|
كفاءات على الرصيف
رامي الغف
الحوار المتمدن-العدد: 7709 - 2023 / 8 / 20 - 23:47
المحور:
حقوق الانسان
نعرف جميعا مقولة الرجل المناسب في المكان المناسب، والتي تؤكد على أهمية الدقة في إختيار الأشخاص حسب الكفاءة والاختصاص ومن أجل أن يؤدي كل فرد المهمة الموكلة إليه على أكمل وجه، وهذا المبدأ هو السائد في جميع الدول المتقدمة الغربية منها والعربية، لكن لم يطبق هذا المبدأ في فلسطين، في ظل الحكومات السابقة والمتلاحقةوالحالية، منذ تأسيس السلطه الفلسطينيه منذ أكثر من 30 عاما ولحد الآن، وهذا هو أحد أهم الأسباب تأخر فلسطين إلى أن وصل الوضع إلى ما نحن إليه الآن، إذ يتم إختيار الموظف أو المسؤول على أساس انتمائه لهذا أو ذاك أو المحسوبية أو الولاءات بغض النظر عن إمكانياته ومؤهلاته، فالمهم هو مدى إخلاصه وتملقه للمتنفذين وأصحاب القرار، وهذا ما يحدد أهمية المنصب الذي سيحتله الموظف المتملق، فكلما بالغ في التمجيد والتعظيم لولي نعمته ازدادت أهمية المنصب الذي سيتسلمه تبعاً لذلك، فمصلحته فوق الوطن والمواطن، ورضا وراحة القائد أهم من رضا الله أو رضا الجماهير وخدمتهم وخدمة الوطن. هذا ما يقدمه هؤلاء من تنازلات ليحتلوا أماكن ليست لهم أساساً، فمعظم ليس له خبرة في المجالات ورغم ذلك نجدهم في مواقع متقدمة حساسة ومهمة، والقسم الآخر لا يمتلك المؤهل العلمي الذي يمكنه من إدارة وزارة أو سفارة أو مديرية ورغم ذلك نجده يديرها. يرفد الوطن بالكوادر العلمية والأكاديمية بل أن معظمهم كان يعمل بائعاً للخضار فيصبح وكيل أقدم في وزارة ما، أو بائعاً للمخللات يصبح سفيراً يمثل فلسطين في الخارج، والأدهى من ذلك أن بعضهم مصاباً بأمراض نفسية وعقلية لا يمتلك المؤهل العقلي الذي يمكنه من أن يدير منصباً حساساًّ، أما العقول والكفاءات الحقيقية في فهم يفترشون الأرصفة لتأمين لقمة العيش لعوائلهم، أو أنهم تركوا البلد وهاجروا إلى الخارج ليستفاد من خبرتهم وامكانياتهم من يقدر عقولهم وعطائهم من الدول العربية أو الأوربية، والإمارات العربية خير دليل على ذلك فأغلب الكفاءات الموجودة هناك هم من الفلسطينيين، وكذلك النرويج وبلجيكا وألمانيا والسويد. كل الدول تقدر العقول بغض النظر عن جنسيتهم، أو إنتمائهم فالمهم في الأمر هو مقدار عطائهم، ومدى ما يقدمون من خدمة وفائدة تعود بالنفع على أهل هذا الوطن، إلا في فلسطين التي لا تقدر العقول والكفاءات، بل يقدر المسؤول، فهو المهم والأهم، فمقولة الرجل المناسب في وطننا لم تعد يكملها النصف الآخر من العبارة في المكان المناسب، بل وجدت لها تكملة أخرى تماماً فأصبحت المقولة الرجل المناسب على الرصيف، فهي تروي واقع الحال في فلسطين بشكل أفضل. إن عدم الاهتمام لذوي الشهادات والمبدعين في فلسطين أصبح من البديهيات ونرى الكثير من اصحاب الابداع والشهادات لا يجدون من يهتم لهم او يطور قابلياتهم ليكونوا اكثر فائدة وخدمة لبلدهم وعندما تبحث عنهم تجدهم قد ملئوا الأرصفة ينتظرون من يستأجرهم ليقوموا بالاعمال الشاقة أو افترشوا الارض في بسطات يبيعون ما يستطيعون بيعه او منهم من باع اغراض بيته ليشتري بسطه لتكون سبباً لرزقه وعندما تسألهم هل طرقتم ابواب الوزارات لتحصلوا على عمل يحفظ ماء وجوهكم وتمارسوا ماتعلمتموه في جامعاتكم، فتأتي الاجابة ؟ نعم ولكن وما من مجيب، فالتعيينات محجوزة سلفاً للاحبه والاقارب والمتنفذون، أما صاحب الشهادة الفقير فليشكو امره الى خالقه ولينادي يا مغيث اغثنا، ونحن نسأل المختصين في هذا الشأن هل وُضعتم خطة لاستفادة من هذه العقول ؟ هل هناك احصائية دقيقة لاعداد العاطلين واصحاب الكفاءات والشهادات ؟ وهل يمكن القضاء على ظاهرة البطالة في وطن يطفوا على بحر من الهبات والمنح والمساعدات، في نفس الوقت هناك اسراف في توزيع المناصب على اناس لا يستحقونها فمنهم من شغل منصباً مهماً ومفصلياً في الدولة، ولا يفقه من العلم او الثقافة شيئاً كونه ينتمي الى الحزب الفلاني او الكتلة الفلانية أو تربطه بذاك المسؤول او هذا قرابة حزبية. إن مصيبتنا وأسباب تخلّفنا تكمن في وضع الرّجل الغير مناسب في المكان المناسب. إن وضع الرّجل الغير مناسب في المكان المناسب يرفع من مقام الوضيع، وينقص من مقام الفاضل. فعندما يدير الشّخص غير المناسب أيّ منظومة فإنّه يحارب الكفاءات حتى لا يظهر أحد بجواره يخطف منه الأضواء، فيحاربه بالتّهميش تارة وبالإقصاء تارة وبالكذب والافتراء والكيد تارة أخرى. فليس من المنطق أو من المعقول أن يوضع العالِم في وظيفة لا تليق بعلمه وحكمته ورجاحة عقله، وليس من المنطق أو من المعقول أن يوضع الجاهل في وظيفة إدارية أو تنفيذية ليتحكّم بمصائر العباد بلا أدنى خبرة بكيفية تسييـر الأمور. فماذا نتوقع من شخص يفتقد الى كل مقومات التدبير، شخص محدود الفكر، منعدم التّواصل، مريض النّفس، ضيّق الأفق، متضخّم الأنا، عندما تسند له مسؤوليّة إدارية أو تنفيذية؟ فلا يستقيم حالنا إلاّ بتجسيد شعار الرّجل المناسب في المكان المناسب. *إعلامي وباحث سياسي
#رامي_الغف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما الذي تبقى لفلسطين؟
-
أصبع على الجرح !!!
-
أزمات ومشاكل مزمنة
-
الشباب والتغيير القادم !!!
-
تحديات مفصلية في المسيرة الفلسطينية !!!
-
للقضاء على الفساد!!!
-
معالجة الفساد وعقاب الفاسدين
-
لا بديل عن الحوار !!!
-
الحزبية المقيتة!!!
-
إلى رئيس الوزراء الجديد!!!
-
التحديات وفرص النجاح للحكومة الجديدة !!!
-
ماذا يحتاج المواطن ؟
-
الكيان المأزوم !!!
-
هل ستنجح الحكومة القادمة؟
-
حكومة الخلاص الوطني !!!
-
البناء المطلوب !!!
-
تصحيح التفكير من اسرار النصر
-
لنضمد جراح المتألمين والمقهورين !!!
-
أهم شروط لنجاح الحكومة القادمة هو؟
-
لنبني الوطن ونسموا به!!!
المزيد.....
-
اليونيسف تُطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان: طفل واحد ع
...
-
حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائي
...
-
الأمم المتحدة: إسرائيل قصفت الإمدادات الطبية إلى مستشفى كمال
...
-
برلين تغلق القنصليات الإيرانية على أراضيها بعد إعدام طهران م
...
-
حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل
...
-
الأونروا تحذر: حظرنا يعني الحكم بإعدام غزة.. ولم نتلق إخطارا
...
-
الجامعة العربية تدين قرار حظر الأونروا: إسرائيل تعمل على إلغ
...
-
شاهد بماذا إتهمت منظمة العفو الدولية قوات الدعم السريع؟
-
صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحيثي
...
-
صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحديثي
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|