أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - مهدي كاكه يي - نظرة متأنية لمشروع دستور إقليم كوردستان















المزيد.....



نظرة متأنية لمشروع دستور إقليم كوردستان


مهدي كاكه يي

الحوار المتمدن-العدد: 1724 - 2006 / 11 / 4 - 12:02
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


نظراً لأهمية الدساتير في حياة الشعوب، فأن المساهمة الفعالة من قِبل المواطنين الكوردستانيين في إبداء رأيهم و تقييمهم لإغناء مشروع الدستورالكوردستاني المطروح للمناقشة، تُعتبر مسئولية حيوية و مهمة للعمل على إنجاز دستور حضاري متقدم لشعب كوردستان، لتحديد القوانين الأساسية للإقليم وتنظيم الشؤون السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية للمواطنين و العمل على تقدم وإزدهار كوردستان و رفاهية و سعادة شعبها. إنطلاقاً من هذه المسئولية أبدي هنا الملاحظات التالية حول مشروع الدستور:

في البداية أحب الإشارة الى أن إسم الدستور لا يشير فيما لو أنه دستور مؤقت أو دائم. لستُ متأكداً فيما لو أنه يحتاج الى الإشارة الى هذا الأمر، حيث أن الدساتير في الدول الديمقراطية تكون دائمية، بينما في الدول ذات الحكومات الشمولية، تم إبتكار دساتير مؤقتة و دائمة. أترك هذا الأمر للمُشرّع، حيث أنني بإثارتي لهذا الموضوع أردتُ فقط جلب إنتباه المُشرّع لهذا الأمر. كما أن عبارة (إقليم كوردستان- العراق) قد تم ذكرها في الكثير من المواد. يمكن الإستعاضة عن العبارة المذكورة بكلمة (الإقليم)، حيث أنه معروف أن إسم الدستور هو دستور (إقليم كوردستان- العراق) و عليه لا يحتاج الى هذا التكرار للإسم الكامل للإقليم في كل مرة تتم الإشارة إليه، بل يكفي ذكر الإسم الكامل له لمرة واحدة في بداية الدستورعندما تتم الإشارة إليه. هكذا بالنسبة لعبارة (رئيس إقليم كوردستان - العراق) و (رئيس مجلس وزراء إقليم كوردستان - العراق) و رئيس برلمان إقليم كوردستان - العراق)، لتتم الإشارة إليهم ب(الرئيس) و (رئيس الوزراء) و (رئيس البرلمان) على التوالى. قد يكون من المستحسن توضيح هذا الإختصار في بداية الدستور و القول بأن:
الإقليم = إقليم كوردستان- العراق
الرئيس = رئيس إقليم كوردستان- العراق
رئيس الوزراء = رئيس مجلس وزراء إقليم كوردستان- العراق
رئيس البرلمان = رئيس برلمان إقليم كوردستان- العراق


الديباجة:

ديباجة المشروع طويلة نسبياً و فيها تفاصيل كثيرة يمكن الإستغناء عنها. كما أنها تفتقد الي جزء أساس و مهم لا يمكن الإستغناء عنه، وهو التعريف بعراقة شعب كوردستان و أصالته في المنطقة االإشارة الى تأريخ تواجده على أرضه الذي هو تواجد طويل و عميق بعمق التأريخ نفسه. لذلك أرى أن عناصرالديباجة، يمكن أن تشمل، بشكل مختصر، على التطرق الى عراقة شعب كوردستان و إمتداد جذوره عميقة في هذه المنطقة منذ بدء الخليقة و إستيطان الإنسان على كوكب الأرض، حيث أن كورستان هي مهد الحضارة البشرية الأولى في العالم و أن أجدادهم السومريين هم أول من أسسوا الحضارة المدنية و أوجدوا الكتابة و الأرقام التى إقتبستها منهم الشعوب و الأمم الأخرى في العالم. يكفي هذا الشعب فخراً أن 75% من الكلمات الانجليزية المعاصرة مقتبسة من اللغة السومرية، وان اللغة المصرية القديمة، مع نظامها الكتابي الهيروغليفي، تعود لأصول آرية أيضاً. بعد ذلك يمكن للمُشرّع أن يتطرق الى الظلم التأريخي الذي تعرض له شعب كوردستان و من ثم التحدث عن المظالم التي تعرض لها هذا الشعب من إبادة جماعية و تعريب و إستعمال الأسلحة الكيمياوية و التهجير و إلغاء هوية مكونات هذا الشعب و لغاتها و تأريخها و ثقافاتها منذ إلحاق الإقليم بالعراق الى يوم تحريره من قِبل القوات الأمريكية و إختتامها بالإشارة الى الوضع الجديد للعراق و الإقليم بعد التحرر من الدكتاتورية.

