حرب على غزة ام هي رسم جديد لشرق اوسط جديد ؟

زهرة بن عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 7772 - 2023 / 10 / 22 - 18:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لم تكشف هذه الحرب بعد عن خباياها ، أسبابها وأهدافها غير التي أعلنت للجميع وتناولتها الأوساط السياسية والإعلامية بالدرس والتمحيص.. فماهي اسبابها المعلنة والخفية وماهي اهدافها؟
1_الاسباب المعلنة :
لئن استفاق العالم ذات 7 اكتوبر على صدمة كبرى رجّته ووقف البعض مشدوها غير مصدق ، أولا للاحترافية العالية التي أظهرتها المقا.و.مة الف.لسطي.نية في التخطيط والتنفيذ وثانيا لما حققته على أرض الواقع من انتصار كبير كانت محصلته من جهة اولى تحرير أرض استوطنها الإس.را.ئي.ليون منذ زمن، ويبدو انها لا زالت خالية الى اليوم من سكانها، فقد هرب الالاف من المستوطنين منها ، وقد خالَ الجميع أنها محصنة ولا أحد قادر على التسرب إليها مهما كانت قوته، و من جهة اخرى أوقعت أعدادا كبيرة من القتلى والأسرى في صفوفهم لتنجح في فرض معادلة جديدة وتوازن جديد ، وبذلك أسقطت المقاومة صورتين: هالة القبة الحديدية أحدث ما أنتج العقل الغربي ،وصورة الجيش الذي لا يقهر، بأدواتها المحلية الصنع ، وتلك لعمري صفعة سيعاني منها المجتمع الإس/رائي/لي ومن استتباعاتها لمدة طويلة يصعب ترميمها..
هذه العملية تتنزل ضمن سيرورة كفاح لشعب تحت الاحتلال منذ 1948 تاريخ قيام دولة "الابارتايد" بعد مجازر ارتكبت في حق الفلسطينيين واقتلتعهم من أراضيهم في تغريبة اولى بمباركة من بريطانيا التي أعدت سيناريوهاتها وأحكمت إخراجها بأيدي عصابات الهاڨانا.. طوفان الأقصى كانت هجرة عكسية وعودة قادها الفلسطيني إلى أراضيه التي هُجّر منها وهو بذلك يعد إنذارا للمحتل أن الأسرى بالسجون هدفا وتحرير الأرض غاية..
ورغم ما أثير من لغط عن أنها عملية استباقية لإفشال مخطط معدّ مسبقا من قبل الغرب وعلى رأسهم أمريكا ، فإن ما يحسب للمقا.ومة هي عملية خلط الأوراق التي فاجأتهم بها، والبرهنة أنها رقم صعب في معادلة كبرى أطرافها عديدة ، هي رسالة لرفض التهجير وترحيلهم إلى سيناء المصرية ،التي لم يخفه الاسرائيلي ولا الامريكي كهدف للقضاء نهائيا على القضية الفلسطينية وإفراغ غزة والضفة ربما في مرحلة أخرى ، وبالتالي تمدد الكيان والتوسع بشكل كامل على اراضي فلسطين التاريخية..لذلك نفهم ما تفعله اس/ را/ ئيل من قصف مكثف على غزة للبشر والحجر والشجر ،للمباني والمستشفيات وهدفها القتل ثم القتل ، مخلفة مئات الش.ه.داء والاف الجرحى ومن لم يقتل يرحل ويفرّ ..
2_الأسباب غير المعلنة
ما إن اشتعلت الساحة الفلسطينية عقب عملية طوفان الأقصى حتى تداعت بقية أعضاء الجسم الاستعماري ، صراخا وتنديدا ووعيدا واتهامات ، نُظمت عشرات الرحلات الجوية تحمل المساعدات العسكرية وغيرها الى داخل الكيان، هرع المسؤولون لشد ازر قادة الكيان المهزومين ، حتى تعزز صمودهم أمام ضربات المقا.ومة الصاروخية والمد التضامني الذي شهده الشارع العربي والغربي، وسدّا أمام انهيار المجتمع الاس/ را/ ئيلي وتفتته ، ودعما للقيادة السياسية والعسكرية للكيان امام هجومات المقا.ومة، واتهامات جمهوره بالفشل الاستخباراتي والعسكري، حتى أن البعض اتهم نتنياهو بأنه هو من سيكون السبب في القضاء على الدولة ...
سارعت أمريكا بتحريك بوارجها قبالة سواحل فلسطين التي أثارت تساؤلات عدة لعل اهمها: هل لمساحة صغيرة وقدرات محدودة مثل غزة تُحرِّك اكبر قوة في المعسكر الغربي اسطولها ؟ ام وراء الأكمة ما وراءها؟ هل المقصود إيران في هذه اللعبة ام مصر ؟ ام تغيير طريق الحرير واستبداله بطريق اخر يبدأ من الهند وينتهي عند اس/را/ئيل ويمرّ من غزة بعد تهجير سكانها؟ وبالتالي التصدي لتوسع الصين وتحجيم امتدادات روسيا ؟ او لعل كل العصافير بحجر واحد..
حين العودة قليلا للوراء ، سنجد انفسنا امام" تاريخ يعيد نفسه ولكن بشكل اكثر ماساوية"، لم تختلف ايامنا هذه عن بداية القرن العشرين حين عقدت اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة ، بين فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية سنة 1916 ، بقيت سرية الى ان كشفتها روسيا الشيوعية بعد ثورتها وانسحبت منها..تقاسم المستعمرون الهلال الخصيب على انقاض تفكك الرجل المريض" الدولة العثمانية "وقضوا على احلام العرب في إنشاء دول مستقلة ، ثم زادوا الطين بلة بمنحهم وعد بلفور لليهود سنة 1917، ليتغلغلوا في جسد العرب كوباء يمنع تطورهم وتحولهم الى شعوب متحررة..
في الاثناء كانت فرنسا تحكم سيطرتها على مواطن نفوذ العثمانيين في إفريقيا وقد بدات ذلك منذ منتصف القرن 17 لتستغل ثرواتها ، عززت تواجدها باحتلال الجزاير سنة 1830، لتمتص خيراتها وتفقر شعوب القارة السمراء....
ومع حركات التحرر لهذه الشعوب وفكاكها من سيطرتها، ومع تصاعد قوة روسيا والصين في المقابل، ادرك العالم الغربي الاستعماري بخطورة تقلص نفوذه وتهديد مصالحه على مختلف الساحات الدولية وان نجومه في أفول ، يسارع الان الى رسم خريطة جديدة واتفاقات جديدة بقوة الحديد والنار والدم ، في اوكرانيا وفي فلسطين..

مع هذه السلسلة الجهنمية من الاحداث المتلاحقة ، ومع هذا العالم المتأهب وكأنه يقف على شفا حفرة من الهلاك،
هل تغير غزة هذه الخريطة وتبعثر خطوطها؟

#زهرة_بن_عبدالله (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات