أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الغنى داود - الخليل إبراهيم رسالة إلى جوهر الديانات الثلاث















المزيد.....



الخليل إبراهيم رسالة إلى جوهر الديانات الثلاث


عبد الغنى داود

الحوار المتمدن-العدد: 7704 - 2023 / 8 / 15 - 02:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذا الكتاب الهام يكشف لنا الكثير عن قضية العالم العربى المحورية وهي قضية فلسطين والإستعمار الصهيوني الإستيطاني لهذه البقعة الغالية من أرض الوطن العربي – كتبه يهودي أمريكي هو(بروس فيلر) عام 2002 والذى تربى تربية يهودية منذ الصغر.
ومن خلال عناوين الكتاب الداخلية الذى ترجمه (نشأت باخوم) ترجمة متميزة ومراجعة و تقديم :(د. أحمد هويدى) المؤلف كتابه ]بالقصص والأخلاق والكتاب المقدس والقرآن في كتابات المستشرقين وأثرها في نشأة الحوار بين الأديان الإبراهيمية وتطوره[ ، وتتوالى بعد ذلك عناوين الكتاب الداخلية وهي : ]صخرة إبراهيم ، الموطن ، إله إبراهيم لما بين ( الميلاد ، و الدعوة و أولاد إبراهيم ، إسماعيل ، إسحاق ، شعب و رجال إبراهيم ) ، اليهود ، المسيحيون ، المسلمون ، دم إبراهيم ، التركة ، البركات ، القراءات[
في المقدمة يتولى (د. أحمد هويدى) الدفاع عن رؤية الإسلام في مواجهة اهتمام المستشرقين ، وعلاقة القرآن الكريم بكل من اليهودية والمسيحية ، وتناول شخصيات الكتاب المقدس ، ويشير إلي الاتجاه اللاهوتي في عمل عدد غير قليل من المستشرقين رغم ظهور الاتجاه العلمي الموضوعي – والدراسات التي حاولت البحث عن مصادر يهودية للقرآن ، وبعضها جاء بعيداً عن الكتاب المقدس أو البحث عما هو مشترك في الكتب الدينية عن تلك الشخصيات من (العهد القديم) وذكر بنى إسرائيل في القرآن الذى يحتل مكانة أكبر في السرد ، واختلاف الصورة لأنبياء بنى إسرائيل في القرآن عن فهم (العهد القديم) ، والدراسات الكثيرة التي تناولت النبي يوسف في القرآن الكريم – ثم .. آثر الكتابات الاستشراقية في نشأة الحوار بين الأديان الإبراهيمية وتطوره ، واعتناق غير مستشرق للإسلام وكتابتهم عن الإسلام ، مساهمتهم – إلى حد كبير في تغيير كثير من الآراء السلبية التي كانت سائدة حيث أن هؤلاء يكتبون بلغة استشراقية وبمنهجية علمية موضوعية ولديهم مقدرة على الإسلام بصورة تناسب العقلية الأوروبية – مُعتمدين على الأدلة العقلية والبراهين القرآنية ؛ وكذا ظهور كثير من ترجمات معاني القرآن الكريم ، وتزايد عدد مراكز الدعوة الإسلامية على مستوى العالم وظهور عدد غير قليل من المستشرقين الذين على الدعوة إلى الحوار والبحث عن المشترك بين الأديان ، وتأسيس معاهد ومؤسسات تعطى أهمية للحوار ومعرفة كل طرف للأخر على أساس الأخلاق كنموذج للحوار المشترك والاهتمام بالوصايا الأخلاقية ، وتعد الآيات القرآنية 22-28 من سورة الإسراء أبرز نموذج شامل للمبادئ الأخلاقية ، ويرى (د. أحمد هويدى) أخيراً أن هذا الكتاب يمثل نموذجاً جيداً على تبنى الحوار بين الأديان الإبراهيمية بمنهج علمى وصفى ، ويقدم لنا شخصية إبراهيم عليه السلام – كما يفهمها أتباع الديانات الإبراهيمية ، وقد صاغ المؤلف كتابه على شكل حوار بينه وبين من قابلهم من علماء هذه الأديان ، وأنه كان في جانب ما موضوعياً وعلمياً إلى حد كبير للتعرف عن كتب على شخصية إبراهيم وهويته وقيمته عند المؤمنين به .. لكنه كشف في النهاية عن إنحراف وهوى عند عرضه للقضية الفلسطينية .
ويستسهل المؤلف (بروس فيلر) كتابه بأية من (سفر التكوين) هي ]ما جعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك وتكون بركة وأبارك مباركيك ولاعنك ألعنه وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض[ ، ويبدأ ب (صخرة إبراهيم) ، و(الموطن) ويستعرض إحتفال إسرائيل بعيد (جانوكا) والإحتلال الإسرائيلي الهجمى لأرضهم حيث يقود الرهبان موكباً جنائزياً حزيناً يوم الجمعة الأخيرة من أيام هذا العيد ، ويشيرإلى أن المسلمين يذكرون النبى إبراهيم في صلواتهم كل يوم ، وكذا يفعل اليهود .
وأن قصة تقديم إبراهيم لإبنه ضحية لله ، وهى قصة محورية في عيد القيامة والفصح في السنة المسيحية ، لأن إبراهيم بإله واحد فقط ، وهذا هو إسهامه العظيم في الحضارة الإنسانية والمنحة المشتركة التي هي للإيمان و العقيدة الإبراهيمية ، ونأن (الصخرة) هي ذلك المكان الذى تلتقى فيه الحياة بالموت في العالم .. فقد عرج محمد (صلى الله عليه و سلم) من الأرض إلى السماء ثم عاد ، وترك المسيح الأرض أيضاً ثم عاد ، وطرح إبراهيم ابنه أرضاً مُزعماً ذبحه وتقديمه كقربان ، وينتهى هذا الفصل بسؤال ]عما إذا كان الله يستطيع أن يجلب السلام للعالم[ ، ويبقى السؤال هل نستطيع نحن؟ وفي فصل ]إله إبراهيم[ يحكى الكاتب ويتساءل : هل ولد إبراهيم على الإطلاق (حقاً) ، وإذا كان قد حدث فمتى؟ وأين؟ ، وهل قصته مُصدقة عالمياً تقريباً بكلمة الموروث أو كلمة الكتاب المقدس أوكلمة الله؟ - فإبراهيم عصى على التفسير "كما يقول الباحث الألماني (يوليوس فلهاوزن) ، وحضرعا عاد الآثار في العراق بحثاً عنه ، ويشير (المؤلف) أن حقيقة شخصية إبراهيم مُبهمة لأن هناك مئات القصص عن إبراهيم.
وإحدى هذه القصص أنه كان مختلفاً عن أقاربه – لكن هذه القصص تبين روعة الإختراع وبراعته مثل أن يواجه والده فيما يخص الأصنام – لذا فإن كل كاتب تناوله حاول أن يجعله يخاطب جيله و عصره ، ويظل الاتفاق على شيء واحد هو أن إبراهيم كان موحداً مؤمناً بإله واحد بينما نجد المستشرق (بيل جراهام) يقول:]إن القرآن مكتوب بأسلوب مرجعى ، فهولا يعيد قص الأحداث أوروايتها من جديد ، بل يشير إليها ، ويستخدم أدوات السرد البلاغية – لذا فإن تجرببة تناول القصص وسردها في القرآن تختلف عن (سفر التكوين) ما لكن التراث المشترك للديانات الثلاث تقدم إبراهيم في طفولته يصورة متشابهة و متماثلة تماماً ، وهنا يشير (د. أحمد هويدى) إلى تناقض المؤلف (بوريس فيلر) مع بقوله : ]فقد آثار المستشرق (بل جراهام) أن الإسلام جاء مصلحاً للتوحيد ، وإلى قول (تفنالى فيدر) إلي أن اليهود عادوا إلي كثيرمن الطقوس التى كانوا قد هجروها تأثراً بالمسيحية والتى من أبرزها (الطهارة والجلوس على البارك فى الصلوات ، والإصطفاف فى فى الصلوات وغيرذلك[- لذا فإن رفض إبراهيم لأوثان آبائه يجعل منه نموذجاً يحتذى ليس فقط فى الأصول المشتركة ولكن ايضاً لأجل التأسيسة ، وأن رفضه ومعاقبته بسبب معتقداته ، ووصل الأمر لحد حرقه بسبب إيمانه – لذا فإن إبراهيم ليس أول الموحدين فقط بل هو بحق أول الشهداء ايضاً[ كما يشيرالمؤلف فى نهاية هذا الفصل.
وفى الفصل الثانى و عنوانه (الدعوة) يواصل المؤلف سرد رحلته بحثاً عن النبى إبراهيم منذ كان الثالثة عشرمن عمره عند محاولته قراءة فقرات من "سفر التكوين" ، والمؤلف هنا يستخدم كلمة (الدولة) أى اليهودية – وهو مصطلح صهيونى تستخدمه الأدبيات الصهيونية للتعبير عن أرض فلسطين بهدف طمى التسمية الأصلية لأرض فلسطين ، والبحث عن ] سن التكليف الدينى[ حين قال الله سبحانه وتعالى:] إذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلي الأرض التى أريك – فأجعلك أمة عظيمة – و أباركك ، وأعظم اسمك – وتكون بركة – وابارك مُباريكك – ولاعنك ألعنه – وتتبارك فيك جميع قبائل الارض[ ، ومن هنا يعد ابراهيم صرة العالم ومركزه – نقطة البداية المقدسة – الصخرة - ، وتشير (المراجع) أن التوراة تشمل أنواعاً مختلفة من العهود الدينية التى تم صياغتها في ضوء المعاهدات السياسية للشرق الأدنى لذا فإن رحلة إبراهيم كما يرى (المؤلف) غريبة وطلب غير عادى على أى مستوى .. بل يبدوأكثر غرابةً بحقيقة أن إبراهيم رجل مسن وأن زوجته عاقروأنه لا يعرف حتى إلى أين سيذهب ، ومع ذلك يجر الإسرائلين على سبيل (العجل الذهبي) مقاومين الدخول فى عهد مع الله وإحترام مواثيقه ويسيرإبراهيم ويمشى متنقلاً من مكان لأخر ، وبعمله هذا يترك إبراهيم مجموعة من آثار الأقدام التى لايمكن محوها .. ] يؤمن بالله ، ويؤمن بالله[ . لم يطلب دليلاً:ويقدم الدليل ، وأن عهد إبراهيم لله غير المنطوق ، ويشكل بنداً مركزياً فى كل الديانات الثلاث الإبراهيمية ، و يستشهد (المؤلف) بأيه من (سورة البقرة) هى:وإذا أُبتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال ]إنى جاعِلك للناس إماماً قال ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين[ إذ ينظر الإسلام لرحلة إبراهيم كما تنظراليهودية على أنها ليست مجرد رحلة خارجية ولكنها داخلية بنفس القدرة ويستشهد (المؤلف) يقول (الشيخ عبد الرؤوف) الذى قابله فى (القدس) ]يجب أن نحمل رسالة إبراهيم ووجهة نظره ونقدمها للعالم أجمع . يجب أن نحاول أن نكون إبراهيميين فى كينونتنا ووجودنا[ ، ويصف كيف تكون إبراهيمياً وهى:أولاً التفانى و التسليم الكامل لله ، وأخيراً أن تعرف نفسك بصورة أعمق . فالهدف الأول من الدين هو أن تعرف الله ، وأن نكتشف الله من داخلنا .
وينتقل (المؤلف) إلى رؤية المسيحين لله سبحانه وتعالى وأن الإيمان فى المسيحية فى قصة إبراهيم تأصل فى سيرة أمام الله – تلك العلاقة ]التى يجب أن تتخلى عن كل شىء من أجل الله – حتى فى (العهد الجديد) يقول السيد المسيح : إذا لم تكن راغباً فى النخلى عن الزوج والزوجة والأم والأب والأولاد من أجل ملكوت السموات فأنت لا تستحق أن تتبعنى – والخط القابع فى الأعماق هو أنه إذا كنت مستريحاً جداً ، وآمناً جداً وكل أشيائك تحت السيطرة – عندها تكون راغباً وتواقاً لأن تثق فى الله ن ويقول : أن الدعوة تتضمن رحلة داخلية ]كما أخبرنى الأب جون[ ، و يتحدث عن (الصمت) ، وأنه ]السبيل الوحيد الذى ستجد فيه السلام مع الله . يكمن فى الصمت[ ، ويعلق (المؤلف) ]كذا فرسالة إبراهيم هى فى الهروب[ ، وأن رسالة إبراهيم هى أن تكون وحيداً بمفردك ، هادئاً ، وأن تنصت . إن لم تسمع النداء فى المقام الأول . لن تعرف أى الطرق تسلكه[ ، وأن القبول والإذعان لله هو ما يعتبره الإسلام مثالاً عظيماً وهوما تراه المسيحية التى تضع الأولوية للإيمان – وفى اليهودية يقول الله ستصل معرفتى ورسالتى للعالم أجمع .
وبتحدث المؤلف عن طفولته فى المعبد ويتذكر الدرس الذى تلقاه هناك وهو : ]أن تترك عائلتك التى نشأت فيها ، ويعترف (المؤلف) ]أن صدمة الفراق والإنفصال بقوله ]أنا أقدرمشاعرالإتصال والإرتباط الذى كان ربما كان من نوع أخرقد بدا أنه خامد ومكتوم ، لقد فُرض على ألم الوحدة وأن أكتشف الميراث الذى للبيت الذى حملته وبداخلى وأنا جائل[ .
وفى فصل (أولاد إبراهيم) يبدأ بإستعراض شخصية (إسماعيل) ، وفى صحراء بئرسبع قال له أحد خبراء اليهودية (رامى خروبى) : ]بإمكانك رؤية إبراهيم ساتراً مثل هؤلاء البدو[ لراعى يرعى قطيعاً من الأغنام .. فأنبياء الكتاب المقدس العبرى يشيرون إلى (إبراهيم) الذى ورد فى سفر التكوين ، وكذلك تفعل الأناجيل ، حتى القرآن يشيرإلى إبراهيم الذى ورد فى الكتاب . إن (سفر التكوين) لهو بحق المكان الوحيد الذى السرد الذى لقصة حياة إبراهيم بأى صورة شاملة ، أما الكتب الأخرى فهى تفترض أن يكون القارئ يعرف القصة الأساسية دون شك – لكن الكتاب المقدس العبرى لا يحاول أن يكون شاملاً .. فكل جزء من القصة يتضمن – حتى بالنسبة للقارئ العادى . ويبقى هناك الكثيرمن تفاصيل غيرواضحة ، وبذا يفشل الكتاب المقدس كتاريخ ويُحيط من يريده كتحقيق صحفى ، ولكن ربما يكون هذا الشىء تحديداً هو سر نجاحه كراو وسارد للقصة وكنص مقدس . ، و تعتبر القصة التوراتية لإبراهيم انتصاراً للحذف والقطع الأدبى ؛ فالنص يعطينا ما يكفى من التفاصيل فقط للم عدد لا يحصى من الرسائل ولا يزيد مقطع واحد عن ذلك . ، وهذه القصة تبدأ بجدية مع الدعوة أى (النداء) لذا يأخذ إبراهيم زوجته وابن أخيه لوطاً وكل مقتنياتهم التى امتلكوها فى جاران ، ويشرعون فى رحلتهم نحوأرض كنعان – فى الأية التالية ، وأجتازإبراهيم فى الأرض إلي مكان ، فى أرض الميعاد ، ويظهر الله قائلاً : لنسلك أعطى هذه الأرض . هذا هوالتكرارالثانى للوعد ، والأول الذى يربط إبراهيم بمنطقة معينة ، ويقررالمؤلف : ]فقدرة إبراهيم على أن يجد نفسه فى مركزسياسات العالم ليس بجديد فقد بدأ منذ القدم .. فى المنطقة الواقعة بين دجلة والفرات الذراع العليا لذلك الهلال الخصيب والذى حوى إمبراطوريات بابل وأشوروسومر، أما الذراع السفلى فقد كانت مصروالنيل الذى قامت على ضفافه الحضارة الفرعونية .