وردت في الديباجة مصطلح (كوردستان الجنوبية). إن إستعمال المصطلح المذكور يعني بأن هناك عدة كيانات تسمى بهذا الإسم، بينما في الواقع هناك كوردستان واحدة محتلة و مقسمة. لذلك فأن المصطلح الصحيح الذي ينبغي إستعماله هو (جنوب كوردستان).

تم ذكر كلمة (نكول) مرتين، حيث أن هذه الكلمة غير دارجة بكثرة في اللغة العربية و أقترح تبديلها الى كلمة (نكث) أو (النكوث). يُقال (نكث العهود و الإتفاقيات) أو (النكوث عن العهود و الإتفاقيات). كما وردت في الديباجة كلمة (تتغنى) في عبارة (المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان و التي تتغنى بالعدل و المساواة .... ). هذه الكلمة لا تناسب المواد القانونية و إنما تُستعمل عادة في الكتابات الأدبية و الحماسية. أقترح إستعمال عبارة (تدعو الى ) أو (تؤكد على) بدلاً منها و عليه تصبح العبارة المذكورة كالآتي: المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان و التي تدعو الى العدل و المساواة .....

يمكن تبديل عبارة (أقمنا هذا الدستور)، التي تُختتَم الديباجة بها، الى (قمنا بوضع هذا الدستور) أو (قمنا بِسَن هذا الدستور)

المادة (1): يمكن إختزالها لتصبح كالآتي: (إقليم كوردستان إقليم اتحادي ضمن دولة العراق الاتحادية، نظامه السياسي جمهوري برلماني ديمقراطي). حيث لا حاجة لذكر عبارة (يعتمد التعددية السياسية وتداول السلطة سلمياً ومبدأ الفصل بين السلطات) لأن النظام الديمقراطي يعني التعددية السياسية وتداول السلطة سلمياً ومبدأ الفصل بين السلطات.

عند الإطلاع على صلاحيات رئيس الإقليم، نتوصل الى أن النظام السياسي للإقليم هو نظام رئاسي و ليس برلماني. إنه نظام مشابه لنظام الحكم في فرنسا، حيث يتم إنتخاب كل من الرئيس و أعضاء البرلمان بالإقتراع السري المباشر، بعكس الأنظمة البرلمانية التي يتم فيها إنتخاب أعضاء البرلمان مباشرة من قِبل الشعب و الرئيس من قِبل البرلمان، و لذلك نرى أن في هذه الدول تكون صلاحيات رئيس الجمهورية بروتوكولية رمزية كما في حالة العراق و إسرائيل و معظم الدول الديمقراطية في العالم. عليه فأن نظام الحكم في الإقليم هونظام رئاسي و يجب تثبيته في المادة الأولى من الدستور ليحل محل النظام البرلماني، و بذلك يمكن أن تكون هذه المادة على الشكل الآتي: إقليم كوردستان إقليم اتحادي ضمن دولة العراق الاتحادية، نظامه السياسي جمهوري رئاسي ديمقراطي.

المادة (2): ينص البندان الثاني و الثالث من هذه المادة على ما يلي:

ثانياً : تعتمد المادة (140) من الدستور الاتحادي لرسم الحدود الادارية لاقليم كوردستان.

ثالثاً: يتمتع أبناء المناطق المـقتطعة من كوردســتان حال إعادتها اليها بحكم المادة (140) من الدستور الاتحادي بالمساواة في الحقوق والواجبات والضمانات المنصوص عليها لابناء شعب كوردستان في هذا الدستور.

لا حاجة لتثبيت البندين المذكورين أعلاه في الدستور لأن البند الأول من المادة الثانية تحدد حدود الإقليم و لذلك لا حاجة للتكلم عن المادة (140) من الدستور الاتحادي، التي هي مادة مؤقتة في الدستور الاتحادي و بمجرد تطبيقها سوف تُستغنى عنها و يتم حذفها. كما أنه بعد عودة المناطق الكوردستانية الى الإقليم سيصبح سكانها جزء من مواطني كوردستان تلقائياً و يكون لهم نفس الحقوق و الواجبات كالآخرين، لذلك لا حاجة للتأكيد على هذا الأمر و ينبغي الإستغناء عن هذين البندين من هذه المادة و حذفهما.

المادة 6، البند الأول: يمكن إعادة صياغة كتابة هذا البند كالآتي ( يتكون شعب كوردستان العراق من الكورد و التركمان والكلدان والآشوريين والأرمن والعرب ممن هم من مواطني الاقليم وفق القانون)، بدلاً من وضع أسماء القوميات غير الكوردية بين قوسين و الذي يتعارض مع مبدأ المساواة بين كافة القوميات المكونة لشعب كوردستان و يشير الى التقليل من قيمة و أهمية القوميات غير الكوردية.

المادة 7: (يؤكد هذا الدستور الهوية الاسلامية لغالبية شعب كوردستان وإن مبادئ الشريعة الاسلامية هي احد المصادر الاساسية للتشريع، كما يضمن كامل الحقوق الدينية للمسيحين والايزيدين وغيرهم في حرية العقيدة والممارسة الدينية).

إن هذه المادة تتعارض مع مبادئ الديمقراطية و العلمانية، لذلك فأن تثبيتها في الدستور يؤدي الى تفريغ الدستور من مضمونه العلماني و الديمقراطي. من الخطأ إقحام الدين في السياسة و النيل من قُدسية الدين. إن وضع دستور للإقليم يوفر فرصة تأريخية للكوردستانيين أن يفصلوا الدين عن السياسة في نظام حكمهم و يقطعوا الطريق على الذين ينصبون أنفسهم وكلاء لله في الأرض من أجل السلطة و النفوذ و الإثراء و الشهرة، مستغلين الدين الإسلامي كوسيلة للوصول الى أهدافهم. بإبعاد الدين عن السياسة، قد يكون شعب كوردستان أول شعب ذا أكثرية مسلمة يضع حداً للمتاجرة بالدين و يمهد الطريق لنظام حكم مدنى متحضر، تاركاً الدين لتوثيق الوشائج الروحية بين الخالق و الإنسان و صيانة قدسية الدين و سموه و يترك الأمور الدنيوية للسياسة. كما أستغرب خلو مشروع الدستور من الإشارة الى الكاكائية و الشبك مع الإيزيدية و المسيحية حين التطرق الى الديانات المتواجدة في كوردستان، حيث لا يخفى أن الكاكائية هي أحد أقدم الديانات الكوردية في كوردستان الى جانب الزرادشتية و الإيزيدية. لإنصاف أصحاب كافة الديانات في كوردستان، يجب الإشارة الى كافة الأديان المتواجدة في كوردستان و الإعتراف بكافة حقوقها، و إلا سيؤدي الى التمييز بين الديانات الكوردستانية والذي يعني بدوره تراجعاً عن المبادئ الديمقراطية التي ينشدها المجتمع الكوردستاني و يهدف إليها دستوره. أقترح إعادة كتابة هذه المادة و صياغتها بالشكل التالي: تتكفل حكومة الإقليم ضمان كافة الحقوق الدينية و المذهبية لأصحاب الديانات و المذاهب في الإقليم، بما فيها حرية العقيدة وممارسةالطقوس الدينية.

المادة 8، ثانياً: (إنتهاج سياسة التمييز العرقى وتغير الواقع الديموغرافي في كوردستان أو العمل على إبقاء على اثارها ونتائجها السابقة تراجعاً عن الالتزامات الدستورية الواردة في المادة 140 من الدستور الاتحادي).

في هذا البند هناك أخطاء إملائية، حيث الصحيح هو (تغيير) و ليس (تغير)، فالأول فعله هو (غيّرَ)، بينما فعل الثاني هو (تغيّرَ). كما يجب أن يتم تعريف كلمة (إبقاء). من الضروري أيضاً إضافة عبارة (و الذي هو تراجع) بدلاً من كلمة (تراجعاً). أقترح أن يكون نص البند المذكور كالآتي:

إنتهاج سياسة التمييز العرقى وتغيير الواقع الديموغرافي في كوردستان أو العمل على الإبقاء على اثارها ونتائجها السابقة و الذي هو تراجع عن الالتزامات الدستورية الواردة في المادة 140 من الدستور الاتحادي.

المادة 9: البند الأول: إستطلاع رأي الاقليم قبل عقد اية إتفاقية بين الحكومة الاتحادية وأية دولة أو جهة أجنبية من شأنها المساس بظروف أو أوضاع أو حقوق أقليم كوردستان القائمة حالياً أو مستقبلاً.

عند قراءة مواد مشروع دستور إقليم كوردستان، يُلاحَظ أن المُشرّع قلِق حول جغرافية كوردستان، لذلك نراه يحاول التأكيد على هذه النقطة كلما سنحت الفرصة له بذلك، إلا أنه يجب الإدراك بأن أي نص دستوري عن إقليم كوردستان يعني كل المناطق التي هي ضمن الإقليم أو التي ستصبح ضمن الإقليم. لذلك لا يحتاج المُشرّع أن يكون شديد الحساسية حول هذا الموضوع. بناء على ذلك يمكن حذف عبارة (القائمة حالياً أو مستقبلاً) التي تقع في نهاية البند المذكور.

