أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تيسير الفارس العجارمة - في رحاب أيا صوفيا















المزيد.....



في رحاب أيا صوفيا


تيسير الفارس العجارمة

الحوار المتمدن-العدد: 7732 - 2023 / 9 / 12 - 10:33
المحور: الادب والفن
    


مثل الجمال مثلُ الألوهية بضعة منه هي بمثابة الجمال كله ..
أيا صوفيا..يحج إليها من أقاصي الدنيا أولئك الذين ينشدون صورة الجمال الخالص، فهم هنا كما عند عرش الله ، حيث ينعم الكل بذلك السجو الخالد الذي يطوف بحضرة القدس.
إن القديم والطبيعة مرتبطان بسر واحد، القديم هو الإنسان فكرَ وبنى وقد بلغ أوج المهارة، بَيْدَ أن الطبيعة أبعد غوراً وأعمق أثراً، ومجد القديم تجلى في أنه فهم الطبيعة، وكشف عن سرها.
إن الذي سوى هذه الآية المعجزة، استطاع أن ينشر فيها قشعريرة الطبيعة الكريمة، قشعريرة الحياة نفسها، فصارت كأنها جسر بين الحقيقة وجمالها وصورة الطبيعة الذي يمثلها البناء .. أية روعة يستشعرها الزائر و هو يطوف في معين لطفها وبهاء صفاءها ، ووجدان قلبها، وسكينة روحها !

ترفُّ قبتها الباذخة كالحورِ اللامع في ضوء القمر، و كالبحيرة المشرقة بين التلال الساهية ،مثل السماء نقية، طاهرة مثل طهرها، وصافيةٌ كصفائها. ناعمة بالسكون، خالدة في الزمان والتاريخ ..
دخلت الهيكل المقدس وقد سَرَتْ في قلبي رِعدةٌ، تهز كياني كله، وأنا كلما وجدتني في مثل هذه الأماكن الزاخرة بالتهاويل والقداسة، و أسرار التاريخ و حكاياه ، أو تنام الدهور في دهاليزها و تستضحي الأساطير في أرجاءها، تنتابني هذه الحالة التي لا أعرف مدعاها ولا مأتاها.
دخلت المعبد وهو في تمام جلاله كأنه ثريا رائعة من البلور النبيل . بناء أنيق ما أن خطوت فيه حتى ألفيتني في جو من النور الخالص تتخلله الأسرار وترَنقُ في ارجائه التهاويل ، زرقة صافية يناظرها لون ذهبي براق، وكلاهما يملأ الفراغ بالسكينة التي لم تكن النفوس في العصور القديمة والوسيطة تستريح إلا إليها. أي جو عجيب يفيض بالبهاء في هذا المكان الساحر الآخاذ! وما هذه الجوقة من الألوان التي ترفُّ في الأعلى ثم تنساب مثل ألحان سمفونية تعزفها الطبيعة، أين طلاب التهاويل الخارقة في الجنان التي وعد المتقون ليدخلوا الجنة التي حلموا بها،يدخلوها وهم في الدنيا؟ .
أيتها الزرقة العميقة ضمني في تلافيف موجاتك الكابية ، فنفسي ترتاح الى العدم العميق ، أيتها الحمرة الوالهة ، أشعلي الشرارة المقدسة وحضأي جمرة العشق كي تتقد في قلبي المغمور بالظلمة.
نفسي تفر مني ، ودموعي تنعقد لؤلؤاً منثوراً في بحر الخيال الذهبي ..فرحت أبثها لواعج شوقي الدفين ، أشبه بعاشق يلتقي معشوقه بعد ملاوةٍ من الزمان.
وأول ما بدهني منها الكابلة العليا التي لا جدران حقيقة فيها، بل نوافذ عالية متوالية تشغل المساحة كلها تقريباً ، تتركب من زجاج ، والزجاج من قطع صغيرة من الزجاج الملون المقتطع حسب النماذج والمتصل بصفائح من الرصاص الغليظ، وكلها تماثل مناظر محاطة بأنواع مشدودة في مسلح من الحديد متنوع الأشكال : مربعات، ودوائر، ومعينات، وأشكال بيضاوية ، ذوات فصوص ثلاثية وأخرى رباعية، والأساس اللوني فيها جميعاً هو الأزرق، أما الموضوعات فقد تعاورتها ثلاثة ألوان بسيطة هي الأزرق، والأحمر، والأصفر، ثم خمسة ألوان مركبة .. اثنان بنفسجيان ، واثنان اخضران ، والأبيض المخضر.