- وبينما المناطق فقيرة المطرعلى ساحل البحرالمتوسط ، ولا يوجد سوى الشريط الواقع فى مركزهذا الهلال الخصيب ، وهوما يعرف الآن بلبنان وسوريا و(إسرائيل) و(المناطق الفلسطينية) .. ]كما المؤلف[ ، والتى كانت تمثل القلب الإستراتيجى لتلك المنطقة ، وكما فى (سفر التكوين) ]فإن هذه المنطقة هى تجسيد تام لتلك المعركة - إنها قصة عن الصراع من أجل السيطرة على أرض الميعاد – معركة خصبة فى عهد الخصوبة – فقد ولد إبراهيم فى المنطقة المسماه ( ) أوبلاد النهرين أى العراق التى تشكل الذراع العليا لمنطقة الهلال الخصيب ، وما يبقى من تلك القصة هوذلك (القتال) الملحمى على نسل إبراهيم ، والذى يتم بين إمرأتين واحدة تنتمى لموطن إبراهيم (سارة) ، والأخرى من مصر- خادمة سارة (هاجر) ، ويكمن إبتكارإبراهيم فى مغادرة أرض الأنهار: ليذهب إلي مكان جديد ، حيث يجب عليه أن يخلق عالماً جديداً . وعندما يصل إلي مصريدعى أن (سارة) أخته ، وبكافأة الرب بثراء واسع ، ويكافئ الرب سارة بسبب معاناتها وذلك بضربه فرعون وبيته فيرد الفرعون بطرد الأسرة ، وبعد العودة إلي كنعان تصبح عائلة إبراهيم كبيرة وضخمة ، ويهب إبراهيم لوط أجود الأرض التى تجاور(سدوم وعمورة) ، وعندما يؤخذ (لوط) أسيراً فى الحرب التى شنها أربعة ملوك ضد خمسة فيقود إبراهيم تحالفاً لإنقاذه ، ليصبح مع تلك الحادثة هذا ]القيم المستحق للرثاء الشيخ المتقدم فى السن بطلاً فى الحروب ، ويبدأ إبراهيم فى عقد معاهدات مع القادة المحليين ، وبذا بدأ نمو إبراهيم بالقوة التى يجمعها وتتراكم عليه ، ورغم ذلك أصبح طلبه الوحيد والأعظم سوى أن يكون له ابن ، وتزوج (سارة)(هاجر) وتتصاعد غيرة (سارة) وتقوم بإذلال هاجر التى تهرب إلي الصحراء فى – برية شور- وتلحق بها سارة ، وهو نفس المكان الذى ذهب إليه الإسرائيليون فور عبورهم إلي البحرالأحمر، ويشير(المؤلف) إلى أنه جاء فى الكتاب المقدس رسالة خفية تعنى أن كل أولاد إبراهيم يتم إذلالهم بصورة أوبأخرى وعندما يتم لهم ذلك ، يعتنى بهم الله وينقذهم ، لذا (فهاجر) يعدها الرب بكثرة الأولاد ، ويختلف الدارسون فيما بينهم – لكن هاجرتلد (إسماعيل) الذى سيعيش فى الصحراء ، وإنها الوحيدة التى تتلقى وعداً إلهياً ببركة مقدسة للأولاد والأحفاد ، ويشير المؤلف أن ]هناك نقطة هامة تختبئ وراء كل الدراما التى تحيط (سارة وهاجر) وهى أن إبراهيم الآن قد حصل على وريث له ! وكان هذا الأب الممجد فى السادسة والثمانين من عمره عندما ولد إسماعيل ، ويأمرالله أن على كل الذكور عبر الأجيال أن يختتنوا فى عند بلوغهم ثمانية أيام ، وقد خُتن إبراهيم نفسه وهو فى التاسعة والتسعين من عمره ، وخُتن (إسماعيل) وهو فى الثالثة عشرة ، بعدما خُتن كل ذكر فى أهل بيته ، ويرى المؤلف أن سيرة حياة إبراهيم تتناسب مع ما تريده هوليود من عمل سينمائى يحوى ثلاثة فصول ، ويروى قصة طرد (هاجر) على يدى (سارة) فى البرية حتى تم إنقاذ وليدها إسماعيل على يدى قطرة الماء ، أما (إسحاق) فقد كاد إبراهيم أن يقتله إلى أن ينقذه عطف الله – لكن المفسرون اليهود تحيروا فيما يخص إسماعيل ،
وإن اتفقوا على أنه باكورة حياته ، وعندما يولد إسحاق يدير المفسرون اليهود ظهورهم لإسماعيل ، رغم أن المؤرخين اليهود قالوا بأن الاثنتي عشر قبيلة المنحدرة من إسماعيل قطنت الأرض من نهر الفرات حتى البحر الأحمر ، فهم أمة عربية وأطلقوا الأسماء على قبائلهم لكن هؤلاء المؤرخين نسبوا كل الصفات السيئة والسمات الرديئة على هذه القبائل ، وبالتبعية على جدهم الأعلى ، وفي خضم تلك التقاليد التفسيرية الحاقدة حيث ولد ( محمد ) وبينما ربط المفسرون اليهود بالغرب ، لم يفعل العرب ذلك ، ويتعقب أوائل كتاب السيرة المحمدية نسل قبيلة النبي وأرجعوها إلى إسماعيل ومنه إلى إبراهيم ، رجوعا إلى آدم ، كما في ( سورة مريم ) تقول : " إن إسماعيل كان صادقا ورسولا نبيا " ، وركز المفسرون المسلمون على توطين إسماعيل في مكة – لذا تختلف التفاصيل في قصة إسماعيل من ديانة إلى أخرى ، ومن جيل لآخر – بينما يبدو جليا لدى اليهود أن ( إسحاق ) وارث عقيدة أبيه إبراهيم الذي يعود إليه ترسيخ فكرة أن ما هو مهم هو قوة الأفكار ، أفكار الإنسان . . . لا الأنهار ، ولا الأصنام ، ولا الأرض ليصل إلى فكرة واحدة هي التوحيد ، أما الفصل الرابع وعنوانه ( اسحق ) فيبدأه بالتجول في شوارع يافا والبوابة التي تؤدي إلى القدس ( أورشليم ) ، ويلتقي ( بكوهيف ) صاحب محل خرداوات الذي يؤكد له أن إسحاق هو الابن الحبيب لابراهيم ، ويقرر المؤلف : ( لا يُعرف كم كان عمر إسحاق تقريبا عند حدوث عملية وثاقه والإقدام على التضحية به – بينما يؤكد آخر أنه كان في الثالثة والثلاثين ، ويرى تفسير آخر أنه كان أكبر من ذلك فقد كانت ( سارة ) في التسعين من عمرها عندما أنجبت ( إسحاق ) ، وأن كل التفسيرات التي تناولت حادثة وثاق إسحاق تناولته باعتباره اختبار من الله أو أن إبراهيم لم يحصل على أمر واضح من الله بذبح ابنه ، ويقال أن الله ( سبحانه وتعالى ) قد ضغط على إبراهيم ليطرد إسماعيل ، ويذهب ( المؤلف ) على بعد ستين ميلا من القدس ( أورشليم ) – إلى معبد صغير في مدينة ( الفا ) وأن هذا المعبد يحوي صورة لإبراهيم يقدم ابنه كذبيحة للرب ، وأنه تم بناء معبد بيت الفا في القرن السادس الميلادي ، وأن التضحية بإسحاق رمز قوي للمعاناة التي يحب أن يتحملها الشخص الورع من أجل الإيمان .
ويشير أن مسحيين في ذلك العصر على فكرة التضحية ( فكما هو يوحنا يطلق على المسيح ( حمل الله ) وحرض ( ايغاريوس ) المسيحيين على حمل الصليب من أجل إيمانهم ، كما حمل إسحاق الحطب للتقدمة الخاصة به ويلاحظ ( تيرتيليو) أن السبب الذي جعل إسحاق يحمل الحطب للتضحية به كان سرا وبقي هكذه حتى طلب من المسيح.