المادة 22، البند الأول: ينص على أن يكون التعليم إلزامياً في المرحلة الإبتدائية. من الضروري أن يكون التعليم إلزامياً في المرحلة الإبتدائية و المتوسطة معاً، لتمكين الطلاب الذين يتركون مقاعد الدراسة بعد إكمالهم المرحلة المتوسطة من دراستهم، على إتقان اللغة الكوردية و مواصلة متابعاتهم و مطالعاتهم بهذه اللغة و اللغات الأخرى التي يتعلمونها، بالإضافة الى أن مرحلة الدراسة المتوسطة تزّود الطلاب ببعض المعلومات العلمية الأساسية التي يحتاجها الإنسان في حياته العملية.

المادة 23، البند الثاني: ينص على ضمان نسبة لاتقل عن 25% من المقاعد لمشاركة المرأة في أنتخابات برلمان الإقليم والمجالس المحلية والبلدية فيه. إن تخصيص نسبة معينة من مقاعد البرلمان و المجالس المحلية و البلدية للمرأة هو إهانة للمرأة و تقليل من قيمتها و كرامتها و كفاءتها و قدرتها و يدل على أن نظرة الرجل لها هي نظرة الى إنسانة ناقصة معوقة تحتاج الى مساعدة الرجل و ترحّمه بها. على المرأة أن ترفض (مكرمة) الرجل هذه و تثبت وجودها و تُحرّر نفسها من قيود تقاليد المجتمع الكوردستاني الذكوري المتخلف و تناضل من أجل حقوقها. إنها بكل تأكيد قادرة و مؤهلة لتحقيق أهدافها في المساواة و الحرية بجدارة في عصر العولمة و ثورة الإتصالات و المعلومات. حينئذ ستحصل المرأة بجدارة، لا على نسبة 25% و إنما على أكثر من نصف مقاعد البرلمان و المجالس المحلية و البلدية، لا عن طريق تصدّق الرجل عليها، وإنما بفضل جدارتها و كفاءتها و نضالها، حيث قد تكون نفوس النساء الكوردستانيات أعلى من نفوس الرجال بسبب الحروب التي قضت على الكثير من الذكور في كوردستان خلال الكفاح المسلح و التي تؤهلها أن تُشكّل الأكثرية في البرلمان. نقطة مهمة أخرى في هذا الموضوع هي أنه حتى في حالة (منح) المرأة ربع مقاعد البرلمان، فأن مشاركتها في القرار السياسي تكون صورية، حيث تشارك في الإجتماعات و تشهد بأم عينها أن كل القرارات سيتخذها الرجل و ما على المرأة سوى أن تضع توقيعها على تلك القرارات. أقترح حذف هذه المادة من مشروع الدستور و ترك المرأة لتعيد الثقة بنفسها و تناضل من أجل إثبات وجودها و التمتع بحقوقها و مساواتها بالرجل و فرض إرادتها على أرض الواقع.

المادة 25: لاجريمة ولاعقوبة إلا بنص في قانون، ولا عقوبة إلا على الفعل الذي يعده القانون وقت ارتكابه جريمة، ولايجوز تطبيق عقوبة أشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجريمة.

لو يتم التدقيق في هذه المادة لغوياً، نرى أن لا وجود ل(فاعل) في الجمل التي تحويها، و مع ذلك هناك إشارة للفاعل في كلمة (إرتكابه). كما أقترح حذف عبارة (ولايجوز تطبيق عقوبة أشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجريمة) من المادة، حيث أن الجملة التي قبلها تفي بالغرض. عليه ستصبح المادة المقترحة كالآتي:

لاجريمة ولاعقوبة إلا بنص في قانون، ولا عقوبة إلا على الفعل الذي يعده القانون وقت ارتكاب الجريمة.

المادة 27: المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة.

لا حاجة للعبارة (في محاكمة قانونية عادلة) لأن كل محاكمة يجب أن تكون قانونية و عادلة، و عليه يصبح النص المقترح (المتهم برئ حتى تثبت إدانته).

المادة 28: حق الدفاع مقدس ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفق أحكام القانون.