وشتان شتان بين نوافذ المساجد الإسلامية المشهورة التي زرتها في استنبول، مثل محمد الفاتح وسليمان القانوني وغيرهما ، بل وفي مدن مثل بورصا ، وأزمير وطرابزون ، وبين هذا الفن الذي اعتُمدَ في نوافذ أيا صوفيا، إن بينهما ما بين الثرى والثريا، حقاً لا مجازاً، فأين القطع الغليظة التافهة من الزجاج الملون في نوافذ هذه المساجد ، من القطع الدقيقة التي أبدع في تركيبها كل إبداع فأخرجت رائعة فنية كأنها لوحة رسام ؟
و ليست العبرة بالمواد، بل بالتركيب، وكل كلام لا يتركب إلا من أحرف الهجاء.. لكن بالأحرف نفسها يتركب أعلى كلام وأسقط كلام، وهذا هو الأمر هنا في الفارق بين الألواح الزجاجية في المساجد الإسلامية كلها لا استثني منها واحدا، وبين الألواح الزجاجية في أيا صوفيا.. الأولى كلام يكتبه أطفال جهلة عابثون ، والثاني كلام رائع عال ، يعلو ولا يعلى عليه، يكتبه أعقلُ العقلاء، وأحكم الحاكمين، نعم هذه الألواح الزجاجية كلام الله في الزجاج.
ثم رحضت الدهشة عن عيوني عندما رحت أتأمل معمارها..حزم من الأعمدة تتواثب دفعة واحدة تحمل الأقواس والقباب، ثم أعمدة رشيقة انطلقت كالسهام تحملُ القبة الكونية الضخمة التي تتربع فوق البناء، وما أعجب الموازين فيها ، لا يزال التوازن محتفظاً بكل رسوخه وجلاله بالرغم من هذه الوثبة الرائعة للكنيسة وقبتها، وفوق هذه الحزم تتجلى القباب المزدانة بالأزهار الذهبية والنجوم كما في القبة الزرقاء..
كل الرسوم التي كانت تزين جدران المعبد وأسقف القباب كانت منتزعة من موضوعات دينية مسيحية ، تم تغطيتها بالجص السميك بعد ان تحولت إلى مسجد، وكنت قد شاهدت هذه الرسوم مصورة في سجلٍ ضخم في متحفها الخاص، ويبدو أن هذه الصور تم أخذها من كنيسة صغيرة في منطقة الفاتح في طرابزون بنيت على شكل ومثال أيا صوفيا بناها جستنيان نفسه ، وأخذت إسمها وشكلها وكل تفاصيلها ، وحتى موقعها على تلة تشرف على البحر الأسود ، وقد زرت هذه الكنيسة .. في هذه المدينة التي تبعد عن استنبول أكثر من ألف كيلومتر .. لكن الرسوم فيها أقل عناية وجودة وأقل عدداً ..و موضوعات الرسوم في أيا صوفيا عديدة ومتنوعة وقد جاء على ذكرها بحسب ما يذكره التعريف في السجل المذكور ، أكثر من سبعة مراجع تاريخية موثوقة محفوظ أغلبها في مكتبة الفاتيكان .. ومن هذه الرسوم الدينية .. المحراب أو المذبح رسم عليه أهم حدث في المسيحية وهو عذاب المسيح وقيامته، و تجلياته لتلاميذه بعد قيامته من القبر ، والجدار المقابل للمذبح مباشرةً توالت عليه مناظر من حياة العذراء ، وطفولة المسيح ، وعلى الجانب الأعلى سيرة يوحنا الأنجيلي ، والوحش ذي السبعة رؤوس، فوقه تماما حياة وموت يحيى بن زكريا، وفي الجهة الشرقية مناظر بديعة تتعلق بقصص الأنبياء الأربعة الكبار في العهد القديم : أشعياء ،ودانيال، وحزقيال، وأرميا، وفي الفلك الغربي شجرة نسب المسيح، التي تنتهي الى آدم ، ثم تتكاثر رسوم آدم وحواء والحية وشجرة معرفة الخير والشر، ثم آدم وحواء لحظة الخلق، ولحظة سيرهما في الجنة بعد الخلق مباشرة ، من ناحية الشمال تكاد الواجهة تمتلئ الرسوم لنوح ويعقوب وموسى ، ويوشع، و شمشون ، وعلى الواجهة