أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة55















المزيد.....

من أجل ثقافة جماهيرية بديلة55


عبدالرحيم قروي

الحوار المتمدن-العدد: 7747 - 2023 / 9 / 27 - 04:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحقيقة الغائبة لشهيد العلمانية الدكتور فرج فوذة
الحلقة الثامنة
وهكذا يتضح لنا أن عمر قد اجتهد فألغى سهم المؤلفة قلوبهم مخالفة للنص القرآني ، وأوقف حد السرقة على المحتاج ، ثم عطله في عام المجاعة ، وعطل التعزير بالجلد في شرب الخمر في الحروب ، ونضيف إلى ذلك أنه خالف السنة في تقسيم الغنائم فلم يوزع الأرض الخصبة على الفاتحين ، وقتل الجماعة بالواحد مخالفاً قاعدة المساواة في القصاص ، ولا نملك ونحن نستعرض ما فعل ، في ضوء الملابسات المحيطة بكل حادثة ، إلا أن نكتشف حقيقتين هامتين :
أولاهما أنه استخدم عقله في التحليل والتعليل ، ولم يقف عند ظاهر النص .
وثانيهما أنه طبق روح الإسلام وجوهره مدركاً أن العدل غاية النص ، وأن مخالفة النص من أجل العدل ، أصح في ميزان الإسلام الصحيح من مجافاة العدل بالتزام النص ، وهذه الروح العظيمة في التطبيق ، تخالف أشد المخالفة روح القسوة فيمن نراهم ونسمع عنهم ، وتتـناقض مع منهجهم المتزمت ، وتوقفهم أمام ظاهر النص لا جوهره ، ونكاد نجزم أنهم لو عاشوا في زمن عمر ، لاتهموه بالمخالفة لمعلوم من الدين بالضرورة ، ولقاعدة شرعية لا لبس فيها ولا غموض ، ولحد من حدود الله لا شبهة في وجوب إقامته ولرفعوا عقيرتهم في مواجهته بالآيات التي لا يملون تكرارها ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) ، دون توقف أمام أسباب التنزيل ، أو حكمة النص أو العقوبة ، ولعلهم يدركون أن التأسي بعمر وارد ، وأن الباب الذي فتحه باجتهاده يتسع لكثير مما نراه ونقبله ، ويرونه فينكرونه ، ويسمح لنا بأن نوجه إليهم سؤالاً محدداً وواضحاً :
هل تعطيل إقامة الحد جائز ، وهل مخالفة النص القرآني جائزة ، وهل مخالفة السنة الثابتة ، قولية كانت أم فعلية جائزة ؟
ولعلهم أمام ثلاث إجابات لا رابع لها :
- أولها : أن الحكم بالجواز على إطلاقه لا يجوز ونحن نوافقهم على ذلك .
- وثانيها : أن الحكم بإنكار الجواز على إطلاقه لا يجوز و نحن نسلم معهم بذلك ، وحجتنا عليه اجتهاد عمر .
- وثالثها : أن الحكم بالجواز جائز في بعض الحالات ، وللضرورة ، ولأسباب منطقية وواضحة ، تتسق مع روح النص وعلته ..
وفي هذا مساحة واسعة لنقاش طويل ، وأخذ ورد ، وحجة وحجة ، واجتهاد واجتهاد ، دون رمى لقفاز التكفير في الوجوه ، ودون ادعاء باطل بأنهم المسلمون ، وأننا الكافرون الظالمون الفاسقون ، وأن ما في مخيلتهم وحدهم هو الإسلام ، وأن ما في حياتنا كله هو الجاهلية بعينها ، غاية ما في الأمر أنها جاهلية معاصرة إلى غير ذلك مما يرونه حقاً ونراه باطلاً ، ويرونه علماً بالفقه ونراه جهلاً بالفقه وبالتاريخ ، ويرونه إيماناً ونراه تعصباً مقيتاً .
ولعلنا لا نتجاوز سيرة عمر ، دون أن نتوقف أمام قرار خطير وجليل ، ربما مر على البعض دون أن يعيروه التفاتاً ، بينما هو في رأينا مفتاح لتفسير ما بدأنا به الحديث ، وهو الفتنة الكبرى التي حدثت في عهد عثمان ، وانتهت بمصرعه ، واستمرت طوال عهد علي وانتهت بمصرعه أيضاً .
لقد ألزم عمر كبار الصحابة بالبقاء في المدينة ، وحظر عليهم مغادرتها إلا بإذنه ، وفسر ذلك لهم في رفق بأنه يحب أن يستأنس بهم ، ويهتدي بمشورتهم ، بينما حقيقة الأمر أنه خشى أن يفتتن الناس بهم ، وأن يفتتنوا هم أنفسهم بالناس ، وبما يفتن الناس ، وأجرى عليهم أرزاقاً محددة ومحدودة ، ألزمهم بها ، وألزم نفسه بها قبلهم ، فقبلوها منه ، مثلما قبلوا مجمل سيرته ، التي لا تأتي إلا منه ، ولعلهم ضاقوا بذلك أشد الضيق ، وكرهوه غاية الكره ، فهم في النهاية بشر يكرهون أن يمنعوا ما هو متاح للآخرين ، لكن ضيقهم من عمر ، كان يصطدم بسيرة عمر مع نفسه ، ومع أهله وخاصته ، فيستحيل الضيق رضا ، والتبرم صمتاً ، والكراهية صبراً جميلاً .
ولعلنا في تخيلنا للكراهية أو التبرم أو الضيق لم نتجاوز الحقيقة ، ولم نحلق في الخيال ، دليلنا على ذلك أن أول ما فعله عثمان غداة ولايته ، أن أطلق الصحابة يذهبون حيث شاءوا وزاد على ذلك بأن أجزل لهم العطايا ، وذلك أمر يتفق مع طبيعة عثمان وما جبل عليه من لين ورقة وكرم وتسامح ، ولم تكن عطايا عثمان هينة أو محدودة ، فقد أعطى الزبير ستمائة ألف وأعطى طلحة مائة ألف .
