أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام البرّام - رولا خالد غانم في نبضاتها المحرّمة..معزوفة ذاكرة فلسطينيّة.















المزيد.....

رولا خالد غانم في نبضاتها المحرّمة..معزوفة ذاكرة فلسطينيّة.


عصام البرّام

الحوار المتمدن-العدد: 7753 - 2023 / 10 / 3 - 16:45
المحور: الادب والفن
    


شكلت الرواية الفلسطينية تاريخاً إبداعياً منذ مطلع العشرينات من القرن الماضي، وإذا أردنا أن تتناول حثياتيها وتفاصيل أبرز من ظهر على المشهد الثقافي الإبداعي فيها، لابد أن تشير إلى روادها الذين أعطوا للقصة والرواية وجودها في صميم الحدث، وتناولها للزمان والمكان
وتأثيرهما على النص الإبداعي، وبالتالي على البعد السردي للفعل الروائي.

لقد كان المبدع الفلسطيني شاعراً، روائياً، قاصاً فناناً أو إعلامياً وكل ما يدور في فلك الإبداع الإنساني، يسعى إلى حمل قضيته ذلك إن سلاح الأدب والفن هو المعادل الحمل السلاح في مواجهة الاحتلال وكل أشكال الغطرسة والسياسات العدوانية المغتصبة.
وهذا ينبغي لنا أن نشير إلى الأوائل من الشخصيات التي ساهمت في تاريخ القصة والرواية الفلسطينية مطلع القرن العشرين أمثال؛ خليل بيدس أحمد شاكر الكرمي الذي أسس مجلة الميزان، وجميل البحيري الذي أسس مجلة الزهرة، ثم جاءت كوكبة من الروائيين مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية أو لنقل مرحلة ما بعد النكبة 1948 أمثال غسان كنفاني، والذي اعتبره الكثير من النقاد العرب في روايته ( ما تبقى لكم ) يشكل القمة في الرواية الفلسطينية خلال تلك المرحلة، وان اختلف البعض منهم عليه، كذلك الروائي إميل حبيبي في روايته ( لكع بن لكع) ولا ننسى القاص والروائي والشاعر والمترجم الكبير جبرا إبراهيم جبرا الذي عاش في العراق سنوات
طوال وأشهر ما كتب روايته ( البحث عن وليد مسعود ، السفينة ، صيادون في شارع ضيق )



والكثير من المقالات الأدبية فضلا عن ترجمته لروائع مسرحيات الكاتب الانكليزي وليم شكسبير
ولا تسمى الروائية سحر خليفة والروائي ناصر النشاشيبي، والكثير من المبدعين.

إن الأدب والفن وسيلتان استطاع المبدع الفلسطيني أن يوظفهما بطريقة فنية ذات بعد دراماتيكي داخل البناء الفني لإبداعه للقضية الفلسطينية، فهو ينقلها لنا شعراً أو سرداً ، يحاكي الواقع المباشر تارة، وتورية تارة أخرى، هذا يعني انه يعرف كيف يوظف أدواته الفنية، وكيف يصيغ الجملة التعبيرية داخل ثيمة الرواية أو القصة، فهو لا يغوص أو ينغمس في السرد بطريقة غير محكمة مترهلة، إنما هو صاحب قضية وأرض وإنسان هو دائم الحركة في البحث عن مفاهيم ترتقي إلى النموذج الحي للانتصار القضيته المصيرية.

إن المتتبع للأدب الإبداعي الفلسطيني، يجد أن الأديب يضع في وجدانه نزعة ترتبط بالأرض والإنسان والحرية والتحرر، والذي يقرأ كل ما كتبه المبدعون الفلسطينون أو لنقل على الأغلب منهم، هو انتماء وحب وهدف، وإذا كنا أدركنا في وقت ليس بالقريب أن في المرحلة اللاحقة من بعد الأجيال السابقة من الكتاب والأدباء الفلسطينيين، ظهور جيل جديد من الشباب في مرحلة العقد السبعيني أو الثمانيني والتسعيني حتى دخولنا الألفية الثالثة جيل قادر على التعامل مع الأحداث بنفس يمتزج فيه الإدراك العالي لمسؤوليته في الإبداع والكتابة، وعليه.. فأن الأدب الفلسطيني اليوم يشكل انعطافة وإضافة نوعية بظهور من هم يضعون أحلامهم ورؤاهم الفنية بصياغتها وفق منظور وقيم تتفاعل مع الأحداث التاريخية، والشروع للسباق مع الزمن من أجل الارتقاء بروح الأدب الوضاء الهادف والحامل لمشعل الحرية وبناء الإنسان الجديد، الذي يعيشه اليوم في خضم الصراعات الوجودية والاغتصاب الفكري والمعنوي والتهجير والقتل والدمار تحت مسميات بعيدة عن قيم الإنسان وحقوقه التي يدعى بها الغرب والصهيونية العالمية.

