أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - لمياء حطاب رحيم - الهروب من الواقع ومواجهة المشكلات















المزيد.....

الهروب من الواقع ومواجهة المشكلات


لمياء حطاب رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 7721 - 2023 / 9 / 1 - 16:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


د. لمياء حطاب رحيم *
نتساءل دائمًا حينما نكون أزاء مواجهة حقيقية لمشكلاتنا اليومية هل هناك استراتيجيات أو آليات محددة يمكن اللجوء إليها في تلك المواجهة، لا سيما أن الإنسان بنيان لا يتوقف لديه الصراع والمواجهة، وهو صراع جدلي ديالكتيكي متجدد بين الفرد وبين الاخرين، لا في داخل الفرد أيضًا "بينه وبين نفسه". نحن جميعنا في هذه الحياة نتعرض لمشكلات وتعثرات أثناء سيرنا ، نظرًا لأن الحياة الواقعية المعاشة مرهقة ومتعبة ، فيها الكثير من ضغوط الحياة وأزماتها.
يشير مفهوم الهروب من الواقع إلى الميل عدم المواجهة والهروب من العالم الحقيقي لصعوبة العيش تحت قسوة القهر الداخلي أو الخارجي ومن ثم والعجز النفسي عن القدرة في تغيير الواقع ، فيكون الهروب إلى عالم خيالي آمن ومريح ، ومن ثم فإن استراتيجيات الهروب تقلل من هذا التوتر ولو لفترة قصيرة ، ولكن يختلف الأشخاص في استخدام هذه الآليات حسب نمط شخصيته ، فكل شخص يختلف في طريقة مواجهته وتفاعلة مع تلك المشكلات. يعود هذ الإختلاف الى ما تعلمه الشخص ومدى ثقافته الشخصية وطبيعة تكوينه وقوة الإرادة وغيرها من المتغيرات الفاعلة في بناءه. وحسب معلوماتنا النفسية ودراسات علم نفس الشخصية وأنماطها يوجد هناك نوعين من الأفراد ، الأول يستسلم للتعثر وقبول الأمر الواقع بالكامل. والثاني ينهض ويقاوم ويواجه ويُحاول ولا يستسلم لليأس . بعض الأفراد يمرون بخبرة وتجربة الغربة والأصح أن نقول بحالة الإغتراب عن الواقع أو تبدد الشخصية في فترة ما من حياتهم بشكل عابر وربما تكون حالة تترك الأثر في النفس لما بعد التجربة المؤلمة.
ماهي اشكال الهروب من الواقع :
يعد الهروب إلهاءً نحو اتجاهين، أما إلى عالم الخيال (العالم الوهمي)، أو إلى الترفيه (الألعاب، الأفلام والمسلسلات، الهروب نحو النوم لفترات طويلة ، الهواتف، ، التأجيل المستمر في القرارات المهمة، إدمان التدخين ، إدمان تعاطي المخدرات ، العزلة، الهروب إلى عالم السوشيال ميديا، اللجوء إلى الكذب، الخيال، إدمان المواقع الإباحية ، وذلك هروبًا من الواقع أو محاولة نسيانه ، وفي الحقيقة ما هي إلا التصورات التي يسقطها الفرد وتختلط حينها بين الخيال، والغرق في أحلام اليقظة التي تبقيه منتشياً لفترة محددة وبين الواقع المؤلم.. إنها محاولات .
وهي يمكن أن نقول عنها حالة من حالات الإختلال النفسي التي ربما تؤدي بصاحبها إلى الاضطرابات النفسية وأهمها الاكتئاب العصابي .
ومن بعض أعراضه العزلة والشعور بالوحدة حيث ينعزل فترات طويلة عن العالم الواقعي الذي يعيش فيه ويكون سعيداً بعالمه "الافتراضي". الهروب من الواقع هو حالة من غياب الرضا عن الواقع والتكيف معه ، يحتفظ بها أي إنسان من خلال صنع عالمه الخاص به ، ويظل واقع تحت تأثيرها ، وإن كانت هناك محاولات للتخلص منها، أو إظهار عكسها في تعاملاته مع الاخرين بإظهار صورة عن ما يدور بداخله عكس الواقع المعاش .
يرى عالم النفس "كوليير" من أن الهروب يعني ضعف مواجهة الشخص لنفسه والتفكير في مشكلاته، وكلما هرب أكثر قل الوقت الذي يملكه للتفكير في خيارات حياته، وأخطائه وصدماته، ومن ثم يعتقد أنه يهرب من الألم، بينما في الحقيقة هو يتألم بصورة أخرى.
إن البداية الصحيحة لمعالجة أية مشكلة، هي الاقرار بوجودها، ولا يمكن معالجة أية مشكلة دون الاعتراف بها أولاً، ثم محاولة تقدير حجمها، ومدى تأثيرها على الشخص نفسه ، وإنعكاس ذلك على المحيطين به، إننا نتأثر ونؤثر في الآخرين، وبدلا من الهروب الذي قد لا يكون حلاً كما في الكثير من المشكلات نقترح أن يتم التعامل مع الواقع بعدة طرق منها: مواجهة المشكلات والبحث في اسباب نشوئها مما يسهل وضع علاج لها، ومن ثم التخلص من قدر المستطاع من القلق الناجم عنها والتفكير بها ، والالم الذي تسببه.