ولعله كان يتألف قلوبهم ، لعلمه أن اجتهاداته قد تختلف مع اجتهاداتهم ، وأنه مقدم على أمور لن تكون منهم محل قبول ، ومن صالحه أن يذهبوا في الآفاق ، وأن يكون قبولهم لعطاياه مانعاً لهم من الثورة أو حتى الغضب ، حين يعلمون أنه وهب ابنه الحارث مثلها ، أو أنه اقطع القطائع الكثيرة في الأمصار لبنى أمية ، غير أنهم لم يأبهوا لشيء من هذا في أول الأمر ، فقد خرجوا إلى الأمصار ، وإذا بالدنيا تقبل عليهم إقبالاً لم يخطر لهم على بال أو خيال ، وأقبلوا هم أيضاً على الدنيا .
وحين تقبل الدنيا دون حدود ، فلابد أن تـُدبـِر العقيدة ولو بقدر محدود ، أما كيف أقبلت هذه ، وكيف أدبرت تلك ، فتعال معي وتأمل ، وتدبر معي :
ثروات خمسة من كبار الصحابة أسماؤهم لوامع بل إن شئت الدقة أسماؤهم اللوامع ، فهم جميعاً مبشرون بالجنة وهم من الستة الذين حصر فيهم عمر الخلافة ، وأحدهم هو الخليفة المختار ، وهم عثمان بن عفان ، والزبير بن العوام ، وسعد بن أبي وقاص ، وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف ، ننقلها إليك من كتاب موثوق به هو ( الطبقات الكبرى لابن سعد ) .
يقول ابن سعد بسنده :
( كان لعثمان ابن عفان عند خازنه يوم قتل ثلاثون ألف ألف ( الألف ألف هي المليون ) درهم و خمسمائة ألف درهم وخمسون ومائة ألف دينار ( الدرهم عملة فارس والدينار عملة الروم ) فانتهبت وذهبت ، وترك ألف بعير بالربذة وترك صدقات كان تصدق بها ببر أديس وخيبر ووادي القرى قيمة مائتى ألف دينار ) .
7. - ( كانت قيمة ما ترك الزبير واحد وخمسين أو اثنين وخمسين ألف ألف . وكان للزبير بمصر خطط وبالإسكندرية خطط وبالكوفة خطط وبالبصرة دور وكانت له غلات تقدم عليه من أعراض المدينة )
8. - ( عن عائشة بنت سعد ابن أبي وقاص : مات أبي رحمه الله في قصره بالعتيق على عشرة أميال من المدينة ، وترك يوم مات مائتى ألف وخمسين ألف درهم )
9. - ( كانت قيمة ما ترك طلحة بن عبيد الله من العقار والأموال وما ترك من الناض ثلاثين ألف درهم ، ترك من العين ألفى ألف ومائتى ألف دينار ، والباقي عروض )
10. - ( ترك عبد الرحمن بن عوف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة بالبقيع ومائة فرس ترعى بالبقيع ، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحاً ، وكان فيما ترك ذهب قطع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال منه وترك أربع نسوة فأخرجت امرأة من ثمنها بثمانين ألفاً )
و قد ذكر المسعودى تقديرات مقاربة لما سبق من ثروات مع اختلاف في التفاصيل ، واستند طه حسين في كتابه الفتنة الكبرى لتقديرات ابن سعد ، وذكر ابن كثير أن ثروة الزبير قد بلغت سبعة وخمسين مليونا وأن أموال طلحة بلغت ألف درهم كل يوم .
ولعل القارئ قد تململ كثيرا ، وهو يستعرض ضخامة ما تركه كبار الصحابة من ثروات ، ولعله انزعج كما انزعجنا لحديث الملايين ولعله أيضاً يتلمس مهرباً بتصور أن الدراهم والدنانير لم تكن ذات قيمة كبيرة في عصرها ، لكنى أستأذنه أن يراجع نفسه .
فابن عوف توفى بعد عمر بن الخطاب بثمانى سنوات ، والزبير وطلحة توفيا بعد عمر بثلاث عشرة سنة ، وأقصى ما يفعله التضخم ( بلغة عصرنا الحديث ) في تلك الفترة القصيرة ، أن يهبط بقيمة النقد إلى النصف مثلاً ، ويحكى المسعودى عن عمر أنه :
( حج فانفق في ذهابه ومجيئه إلى المدينة ستة عشر ديناراً فقال لولده عبد الله : لقد أسرفنا في نفقتنا في سفرنا هذا ) ، وإذا كانت الستة عشر ديناراً قد كفت عمراً وولده ، أو كفت عمراً وحده ، شهراً كاملاً ، فلنا أن نتخيل ما تفعله عشرات الملايين ، وما يملكه صاحب الذهب الذي يقصر جهد الرجال عن قطعة ( بالفؤوس ) .
ولنا أن نسوق مثالاً أوضح من المثال السابق ، عن سادس الستة الذين رشحهم عمر ، ونقصد به علياً ، الذي توفى بعد طلحة والزبير بأربعة أعوام ونصف ، وبعد ابن عوف بحوالي عشر أعوام ، وهاكم ما تركه في رواية المسعودى :
( لم يترك صفراء ولا بيضاء ، إلا سبعمائة درهم بقيت من عطائه ، أرد أن يشتري بها خادماً لأهله ، وقال بعضهم : ترك لأهله مائتين وخمسين درهما ومصحفه وسيفه ) .
يتبع