إن كلمة (مقدس) هي كلمة دينية يتم إستغلالها من قِبل السياسيين، حيث يُقال أن العَلَم مقدس و حدود الدول مقدسة و الحروب مقدسة و في نص هذه المادة يصبح (حق الدفاع) مقدساً. يجب الإبتعاد عن الإلتجاء الى المفردات الدينية عن السياسة و القانون و إحترام هذه المفردات وعدم إستغلالها لأهداف غير دينية. لذلك أقترح حذف كلمة (مقدس) أينما وجدت في مشروع هذا الدستور. يصبح النص:

حق الدفاع مكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفق أحكام القانون.

المادة: 31 ليس للقانون الجزائي أثر رجعي إلا إذا كان أصلح للمتهم.

هذه المادة غريبة بالنسبة لي رغم أنني لستُ قانونياً. لماذا يجب إستغلال الأثر الرجعي للقانون لصالح المتهم؟! المتهم يجب أن يُطبق عليه القانون المعمول به وقت إرتكاب الجريمة، سواء كان لصالحه أو ضده. إن هذه المادة بحد ذاتها مخالفة للقانون. أقترح تبديل النص الى: (ليس للقانون الجزائي أثر رجعي).

المادة 37: هذه المادة تؤكد على عدم جواز التمييز في معاملة السجين. إن المادة 18 في مشروع الدستور تغطي هذه المادة، لذلك لا حاجة لوجودها و أقترح حذفها.

المادة 38: تنص على إحترام المعتقدات الدينية للسجين. المادة 7 تؤكد على إحترام الأديان و المعتقدات و التي تفي بالغرض لذلك ينبغي الإسغناء عن المادة 38.

المادة: 41 تضمن حكومة كوردستان ـ العراق رعاية عوائل شهداء الحركة التحررية لشعب كوردستان والبيشمه ركة وعوائل ضحايا الأنفال والقصف الكيميائي والمصابين بالعاهات المستديمة جرائها.

أقترح تعديل هذه المادة لتؤكد على الضمان الإجتماعي لكافة مواطني كوردستان و الذي بدوره يشمل الشرائح المظلومة و المسحوقة المخصصة لها هذه المادة. يمكن أن يكون النص المقترح كالآتي: (تتكفل حكومة الإقليم بضمان الحد الأدنى من مستوى المعيشة للمواطن).

المادة 49، البند الثالث: للأولاد الحق على والديهم في التربية والرعاية والتعليم وللوالدين الحق على أولادهم في الاحترام والرعاية لاسيما في حالات العوز والعجز والشيخوخة.

هذه المادة تُظهر بوضوح عقلية المجتمع الزراعي للمُشرّع حين يحاول وضع مسئولية رعاية الأطفال (هنا يذكر المُشرّع "الأولاد" و ليس "الأطفال" و كأن المجتمع الكوردستاني كله مؤلف من الذكور لا إناث فيه) على كاهل الوالدين و تحميل الأولاد و البنات أعباء إضافية لإعانة و إعاشة الوالدين بالإضافة الى عوائلهم التي يكّونونها بعد الزواج، تاركاً الحكومة تتهرب من مسئوليتها تجاه الأطفال و الكبار. على كل حال، أحببت إبراز هذا الجانب، و إلا فأن المادة 41 التي إقترحتها تفي بالهدف و لا حاجة لبقاء هذه المادة في الدستور.

المادة 50 : لكل مواطن الحق في الرعاية الصحية وعلى حكومة الاقليم توفير وسائل الوقاية والعلاج وعليها حسب إمكانيتها ضمان حق من يفقد مصدر معيشته لظروف خارجة عن إرادته في حالة المرض و العجز و الترمل والشيخوخة.

يمكن إختصار هذه المادة بالنص التالي: ( لكل مواطن الحق في الرعاية الصحية وعلى حكومة الاقليم توفير وسائل الوقاية والعلاج) لأن المادة 41 المقترحة تشمل الفقرة الثانية من هذه المادة.

المادة 52، البند الأول: للمعوق حق أصيل في أن تحترم إنسانيته وله أياً كان منشأ وطبيعة وخطورة عوقه نفس الحقوق الأساسية التي تكون لمواطنيه الذين هم في سنه وله الحق في التمتع بحياة لائقة تكون طبيعية قدر المستطاع.

لا حاجة لذكر عبارة (الذين في سنه) في هذه المادة.