أن يحمل الصليب الذي سيصلب عليه وعلاوة على ذلك فإن اسحاق والمسيح ولدا خارج مملكة الطبيعة فكلا الولادتين تم التبشير بهما والاعلان عنهما من قبل الملائكة، ويرى أن اليهودية والمسيحية خرجتا من نفس البوتقة- فكل ديانة من الديانتين تحاول أن تقدم نفسها على أنها الوريث الطبيعي لتلك التركة ويشير إلى أن اليهود في العصور الوسطى بدأوا في النظر إلى المعاناة على أنها اشارة لرضى الله وأن اسحاق أنجب (عيسو ويعقوب ) ويقال أنه قد مات لكنه قام من الموت ، وعن نفس فكرة التضحية يشير المؤلف إلى أنه في التاسع من ذى الحجة يجتمع حوالى مليونى متعبد ومصلي مسلم بملابس الإحرام البيضاء فى وادي منى خارج مكة تحت الشمس الحارقة، ويأتى بعدها رمى الجمرات بينما هناك تشابه مذهل بتلقى ابراهيم نداءا من الله ليقدم ابنه ، ويرى المؤلف أن تصور التفاصيل فى القصة القرآنية ليس مدهشا فى حد ذاته فالقرآن غالبا ما يستثني حقائق من المفترض أن يكون المستمعون على علم بها من قبل، وأنه هناك صراع بين اليهود والمسيحيين والمسلمين على ملكية عائلة ابراهيم، ويستشهد المؤلف بالسيوطى وابن كثير و ................... وغيرهم، وبمرور الوقت دانت السيادة لاسماعيل فى العالم الإسلامى ويتدخل المعلق على هذا الكتاب من أن المؤلف لم يحدد من هو الدارس ، كما لم يحدد أيضا عنوان المؤلف بالتالي تحتاج هذه النقطة (من هو الذبيح) إلى توثيق علمي دقيق فى المصادر الإسلامية بينما يرى الباحثون اليهود أن فكرة التضحية المطلقة ليست غريبة، ويعلق المؤلف قائلا: ( ربما كانت تلك أهم لقطة جعلتنى أشرع فى رحلتى تلك وأبدأ منها) وينتهى إلى أنه بسبب كل الاختلافات فى كيفية تفسير اليهود والمسلمين والمسيحيين لقصة (التقدمة)، وهى كيف أن الديانات الثلاث قد اختارت أنها تضع القصة التى لأب يعد لقتل ابنه فى قلب فهمها الذاتى- تلك الحقيقة مؤسسة لدرجة أنه من السهل تراما يقال عليها، لكن ما كان يجب أن تكون، فكل الديانات الثلاث التوحيديةتجبر متبعيها والمؤمنين بهم أن يواجهوا أكثر الألام الإنسانية التى لا يمكن تخيلها ، فقدان طفل الوثاق الصلب والذبح – دائما ترى كمميز للعقائد التوحيدية- توضح بالفعل أصولهم المشتركة ، وتتقاسم الديانات الثلاث جميعا اسطورة تحيط (التقدمة) وتحت تلك الظروف فى وسط منطقة للحربويردد ما قاله صديقه (بنيامين)التاجر بعد جعله يرى جزءا من (سفر التكوين) التي قالت إن اسماعيل سيمسك السيف ضد اسحاق إلى الأبد، وينتهى هذا الفصل الرابع بقوله : ( لا عجب إن قلنا أن (قصة الوثاق) رئيسية ومركزية لليهود والمسيحيين والمسلمين، على ما أظن وأنها جزء من حياة ابراهيم التي تقطع قريبا جدا أوردتنا وتطرح سؤالا نأمل أن لا نواجهه، ماذا سأقتل من أجل الله؟ الكثيرين من أحفاد ابراهيم، بالطبع
كانت الإجابة عبر التاريخ ب نعم .
ينقسم الجزء التالى من هذا الكتاب وعنوانه (شعب ابراهيم) ويبدأه برقم (5) (اليهود) ويواصل المؤلف رحلته فى الأرض المقدسة وكيف تم اكتشاف (سفر اشعياء) على يد فتى بدوى في أحد الكهوف عام 1947 وماتم بعدها من اكتشاف لمخطوطات البحر الميت، وتعددت التفسيرات ليتحول من (ابراهيم) واحد إلى مائتين وأربعين ابراهيم، وتحول الكتاب المقدس شيئا روحانيا لدرجة تجعل أى شخص غير قادر على تغييره أو تبديله أو تجديده واعادة رواية القصص، ويقرر المؤلف : في النهاية وصلت إلى نتيجة مفادها أنه برغم كل هذا التشوش ، يدور التاريخ الذى لإبراهيم كشخصية تاريخية عبر الأربعة آلاف سنة الأخيرة بالفعل حول عدد من اللحظات الحرجة التى ساعدت لضمان أهميته الباقية ، الساعة الواضحة والظاهرة في حياته الخقيقية أو المتخيلة ، ستظل عندما يختار الله ابراهيم ، مقتلعا إياه من إبهام مطلق، وسامحا له أن يعيد إظهار العالم ) فقد اختار المسيحيون الأوائل أيضا ابراهيم واختار المسلمون الأوائل ابراهيم أيضا- ليعززوا ويؤكدوا ماضيهم فى كل لحظة انتقالية- فما الذى فعلته كل ديانة مع ابراهيم فى اللحظة التى طالبت به؟ فقد كان اليهود هم أول من أجروا عملية اعادة بناء لأبيهم ابراهيم وكيف أنهم تاهوا فى الصحراء لأ ربعين عاما – بعدها قاموا بغزو أرض الميعاد ودخولها حوالى 1200 سنة قبل الميلاد في الوقت الذى سيطر داوود فيه على أورشليم في سنة ألف قبل الميلاد وأصبح ملبكا لإسرائيل الموحدة ويشير (المراجع) هنا ان الاسرائيليين لم يعر فوا أى نوع من الوحدة السياسية أو الدينية وذلك منذ تغيير تسمية يعقوب إلى اسرائيل, وهناك خطأ في الحديث عن المملكة الموحدة زمن داود وسليمان، وهذا الأمر غير صحيح فلم يستطع داود وسليمان ضم جميع القبائل الإسرائيلية تحت قيادته ، فلم يستطع داود أن يقيم الوحدة خلال السنوات السبع الأولى من حكمهكما أنه بعد هذه السنوات السبع كانت هناك تمردات وثورات ضد حكمه حتى من بين أبنائه، والشيء نفسه مع بداية حكم سليمان وكذلك في نهاية حكمه، ويستشهد المؤلف بأستاذ مقارنة أديان فى جامعة هارفارد هو ( جون ليفين سون) عندما قال ( لن أكون مندهشا لو علمت أن داود لم يعرف شيئا عن ابراهيم) ويرى المؤلف أن داود لم يكن في حاجة لابراهيم لأن الله يصنع معه عهدا وميثاقا جديدا ، ولم يكن هناك حاجة لقراءات توراتية أسبوعية ولم يلاحظ أنه كانت هناك شرائع للمباح من الأكل وغير المباحفلم تكن اليهودية كما نعرف قد ولدت بعد ويقرر المؤلف أن سليمان بنى هيكلا للرب فى أورشليم وأنهم وصلوا فى ذروة قوتهم وأصبحت مملكة اسرائيل امبراطورية إلى أن تم محوها وإزالتها تماما ويقول ( تم استئصال الجسم الإسرائيلي من وطنه الأم وسبيهم كلاجئين فى معسكرات في بابلز وبدا أن الأمم لم تعط ميراثا لإسرائيل ولم تصبح أقاصي الأرض ملكا لهم- وظهر أن الله قد نقض عهده وميثاقه)، ويرد (مراجع الترجمة) بأن هذا الكلام لا أساس له فى الواقع التاريخى، فلم ينعم داود وسليمان وكذلك ملوك اسرائيل أو يهوذا بأي نوع من الاستقرار أو حتى التوسع خارج فلسطين، بل كانت هناك حروب دائمة مع سكان فلسطين الأصليين ( الفلسطينيين الكنعانيين) ومع جيرانهم من آراميين وبابليين وآشوريين ومصريين بل ان الأمر تعدى ذلك وتدخلت مصر وبابل فى بعض الأحيان في تعيين ملوك على مملكة يهوذا، ويشير المؤلف أن الكتاب المقدس فى أثناء السبي (المنفى) بدأ القادة الرحيون الإسرائليون فى اعادة التعرف على هويتهم ، وكان (موسى) آخر الشخصيات المحورية التي تركزوا حولها .. فقد تسلم موسى فى سيناء ستمائة وثلاثة عشر قانونا تلك التى تحكم كل شىء بدءا من تقديس السبت وحتى الاحتفال بعيد الفصح – ولكن موسى لم يكن كافيا – لذلك كان ابراهيم شخصا محوريا ومركزيا للرابطة الوليدة مع الماضى- لذا بدأ الناسحون الثقاة فى الكتابة التى أنتجت فى النهاية التوراة- التى تمثل الكتب الخمس الأولى من الكتاب المقدس ، ويرى المراجع أن (المؤلف) يخلط فى استخدام المصطلحين ( يهودى و اسرائيلى) فالمصطلح اسرائيل بالمدلول الدينى والسياسي أنهى من الوجود بحادثة الغزو الآشورى لمملكة اسرائيل الشمالية عام 722ق.