أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين جرود - رياح الشمال.. ما المقصود بالقارئ؟














المزيد.....

رياح الشمال.. ما المقصود بالقارئ؟


حسين جرود

الحوار المتمدن-العدد: 7805 - 2023 / 11 / 24 - 20:35
المحور: الادب والفن
    


لأن جهة الشمال ليست واحدة، كانت قصيدة النثر، لأن الشمس لها ملايين المعاني، لأن بعضنا لم يمنح دقيقة من وقته للقمر، فهو يرى العالم من وجهة نظر مختلفة، ولا يعني ذلك أن نطالب بإعدامه، بل قد يكون امتلك نتيجة ذلك رؤية مختلفة للعالم.
الرؤية الشخصية، التي يمتلكها الشخص الواحد بسبب البيئة أو الجينات أو العاهات الخلقية... هي خزَّان ثري للشخصيات الروائية، وكذلك لكاتب قصيدة النثر، الذي يمثِّل دور الشخصية والمؤلِّف في الوقت نفسه، والكاتب والقارئ معًا، كي لا نقول "المدمِّر والخالق" الكلمات التي غدت مبتذلة مع جيل الحداثة.
لغة الرياضيات والعلم التي تحكم العالم قاصرة، وكل تفسيرات هذا العالم كذلك، لذا لا يكترث الشاعر بالمشترك والمتفَّق عليه، بل له رياضيات خاصة به، أي أن لكل فرد قوانينه الخاصة التي يعرفها جيدًا، بينما ليس للعالم مهما حاولنا قوانين متفَّق عليها مئة بالمئة حتى 1+1=2.
لا يعرف الشخص قوانينه بمعنى المعرفة، ولكنه يحسُّ بها ويحاول التعبير عنها مبتكرًا لغة خاصة، ويقوم بذلك مرَّات ومرَّات، وقد يفشل وقد ينجح، ولا يمكن بأي حال التنازل عن تلك اللغة التي تناديه، والقصيدة التي تطالبه بكتابتها في كل موقف وجودي مر به، رغم أنه دومًا يكتب غيرها، محاولًا مقاربتها، ويستمر في التعبير والفشل.
اللغة كلها، وحتى الفكر والمنطق... خُلقتْ لأهداف أدنى من ذلك بكثير، ولكنها في النهاية إبرة بوصلة تشير نحو الشمال.
مهما كانت النظريات الثقافية التي ننطلق منها لا يمكن التنازل عن القرَّاء وشطبهم وإلا ألغينا التواصل والفاعلية والإيحاء وأي هدف يمكن أن نبتغيه من الكتابة.
القارئ الأول هو الكاتب، والكاتب ليس قارئًا واحدًا، بل أمزجة مختلفة وشخصيات مختلفة في الوقت نفسه، وأشخاص مختلفين في أزمنة متباعدة. وبعده قد تؤثر فينا آراء القرَّاء الآخرين، سواءً أكانت سلبية أم إيجابية، سلبًا أو إيجابًا، ولكنها تبقى غير مهمة على المستوى الرؤيوي الشخصي، وربما مهمة فقط على المستوى العلمي ولغة الأرقام ونظريات التواصل والتلقي...
ينصحنا عزرا باوند -مثلًا- أن لا نكترث لرأي من لم يكتب نصًا مهمًا، لذا تبدو قصيدة النثر في كل فترة جزرًا مغلقة في أماكن شتَّى، وقد كتبتُ مرة: "يظن كُتاب قصيدة النثر أنهم جيدون، لأنهم يقولون ذلك لبعضهم"، أو كما يقول المثل: "من دهنه سقي له".
هذه حياة الغرباء ومأساتهم، باختصار. ويستطيعون أن يقولوا ببساطة إن من يصفِّق لهم الملايين غير مبدعين، ولا يمتلكون أي شيء يستحق، وأن كاتب شعر الشطرين التقليدي لا يزيد عن مطرب شعبي أو محترف في فن العتابا، مع شهادة في اللغة العربية، أو "تحويجة" أخرى...
مع أن الإبداع هو بمعناه البسيط إيجاد حل أو خلق (أعود مُكرهًا إلى تلك الكلمة الكريهة)، وعندما نبدع في اللغة يعني هذا إيجاد وسائل تواصل أذكى وأجدى وأعمق وأبعد غورًا من المتوفِّر والشائع، لا تقليد المتوفِّر والشائع، فهذا يستطيع فعله أيُّ طبال.
إذن، بينما يوجد عالم نراه جميعًا، ونحاول جميعًا أن نتفق عليه لنعيش بسلام، يوجد عالم آخر من الطبيعي أن نختلف حوله، وإلا لكنا جميعنا متشابهين، ونسخًا متكررة في مصفوفة كما في الفيلم الأمريكي الشهير...
ولكننا موزَّعون على أزمنة وأمكنة وشخصيات كثيرة حتى داخل الواحد منا، وموزَّعون عبر الدول والقارات والعصور، وربما قريبًا: الكواكب. ربما لم يعد يوجد ما يجمع بين الأفراد، لا وطن، لا إيديولوجيا، لا شغف، واللغة تلك الأداة النفعية المبتذلة الحقيرة التافهة، التي نحاول أن نحوِّلها إلى فن أو شيء أكثر دفئًا وعزاءً، قد لا تكون في المستقبل أكثر من استمناء ديوجين في برميله، أو نيتشه في بيته، أو بوكوفسكي في غرفته المستأجرة.
القصيدة ليست أكثر من لحظة اختراق لكل هذا الوهم الكبير، فنحن نموت في كل لحظة، وأحيانًا يتطفَّل أحدنا على هذا الأمر الشائع جدًا، ويكتب قصيدة كما فعل ديوجين ونيتشه وعزرا باوند وبوكوفسكي.



#حسين_جرود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة المرايا.. في زمن الهوامش
- جنود البحر.. مجموعة جديدة للشاعر حسين جرود
- بيوت تشبه الألعاب.. مقطع من رواية نجم وسارة
- الوجهان - حسين جرود


المزيد.....




- -المتحري- وخفايا تجارة المخدرات في سوريا.. آل الأسد على رأس ...
- رفض المبعوث الأفغاني الوقوف أثناء عزف النشيد الإيراني بسبب ا ...
- 5 أفلام عربية تخوض سباق الأوسكار لأفضل فيلم دولي
- أحمد مزيد البوني.. الرجل الذي رَقْمنَ المحظرة الشنقيطية
- تقنية الرنين المغناطيسي تكشف كيف نفضل الأفلام على نتفليكس
- نجمة السينما الإيطالية صوفيا لورين الحائزة على جائزتي أوسكار ...
- روسيا.. إطلاق مشروع -أصوات المستقبل- المسرحي
- صحفيون عرب يشاركون في ورشة عمل نظمتها RT (صور)
- -أخشى الموت-.. فنان مصري مشهور يستغيث
- يقدم تجربة تفاعلية مختلفة.. افتتاح معرض -يفغيني أونيغين- في ...


المزيد.....

- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين جرود - رياح الشمال.. ما المقصود بالقارئ؟