أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاجر أوحسين - الشمس السوداء














المزيد.....

الشمس السوداء


هاجر أوحسين

الحوار المتمدن-العدد: 7768 - 2023 / 10 / 18 - 18:32
المحور: الادب والفن
    


تلك الفتاة الطويلة السمراء نظرت نظرة خاطفة و رحلت في حال سبيلها.
تلك المجموعة توقفت إلى جانبها و التقطت بعض الصور و رحلت.
ذلك الرجل الضخم، ذو القبعة الحمراء، مر ولم يتكبد حتى عناء النظر.
هنالك فتاة قادمة، وقع كعبها العالي يقترب، عطرها الزكي يتخلل في ثنايا الإطار.. توقفت لبرهة تدقق في التفاصيل، بما تتضمنه من أفراح و أحزان.. من تماه و تناقضات.. لقطات عشوائية.. متفرقة.. مشوشة.. دون أية روابط جلية..
سيل من الزوار في معرض اللوحات، إنه أهم عرض في السنة على الإطلاق.
فتح الباب الرئيسي، هاهو ذا يدلف بشموخ و فخر.. تقدم..
هناك يقف الجمهور في حلقة يصفقون و يهتفون. عم الصمت، تقدم على مضض إلى المنصة الرئيسية واثقا منتصبا، ألقى خطابه المنمق، تحدث عن فنه، عن معاناته، عن أحالمه. بكى و انتحب. قال أن الفن دواءه و الريشة رفيقة دربه. صفقوا له بحرارة و تأثر.
" تم اليوم الكشف عن هوية الفنان الغامض المجهول صاحب لوحة: الشمس السوداء، في معرض المدينة.. و قد ظهر الفنان الغامض بعدما نشر لوحته الشهيرة و لوحات أخرى تحت اسم..."
ضرب بقبضته الطاولة، انسكب كأس قهوته على ورقة بيضاء كان يخط فيها شتات أفكاره.. أطفأ التلفاز و صرخ: " ماذا؟ كيف حدث هذا؟؟؟؟"
صاح غضبا في وجه التلفاز، انتفض واقفا و بدأ يلف و يدور و يتمتم في تلك العلية.
لوحات مركونة في الزوايا، مجموعة خناجر والده القديمة في الرفوف، أكوام من الأوراق هنا وهناك.
فوضى عارمة تعم المكان، و صرخاته تعلو وسطها شيئا فشيئا.. يدور في حلقة مغلقة : " لا! لوحاتي! إنها لوحاتي أنا.. لوحاتي أنا.. من هذا الذي تجرأ على هذا الفعل الشنيع.. ؟ من هذا الذي سرق صغاري..؟ "
اعتكف في تلك العلية منذ حوالي 5 سنوات.. منذ أن فر هاربا من مدينته.. من ضغط حياته القديمة.. و منذ ذلك الحين لم يعرف شخصا و لم يحضر مناسبة قط. رافق الفن و رافقه الفن.. ساندا بعضهما البعض، بكيا معا، ضحكا معا، اندهشا معا..
حمل جهاز التحكم، شغل التلفاز من جديد.
"إنها الليلة الحدث ! سيكون معنا الفنان شادي على خشبة المسرح الكبير مساء اليوم ليقدم لنا أشهر لوحاته، و يحكي لنا عن سر الشمس السوداء..."
صرخ: "شادي؟ من شادي؟ إنه علي! شمسي السوداء أين أنت؟ أين؟"
أسرع باحثا عن اللوحة: "آه ها أنت هنا يا عزيزتي! "
حملها و أخفاها تحت السرير: " نعم! أنت لي.. ستكونين بأمان هنا! "
"طق.. طق.. طق.. " سمع علي صوت طرقات بابه لأول مرة. فلم يزره أحد من قبل أبدا. في حركات ثقيلة مترددة، توجه نحو الباب و أدار المقبض: " هذا أنت! كيف و ما الذي تفعله هنا..؟ "
"نعم هذا أنا.. أقتفي أثرك منذ أعوام.. منذ عرضك لأولى لوحاتك. ممم المهم، لدي عرض مغر لك.. سأقدم لك مبلغا يكفيك طوال حياتك.. أعطني فقط لوحة الشمس السوداء الأصلية لأقدمها اليوم على المسرح.. من يعلم قد نشتغل سويا من اليوم فصاعدا.. و أعدك، لن تندم ما
حييت.. "
"إنها شمسي أنا.. إنه سوادي أنا.. لن أسمح بهذا أبدا.. يا لهاته الوقاحة.."
أسرع إلى الرف، حمل خنجرا و غرزه في قلب الرجل فأرداه طريحا.. و قال : "إنها شمسي أنا.. شمسي أنا.. إنها مصدر نوري الوحيد.. لن يبعدها أحد عني.."
تركه جثة هامدة وهرول مسرعا يجري في شوارع المدينة، يجري و يصرخ: " لن يأخذك مني أحد، أنت نوري و ظلمتي أنا.."
ركض و ركض.. إلى أن وجد نفسه في المسرح الكبير، توجه إلى الخشبة و صعد تحت دهشة الحاضرين. هتف البعض: "من هذا المجنون؟"، "من هذا؟"، "هيا أبعدوه من هنا قبل قدوم السيد شادي.." ، "ما الذي يجري؟؟".
نزل من المسرح و طاف يحيي الجمهور و يسألهم الواحد تلو الآخر:
"من أنا؟"
"من أكون؟؟"
"أنا؟؟"
"أنا صاحب النور.. "
"نعم.. نعم.. "
"لا.. لا... "
"أنا صاحب السواد.. "






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاجر أوحسين - الشمس السوداء