م وحل محله المصطلح يهودى بالمعنى السياسي والدينى وأنهى المصطلح في المدلول السياسي مع حادثة الغزو البابلى لمملكة يهوذا عام 586ق.م. ورغم انتهاء الوجود السياسى استمر استخدام المصطلح (يهودى) للدلالة على الدين والقومية لذا بدأ الباحثون ومنذ ذلك التاريخ يتحدثون عن تاريخ اليهود والديانة اليهودية- حتى تم انشاء اسرائيل عام 1948لمصطلح سياسي من جديد) ، ويتوقف المؤلف لمتابعة جمع وتعهد دراسة النص الكتابى ، حينها ولد رجال الكتاب المقدس وعكفوا على جمع وتصنيف وتسجيل القصص الشفاهية، وكتابتها على (الرقع) من جلد الحيوان المدبوغ ويستخدم كبديل للبردى وهو النبات النادر الذى يوجد فقط فى مصر والذى أحدث أثرا على اختراع (الرقع) على الكتاب المقدس بالإضافة إلى تأثيره على التاريخ الفكرى و......... أثر الصحافة المطبوعة فيما بعد بألف وثمانمائة عام
تقريبا. لكن ظل الباحثون اليهود فى حاجة إلى (المدراش) أى التفسير اليهودى التقليدى للتوراة والذى يتخذ شكلين الأول (هالاخاه) الذى يتضمن تفسير النص الكتابى للتشريع ، والثانى هو (الهجادة) أى الجزء الأسطورى من التلمود ، وبدأ المفسرون اليهود الأوائل فى خلق سلسلة ابراهيمية جديدة ومبتكرة، وإن كانوا مختلفين عن ابراهيم السابق. ويحكى ( المؤلف) أن أحدهم قاده فى رحلته إلى داخل الكهف الرابع حيث تم العثور على ألف وخمسمائة (شذرة)، ويسأل (المؤلف): لماذا جلبوا المخطوطات إلى هذا الكهف؟ ذلك لأن اليهود كانوا يعرفون أن الرومان سيدمرون كل شيء – ويحكى أنه شارك فى صباه فى مناقشاة لا حصر لها عما إذا كان يهوديا أمريكيا أم أمريكيا يهوديا، وينتهي إلى أن ابراهيم بالنسبة لليهود المحاصرين المعزوليم هو أباهم الحصري المقصور عليهم، ويذكر أن ظهور المسيحية قد أدى إلى استيلاء الرومان على الهيكل الثانى وسلبه ونهبه فى عام سبعين للميلاد إلى مجرد تسريع للعملية التى عن طريقها أصبح اليهود أكثر عظمة ، وأكثر امتلاكا لجدهم الكتابي فى غياب الأرض أو الهيكل المركزى ( إن كونك يهوديا تعنى زيارة معبد للصلاة وملاحظة الشريعة ، وقراءة التوراة وتدريس المدراش وفجأة يكتب الحاخامات فى تفسيراتهم أن ابراهيم كان السبب وراء خلق الله للعالم مثل قول ( لولاك ما كنت قد خلقت الشمس ومدارها ) ، ولم يتوقف (الربانيون ) عند جعل ابراهيم مقدسا بصورة جزئية فقد جعلوا منه شخصا مثاليا وأنه أول يهودى – فهو يصلي ويدفع العشور ويراقب الشرائع من أجل النقاء والتقوى ، ويسافر إلى موقع الهيكل ، ويعلم النعمة وصلاة الشكر بعد الوجبات ويقارن بين هذه الشرائع وشرائع( موسى ) الذى يصل بعد حوالى سبعمائة عام بعد ابراهيم، وأصبح ابراهيم هو المخلص والفادى عند تعرضهم للهجوم والاعتداء من قبل المسيحيين ، ومن (المسلمين) بعد ذلك ! رغم الترحيب بغير اليهود إلى مملكة الله
فالكثير من المفسرين يرون أن (ابراهيم) قد تم اختتانه في عمر التاسعة والتسعين، ويحكى المؤلف أنه كقارئ وكمواطن – وبصفة خاصة كيهودى – وأنه صدم أن يقرأ عن كل هذا التراكم ، والاستلاء المتعمد على ابراهيم ، ويرى أن الحاخامات قد قوضوا بدهاء ومهارة الشرعية التى للنص الكتابى باعطائهم لتعليقاتهم الخاصة وزنا مماثلا... وتباعا فعل المسلمون !!، ويعبر عن إحباطه المتزايد مع التفسير التقليدى اليهودى للتوراة ، ويسأل : أن هناك اختلافا بين النص والتفسيرات والتعليقات – فهل يذهب مع النص أم مع المفسرين – ( أم أقوم فقط بعمل تفسيرات خاصة بى) ، ويقارن بين ( الهالاخاه) وهى الشريعة الشفاهية وهل هى ملزمة – بينما (الهجادا) وهى تفسيرات الرواة الأولين- رغم أن الحاخامات يرون أن (الهجادا) غالبا ما تتناقض مع المنطق وتفتقر للعقلانية . ويتوقف (المؤلف) عند حادث الحادى عشر من سبتمبر 2003 والهجوم على مركز التجارة العالمى ، ويسأل : ما الرسالة التى (لسفر التكوين) بعد الحادى عشر من سبتمبر؟ ويفسر ذلك بأن رجال الدين الذين حرضوا على ذلك الهجوم بأنهم يفتقرون إلى التواضع والاعتدال، ويذكر حادث مقتل ( اسحق رابين) ( بعد أن صنع سلاما مع الفلسطينيين) !! ويعتقد أن الشئ نفسه قد حدث للإسلام ويقرر : ( لا يمكن أن يكون خطأ فى اللاهوت ، لذا فمن المؤكد أنه خطأ فى التاريخ، ومن المؤكد أنه خطأ معاصر. ويقدم (المؤلف) فى نهاية هذا الجزء درسا أخلاقيا بقوله : ( يمكنك أن تأخذ قصة ابراهيم وتعلم الناس أنهم لا يملكون كل الإجابات ، ولأننا ابراهيم كما قال كل أولئك المفسرون فنحن أيضا لا نملك كل الإجابات ، لا تعرف وجهتنا ولا بغيتنا وبالتأكيد لا تعرف كل شئ عن الله ).

وفى الجزء السادس وعنوانه (المسيحيون) الذى يبدأ به المؤلف بزيارة مطران أورشليم (القدس) فيستشهد بقول المطران : ( إن عظمة أبينا ابراهيم تكمن في كونه لديه فكرة واضحة عن الله أوضح من كل الأفكار الأخرى) ، وأن اليهود حاولوا ادعاء تفردهم بابراهيم وأن (بولس) في المسيحية قال إن (ابراهيم ابن الله) ، وأن ابراهيم طور علاقة فريدة مع الله قبل أن توجد اليهودية وقبل أن تعطى الشريعة ، وحتى قبل أن يأمر الله بالختان وهذا هو (المدراش) أى (التفسير اليهودى التقليدى للتوراة) ويرى أن ما فعله القديس (بولس) هو عين ما فعله الحاخامات والفلاسفة فى عصره فهو يبتكر ابراهيما جديدا لأغراضه الخاصةويرى فيه وعاء لبركة الله العالمية الكونية ويخبره (المطران) الذى كان بصحبته أنه لا يهتم كثيرا بعلم الآثار وأن المجاز والقصص الرمزية تمثل له أهمية أكبر، وأن فكرة أن ابراهيم ينتمى للبشرية كلها ، وأنه متعدد الوجود رغم أنه بالشخص المهيمن فى الأناجيل الأربعة ، كذلك يصل المزج بين ابراهيم والمسيح فى ذروته فى انجيل يوحنا وتعتبر عبارة المسيح " الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن" لذا تعتبر عبارة المسيح الأخيرة فى نهاية الأصحاح الثامن من انجيل يوحنا تضمينا واضحا على ألوهيته فى الأناجيل ، وأنه يشبه الله لكن المؤلف يقول : " ليس من المدهش أن يرفض اليهود هذا الاتحاد ويتم تشبيهه بالشيطان ويرى أنه بدون ابراهيم يكون اليهود قد فقدوا صلتهم بالله.بل ويصل كتا بارزون فى المسيحية إلى أنهم بحق الأمة التى سترث الأرض المقدسة وهم أيضا الأمة التى وعد الله بها ابراهيم ، وأن المسيح هو الابن الخالد والسرمدى لله ، وهذا التفسير يتشابه مع تفسير المفسرين اليهود.