ومن هؤلاء الجيل الكاتبة الروائية د. رولا خالد غانم التي حملت الينا روايتها ( نبضات محرمة) في بعدها الإنساني المعذب بين العاطفة المسلوبة والهم اليومي في الحياة والصراع الاجتماعي
داخل مجتمعنا العربي الذي يتمثل ذلك في داخل أسرة راضية أو الجدة راضية ، تلك الإنسانة التي تطالعنا بها الكاتبة منذ الوهلة الأولى من روايتها بجمل شعرية عالية، وهي تخاطب الوجدان الإنساني، وكيف تسرد حكايتها إلى أحفادها عن تاريخ زواجها من جدهم أسامة والبؤس الذي قضته معه طوال حياتها حتى مماته كونه ارتبط بقصة حب مع فتاة أخرى (أمينة) التي ظلت تعيش في وجدانه ،وعواطفه فكانت زوجته راضية تندب حظها العاثر دوماً فضلا عن سوه علاقتها مع ام زوجها ( الحاجة وهيبة ) هي الأخرى.

إن رواية نبضات محرمة، تتفاعل مع الواقع، وكما أشارت الكاتبة فيها الواقعي وفيها الخيال الذي أضافته إبداعيا، وهذا يقودنا إلى أسلوب الواقعية التي شرع فيها الكثير من أدباءنا الشباب في مطلع حياتهم، عندما يتفاعل إحساسه مع إرهاصات الحركة الدورانية للحياة وانعكاساتها عليه، وبالتالي فهو يسعى لأن يكتب إلى ما يعبر عن مكنوناته الذاتية، أو نبضاته الاسقاطية في السرد داخل البناء الروائي

فالشخصيات داخل النص متعددة تتقاطع أفقياً في حوار بشكل تداولي، أي يحتاج القاريء أن يسترسل مع شخصياتها، ليس هذا يعني أن الكاتبة تحاول أن تعطى الجزء اليسير من تفاصيل الإحداث، بل العكس هي تعطي لكل شخصية مساحتها، ولكن يظل الارتكاز على أبطال الرواية راضية وزوجها أسامة وحبيبته أمينة، فضلا عن الآخرين أبنائها عبد القادر وكمال ورشيد وأختهم البكر الأولى سهير الذي يستشهد زوجها في الانتفاضة وهي حامل بالأشهر الأخيرة.. وبذلك تقحمنا الكاتبة بروح الحدث أي النضال الفلسطيني ضد العدوان الاسرائلي، وهو أسلوب فني راق استطاعت بتوزيع هارموني في أعطاء الدور النضال والمواجهة مع العدو في قمة عقدة الرواية، وهو الأسلوب الذي يتميز به الكاتب في توزيع الشخصيات داخل بناء النص والإمساك بالخيط والتسلسل به دون هروبه أو ضياعه من التسلسل، إضافة إلى التصاعد الدراماتيكي للحدث الروائي، وهذا ما يميز الروائيين المحترفين