المادة 57، البند الأول و الثالث: جاء في البند الأول: حماية البيئة (الارض, الماء, الهواء, النبات والأحياء) .... عند التمعن في هذه الفقرة و مقارنتها بالنسخة الكوردية، يتوصل المرء الى أن المُشرّع يجهل أن النباتات هي من الأحياء أيضاً، حيث أن (الأحياء) تشمل الإنسان و الحيوان و النبات، و قد أعاد المُشرّع نفس الخطأ في البند الثالث من هذه المادة. وقع المُشرّع في نفس الخطأ في النص الكوردي أيضاً. عليه يجب حذف كلمة (النبات) من النصين الكوردي و العربي. يصبح النص بعد التصحيح كالآتي: (حماية البيئة (الارض، الماء، الهواء و الأحياء .....). و يجب حذف كلمة (النباتات) في البند الثالث من هذه المادة أيضاً لنفس السبب الذي تم ذكره أعلاه.

تحتاج هذه المادة الى إضافة بند رابع ينص على إلتزام حكومة كوردستان بوضع قوانين لحماية البيئة و وقايتها من التلوث و المحافظة على الثروة الطبيعية و ترشيد إستهلاكها، حيث أن حماية البيئة تحتاج الى تشريع قوانين كثيرة لها، على سبيل المثال لا الحصر، تنظيم قطع الأشجار و صيد الحيوانات و الأسماك و موسمه و وسائله، تحديد الحد الأعلى لنسب المواد السامة في الأغذية، معتمدة على المقادير التي وضعتها الأمم المتحدة، المبيدات الكيمياوية غير المسموح بإستعمالها في الإقليم و مقاديرها، قوانين للحد من تراكم الفضلات و النفايات و طرق الإستفادة منها في إنتاج الطاقة، تنظيم المعامل و المصانع و سبل التقليل من تلويثها للبيئة، التدخين، و شروط البناء و المدن و أن قوانين تنظيم النسل تُعتبر من العوامل المهمة جداً لحماية البيئة و جوانب كثيرة أخرى لا يسع المجال للتحدث عنها و نحن نهدف هنا الى التركيز على مناقشة مشروع دستور الإقليم.

المادة 65: أقترح ذكر الكاكائيين و الشبك الى جانب الأديان الأخرى في هذه المادة.

المادة: 74 احترام وتخليد قادة و رموز الحركة التحررية الكوردية و ثوراتها وشهدائها والحفاظ على كرامة ذويهم والبيَشمه ركة القدامى والمناضلين المشاركين فيها واجب مقدس على حكومة ومواطني كوردستان.

القادة الكورد يستحقون الإحترام و التقدير و التخليد، الا أنه طالما هم بشر فأنهم غير معصومين عن الخطأ. هذه المادة تتعارض مع المادة المادة 59 التي تنص على أن لكل فرد حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، و مع المادة 60 التي تُضمن حرية النشر و الطباعة و الصحافة. المادة 74 ستكون لها نتائج كارثية على التأريخ الكوردي، حيث أنها ستسد الطريق، بلا شك أمام الدراسات و البحوث العلمية عن الحركات و الثورات الكوردية و قادتها و تؤدي الى تزييف جانب مهم من التأريخ الكوردي و سيقتصر هذا الجانب من الدراسات على الإنتصارات و الإنجازات دون الإخفاقات و الأخطاء، كما ينتهجها الشموليون و العنصريون العرب و غير العرب. هذه المادة تمنع الباحثين العلميين من كشف الحقائق و الوقائع للأجيال القادمة و للعالم، لأخذ العِبر و الدروس منها، نتيجة مواجهة الكُتّاب و المؤرخين لمساءلات قانونية بسبب هذه المادة. هذه المادة تؤدي الى إضطرار المؤرخين الى الإبتعاد عن إجراء بحوث حول هذا الموضوع أو كتابة تأريخ مزيف للأجيال الكوردية القادمة و للعالم و التي ستقود شعب كوردستان نحو الضياع و الكوارث و تُجرّده من تأريخه. يجب ترك تقييم القادة و الحركات الكوردية للباحثين و المؤرخين و السماح للمواطنين بالتعبير عن آرائهم و الكف عن تسييس التأريخ الكوردي و تزويره.

شعب كوردستان يُقدّر عالياً تضحيات البيشمه ركة و عائلاتهم، إلا أن هذا لا يبرر أن يكونوا فوق القانون و يتميّزون على باقي شرائح المجتمع الكوردستاني، حيث أن شعب كوردستان كله ساهم في النضال و الثورات من أجل تحقيق أهدافه في حياة حرة كريمة. هناك مَن ساهم بدمائه و آخرون بألسنتهم و أقلامهم و أعمالهم. كما أن هذه المادة تتعارض مع المادة 18 التي تنص على أن: المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو اللون أو اللغة أو المنشأ الاجتماعي أو الدين أو المذهب أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي أو الانتماء السياسي والفكري. أقترح إلغاء هذه المادة.