ويلتقى المؤلف بالأكليريكية ( بيترا هيلتون) التى تعرضت لاعتداء تفجير قنبلة عام 1997 لتقرر ان ادعائك ابراهيم لنفسك ليس سوى مجرد وسيلة سطوتها وتبسطها... أما اليهود فقد كان عليهم دعم وجودهم المهتز وهويتهم الساقطة ، وترى أن ابراهيم هو نمط البطل الجيد من مثل هاملت أو أو ريبوس ، وحكايات ألف ليلة وليلة وأن على المسيحيين أن يرجعوا إلى التقية الأهلية التى فى (سفر التكوين) وترى أنه لا يمكن لأى مسيحى أن يفهم القصة فى سفر التكوين بدون (بولس الرسول) ولا يمكن ليهودى أن يراها ويفهمها من غير الحاخامات ، ويتوقف عند استخدام (ابراهيم) لأغراض سياسية ويسألها فى ضوء المعطيات القائلة باستخدام ابراهيم لأغراض سياسية، هل تعتقدين أنه لم يزل وعاء جيد للمصالحة؟ وتجيبه : " أعتقد أنه أفضل ما هو موجود لدينا" ، ويسأل لماذا؟ فتجيب " يمكنك أن تضع أى شئ فى هذا الوعاء، انه متسع بما يكفى وهو عريض بما يكفى وحتى شكسبير لا يمكنه التفكير فى ابداع شخصية أفضل منه إنه يزرع فى هذا الفراغ الذى للعالم ، لذا فهو يسبقنا جميعا، فوق كل شئ فهو ليس أسود ولا أبيض ولا أى شئ آخر لذا يمكنك أن تضع أى شئ تريده عليه. ويسألها لمؤلف: كيف يمكننى أن أتجنب الكتب وأعود إلى ابراهيم؟ فتجيب: " الأمر فى غاية البساطة ، أفكارهم جميعا. ويسأل وما الذى سنحصل عليه فى النهاية؟ فترد والآن دعنا نضم المسلمين فثلاثتنا سيفعل الشئ ذاته ونحن على الطريق كل مشاكل العالم .
وننتقل إلى فصل (7) وعنوانه ( المسلمون) ويذهب (المؤلف) لزيارة رئيس هيئة الآثار الإسلامية (الكتور يوسف نيتشة) والشيخ (يوسف أبو سنيفة) إمام لمسجد الأقصىووجه سؤاله للشيخ يوسف " لماذا اختار الله ابراهيم دون كل الناس فى العالم؟ ليأتيه الرد لأنه كان خاضعا لله كان مخلصا بشكل تام ومكرسا حياته لله إنه مثال يجب أن يحتذى منا جميعا، ويسأله المؤلف: لماذا كان ابراهيم مسلما؟ فقد ظهر الإسلام بعد ستة قرون كاملو من المسيحية وبعد ألف سنة على الأقل من اليهودية كما أن محمد عاش بعد ألفين وخمسمائة سنة على الأقل بعد ابراهيم ومع ذلك يتبع محمد الطريق نفسه ويسلك السبيل ذاته الذى سلكه بولس والمسيحيون الأوائل والسلوك نفسه الذى سلكه (عزرا) واليهود الأوائل ... فقد ربط رسالته الروحية بأول الأنبياء ... عندئذ بدأ المسلمون فى وقت مبكر جدا وبعد أن نعموا في المجد الذى للماضى كما شرعوا في الادعاء أن الماضى ملك لهم فقط .. ويقول المراجع ( يرد فى سفر التكوين الإصحاح (15) قصة الطير وحيوانات أخرى لكنها فى سياق آخر ومختلف كما أن المغزى فى سفر التكوين يختلف عن المغزى فى القرآن الكريم، فقد كان يفهم منها فى سفر التكوين أن الهدف هو تصديق ابراهيم بأن نسله سوف يرث أرض غربتهم ............ وعلى ذلك يكمل ( يوسف) بأن الإسلام قد بدأ منذ آدم واستمر عبر ابراهيم ثم لكل أنبياء اليهودية والمسيحية، لكن لو تقصد بالمسلم أنه من اتبع الإسلام والرسول محمد فهذا يأتى متأخرا جدا) وأن ابراهيم سلم نفسه لله، ويعلق المؤلف : ( فكرة ظهور ديانة جديدة فى الشرق الأوسط فى القرن السابع للميلاد وتستخدم الأساس السردى للقصص كاليهودية والمسيحية، ثم تستأصلهم أو تحل محلهم بسرعة بالغة أو على أساس القوة الدينيةوالسياسية جاءت كصدمة للجميع تقريبا بما فيهم العرب أنفسهم، ويرى أن موهبة محمد تكمن في معرفة تلك التغيرات ، ويدخرها، ففى البداية لم يتعجل الأمور لقد قام فقط باخبارها وصاغها كحب الوطن خرج من الزمن للعرب كنوعى من الانتقام من الهلال المجدب، وأن أهم نقطة فى تلك الرسالة الوطنية هى لغة محمد لأن اللغة العربية بها صفات كثيرة ليس بينها الصلابة أو الجمود وأكثر ما يميزها أنها منسابة متطورة ومتشكلة ومصاغة مثل الكثيب الرملى وفوق كل شئ فإن تكلم العربية يبدو أكثر روعة فى قوتها وسحرها وفتنة فى جمالها أكثر من أى شخص وأن أخر تأثيراتها هو لغتها الشعرية المتضمنة صورة لها نسق لا يمكن نسبته إلا إلى الله سبحانه وتعالى ويرى (المؤلف) أن محمدا كان فى حاجة لربط رسالته بنبى يكون معروفا لمستمعيه ولكى يفعل هذا كان فى حاجة لشخص مثله ، شخص مرتبط بالجزيرة العربية نفسهاوأيضا شخص قام بنشر رسالة التوحيد وسط جماعة وثنيين متعددى الآلهة، وأنه كان فى حاجة إلى ابراهيم الذى يذكر اسمه فى خمس وعشرين سورةمن سور القرآن المائة وأربع عشرة ، أيضا هناك سورة ابراهيم التى تسمى باسمه، والرسالة المهيمنة فيما يخص ابراهيم ، ويعود ليقول: " مرة أخرى تبدو نقطة البداية فى الإسلام متشابهة بصورة ملحوظة مع نقطة البداية مع اليهودية وكذلك فى المسيحية : أن يكون لديك إيمان بالله – إيمان لا يمكن تخيله- رجل فى وجه كل العقلانيات يؤمن بالله، وبسبب ذلك نراه واقفا صامدا في التاريخ سواء أكان أسطوريا أم حقيقيا ، ويستعرض المؤلف علاقة النبى (صلعم) الودية باليهود فى المدينة ذلك الذى تحول إلى عداء ويستشهد بآية قرآنية مثل ( لا إكراه فى الدين )
..................طالب محمد من المؤمنين أن يغيروا قبلتهم إلى مكة بدلا من القدس، ورغم ذلك أصبح إبراهيم أكثر أهمية للمسلمين ويستعرض فتح مكة عام 28 وعند موته عام 632، يصحح المراجع وجهة نظر المؤلف بقوله أنه هذا الرأى يجانبه الصواب لأن النبى قبل أن يقوم بأى عمل ضد يهود المدينة كان يبدأ بتوجيه النصح والإرشاد لهم للمحافظة على الوثيقة التى تم تحريرها والموافقة عليها من قبل جميع سكان المدينة المنورة غير أن اليهود لم يتقيدوا بالحفاظ على بنود الوثيقة وبالتالى لجأ النبى إلى إبعادهم عن المدينة المنورة بهدف خلق مجتمع مستقر قائم على المساواة والمحافظة على العهود وعن الكعبة التى تم بناؤها بواسطة آدم ، وأن ابراهيم بنى المعبد الأصلى فيها وساعده ابنه اسماعيل وعلى عكس اليهود والمسيحيين يعتبرون ابراهيم شخصية واسعة المعرفة بينما يراها المسلمةن شخصية ملموسة ومرتبطة بأهم المناسك ، ويسأل المؤلف الشيخ عبد الذى أدى مناسك الحج خمس مرات وعن مشاعره فى الكعبة، فيجيبه أنه شعور بالترابط والتلاحم ( شعور روحى بأنك بشر ولكنك لست بشرا ، ويسأله عن البكاء ودموع العبادة ذاكرا الوعد القديم لاسماعيلأن يكون أمة عظيمة ، وبدا واضحا للعيان أن الصراع والتنافس الطويل بين (اسماعيل واسحق) أصبح على وشك الظهور على السطح ويأتى على ذكر (ليلة الإسراء) وكيف أن محمدا قد صعد إلى السماء والتقى مختلف الأنبياء، وأن محمدا لم يعد مجرد محاكى لابراهيم بل يشبهه والرابطة بينهما لم تعد رابطة روحانية فحسب، ولا علاقة الجد بالحفيد ......... علاقة جسمانية وأن الحقيقة أن الإسلام كان دين ابراهيم الذى تحول عنه أحفاده لأغراضهم الخاصة ولأشياء فى نفوسهم ويمكن قول هذا بصيغة أخرى قبل أن يكون ابراهيم الإسلام كائن وكان ذلك وقت أن كان الإسلام مسيطرا فى أوج عظمته السياسية والثقافية ومسيطرا على العالم من الهند إلى القوقاز ومن وسط آسيا إلى جنوب ووسط أوروبا وأصبح (غير المسلمين) من المضطهدين وإجبارهم على ارتداء شارات صفراء على ملابسهم ويستشهد بالمؤرخ ..... (برنارد لويس) بقوله " إن التفرقة ضد غير المسلمين لم ترق بأى حال من الأحوال لتلك التى كان يظهرها المسيحيون لليهود. وتغيرت تلك العلاقة فى القرن العشرين تزامنا مع الصراعات على المستعمرات الأوربية فى الشرق الأوسط وظهور دولة اسرائيل وظهور أمريكا كدولة عظمى وحيدة وبدأت تلك المعارك السياسية تغذى الحوار الدينى وتنعكس عليه لدرجة أنه حتى حوار ابراهيم بين اليهود والمسيحيين والمسلمين اليوم غالبا ما يفسد ويتحول إلى عدم اتفاق وعبارات أورشليم وفلسطين وأسامة بن لادن والمستوطنات اليهودية وانتحاريون وأطفال العراق وتلاميذه والرهائن الإيرانيين وحرب الخليج وسيطرة اليهود على وسائل الإعلام والعائلة المالكة فى السعودية والمخابرات الأمريكية والموساد .