ترتيب الافكار لتخفيف ما يمكن تخفيفه للوصول إلى الهدف الذي يمكن تحقيقه ، ومن الامور التي تجعل الحياة تستمر هو إمكانية التغيير وأولها السفر إلى مكان ما، وأخذ هدنة واستراحة من المواجهة المرهقة من كل نشاط روتيني وحينها بالإمكان أن نعود بحالة نفسية مختلفة مخففة عن المواجهة المرهقة، فضلا عن التخفيف من أحلام اليقظة ومحاولة العودة للعيش في الواقع وتقبله والسعي بدل الهروب منه، وبذا يستخدم الانسان مهاراته وامكاناته المتاحة لتحقيق حالة التوافق النفسي بوعي هو الذي قرره وتقبله. وهناك عدة أسباب تدفع الشخص إلى الاسلوب الأمثل ومنها :
ضعف الدعم النفسي للفرد وشعوره بالوحدة لمواجهة ما يعانيه:وهو ما ينتج من شعور الفرد بوحدته وقلة أو انعدام المقربين إليه ومن يشعرونه بالدعم الحقيقي وبالوقوف بجانبه في مشكلاته وأزماته المتعاقبة سواء أكان هذا الدعم من الوالدين أو الاصدقاء المقربين أو المربين أو غيرهم، فيتولد عنده شعور بالخوف من المواجهة لما قد يحصل له.
الخبرات النفسية السابقة :
أي الاحداث التي تعرض لها الشخص من قبل خلال تجاربه السابقة وخصوصاً في مرحلة طفولته ومراهقته، فالشخص الذي تعرض لبعض المواقف المؤلمة وتركت نتائج مؤثرة فيه خلال سنوات عمره الماضية حيث تراكمت لديه مشاعر الكراهية المتزايد تجاه شتى الأشخاص الذين يعتقد أنهم سبب المشكلات التي مرت به من دون تحديد لنوعية تلك المشكلة، فتراه عازفاً عن مواجهة مشكلاته، مهما صغرت وضعف اثرها.
التأجيل في البحث عن حل للمشكلة :
يقول المثل الأنكليزي " التأجيل لص الزمن" بمعنى تأجيل أي حل أو ابعاد المشكلة عن المواجهة سيؤدي حتمًا لزيادة التفكير بها ودوامة بقائها واستمرارها ، فتأجيلها يجعلها كبيرة ويشعر بثقلها على حالته النفسية ، ومن ثم يهرب من مواجهتها وايجاد الحلول لها ، ولا شك في أن تأجيل النظر في هذه المشكلة وبحثه لحلها ومواجهتها، يكون له ارتباط بعامل الخبرات السابقة أي السبب الاول .
الحساسية الشخصية المفرطة:
فمعظم الشخصيات التي تهرب من مواجهة مشكلاتها لانها لا تحب النقد ، وتتأثر به بشكل كبير جداً ، فهي تحب الإطراء والمديح والتجمل أمام الآخرين وتعزو ذلك إلى الراحة التي تحققها هذه الإطراءات والمديح وهي في الحقيقة كذب على النفس وتبرير لوجودها ، أو قبولها.
الطبيعة الانطوائية للفرد :
وهي سمة تتميز بها الشخصية ، والسمة هي الأكثر ثباتًا في بنية الشخصية وتكونها ، فهي غير قادرة على المواجهة ، هذه الشخصية التي تميل للإنطواء ، لها عالمها الخاص بها ، و كثيراً ما تميل في تشكيلها وخصوصيتها إلى الإنعزال أو في تُكون لها عالم خاص بها . ويمكننا القول أن الشعور بالعزلة والوحدة وضعف المواجهة هو الوجه الآخر للحياة الإنسانية بكل شمولها ، بكل سلبياتها وإيجابيتها إن وجدت، وقصديتها بكل ما تتسم من حرية تحقق لنفسها عالم آخر ، ويسعفنا تخصصنا النفسي بأن نقول إن هذه أشبه بالمرض الذي يقع الإنسان ضحيته عندما يضل طريق الصحة والحفاظ على الحياة بسويتها.
* استاذة جامعية متخصصة في علم النفس التربوي.
* كاتبة متخصصة في الكتابات النفسية والتربوية والاجتماعية .



#لمياء_حطاب_رحيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انفعالات الشخصية واستراتيجية اعادة التركيز الايجابي
- شخصياتنا مؤشر لسلوكنا


المزيد.....




- -آمل أن أعيش لأكثر من 130 عامًا-.. احتفالات بعيد ميلاد الدال ...
- مصر.. أحمد الرافعي يثير قلق زوجته وأشرف زكي يوضح ملابسات -اخ ...
- وفدان مصري وإسرائيلي يتوجهان إلى الدوحة لإجراء محادثات بشأن ...
- شاهد.. خندق إسرائيلي يقطع شريان حياة قرية فلسطينية بالخليل
- دكتور سترينجلوف وتخفي الجنون في ثوب -الإستراتيجية-
- بالصور.. حرائق وفيضانات في العالم تخلف عشرات القتلى
- تخيفها الألعاب النارية.. شاهد ما يفعله خبراء مع الحيوانات لت ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن والحوثيون ...
- -ثأر الله من بني أمية-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بتدوينة في ...
- منصة رقمية لدعم المصممين في تحقيق الاستدامة


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - لمياء حطاب رحيم - الهروب من الواقع ومواجهة المشكلات