|
لماذا علينا احترام السيئين والمسيئين؟
ضياء المياح
كاتب وباحث، أكاديمي
(Dhiaa Al Mayah)
الحوار المتمدن-العدد: 7737 - 2023 / 9 / 17 - 14:06
المحور:
المجتمع المدني
استمرار الحياة بانتظام وتطورها تتطلب منا المحافظة على القيم الصحيحة والأصيلة للمجتمع وأفراده. بتعبير أدق، إن كان هناك تبدل في القيم، فالمفترض أن يكون نحو الأحسن، أو على الأقل تظل القيم المقبولة تراوح في مكانها ولا تهبط دون المستوى المطلوب. أهم مصادر المحافظة على القيم الصحيحة واستمرارها هو الدين الإسلامي الحنيف والعائلة وأماكن التربية والتعليم والمجتمع بقوانينه. لهذا فإن السكوت عن الانحرافات في قيم وأخلاق وتصرفات فرد أو مجموعة من الأفراد سيكون سببا لتدهور المجتمع وانحداره. وهذا يوجب علينا ألا نحترم السيئين والمسيئين. لماذا علينا احترام العاقين لوالديهم والقاطعين لأرحامهم أولئك المقاطعين لأخوتهم بسبب سوء تفكيرهم أو بتأثير مؤثر (زوج أو قريب أو صديق)؟ لماذا علينا أن نحترم من يهتم بأولاده ويهمل أبويه أو أحدهما؟ لماذا علينا أن نحترم من ينفق على أولاده وزوجته ما أستطاع إلى ذلك سبيلا ولا ينفق دينارا واحدا على أبويه أو أحدهما؟ لماذا علينا احترام من يُعبر عن حبه لأولاده بوقته وماله وقبلاته وأحضانه ولا يرى منه أبويه إلا الكلمات الهوجاء؟ لماذا علينا أن نحترم من يهجر أخوته بسبب أبنائه أو بسبب زوجته؟ لماذا نحترم من لا ت/يزور ولا ت/يسال (ولو باتصال) عن أبيه/ا وأمه/ا أيام وأسابيع وأشهر وربما سنوات؟ لماذا علينا أن نحترم أخا تخاصم دهرا مع أخته أو العكس بسبب زوج أو ولد أو أرث أو موقف أو كلمة؟ نحن لا نتحدث عن أعمام وأخوال وهم محل احترام وتقدير وتواصل واتصال، نحن نتحدث عن عوائل كبر الأبناء فيها وأسسوا بيوتهم واستقلوا بعوائلهم!! لماذا علينا احترام التاركين/الهاجرين (والتاركات/الهاجرات) أولادهم(ن) من مطلقيهم؟ كيف يمكن أن نتعامل مع من تخلى عن أبنة في الثانية عشر من عمرها لأمها المطلقة منه (من غير عشيرته) لأنه لا يحب الإناث ولا يريد أن ينفق عليها وتمسك بأبن في العاشرة من عمره لأنه ذكر؟! كيف لنا أن نحترم من ترك أولاده لمطلقته عدة سنوات دون سؤال (إلا دفع النفقة المقطوعة من راتبه جبرا) وأنشغل بأولاد زوجته من زوجها السابق؟ كيف نحترم من كانت متزوجة ولديها أولاد وبنات وأحبت رجلا متزوجا له أولاد وأحبها، فتطلقت من زوجها لتتزوج من أحبته الذي طلق زوجته وهجر أولاده؟ هل هو انحدار في ثقافتنا وقيمنا؟ هل هي مجاملة أصبحت جزء من شخصيتنا؟ أم هو عجزنا عن المواجهة والهروب من هذه المواقف؟ أم هي حاجتنا لمثل هؤلاء مستقبلا؟ لماذا علينا احترام الذين يدعون الإصلاح والعقلانية وهم محددون بمصالحهم وبعض المصالح غير شريفة؟ تسيرهم أهوائهم ونزعاتهم! لماذا علينا احترام من يدعون التدين وهم ينافقون ويتملقون لأصحاب المصالح ويقبضون الرشى او يدفعوها ويتوسطون لمن لا يستحق بمقابل أو بدونه ويؤازرون الظالم والمعتدي ويعاقرون الخمر أو يقيمون العلاقات غير الشرعية مع النساء؟ لماذا علينا احترام المنافقين والمتملقين والغشاشين والكذابين والمخلفين لوعودهم والخائنين لأماناتهم؟ لماذا نحترم شخصا نعرف أنه منافق أو غشاش أو غير صادق في كلمة ووعد أو نمام أو حاسد أو حاقد؟ لماذا ندعه يستخدم طيبة أخلاقنا ليتودد بما يعرف عنا لأصحاب سلطة أو نفوذ؟ لماذا نجالس من يخون زادنا ومائنا وبيتنا ولا يحترم علاقة الزمالة أو الصداقة أو الجيرة أو القرابة؟ لماذا نوفر له إحساسا بأن علاقته بنا متميزة وهي ليست كذلك؟ أنه نفاقنا الذي نتدرب عليه ليكون جزءا من شخصيتنا وشخصيات أولادنا!! لماذا علينا احترام من يظن نفسه قائدا في عمله وعائلته وما هو إلا ديكتاتور يغطي عيوبه بقسوة التعامل؟ لماذا علينا أن نحترم أصحاب المناصب الصغيرة الذين ما هم إلا واجهة مُرقعة لتغطية عيوب من هم أعلى منهم؟ لماذا علينا أن نحترم من يدعي تاريخا وطنيا أو وظيفيا أو مهنيا وهو لا تاريخ له؟ لماذا نهاب شخصا نعلم أنه بالونة تنفجر بدبوس صغير وليس شيئا اخرا؟ قد نهاب مثل هؤلاء الأشخاص وهم لا يستحقون المهابة! أو أننا تعودنا على إظهار المهابة وفي داخلنا رفضا قاطعا لهم ولشخوصهم وهذا نفاق ما بعده نفاق!! لماذا علينا احترام الفاسدين والراشين والمرتشين والسارقين والمختلسين؟ لماذا علينا احترام الحاصل على المكاسب والامتيازات دون استحقاق؟ لماذا علينا احترام من لا يحترم القانون ويرى نفسه فوقه؟ لماذا علينا احترام المتهاونين في تطبيق القانون لتحقيق مصالحهم والحفاظ على مراكزهم واموالهم؟ لماذا نصافحهم ونتحدث معهم ونزورهم ونتقبل زيارتهم لنا؟ هل لنا حاجة عندهم؟ أم هو تهاون في أخلاقنا؟ أم هي ثقافة استشرت في مجتمعنا وتقبلناها رغما عنا وصرنا جسرا لها؟ فما الذي يجبرنا على احترام ناس لا تستحق الاحترام؟ ما الذي يدفعنا للتعامل مع اشخاص نراهم سيئين أو مسيئين؟ في مثل هذه الحالة، أما نكون جزء من هذه الثقافة لأننا لا نرى ما يجري، أو لأننا لا نقوى على المواجهة وتحمل خسائرها. إذا أردنا أن نبني مجتمعا صحيحا، فعلينا أن نواجه أنفسنا بأنفسنا ونضع النقاط فوق حروف كلماتنا المشوشة ونحدد ضوابط التعامل مع مثل هؤلاء ليلفظهم المجتمع بعيدا حتى يتم تصحيح ثقافاتهم أو مساراتهم. علينا إظهار عدم الاحترام أو عدم الاهتمام على أقل تقدير. وان لم نفعل ذلك، فمستقبل مجتمعنا سيتدهور أكثر مما هو عليه الان بسببنا وستبتلي أجيالنا القادمة بثقافة نحن زرعناها وأسسنا لها. أوقفوا احترامنا للسيئين وحددوا تعاملنا معهم ورفقا رفقا بأجيالنا القادمة.
#ضياء_المياح (هاشتاغ)
Dhiaa_Al_Mayah#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما الكتابة؟
-
مشاكل العشيرة
-
دولة بلا تعليم .. دولة بلا مستقبل
-
رواتب العاملين في الجامعات الخاصة
-
هل نحن شعب يقرأ؟
-
امتحانات البكالوريا الوزارية وقطع الأنترنيت
-
يا مجلس القضاء: أنقذ الأبرياء من أخطاء القٌضاة
-
لماذا الاعتداء على شرطة المرور
المزيد.....
-
وقفة في رام الله للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحت
...
-
هل يستطيع لبنان مواجهة أزمة النازحين؟
-
الأمم المتحدة و-اليونيفيل-: الحل التفاوضي هو السبيل الوحيد ل
...
-
تشريد ومجاعات وإعدام جماعي.. وسائل للتنكيل بأهالي غزة بعد مر
...
-
استطلاع رأي: 77% من الإسرائليين يفضلون استعادة الأسرى وإنهاء
...
-
الاحتلال يواصل اعتقالاته للفلسطينيين في نابلس والخليل وبيت ل
...
-
غارات جوية وقصف مدفعي يستهدف محيط عيادة الأونروا وسط مخيم جب
...
-
اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال المتوغ
...
-
-لديهم جينات سيئة-.. ترامب -يثير جدلا- بشأن المهاجرين غير ال
...
-
هيومن رايتس ووتش: القصف الإسرائيلي خطر جسيم على النازحين إلى
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|