ويسرد (المؤلف) تفاصيل حواره مع الشيخ (سعود الفاست ) الذى يرى أن اسماعيل أدنى درجة من اسحق، ويرى أن كل المشكلات مع اسحق وأن الغرب يتجاهل الشرق لأنهم أصبحوا أقوياء وأنهم يرتكبون كل الموبقات كالقمار والدعارة ولا يلبون دعوة الله وأن ما حدث لبرج التجارة العالمى هو انتقام من الله وأنهم يمقتون الإسلام ويحاولون فرض أفكارهم عليه وأن عقابهم سيأتى من الخالق ، وانتهى حوارها باللجوء إلى اتباع مبادئ ابراهيم ................ الأخلاقية ستختفى معظم مشاكلنا ، وهنا يصحح المحرر على فكرة أن ابراهيم كان أول الموحدين لكن المسلمين كانوا يؤمنون بوجود أنبياء سابقين على ابراهيم وكانوا على التوحيد مثل ( إدريس ونوح )
وفى الفصل الثامن من هذا الكتاب وعنوانه (دم ابراهيم) ويبدأه برقم (8) بعنوان (التركة) قاصدا مدينة (حبرون) التى يراها من أكثر المدن المميتة على سطح هذا الكوكبويقصد بها مدينة (الخليل) وهو الاسم الذى أشاره الله على ابراهيم في القرآن وهو نفس معنى الاسم بالعبرية - لكن المدينة تحولت منذ القرن الأخير للتطرف والعنف بين اليهود والمسلمين – مما جعل ....... الأخير لابراهيم ملطخا بالدم ومشوشا وخلية لا تهدأ أبدا، ويحكى عن أفراد الجماعة الإسلامية المسلحين الذين أطلقوا النار على أحد الأشخاص وقتلوه ويرى أن هذه المدينة تحولت ومنذ القرن الأخير إلى رمز للتطرف والعنف (ولعله يشاهد اليوم المشهد المأساوى اليومى المتكرر لمقتل عشرات الفلسطينيين وسقوط الشهداء منهم!!) ويصف المؤلف الشاب الفلسطينى ناصر بأنه ( شاب فى نهاية العشرينيات من عمره بحاسة حكيم متمرس محنك لإقامة جسور العداء بين الشرق والغرب، وأنه ينتمى للانتحاريين أى (المفخخين) لقتل أنفسهم ويدعى (المؤلف) أن القرآن أطلق على ابراهيم (الخليل) وهى معلومة خاطئة لأن ذكر ذلك لم يأت إلا عرضا فى سورة النساء فى الآية رقم (125) (اتخذ الله ابراهيم خليلا) ويقول المؤلف أن هذا الجو الذى عاشه هناك في الخليل وهو جو التجاور بين التوتر والسموات الساطعة الزرقاء ذكره بأجواء الحادى عشر من سبتمبر فى نيويورك ( أى واقعة الاعتداء على مركز التجارة العالمى) ويرى أن كل حوار قمت به بشأن ابراهيم مع اليهود والمسيحيين والمسلمين على حد سواء انتهى بصيغة لموازنة مختلف تلك الشخوص الابراهيمية المتصارعة الى حوار عملى فعال) ويعلق على (فكرة الدولة الابراهيمية) وطبعا اقامة دولتين فلسطينية واسرائيلية - ) انها فكرة يمكن للديانات الموحدة أن تتصل فيما بينها على مبدأ المساواة بدون محاولة تخريب وتدمير احداها الأخرى تبدو وكأنها شئ بعيد المنالولا يمكن حتى التفكير فيها قبل قرن من الزمان . فكرة أنه من الممكن أن يتحاوروا ويتحدثوا لبعضهم البعض عن القيم والمثل المشتركة كانت فانتازيا تستحق أن يكتبها ( جول فيرن) كاتب الخيال العلمى فى نهاية القرن التاسع عشر – بدا وكأن الصراع بين الديانات الثلاث قد وصل لشئ ما يشبه الحل – ولم يكن على مبدأ المساواة ويستعرض الديانات الثلاث فيرى أن اليهودية هى الأقل ( بدون وطن وبدون نفوذ سياسي تقريبا) وأن الإسلام ظهر قصيرا فى دعوته المهيمنة الانتصارية ولم يحاول محو اليهودية أو المسيحية لكن حاول تأسيس دولة ثيوقراطية دينية وانتصر حتى وصل إلى أعتاب فيينا عام 1529 ثم انسحب عائدا الى الصحراء بنهاية القرن التاسع عشر – كرد لصدى هويته السابقة.... بينما تبنت أوروبا الغربية وأمريكا أفكار دنيوية ليبرالية وتعليمالت سياسية ديمقراطية مع تسامح دينى بالاسم فقط على الأقل فى قلوبهم، وظلت المسيحية، حتى مع هذا التمزق والتفتت ، كديانة قوية أو هكذا بدا عليها أنها أقوى من ذى قبل فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر فقد هيمنت على أوروبا ، ومن خلال الاستعمار مدت تأثيرها الثقافى إلى أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية ومعظم أفريقيا وأجزاء من آسيا والشرق الأوسط ، وبدا الأمر وكأن المسيحية قد حققت انتصارا – لكن حطم القرن العشرين هذا الخداع – بعد حربين عالميتين وارتفاع المد الثقافى للتعبير عن الذات حول العالم قد بدد كل الأحلام أن المسيحية التى يمكنها ببساطة أن تحكم قبضتها وتغتصب الحق فى منحها الخلاص إلى الأبد ، ورغم اندفاع الإسلام لبروز أعظم ، وتقدمه ليحتل مكانا أبرز لكن محرك الحداثة دفع بالغرب ليصبح قوة أكثر عظمة من العالم الإسلامى – لكن البترول جلب قوة وسطوة جديدة للشرق الأوسط وعزز الحكومات الإسلامية لتقوى شوكتها، ومع بداية القرن الحادى والعشرين ، انتفت فكرة أن إحدى الديانات ستطفئ جذوة الديانات الأخرى وأصبح العالم فى حاجة إلى نوع من التفاعل الدينى – فبعد أربعة عشر قرنا من الرسالة المحمدية، وألفى عام من ظهور المسيحية وألفين وخمسمائة عام من انبثاق اليهودية وأربعة آلاف سنة من ولادة ابراهيم تجنح ديانات التوحيد الثلاث نحو وضع من الانفتاح والمساواة – للترو والهدوء ويسأل: هل يمكن بالفعل لأولاد اب راهيم أن يتعايشوا؟ ويواصل (المؤلف) سرد تفاصيل رحلته إلى مدينة الخليل ، وينتبه إلى الأسلاك الشائكة والثلاث طبقات من الأسيجة .......................................... ويعبر عن مشاعر الخوف والوحدة ، ويذكر فى هذا الفصل قيام ( البابا يوحنا بولس الثانى) بابا الفاتيكان زيارة ساحة الحائط الغربى ( كأول زيارة يقوم بها بابا كاثوليكى للدولة اليهودية) ، ويذكر تاريخ فكرة أنه يمكن للديانات الثلاث الموحدة أن تعيش جنبا إلى جنب دون أن تعرض معتقداتها للخطر وهى الفكرة التى تمت مناقشتها فى القرن الخامس عشر إلى القرن التاسع عشر، ويتابع محاولات الكنيسة توحيد العالم فى ظلها ، وينتهى به الأمر ( أن أصحاب الديانات الثلاث شعرت بالحاجة إلى مؤسس تنظر إليه بصورة متساوية والذى يتمثل فيه قيم التوحيد بالله وصاحب السلوك البار نحو الإنسانية ، والذى كان موجودا بالفعلقبل وجود الأديان نفسها . أى كانوا فى حاجة لابراهيم ) وأتصور أن هذه هى الدعوة الخفية التى يسعى إلى نشرها مؤلف هذا الكتاب تحت قناع الحيادية والموضوعية . فهو يرى ابراهيم ( كأب أكبر للمنطقة فى الفقرات التوراتية ويرى أن ابراهيم قد حقق فى موته ما لم يستطع تحقيقه فى حياتهة ولحظة المصالحة بين ولديه اسماعيل واسحق فى لحظة ................. ، جنبا إلى جنب ، وأنهما ليسا فى حالة من التنافس أو الصراع أو محاربين أو أعداء أو أطفالا أو يهود أو مسيحيين أو مسلمين ، إنهم أخوة وهم أيضا .................