الجنوبية سيرة طوبيا، ويوديت ، وأيوب، واستير، وصمويل وداود ، وسليمان الملك ، وفي جانب القبة الأيمن والأيسر رسوم عديدة للمسيح وهو على الصليب في ثلاث أشكال، واحدة مع اللصين، وثانية تصور الحربة وهي تنغرس في جنبه وقطرات الدم تسيل على جسده، والثالثة لحظة انزاله عن الصليب .. ورسم إنزاله في القبر، وكذلك رسوم عديدة للعذراء منها لحظة موتها والملائكة الصغيرة وهي تحمل روحها صاعدةً بها الى السماء. والقديس مخائيل وهو يجندل التنين ، ورسم هليدوروس مطروداً من معبد اورشليم بعد ان استولى على كنوز المعبد ، فأتاه ثلاث ملائكة فقتلوه شر قتلة..الخ
ولأمر أُبقي في ذمة التاريخ، وحكاية هذه الكنيسة أبقي على لوحة تتمتع بخصوصية فريدة ، في الركن الجنوبي قريباً من الباب المغلق الذي يؤدي الى البهو أسفلها، والتي تصور الذخائر المقدسة الباقية من الأدوات التي استخدمت في تعذيب المسيح ، وهي صور باهتة لا تكاد تتبينها العين إلا بعد لأيٍ كبير ، الذخائر كانت محفوظة في أيا صوفيا قبل أن يبتاعها لويس التاسع ويضعها في كنيسة كاتدرائية دي شارتر. ثم ينقلها الى نوتردام دي بري، لتتحول هذه الكتدرائية إلى أقدس مكان مسيحي في العالم بفعل وجود هذه الذخائر المقدسة ، والله وحده يعلم أين اختفت تلك الذخائر إبان صعود اليسوعيين الأجلاف الأبالسة، الذين شنو حروبهم الشعواء التي لا رحمة فيها ولا اعتبار للوسيلة في أغلب أنحاء أوروبا ، وغايتهم كانت احتكار الدين والحقيقة، فأعملوا سيوفهم في النفوس البريئة التي قدر لها سؤ طالعها أن تقع لهم فريسة، و كان شعارهم الويل ثم الويل لمن تسول له نفسه أن يسعى في الخير والهداية والتقوى، بين قوم يربض اليسوعيون بين ظهرانيهم، ومتى انتصرت الفضيلة على الرذيلة بوسائل الفضيلة؟ وهم الذين نهبوا تلك الذخائر المسيحية بعد ان خربوا هذه المعالم الخالدة أيما تخريب ..
وتلك قصة سالت بها اخبار كثيرة.. ومن هذه الذخائر تاج الشوك الذي وضعه اليهود على رأس المسيح وهو مشبوقٌ على الصليب، والرمح الذي غرز في جنبه، والأسفنج الذي شرب منه الحنظل، والمسامير التي سُمرَ جسده بها، وقطعة من الصليب، وبعض الأدوات الفخارية التي استخدمت في العشاء الأخير، وغيرها من الأدوات، وأهم من هذا كله على الإطلاق .. الغُرْلَةُ المقدسة .. تلك القطعة اللحمية التي اقتطعت من العضو الذكري للمسيح ( غرلة الرب ) … بعد ختانة، واحتفظ بها في سائل خاص.. وبسبب هذه الغرلة مات الملايين في حروب استمرت لمئات السنين للظفر بها من قبل الطوائف المسيحية الى أن اختفت أو أخفيت ..
وكان آخر ضهور لها في نهاية القرن السابع عشر في الفاتيكان ..
عزلت نفسي عن الناس الذي لا ينقطع ورود ، آوياً إلى ظل العمود الرخامي الذي يحمل بقايا تاج المذبح..المذبح الذي تحول الى محراب تحوطه السكينة وتُرّنقُ في فضاءه الرحمة ، وقد علته آية من القرآن رسمت بخط النسخ البديع :
كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنا لك هذا قالت هو من عند الله …

نور سابح في الآفاق من حولي، يتسلل من أفواف الغيوم التي تسوقها ريح البحر ، و نفسي ساكنة صافية، تتجول بين مساقط الضلال ومهابط الانوار.
