعليها أن تضمن للأقلية حرية الكلام والتعبير وحرية المعارضة وحرية تقديم الشكاوي والمظالم للحكومة وهذه ضرورة أساسية لمغرفة رأي الأقلية في القرارات الصادرة عن الأكثرية.
لكن في المقابل يتوجب على الأقلية قبول القرارات الصادرة عن الأكثرية والالتزام بها .
الركيزة السادسة : توافر المعلومات :- " من الركائز الأساسية لأي نظام ديمقراطي أن تكون المعلومات متوافرة للجميع لمساعدتهم على اتخاذ الرأي السياسي الذي يجدون أنه الأفضل بالنسبة لهم لذلك يقتضي أن تكون وسائل الإعلام حرة وأن يسمح بالنقد والحوار المفتوح كما يتوجب ألا تتحكم جهة منفردة من الأحزاب السياسية بالمعلومات وتحتكرها أو تعمل على تشويهها أو تلفيقها أو اختلاقها من شأنه أن يجعل لها ميزة غير محقة على الفئات السياسية الأخرى .
أن الصدق والصراحة عند تبادل وجهات النظر والآراء والأفكار والمعلومات بين الحاكم والمحكوم من الضمانات الأساسية لنحو الديمقراطية وتطورها .
الركيزة السابعة : المشاركة السياسية :-أرسى الإسلام قاعدة وإطار للحفاظ على مصالح المسلمين ترتكز هذه القاعدة على مفهوم المشاركة بصنع القرار وجعل الإسلام الحكم شورى بين المسلمين بحيث يشترك الحاكم والمحكوم في مسئولية الحكم وقد أكد ذلك في قوله تعالى " وشاورهم في الأمر " ( سورة آل عمران / أية 105 ) وقوله " وأمرهم شـورى بينهـم " ( سورة الشـورى آية / 38 ) وقوله " لست عليهـم بمسيطـر " (سورة الغاشية آية 22) وقوله صلى الله عليه وسلم " ما ندم من استشـار "
ونظام الشورى في الإسلام يرفض الاستبداد والانفراد بالحكم انطلاقا من النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة .وكذلك يشارك المواطنين في المجتمع الديمقراطي في اختيار القيادات السياسية التي تعبر عن الأفكار والآراء التي يؤمنون بها ويكون لكل مواطن بالغ حق التصويت في الانتخابات وأولئك الذين لا يستخدمون هذا الحق يفسحون المجال أمام الآخرين لاختيار من يرغبون في تولي سدة الحكم ويتوجب أن تكون المشاركة السياسية في المجتمعات الديمقراطية شاملة وتمثيلية لكافة فئات المجتمع ودون أن نحرم آية فئة من حقها في التشريع والتصويت لأي سبب كان .
ويعرف دانيال كريمر المشاركة السياسية بأنها النظام السياسي الذي يلعب فيه المواطنون أدوار متزايد في تقري الأمور التي تؤثر في حياتهم
والمشاركة الديمقراطية لا تقتصر على المجال السياسي فحسب بل تمتد لتشمل المشاركة لكافة مجالات الحياة .
الركيزة الثامنة : التمثيل السياسي :- ويعني أن تقوم الأكثرية ممارسة الحكم عن طريق القلة الذين يتم اختيارهم نوابا يمثلون الأكثرية وذلك يرجع الى ازدياد حجم وتعقيد الأعمال التي تلقي على كاهل الدولة ويتم اختيار ممثلين عن الشعب يقومون بالمهام والأمور المعقدة وذلك عن طريق الانتخاب ويفسر المفكر ، الإنجليزي جون ستيوت ميل ( 1806 –1873 ) في كتابه الحكومة التمثيلية بقوله " إن كل الشعب أو قسماً كبيراً منه يمارس السلطة المهيمنة العليا عن طريق ممثلين ينتخبهم دورياً .