والحال فالكتابة تعرف أيضا كيف وظفت لنا الحرب العراقية الإيرانية، وظروفها الأخرى ، فهي نتقل بدقة وبإيقاع متناغم في الحوار، مما تأخذ بالقارئ فتجعله يعيش الحدث الواقعي، وهي حالة الرواية التي عاشها ربما معظمنا خلال حياتنا على مر السنين.
يبدو أن رولا خالد غانم ، تمتلك ذلك الحس الشعري بكتابة النص النثري، فمن خلال تبادل الرسائل بين أسامة وأمينة التي أحبها تلبسنا الكاتبة رسائل عشق متبادلة، مما تعزز هذه التخفيف في الاسترسال بالحوارات الداخلية، وبالتالي أعطاء بعداً فنياً يتماهى بين السرد وشعرية السرد. فالرواية ترتكز على حوارات وسيناريو يصلح بلا تكلفة لإخراجها بعمل درامي تلفازي أو سينمائي لو تمكن منها مخرج محترف. فالتراجيدية التي عاشتها راضية وأسامة من جهة وأسامة وأمينة من جهة أخرى، يذكرنا بالأعمال الدرامية التي عشناها وهي حالة إنسانية وضحية الواقع الاجتماعي العربي الذي ارتبط بالذاكرة الجمعية للقاريء أو المتلقي.

أن الرواية العربية لازالت بخير رغم ما تئن فيها اللوعة الاجتماعية ، وما تحمل من تصاد كما هو الحال في الصراع الأسري بين الحب والكراهية والقبول والرفض والتضحية والنكران والفوراق الاجتماعية ...الخ. وهنا تسعى رولا خالد إلى الأخذ بأيدينا في دهاليز الواقع لأسرة فلسطينية عبر سردية تطرحها الحاجة راضية لأحفادها، وهي تمنحهم من خلالها نقل تجربتها الشخصية إلى الأجيال اللاحقة، لتقول لهم اللا نكرر ما كنا عليه في السابق بل الحب والحياة والتفاهم والرضا والإيثار هم عناوين الحياة وبناء السعادة الحقة، ويكاد ذلك هو واقع إنعكاس الأسرة العربية تقريبا. العوامل البيئة والتربية والموروث التي تعيشها وبكل تفاصيلها الأخرى.

إن الرواية الفلسطينية لها خصوصيتها الإبداعية، فهي تحمل الهم الإنساني، وإذا كانت الكاتبة رولا غانم قدمت لنا روايتها التي حملت كل أبعاد الصراع على المستوى الاجتماعي والنضالي أو موقف المجتمع السلبي من ظواهر يعتقدها إيجابية، لكنها قدمت لنا فعلا ذات عمق أفقي أفترشت

الأحداث على جسد روايتها، وجاءت بتقنية سردية عالية، فضلاً عن تنوع الأسلوب الذي توزع بين شخوصها وأبطالها، وهذا يعني أنها (أي الكاتبة) قطعت شوطاً روائياً، وخبرة بناء فني ، ولها خصوصيتها التي منحتها من امتلاكها بزمام الأحداث بتقنية وتؤدة عالية، لا يفلح فيها الكاتب الوليد. فالكثير من الكتاب يخلطون بين العام والذات عند الشروع بالعمل الإبداعي لهم ، أو بين الذات والانا الأعلى أو كما يقول عالم النفس سيجموند فرويد بين الأنا والانا الأعلى.
في حين قدمت لنا الكاتبة رولا غانم نموذج الكتابة المعاصرة خلافاً عن الكتابات الكلاسيكية بنمط ربما يحسبه البعض ما يطلق عليه بالتجريب السردي المعاصر، ولكن عموماً، يبقى عمل رواية نبضات محرمة واقعة تدفق وارتباط إنساني بين الأرض والتمسك بها والإنسان وهو محور الحدث، والحياة التي تشكل الغطاء الأرحب للأرض والإنسان وهي رواية الواقعية العربية كما أسميتها التي أضافت للرواية الفلسطينية تراثاً إبداعياً آخر.



#عصام_البرّام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الإعلان الأول ح 160.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 160 على قصة ع ...
- لأفلام حصرية باستمرار.. ثبت تردد قناه روتانا سينما على الأقم ...
- فنون البلاغة العربية.. فلسفتها، ومتى يعد العرب النص فصيحا أو ...
- الرباط.. معرض الكتاب الدولي يستقبل زواره ويناقش -الرواية وعل ...
- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- الغاوون,قصيدة(لحظة الفراق)الشاعر مصطفى الطحان.مصر.
- الغاوون,قصيدة(الطريق)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام البرّام - رولا خالد غانم في نبضاتها المحرّمة..معزوفة ذاكرة فلسطينيّة.