أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حجي - عن الثقافة الإنسانية المعاصرة.














المزيد.....

عن الثقافة الإنسانية المعاصرة.


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 7745 - 2023 / 9 / 25 - 14:01
المحور: الادب والفن
    


الثقافةُ بطبيعتِها "إنسانيةٌ". وهو ما يعني أنها ذات بعد زمني/تاريخي رحب يحاذيه بعدٌ مكاني/جغرافي لا حد له. ومعنى ذلك أن الثقافة تمتد لكل الأزمنة وكل العهود على مدى التاريخ المعلوم. ومعناه أيضاً أن الثقافة غير مقيدة بمدينة أو مجتمع أو دولة أو قارة ، فهى تمتد لكل مكان.

وبالإنتقالِ من الماكرو/الكلي لل مايكرو/الجزئي ، فإن لا-زمانية الثقافة تعني أن يكون المثقفُ قد ذهب بعقلِه لكافةِ العصورِ ليعرف ثقافتها وأفكارها وقيمها وآدابها وفنونها. وعملياً ، فإن هذا يعني أن المحصولَ المعرفي للمثقفِ المعاصر يكون كلوحةِ فسيفساءٍ تتضمن ثقافات بلاد ما بين الرافدين ومصر القديمة وبلاد الإغريق والرومان وبلدان عصر النهضة الأوروبي والثقافات الآسيوية على مر العصور ثم الثقافات الأحدث وفى مقدمتها الثقافات الأوروبية خلال القرون الأربعة الأخيرة.

ونفس الشيء يجب أن يُقال عن مكانية/جغرافية الثقافة. فالمحصولُ الثقافي الذى تسقط منه ثقافة أو ثقافات بعض الجهات ، يكون غير مكتمل إنسانياً.

وما كتبتُه آنفاً ، يخرج عدة فئات من تعريف المثقف. ويكفي أن نتخيّل رجلَ دين ما قرأ عشرات وربما مئات الكتب/المراجع عن دينه ولكنه لم يكتشف ثقافات العراق ومصر واليونان وروما القديمين ، ولَم يدخل عوالم الفلسفة والآداب والفنون الروسية والفرنسية والألمانية والإيطالية والبريطانية (وغيرها) التى ترعرعت منذ بدايات عصر النهضة وليومنا هذا. فهذا (أيّ رجل الدين المقصود) هو أبعد ما يكون عن المقصود بال "مثقف". وعليه ، تكون هناك علامات إستفهام كبيرة وكثيرة عن عقليته ورؤيته وأفكاره وأنساقه القيمية وذوقه ...

وهناك فئات أخرى غير الفئة التى يمثلها رجل الدين المنوه عنه أعلاه ... فئات أحادية أو محدودة المناهل المعرفية والثقافية ، لا يمكن إعتبار أفرادها من المثقفين أو حتى أنصاف المثقفين. وبعض هؤلاء يقودون مجتمعاتهم !

ومن المؤكد ، أن الإنسان المؤدلج (الأيديولوجي) هو فى منتصف المسافةِ بين "المثقف" و "غير المثقف". وهو مؤهل لأن يكون خطيراً على "الآخر" ، بكل أشكال الآخر أو بكل أنواع الغيرية otherness .

والثقافة بمعناها الإنساني الذى ذكرته أيّ المعنى الذى يقوم على كونية المكان والزمان ، تتسم بأسسٍ عديدة أهمها الإيمان الراسخ بالتعددية Plurality وبالتالي بالغيرية Otherness فقبول الآخر ، وهى أنساق قيمية تقود الإنسان للإيمان بالتعايش المشترك Coexistence … وهذه الضفيرة من القيم هى البديل الوحيد لصفيرة أنساق قيمية أخرى بدايتها "نحن : أنا وأفكاري ومعتقداتي نمثل الصواب" وهى قيم تقود لا محالة للعنف والعدوانية والدموية والإرهاب والقتل والحروب.

وعالمنا اليوم يعيش مع ثلاثة أشباح كل واحد منها هو مشروع تصادمي مع مفهوم الثقافة الإنسانية الذى شرحتُه. الأول ، هى شبح الأصولية الدينية. والثاني ، هو شبح أو بقايا شبح اليسار بمعناه الستينياتي الشمولي وليس بمعناه الذى تمثله الأحزاب اليسارية فى معظم بلدان عالمنا الديمقراطية ، والثالث هو شبح بقايا القوى الإستعمارية والتى وإن بدت مظهرياً ككيانات عصرية منحضرة ومتمدنة ، فهى فى جوهرها وروحها أبعد ما تكون عن القيم التى تتغني بالإنتساب لها.



#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر فيسبوكية !
- الذكورية : جريمة البشر الكبرى
- الثقافة أولاً و أخيراً
- الخير : هدف الإنسانية الأول
- مقدمة الطبعة العبرية لكتابي -الثقافة أولاً و أخيراً-
- أوروبا تدفع ثمن تبعيتها العمياء لأمريكا
- ملخص كتابي -اليهود واليهودية-.
- هوامش وخواطر (2)
- هوامش وخواطر وشذرات
- حديثٌ عن الحداثة
- شوارد (20 نبذة)
- عشر خواطر
- معضلة -نحن- و -هم- ...
- خواطر بثتها موجات الأثير
- عن الدعوة لثورة فى مِصْرَ يوم 11/11
- الحرب فى أوكرانيا
- مصرُ : أين ؟ و لأين ؟
- فى البرلمان البريطاني
- شوارد ...
- هوامش طارقية (1)


المزيد.....




- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...
- كتاب -رخصة بالقتل-.. الإبادة الجماعية والإنكار الغربي تحت مج ...
- ضربة معلم من هواوي Huawei Pura 80 Pro.. موبايل أنيق بكاميرات ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق حجي - عن الثقافة الإنسانية المعاصرة.