الركيزة التاسعة : فصل السلطات :-" من الركائز الرئيسية التي تقوم عليها الأنظمة الديمقراطية مبدأ فصل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية فالسلطة التشريعية ( البرلمان أو مجلس الأمة ) تسن القوانين والسلطة التنفيذية ( الوزارة- مجلس الوزراء ) تنفذ القانون والسلطة القضائية تطبق القانون وتمزج الأنظمة البرلمانية أعمال السلطـة التنفيذيـة مع السلطـة التشريعيـة وتفصل ما بين هاتين السلطتين والسلطة القضائية.. الخ " .
بينما يكون في الأنظمة الرئاسية فصل بين السلطات لأن الأصل في النظام الرئاسي أن تكون سلطة من رئيس الجمهورية والمجلس النيابي متساوية لأن كل منهما منتخبا من الشعب ون ثم يمارس كل منهما اختصاصاته بحرية ودون تدخل من أحدهما في شئون الآخرين .. الخ "
وهذا هو المنظور الشكلي لعملية فصل السلطات في النظام الرئاسي ولكن نجد على ارض الواقع عند التطبيق العملي أنه يناط في النظام الرئاسي للسلطة التشريعية عمل من أعمال السلطة التنفيذية وهو إعداد مشاريع القوانين وبدا عملية فإن مبدأ فصل السلطات هو في حد ذاته نظريتين في نظرية واحدة نظرية للجزئية ، السلطة داخل الحكومات ونظرية الإجراء انتخابات للقابضين على السلطة .



الركيزة العاشرة : المحاسبية الشفافية والمسائلة :-تتضمن مبادئ الديمقراطية ممارسة الشعب حقه في مراقبة تنفيذ القوانين بما يصون حقوقهم العامة وحرياتهم المدنية وتعني المحاسبية أن تكون الحكومة ذات قابلية للمحاسبين من قبل الشعب أو نواب الشعب والشفافية المسائلة من المبادئ الهامة لأي نظام ديمقراطي وتتضمن ثلاث جوانب هي .
1-محاسبة قانونية : أي أن يكون للمواطن الحق بالرجوع الى المحاكم في حال قيام الموظف العام بخرق القانون أو استغلال الوظيفة لتحقيق مكاسب شخصية .
2-محاسبة سياسية :- أي وجود برلمان يحاسب الحكومة على ما به من أعمال وتنفذ من سياسات ولذا يقتضي أن يكون هنالك استقلالية للقضاء بحكم الدستور ليتمكن من اتخاذ القرارات والأحكام القانونية دون أن يتعرض للضغوطات أو المراجعات وعلى السلطة التنفيذية أن تبرر أفعالها وسياساتها للمجلس التشريعي .
كما أن من حق المواطن ووسائل الإعلام من حضور الاجتماعات والجلسات البرلمانية والاستماع للمداولات والنقاشات والإطلاع على الوثائق والتقارير الرسمية التي يجدون أنها تمس بمصالحهم أو بحقوقهم .
3- محاسبة مالية :- أي أن تطلع السلطة التنفيذية أعضاء السلطة التشريعية على كافة مصاريفها وأوجه الصرف لضمان عدم التبذير والإسراف والفساد كما أن للمواطن الحق في الاطلاع على الميزانيات العامة للحكومة ومعرفة السياسات المالية والنقدية للدولة

وعلى ضوء ما سبق توضيحه فأن الركائز الأساسية للنظرية الديمقراطية هي عشرة على الأقل .
1-الحرية 2- الكرامة الإنسانية .
3-المساواة 4-حكم الأكثرية
5-ضمان حقوق للأقلية 6-توافر المعلومات .
7-المشاركة السياسية . 8-التمثيل السياسي .
9-فصل السلطات 10-المحاسبة والشفافية والمساواة .


معالم النظام الديمقراطي و فرضيات النظام الديمقراطي ، و ضمانات النظام الديمقراطي وغايات الديمقراطية .
* ويمكن لنا دراسة هذه المواضيع بشيء من التفصيل على النحو التالي .