ويلتقى المؤلف بمستوطن صهيونى وهو (دانييل جينيسبيرج) ويخبره أنه هناك أكياس مملوءة بالرمال فى شقتى لأن تسعة وتسعين فى المائة من نوافذ شقتى تشرف على التلال التى يطلقون علينا النار منها) ، وكاد أحد الإرهابيين أن يقتل اثنين من أولاده.
ويسأله هل يمكن أن يكون هناك حوارا بين الأديان؟ ( بالطبع يمكن أن يكون هناك مثل هذا الحوار على المستوى الشخصى ويرى أن العرب لم يعطوه سببا واحدا للإيمان بذلك، لذا هل يمكن أن يكون هناك حوارا؟ بالتأكيد ولكن هبنى إيصالا – قل شيئا تلزم نفسك به. ثم تمسك بالتزامك لفترة قصيرة ، لم يفعل العرب هذا قط. ادرس تاريخ المسلمين كله لن تجد أنهم فعلوها مرة واحدة)
بدا بوضوح وجهة نظر المؤلف (المتصهين) وأن الصراع لابد أن يستمر – رغم أن المراجع يشير فى أسفل الصفحة أن القرآن وهو النص الدينى الوحيد الذى يدعو إلى التحاور مع الآخر- كما أنه الدين الذى يعترف بالأديان والشرائع الأخرى سواء أن كانت لها أصول سماوية أم كانت ديانات وشرائع وضعية – فالقرآن منذ نزوله على النبى محمد اعترف باليهودية والمسيحية، ، وإن كان هناك تجاوز من بعض المسلمين فالخطأ يقع عليهم وليس على الإسلام – يقصد خطأ فهم النص الدينى وتفسيره تفسيرات متشددة لا تتطابق وصحيح جوهر الدين الإسلامى (المراجع (ص 21) ويتحاور (المؤلف) مع هذا المستوطن اليهودى الصهيونى الذى يرى أن اليهود سلبيون جدا ( رغم كل هذا الإجرام والعنف الذى يرتكبونه يوميا ضد الفلسطينيينويراهم مثل اسحق الذى استسلم تقريبا للذبح بواسطة أبيه دون أن يفتح فاه . لهذا السبب هم يقتلوننا لأننا لا نرد على العنف !!) ، وها هى الصورة تنقلب ويصبح الإجرام والقتل يوميا وهدم المنازل فى فلسطين على الفلسطينيين ويقول (|المراجع) ان هذا الكلام يدل على مدى العداوة التى يكنها الصهاينة للعرب وهى كراهية متأصلة فى الفكر الدينى اليهودى.
بعد ذلك يحكى (المؤلف) بعد رحلته إلى فلسطين المحتلة يصور كيف شاهد فى 11 سبتمبر 2003 من بلكونة منزله انهيار برج التجارة العالمى وكيف أنه أصيب بالصدمة ويرى أن الشرق الأوسط بنظامه خاضع لسيطرى الولايات المتحدة.
وبلغة عاطفية يتحدث (المؤلف) عن حاجته إلى ملاذ وملجأ وأن الله المحب أصبح بصورة أو بأخرى متضاربا – أى بالحاجة لآبراهيموكأنه سفينة نوح للنجاة أو كما يقول ( واحة فى مكان ما فى أعماق الصحراء الموغلة فى القدم) لكن أدرك أن الواحة لم تكن إلا سرابا !! ويرد على نفسه قائلا:( لكن ابراهيم ليس سرابا ابراهيم كالماء، هذا ما آمنت به وصدقته) ويتحول (المؤلف) إلى صوفى دجال حول ابراهيم حين يرى ابراهيم فى التجلى الجسدى للشوق الأساسى لأن تكون منزلا من مصدر إلهى مقدس وحفيدا له، إنه التجسيد الذى للحاجة البيولوجية التى نتقاسمها جميعا لنشعر بالإيمان والحماية من شخص ما، أو شئ ما أو أى شئ) ويصل به الأمر أننا يمكن أن ننها من النبع القابع نفسه تحت الأرض ونستخلص شخصا يتماشى مع عصرنا – يمكن أن نستدعى مخلصنا الخاص بنا من الرمال) حيث بركة الله توهب وتوعد للناس أجمع) وباختصار يمكننا أن نخلق ابراهيم رقم مائتين وواحد وأربعين.
ويواصل المؤلف اليهودى الصهيونى تهويماته وأنه يؤمن بابراهيم الذى سيكون الجسر بين البشرية والقداسة ( أى ابراهيم الذى يخشى الله) ويواصل تهويماته ) وأن أولاده مازالوا يطلبون وجه الله) ويصلون من أجل أبيهم المفقود وينتهى إلى أن ( ىهذا الابراهيم ليس يهوديا ولا مسيحيا ولا مسلما، ليس كاملا ، ولا قديسا، ولكنه هو نفسه، الإناء الأفضل والوعاء الأمثل الذى نمتلكه، أبو الجميع.. ، وأنه لن يكون آخر الابراهيميين، ولكنه ابراهيم اليوم ، ابراهيم هذا العصر) وكأنه يأتى مبشرا بنبى جديد صهيونى الملامح متجاهلا كل الوقائع الإجرامية التى يرتكبها أهله من الصهاينة ، ورغم ذلك يبشرنا بالسلام والأمن.
ونشير فى آخر صفحات هذا الكتاب وعنوانه (البركات) حيث يذكر الذين ساعدوه فى انجاز هذا الكتاب المريبوهم مجموعة كبيرة من اليهود ومن غير اليهود .
وفى خاتمة الكتاب يشير فى عنوان القراءات إلى المراجع التى اعتمد عليها مثل ( سفر التكوين) وآيات القرآن الكريم ترجمة إن جى داود في كتب بنجوين 1997 لندن وصخرة ابراهيم ، وإله ابراهيم، أولاد ابراهيم، دور ابراهيم فى المسيحيةوالإسلام، وفكرة (دم ابراهيم) ويصل إيمان المؤلف (بابراهيم) وأن هذا أفضل دليل من كل الأدلة أن الوعد ببركته له صلة دائمة وقوة لا تقهر للإلهام ) كما يحاول وهو فى حالة (دروشته) أنه يصبح من دراويش سيدنا ابر اهيم وكم من دعوات مزيفة ..... افلاسهم والله المستعان



#عبد_الغنى_داود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الناصر والإخوان المسلمين


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف منشآت عسكرية إسرائيلية بال ...
- فتوى جديدة حول أخذ بصمة الميت لفتح هاتفه
- -بوليتيكو-: منظمات وشخصيات يهودية نافذة تدعم الاحتجاجات المؤ ...
- الأردن.. فتوى جديدة حول أخذ بصمة الميت لفتح هاتفه
- الاحتفال بشم النسيم 2024 وما حكم الاحتفال به دار الإفتاء توض ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل جمعا من مسؤولي شؤون الحج
- فتوى في الأردن بإعادة صيام يوم الخميس لأن الأذان رفع قبل 4 د ...
- “أغاني البيبي المفضلة للأطفال” ثبتها الآن تردد قناة طيور الج ...
- القمة الإسلامية بغامبيا تختتم أعمالها بـ-إعلان بانجول- وبيان ...
- قادة الدول الإسلامية يدعون العالم إلى وقف الإبادة ضد الفلسطي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الغنى داود - الخليل إبراهيم رسالة إلى جوهر الديانات الثلاث