والزائرون من مختلف الأجناس يتنقلون في رحاب من الرحمة وسكينة القلب و الروح بين ارجائها ، حتى ينتهون إلى الحرمْ الأقدس الذي تقوم فيه قبة صغيرة، يرفعها ثمانية أعمدة من المرمر الأبيض النقي المشّرب بحمرة زاهية وخضرة كابية، كل زوج منهما اتصل بقوس أكبر برزت مفاصله بقوة ، وفي أعلى القبة سهمٌ يتصاعد قليلاً ثم ينحني بتؤدة حتى يلامس رأسه التاج ، في داخله عين بشرية يتبدى شبحها من وراء الجص الذي طليت به، وعبثاً ذهبت محاولتي في أن أتبين ما وراء العين و الوجه الذي كان يحملها، نظرة العين لفرط حزنها تكاد تشعرني بالرعب ، فمن الذي ترك بقايا شبح الرسم بادياً على هذا النحو المغرق في تراجيديا الزمن والتاريخ وحكاية الانسان مع عذاباته التي لا تنتهي، وقدر سقوطه في هذا الوجود.. ؟ في حين أن أغلب اللوحات تم دفنها تحت غطاء سميك من الجص .. وتلك لعمري خسارة وأي خسارة لموت هذه الآثار الخالدة المعبرة أيما تعبير عن تاريخ دين لا يزال ماثلاً وحاضراً ومؤثراً وشاهداً ومشهوداً في دنيا الناس في يومهم هذا..
فضاء القبة من الداخل تتخلله زرقة في تلافيفها أمواج كابية، و في أطرافها حمرة تكاد تضيء و لو لم تمسسها نار ، تحضأ جمرة العشق في النفوس الحالمة، و الأرواح الشاردة، كيما تتقد في النفوس الغرثى سجواً بديعاً، وتنعقد لؤلؤاً منثوراً في بحرٍ من الخيال الذهبي في القلوب الوالهة العاشقة المؤمنة . جو صوفي ساحر يتأرجح بين الظل والنور ، في نضارة تومض إيماض الفجر، وتنسحب عليها مسحة من السر الهائم في أودية الجناب الأعلى، وترنُ بين أضوائها نغمات عميقة التوقيع كأنها صادرة من أرغن القداس في ليالي الأحد.
صامتاً كنت أصغي إلى كلام ليس كالكلام ، أصغي بعيني قبل إذنيّ ، بل بقلبي الذي فرغ من كل شهوة و رغبة و ذكرى، ما خلا غبطة الاستماع إلى ما تحدثيني به أيا صوفيا ..
كانت تحدثني أحياناً بلسان ترانيمها التي تتهادى مثل وحي سماوي يهمس في أذن نبي، و طوراً بألسنة الند والبخور الراقصة المتصاعدة من مبخرة الكاهن الكهل بوجهه المتجعد ومنظر ملابسه المزركشة وهو يطوف بها أرجاء الكنيسة .
وما أكثر ما حدثتني بهمس العذارى في صلواتهن المنسابة رحيقا أبيض في قلبي ، ولسان الوجد الثملان على جفنيّ ، وأشعة الشمس المتغلغلة في عينيّ، و الغيمة البيضاء التي نبتت بغتة في الجلد الأزرق ، ثم راحت تتهادى فوق قبتها، مثل عاشق وَلِهْ يزور معشوقته.
وأحيانا أخر، بهففة النسيم الذي يتهادى مثل الرحيق يبعثه رداء المولوي الذي يدور، ويدور معه الكون لينفلت منه في لحظة وجده الكبرى الى حيث لا زمان ولا مكان، الى حيث لا أنا ولا هو ، والكل ذوبـ واحد ..
أينما وجهت نظري لا أرى غير روايات و روايات ، وآيات و آيات، فما أفقر الذين يمرون بها ولا يرون غير بناء قديم ،ويمضون في سبيلهم مسوقين بشتى الحاجات والغايات..
يكاد قلبي ينقبض لا يلوي على شيء وأنا منكمش على نفسي في هذا الركن القصي، أرى القديسة هيلانه .. تقف وحيدة في محجن المذبح، تتلو صلاتها، و العبرات تغالبها.. بعد أن امتثلت لأمر المسيح الذي طلب منها بناء كنيسة الحكمة الإلهية في هذا المكان العابق بالقداسة..