أولاً :- معالم النظام الديمقراطي وتتمثل هذه المعالم في النقاط التالية .
1- صيانة الحريات العامة والمحافظة على حقوق الأفراد جميعا وتشمل حرية التعبير وحرية الاجتماع وحرية التنظيم .
2- تعدد القوى السياسية كالأحزاب وجماعات والمصالح إذ لا توجد ديمقراطية بدون أحزاب
3-وجود انتخابات حرة وحرية المنافسة السياسية والاقتصادية .
4-سيادة حكم القانون والاحتكام الى قواعد عامة مجردة بعيدة عن النزاعات الشخصية والعاطفية وأن تكون هناك وسائل سلمية لانتقال السلطة .
5- وجود معارضة سياسية منظمة تملك الحق في العمل السياسي والعمل على استلام السلطة بالطرق السليمة .
6-اتفاق عام حول الأساسيات بما فيها شكل المجتمع وطبيعة النظام السياسي ووجود قيم مشتركة شعبية في ممارسة السلطة بالمشاركة في الانتخابات والترشيح و المشاركة في رقابة صانعـي القـرارات ووجـود رأي عام واعي قـادر على توجيه السياسة العامة للدولـة
ثانياً : فرضيات الديمقراطية : بصفة عامة هنـاك ثـلاث فرضيات يتفق عليها الفلاسفة السياسيون كجوهر الغايات للحياة الديمقراطية .
• العقلانية :- الفرضية الأولى للنظرية الديمقراطية هي أن الإنسان كائن عقلاني قادر على حل مشكلاته وتحسين أحواله عن طريق استخدامه المنطق والعقل ويعتقد المفكرون الديمقراطيون أن هذا الحسن العقلاني موجود لدى الإنسان سواء كأن متعلما أو غير متعلم مؤهلا أو غير مؤهلا . ولكن أظهرت الأبحاث العلمية أن الإنسان في كثير من الأحيان لا يتصرف بعقلانية بل قد تدفعه العاطفة أو الانفعال ليقوم بأفعال غير عقلانية لا تكون في كثير من الأحيان من صالحه .
• وعلى الرغم من ذلك فأن دعاة الديمقراطية يتمسكون بفكرة أن الإنسان كائن عاقل وأن القرارات الديمقراطية صادرة عن أفراد عاملين وناضجين ولديهم القدرة على تحمل المسئولية
• أي أن الإنسان بما يتميز به من قدرة عقلية يستطيع أن ينظم ويرتب أموره وأن يحل مشكلاته بطريقة رشيدة .
• الأخلاقية :- وتقول هذه الفرضية بأن الإنسان كائن أخلاقي وهو بطبيعته فاضل ويأخذ بعين الاعتبار حقوق الآخرين وقادر على أن يوازي مطالب المجتمع مع رغباته الأنانية والخصوصية وهذه قيمة أساسية يحتاجها المجتمع حتى يمكن للديمقراطية أن توجد وتتحقق بنجاح .
• التطور السلمي :- وهو الاعتقاد بوجود توجه ثابت في الشئون الإنسانية نحو الكمالية وهذا الإيمان بالتقدم والوصول الى الكمالية من الفرضيات الهامة للديمقراطية.
هي بالأساس نظرة سياسية متفائلة . بمعنى أن الإنسان العقلاني والأخلاقي يتوقع منه العمل على تطبيق هذه المزايا لتحسين أحواله وأوضاع مؤسساته ويستدعي ذلك أن لا يكون التغيير الاجتماعي بالعنف ولكن على العكس فكلما اصبح الإنسان أكثر عقلانية فأنه يستطيع أن يتغير ويواجه العناصر التكنولوجية والعقائدية في التغير الاجتماعي ليصوغ نوع المجتمع والحكم الذي يرغب فيه وتتسم هذه السيطرة والتوجيه حسب سياسات وضعت بصورة ديمقراطية من خلال المحاورات الحرة والعقلانية .