المادة 80، البند الثاني : يراعى في تكوين البرلمان التمثيل العادل للقوميات في اقليم كوردستان. هذا البند يقوّض النظام الديمقراطي و يخالف المادة 79 التي تنص على إنتخاب أعضاء البرلمان بالاقتراع العام الحر السري المباشر. يمكن حل هذه المسألة بتأسيس (مجلس القوميات) لتتمتع كافة القوميات الكوردستانية بحق المشاركة في القرار السياسي و سأتحدث عن هذا المجلس لاحقاً.

المادة 90، البند الثاني: ينص هذا البند على حجب الثقة عن رئيس مجلس الوزراء بموافقة ثلثى أعضاء البرلمان. أعتقد أنه يجب أن يكون حجب الثقة عن رئيس مجلس الوزراء بالأكثرية البسيطة لأنه في حالة تصويت 51% من أعضاء البرلمان لحجب الثقة عنه و عن وزارته، تعني أن أكثر من نصف ممثلي الشعب يمتنعون عن منح ثقتهم لرئيس الوزراء. في هذه الحالة سيفقد مجلس الوزراء شرعيته و لا يجوز له الإستمرار في الحكم.

المادة 93، البند الرابع: إعفاء رئيس الاقليم أو نائبه بالاغلبية المطلقة لاعضاء البرلمان بعد إدانته من المحكمة الدستورية لكوردستان في احدى الحالات الأتية:
أ- الحنث في اليمين الدستورية ب- انتهاك الدستور
ج- الخيانة العظمى.

يحتاج هذا البند الى إضافة نقطة أخرى إليه تنص على صلاحية البرلمان إعفاء رئيس الإقليم في حالة عجزه عن القيام بواجباته بسبب إعتلال صحته أو كبر سنه أو أي سبب آخر. النص المقترح لهذا البند يكون كالآتى:

إعفاء رئيس الاقليم أو نائبه بالاغلبية المطلقة لاعضاء البرلمان

ا. بعد إدانته من المحكمة الدستورية لكوردستان في احدى الحالات الأتية:
أ- الحنث في اليمين الدستورية
ب- انتهاك الدستور
ج- الخيانة العظمى
2. في حالة عجزه عن القيام بواجباته بسبب إعتلال صحته أو كبر سنه أو أي سبب آخر

المادة 103: تكون ولاية رئيس اقليم كوردستان أربع سنوات ويجوز إعادة انتخابه لولاية ثانية.

تحتاج هذه المادة الى إضافة كلمة (فقط) في نهايتها للتأكيد على أن الدستور يسمح لرئيس الإقليم أن يحتفظ بمنصبه لولايتين إثنتين كحد أقصى و بذلك يتم تجنب الإختلاف في تفسير المادة التي نحن بصددها.

المادة 104، البندالثامن: العفو الخاص عن المحكومين بموجب القانون.

هذا البند يتقاطع مع المادة 116 التي تنص على إستقلالية القضاء، لذلك لا يجوز منح رئيس الإقليم أو البرلمان الحق في التدخل في شؤون القضاء بالإعفاء عن المجرمين. أقترح حذف هذا البند.

المادة 108: مجلس وزراء اقليم كوردستان هو السلطة التنفيذية والإدارية في الاقليم ويؤدي مهامه تحت إشراف وتوجيه رئيس اقليم كوردستان.

إن مجلس الوزراء ينبثق عن الكتل السياسية في البرلمان التي تحوز على ثقة الشعب بالتصويت لها و إختيارها. من هنا يجب أن لا تكون سلطات مجلس الوزراء أقل من سلطات رئيس الإقليم إن لم تكن أكثر منه، حيث أن كلاً من رئيس الإقليم و البرلمان الذي يُشكّل مجلس الوزراء، يتم إنتخابه من قِبل الشعب عن طريق الإقتراع السري المباشر. أقول أنه قد ينبغي أن تكون سلطات مجلس الوزراء أكثر من سلطات رئيس الإقليم و ذلك لتفادي تركيز السلطات بيد رئيس الإقليم الذي قد يؤدي الى إستحواذه على الحكم و تفرده به و بالتالى تحول الحكم الى نظام دكتاتوري، بينما في حالة مجلس الوزراء، فأنه منبثق عن البرلمان و الذي يُشكّل قيادة جماعية و توجد من ضمنه معارضة برلمانية، التي تحول دون ظهور سوء إستعمال السلطة و الإدارة أو الإستحواذ على السلطة. عليه من الضروري حذف عبارة ( ويؤدي مهامه تحت إشراف وتوجيه رئيس اقليم كوردستان) من هذه المادة.