ولولا هذا الاحتجاز الذي منعني لنتحيتُ جانباً بتلك الفتاة التي تتدثر بشال من الصوف ، فارعة القوام ذرّفت على الثلاثين ، تتغرغر في عينيها الدموع لأسألها عن مدعى حزنها، الذي لفرط شفافيته يكاد يسيلُ مدراراً على خديها المتوردين. فهل حزنها كان على الرب أم على هذه الأطلال التي تقصُ آثاره ؟ وما أروع الأطلال في النفوس العاشقة ! فالحب ينبع من الحزن، لأن الحب أسى على ما فات من شطر للنصفين المتكاملين ، ورجاء الى العود للتكامل من جديد ، فهل لما أن تزودت الفتاة من الحزن راحت تطلب الرجاء أمام رسم المسيح ؟ أي إيمان هو إيمانها وأي تصديق هو تصديقها ؟
كانت كأنها مثابةٌ تتهدل رحمة في هذا الجو الفاغم بالعطر المعتق، المفعم بالنعيم المقيم.. تحمل قنديلاً صغيراً بيدها اليمنى.. تهدأ به ظلام نفسها ليهجع باكراً في حضرة قدسها الأكبر ..
خيل لي أنها فتاة بارة مثل الأم تيريزا في شبابها وضعيفة مثلها .. لكن لها جناحين تحلق بهما ، وتيريزا في ذلك الوقت المبكر من حياتها كانت كسحاء..
دارت الفتاة حول محجن طولي امتد فوق رفرفٍ رخامي يضلل جدارية متآكلة تصور المسيح على الصليب ، وقَفَتْ أمامها فراحت تتهادى من عينيها بسمة تطفو على دمعة، ودمعة في قلبها شهوة، وشهوة في شهدها حرقة، وحرقة في نارها دمعة.
اقتربتُ قليلاً منها، فسمعتها تكلم اللوحة .. في
كلامها ضباب تتخلله قطرات دمع تتهادى بصمت ، وحزن ناعم تكاد تركع تحته جلاله النجوم الغاربة :
لم يتركوك تتذكر ما لا يذكرونه، أو تنسى ما تذكره، لا ينسونك مادام أثر سياطهم على جسدك، وآثار حربتهم تحفر أودية عميقة في روحك، اختبر قدرتك على النسيان كيما يقفوا في ذاكرتك مثل مردة من شياطين زرق، خفف عن كاهلك، لن ينسوك، وعليك أن تدرب قلبك على المغفرة. الست أنت الذي قلت: أبي اغفر لهم فإنهم لا يعرفون .. لكن لماذا لا تُعرفهم ما تعرف فيعرفون ؟
وقبل أن تستدير لتستطلع الجانب الآخر من الجدار اقتربت أكثر من الرسم ، فراحت تحنو عليه جزءً بعد جزء، تلمسه بأطراف أناملها، تلمس زغب خطوط نفرن منه وسال منهن دمٌ مختومٌ بزرقة الرموز وخضرة المعنى :
يا سيدي المصلوب بين المعنى ونقيضه، أما آن لك أن تكشف عن طينتك الطرية لزائرة توشك أن تندفع نحوك مثل نيزك الأساطير، ترفع لك المعنى من الآبار السحيقة، و المفازات الغائرة، كيما تروي عطشك القديم. نيزك عبر السنوات المحملة بالحنين و العشق ، نيزك خطت تفاصيله قدره، كما يخط النبي رسالته في شمس الليل، ويدور بها على الضالين المضلين، يدعوهم للركوب معه في عربته التي تجرها عاصفة مجنونة في جوف ليل بهيم موحش.
كنت أقف الى جانبها أستشّفُ السمع الى تأوهاتها العجيبة، و تمتماتها الحرّى ، يدور في رأسي سؤال عمن تكونه هذه الفتاة ؟ متريثاً أن تفرغ من صلاتها فأبتدرها بعشرات الأسئلة ..
لكن قطع عليها استرسال صلاتها رفيقة لها تدعوها لأمر ما فخرجتا مسرعتين .. وكانت خسارة لي أيما خسارة ، فقلت حسبي هذه الآهات وتلك الصرخات . فما في وسعي المزيد ، فكل نبرة فيها تمزق الفؤاد، وتهز الكيان بكل عنف.. وحسب كل ساعة آلآمها كما يقول الانجليز .
رحت انظر للوحة التي كانت تتبتلُ امامها لا لأقرأ، بل لأرى ذلك الأفق المستسر وراء المعنى و ظلال المعنى، علّي انفذ الى ما كانت تراه الفتاة ، فاسمع رنين الزفرات الأخيرة للمسيح قبل أن ينزلوه عن الصليب، تلك التي كانت تسمعها ..