لذا يرى أصحاب النظرية الديمقراطية أن المكاسب التطويرية التي تحققها الديمقراطية على مر الزمان تفوق في ميزان التاريخ على أية مكاسب تأتى عن طريق العنف والثورات التي تؤدي في كثير من الأحيان الى المزيد من العنف والثورات المضادة
• ثالثاً :- ضمانات النظام الديمقراطي وغاياته :-
لنتعرف أولاً ما هي الضمانات التي يوفرها النظام الديمقراطي ومن ثم التعرف على غايات النظام الديمقراطي .
• ما هي ضمانات النظام الديمقراطي ؟
1- عن طريق الالتزام بمبدأ الانتخاب أو الاقتراع العام النزيه حيث يتمكن الناخبون من اختبار ممثلهم بحرية من بين المرشحين المتنافسين .
2-وجود حكم المؤسسات والاعتماد على المؤسسات في صنع القرارات والابتعاد عن الشخصانية .
3- وجود قوى وجماعات سياسية منظمة مثل الأحزاب وجماعات المصالح والمنظمات المهنية .
4-التنوع والتوزيع الوظيفي للسلطة وذلك لمنع تركز السلطة بيد شخص أو فئة لئلا يساء استخدامها وهذا يتم من خلال فصل السلطات وتوزيعها على ثلاث مؤسسات متباينة التركيب والتنظيم ومتميزة في وظائفها .
5-استقلالية القضاء والذي يحقق مبدأ الرقابة على دستورية القوانين حيث لا يسمح لأنها مؤسسة مخالفة قواعد الدستور .
6-الحياد السياسي للجيش وعدم تدخل الجيش في الحياة السياسية وحصرها في الحفاظ على الأمن .
7-وجود ضوابط لشاغلي الوظائف العامة تقوم على تقدير الكفاءة والخبرة .
8-وجود طبقة وسطى كبيرة ، وعدالة في توزيع الدخل .
9-حماية حقوق للأقلية وأن يسمح للأقلية بالمشاركة السياسية مع فسح المجال لأن تصبح أغلبية .
10- الاستقرار السياسي والشعور بالأمن مما يدفع الى المشاركة وتحقيق الديمقراطية .
11-وجود بيئة عامة ومناسبة فالنظام الديمقراطي لا ينشا في فراغ بل هو دائما جزء من بيئة يعمل في ظلها يؤثر فيها ويتأثر بها وهذه البيئة قد تكون مادية أو غير مادية وتشمل البيئة الجغرافية والطبيعية والميراث التاريخي والعوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السياسية فكل هذه العوامل مجتمعة تساهم في بلورة النظام الديمقراطي .
• ما هي غايات النظام الديمقراطي ؟
يرى بعض المفكرون السياسيون أن الغاية العظمى والهدف الأسمى للديمقراطية هي تقدم البشرية وترى النظرية الديمقراطية أن الدولة ليست غاية في جد ذاتها بل هي وسيلة تمكن الفرد من الاستفادة من إمكانياته وقدراته . وعلى الفرد في المجتمع الديمقراطي أن يتعاون لتامين الحياة الفضلى وله وللآخرين ولا يمكن للديمقراطية في سعيها لتحقيق أهدافها إلا أن تستخـدم وسائل ديمقراطيـة فالغايـات الديمقراطية لا يمكن فصلها عن وسائل الديمقراطيـة
والغاية الرئيسية الثانية للديمقراطية هي ضمان الحياة الحرة الآمنة للفرد وتهدف الديمقراطية الى إفساح المجال أمام المواطن ليعيش ضمن الحد الأدنى من التدخل الخارجي في حياته فهو حر في أن ينتخب من يرغب لتمثيله . كما وانه حر في اختيار في نوعيـة الحيـاة والتي يرغب فيها وحـر في اختيار مهمته وغير ذلك من الشئون الخاصة به .



#خولة_جبار_محمد_الجنابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - خولة جبار محمد الجنابي - الديمقراطية كمفهوم عن الحرية والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات والحياة الاجتماعية