#عبدالرحيم_قروي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة54
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة53
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة52
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 51
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة50
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة49
- فصل المقال فيما بين التكتيك و-التكتوكة- من منال
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 48
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة47
- شرارة هامة من تاريخ النضال الحضاري لقوى التحرر2
- الذكرى الاحدى والاربعين على مجزرة صبرا وشاتيلا
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة46
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 45
- شرارة هامة من تاريخ النضال الحضاري لقوى التحرر
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 44
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة43
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 42
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 41
- الدور الحاسم للقيادات الفاسدة في تخريب التنظيمات السياسية
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة40


المزيد.....




- القوى الوطنية والإسلامية تدعو إلى تضافر الجهود لوقف جرائم ال ...
- -فرنسا، تحبها ولكنك ترحل عنها-... لماذا يختار مسلمون ذوو كفا ...
- شيخ الأزهر يوجه رسالة لإيران بعد تغريده بالفارسية
- “ثبت وناسة وطيور الجنة”.. أهم ترددات قنوات الأطفال الجديدة 2 ...
- صالحي: الشهيد الرئيس رئيسي خسارة عظيمة للأمة الإسلامية +فيدي ...
- قائد الثورة الاسلامية يعزي باستشهاد رئيس الجمهورية
- بوتين يعزي المرشد الأعلى بوفاة الرئيس الإيراني
- مركز -تكوين- والتنوير الانتقائي المستأجر عبر السلطة وفلكها
- الكاتدرائية الأسقفية الأنجليكانية في برازيليا تنظم قداسا من ...
- المشاط يعرب عن تضامن الشعب اليمني وحكومته مع الجمهورية الإسل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالرحيم قروي - من أجل ثقافة جماهيرية بديلة55