لكن من أين لي عين مثل عينها تنفذ من أكيسة الأشياء الى حقيقتها ، وأذنٌ مثل أذنها تسمع بكاء النجوم وأنين القمر ساعات عذب المسيح ،ووجدان ملتهب مثل وجدانها يتفطر ألماً مع الملائكة ..
و من أين لي في النهاية حرارة الإيمان الذي يكسوها حتى لكأنها تكاد روحها تَشِفْ من وراء حجاب جسدها..
ثم ما لبثت أسأل عن ذلك الذي ابدع خطوط الجدارية و انثنائتها وتفاصيلها ، في ليلة ساكنة، على وقع نور تتهادى فيوضه من الأعالي القصية.. كي يجعل الرسم مليئا بكل هذا الحزن والشجن الذي يسري مع ليل الأعماق ..
تفاصيل الرسم تقرأ ذاتها، وتهطل دمعاً مثل قطرات الندى في صبحٍ بديع.اللوحة مثل غيمة بهية شفيفة تمر بين عيني و عقلي، فراحت تجهش بصوت بالغ الإثرة ، ملت برأسي كي أنال قسطاً من راحة القلب، عيناي مشرعتان على اللاشيء، فصرت مثل ذئب يتدرب على النوم في مشارف خمسة عشر قرن مضت .
أيقظني صوت شاحب يتأرجح كقنديل تحمله يدٌ خفية في ظلام العصور ، وبدى من بعيد كمن أراد أن يضللني كي أفر من هذا المكان :
يا ليتنا نستطيع تفسير أي شيء حتى يبدو لنا وكأنه لا يحتاج إلى تفسير ..هناك أمور تفسيرها يفسدها…! .
لنترك الفتاة على درب إيمانها الطويل .. ولنعد إلى شيء من تاريخ هذا المعبد ..
أيا صوفيا أحاطت بنشأتها الأساطير، وحامت في فضاءها حكايا التاريخ، التي تذهب حد الدهشة والخيال، لاسباغ القداسة عليها ، فالذي أمر ببناءها وحدد مكانها ومساحتها ونظام اتجاهاتها هو المسيح نفسه، والقصة ان صدقت، فقد تسربت بفعل صدىً بعيد جاء من التوراة ومن سفِر الملوك تحديداً ، حيث أمر يهوه الملك سليمان ببناء هيكل الرب في أورشليم ، ولتلك حكاية قصتها التوراة ..
و هكذا يأتي المسيح القديسة هيلانة والدة قسطنطين الأول، وهي في طريق حجها الى بيت المقدس في منامها مرة، وفي يقضتها أخرى، يأمرها ببناء كنيسته الإلهية. محددا لها موضعها على التلة التي تتوسط تلال استنبول .. و هيلانة هذه كانت فتاة مسيحية، نشأت في بيت مسيحي ويحكى أن والدها التقى أحد تابعي إثناسو الذي كان بدوره التقى بأحد الرسل بولس إلى الذين أرسلهم الى كرونثيوس ، و كان هذا التابع واحداً من الكهنة الذي قضى شطراً كبيراً من حياته في أحدى الكنائس البسيطة منقطعاً للعبادة، ثم ترك الكنيسة ليتزوج من فتاة مسيحية مؤمنة أشد ما يكون الإيمان، متأثرة بالغنوض الإفلاطوني ، هذه الفتاة هي والدة القديسة هيلانة ، التي ستتحول هي الأخرى الى حياة التقشف ومجاهدة النفس، وتقضى جل وقتها في الصلاة والانقطاع الى اعمال الإيمان ما وسعها ذلك ، ورثت الفتاة من أمها وأبيها الى جانب ايمانها النقي الصافي روحاً وثابة وعقلاً متوقداً، وأخلاقًا إلهية المصدر ، وجمالاً أخاذاً لا يوصف ، حتى إذا رآها الأمبراطور لأول مرة ويقع في حبها وتزوجها ، وتشترط عليه لزواجها أن يتركها وما تؤمن به ، وهكذا كان . فتنجب منه ولدها قسطنطين الذي سيغير التاريخ المسيحي كله، فلولا هذا الرجل لانتهى الدين المسيح أو تحول في أحسن احواله الى طائفة دينية وثنية محشورة في أحد أركان الأرض لا يعرف عنها شيء. ولهذا يعتبر ثالث أهم شخصية في التاريخ الكنسي كله بعد المسيح وبولس الرسول …
قام قسطنطين ببناء أيا صوفيا بشكل بسيط ومتواضع. وظل البناء قائماً الى أن أتى عليها حريق في عام 404 م ولم يبق منه غير الحجارة والأعمدة، أما السقف فقد تحول الى رماد، وظلت كذلك طيلة قرن ونيف، لكن الطقوس والمراسم والصلوات فقد كانت تقام في الصحن الخارجي صيفاً، وفي الشتاء تقام البهو الأرضي الذي تحول الى كنيسة ، قام جستنيان بإعادة بنائها عام 532 م . وهذه المرة على نحو مختلف تماما يليق بوصية المسيح ، حيث حولها الى واحدة من أعظم الكنائس التي عرفها التاريخ حتى يوم الناس هذا ..
ويقال أنه نقل الأعمدة الرخامية الثمانية التي تحمل القبة الكونية الكبرى من معبد ديانا في افسس، والأعمدة الأخرى التي تحمل الأقواس المتقاطعة من معابد أثينا، أما الأعمدة التي رفعت البرجين والنواويس جاء بها من معبد أرتميس في الاناضول، والرخام الذي شكل الأرضية والواجهة الخارجية فقد تم جلبه من معابد مصر و بلاد الشام .
شهدت آيا صوفيا أيادي الدهر فقد دمرت عدة مرات ، وكان أسوأ أيامها إبان الغزو اللاتيني خلال الحملة الصليبية الرابعة عام 1204، حيث تم تدميرها ونهب مقتنايتها و آثارها ، وأُرسلت إلى الكنائس في الغرب،وعندما استعادها البيزنطيون عام 1261، وجدوا الكنيسة متهالك، فبنوا الدعامات الأربعة الكبيرة الموجودة الى الآن في واجهتها الغربية ..وكذلك الدعامات الضخمة في أسفل الجانب الشرقي التي رفعت البناء الذي حمل القبة .
وكان لها صحن مركزي، وبلاطان جانبيان ومقدمة، ورواقان داخلي وخارجي. وهذا المكان مغطى بأقبية متقاطعة تمر عبر الرواق الخارجي إلى الرواق الداخلي من خلال أبواب خمسة.
وأبواب المبنى مصنوعة من خشب البلوط، تحمل آثار العصر البيزنطي. و البوابة البرونزية الرئيسية احضرت خصيصا من معبد هلنستي في طرسوس، وهي البوابة الأجمل والأثمن. ويوصل إلى المدخل الرئيسي من خلال 9 أبواب مختلفة، ونظرا لأن البوابات الثلاث الموجودة في المنتصف مخصصة لمدخل الإمبراطور فقد تم تزينها بصور للقديسين مزخرفة بخيوط الذهب والأحجار الكريمة التي لم يبق منها غير آثار اماكنها ...
جُلب الرخام الملون الذي يغطي الجدران من عدة أماكن، منها مصر، أما الرخام الأبيض فهو الرخام الشهير لجزيرة مرمرة.
والقبة العلوية -التي ترمز الى الكون الذي لا نهاية له، مبهرة للغاية، ليست مستديرة تماما، ويبلغ ارتفاعها 55 مترا، و قطرها نحو 32 مترا.
وفي كل ركن من أركان قبة آيا صوفيا، نثرت صُور السيرافيم الملائكة الصغيرة ذوات الأجنحة البيضاء
واغلب هذه الصور صنعت من الفسيفساء ،وفي اسفل منها صور تمثل المسيح يزور هيلانة يضع يده على رأسها لم يبق منه غير اليد و جزء من الرأس المقدس ، وهي من بين أكثر الأعمال أهمية ....

وبعد أن آلت إلى الأتراك المسلمين، حولوها الى مسجد بعد أن أسدل محمد الفاتح الستار على هذه الحضارة التي كادت أن تحفر عميقا تراثها وتاريخها وثقافتها وفنونها في تركيا، لولا الحساسية الشديدة من قبل السلاطين الأتراك، و حروبهم داخل أوروبا التي اتخذت صراعاً دينياً مريراً ، ولم تستفد تركيا ومعها العالم الاسلامي كله من حركة النهضة التي كانت قد بدأت بوادرها وأخذت تفعل فعلها في تغيير أوروبا قبل سقوط القسطنطينية بقرن كامل، ثم يفشل الأتراك لاحقاً بعدم الاستفادة من عصر التنوير والانفجار المعرفي والفلسفي والتقدم العلمي مع بداية القرن السابع عشر .. وهكذا ظلت تركيا قابعة في عصور الانحطاط والظلام والتخلف، ومعها وبتأثيرها العالم العربي والإسلامي ..
وهذا موضوع طويل و عريض يمكن العودة إليه ..
صارت أيا صوفيا متحفاً مع اتاتورك ، ولو ظلت كذلك لكان أبَركْ وأبر ، قبل أن تعود إلى مسجد عام 2020 م ،مسجداً لا تقام فيه شعائر المسلمين، والسبب كثرة السائحين الذين يأمونها، ولا ينقطع لهم ورود طيلة النهار وحتى الهزيع الأخير من الليل ..إذن فأين تكمن العبرة من تحويلها الى مسجد غير الهاب الشعور الاسلامي الذي رأى في ذلك نصراً مؤزرا للإسلام طال انتظاره ..
وأغلب زوراها من الأوروبيين الذين يدخلونها وعلى وجوه أغالبهم مسحة من الحزن لا تتبين مأتاها .
اما الرسومات الإسلامة فهي عبارة عن آيات قرآنية كتبت بخط الرقعة والنسخ والثلث وغيرها وكتب جلها بماء الذهب على ارضية سوداء أحيطت باطار فضي أو خشبي تناثرت في كل مكان ..
الفضاء من الداخل واسع والأعمدة الرخامية التي تحمل الأقواس و تنهض عليها القبة الرئسية والقبب الجانبية غليضة ضخمة وقاسية ،أما الأقواس التي تصل بينها فتنقلت بين الرشاقة والغلظة .. العبرة في قسوة الأعمدة وغلضتها كي تتحمل ضغط البناء والقبب الثقيلة، وكان هذا هو نمط البناء الروماني على امتداد الف ومئتي عام قبل ان تنتقل اوروبا في العصر الوسيط الى الفن القوطي الذي تخلص من الثقل والكثافة والأقواس والقباب ، وعمل قطيعة كاملة مع فلسفة البناء الروماني خاصة في المعابد والكنائس .
لكن لهذا الفن البيزنطي خصائص بديعة مثل التنقل بين الضوء والظل الذي تقوم على اشاعته في المساحة الواسعة داخل البناء القبب التي تشكل اعلاها من الزجاج، ويغلب عليه اللونين، الأزرق المائل للحمرة ، والأخضر الخالص، وساعد في سطوعه الهادئ، كثرة النوافذ الواسعة التي تلف الجدران في أعلاها، فتسمح بدخول الضوء مما يشيع في الفضاء جواً من السكينة الأخاذ على امتداد النهار، لولا الإنارة المصطنعة للكثير من الثريات المعلقة على ارتفاع قليل فوق رؤوس الناس .. وقد عمد ايضاً الى تغطية الأرضية بسجاد الموكيت الأحمر الفاتح الساكن، ولو تركت الأرضية على حالها دون هذا التشويه المتعمد لكان اجمل وأدعى الى تأمل اللوحات الفسيفسائية و ما تشتمل عليه من رسوم أخاذة، تشير لها لوحة فقيرة علقت على احد جدران الصحن في الخارج، أما الأبراج الأربعة التي كانت تعلق بها الأجراس النحاسية الثقيلة فلا يزال باق بعض آثارها لاختلاف نوعية الرخام والحجر الذي أغلق النوافذ، مبقياً على جزء ضئيل من أطراف الأعمدة التي تحمل القبة
.. العبرة في الأجراس التي كانت معلقة في الأبراج الأربعة أنها كانت تضرب في أوقات متتالية متقاربة لتتحكم بالنغم الذي يطوّف في فضاء المدينة، وبحسب المناسبات الكنسية ما بين الحزين المؤلم لصلب المسيح ،والمفرح لعودته الى السماء ..
وفي أي صوفيا ومنها تأسست العلوم الفكرية والفلسفية التي انتقلت من اليونان على نحو مختلف وازدهر فن العمارة والفنون الكلاسيكية مع تطور علوم الفلك والطب وغيرها وقد كانت رافداً مهمها من روافد المعرفة للحضارة العربية الاسلامة ….
وهذا موضوع طويل يمكن يمكن للمتخصصين كشف مضامينه بعد فك شيفرات المخطوطات التي لا تزال تقبع في ظلام المكتبات الأوروبية …



#تيسير_الفارس_العجارمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل الاستطلاعي ونقد الماهيات


المزيد.....




- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...
- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تيسير الفارس العجارمة - في رحاب أيا صوفيا