المادة 134، البند الثاني: يكون إختيار أعضاء المحكمة الدستورية من قبل مجلس القضاء بالتشاور مع رئيس أقليم كوردستان.

ينبغي حذف عبارة (بالتشاور مع رئيس أقليم كوردستان) من هذا البند، حيث أن المادة 116 من مشروع الدستور تؤكد على إستقلالية القضاء. لذلك يجب ترك إختيار أعضاء المحكمة الدستورية لمجلس القضاء، دون تدخل السلطة التنفيذية سواء كانت رئيس الإقليم أو مجلس الوزراء، في تحديد أعضاء هذه المحكمة.

المادة: 146: يراعى في تشكيل المجالس المحلية والبلدية التمثيل العادل للقوميات المتواجدة ضمن الوحدة الادارية أو البلدية. وينظم ذلك بقانون.

بما أن إختيار أعضاء المجالس المحلية و البلدية يتم عن طريق الإقتراع الشعبي المباشر، فأن هذه المادة تتعارض مع النظام الديمقراطي عند فرض نسب معينة لممثلي القوميات على تلك المجالس. لحل هذه المشكلة يمكن تشكيل مجلس القوميات في كل وحدة إدارية تتواجد فيها أكثر من قومية واحدة، لتتمتع القوميات الكوردستانية بحقوقها الكاملة و تتساوى في الحقوق و الواجبات. هذا الحل سيكون حلاً مؤقتا، حيث أنه في المستقبل المتوسط و البعيد قد لا نحتاج الى مثل هذه المجالس عندما يتطور المجتمع الكوردستاني و يرتفع وعيه الإنساني بحيث لا يُفرّق بين المواطن الكوردستاني بسبب قوميته أو دينه أو مذهبه أو عقيدته. لذلك أقترح حذف هذه المادة و القيام بتأسيس مجالس محلية للقوميات التي تتبع مجلس القوميات في الإقليم الذي إقترحت تشكيله حين حديثي عن المادة 80 من مشروع الدستور الحالي التي تنص على مراعاة التمثيل العادل في البرلمان للقوميات في الإقليم.

المادة 149، البند الثاني: يعفى أصحاب الدخول المنخفضة من الضرائب بما يضمن الحد الادنى العادل للمعيشة وينظم ذلك بقانون.

يحتاج هذا البند الى تعديل ليصبح كالآتي: تُنظم نسبة الضرائب تبعاً لدخل الفرد و تكون نسبتها تصاعدية تبعاً لزيادة الدخل و تُنظم بقانون. تتم جباية الضرائب تبعاً لمقدار دخل الفرد، حيث تزداد نسبة الضريبة كلما زاد دخل الفرد و العكس بالعكس. بالنسبة للمواطنين من ذوي الدخل الواطئ، فأن دوائر الضمان الإجتماعي تقوم بتوفير الحد الأدنى من مستوى المعيشة لهم و الذي يختلف تبعاً لتطورات مستوى المعيشة في الإقليم و تبعاً لمستوى المعيشة في المنطقة التي يسكن فيها المواطن، حيث يكون عادة مستوى المعيشة عالياً في المدن الكبيرة، مقارنة بالمدن الصغيرة و الأرياف. بهذا النظام يمكن تحقيق عدالة توزيع الثروة على المواطنين. (راجع التعديل الذي إقترحته للمادة 49، البند الثالث الذي يكفل الحد الأدنى من مستوى المعيشة لكل مواطن).

الخاتمة

النظام الديمقراطي التعددي يعني التداول السلمي للسلطة عن طريق الإقتراع المباشر و المساواة بين القوميات و الأديان و المذاهب المؤلفة لشعب ما، بغض النظر عن النسبة السكانية لكل طيف من الأطياف المكوّنة لذلك الشعب. إن جعل مبادئ الشريعة الاسلامية كأحد المصادر الاساسية للتشريع، الذي تؤكد عليه المادة 7 من مشروع الدستور، هو خرق لإحدى مقومات النظام الديمقراطي، حيث أن مبادئ الشريعة الاسلامية هي مبادئ شمولية ثابتة و مطلقة و التى غير قابلة للتغيير بحيث تتماشى مع تغييرات الحياة. كما أن نسبة غير المسلمين في الإقليم قد تصل الى 15% على أقل تقدير و أن القيم الديمقراطية ترفض خضوع الأقلية الدينية لقوانين دين الأكثرية. ما دمنا نتكلم عن السياسة، لنحتكم الى الأرقام لتوضيح الظلم الذي تفرضه هذه المادة على الغالبية المطلقة من سكان إقليم كوردستان. صحيح أن أكثرية مواطني الإقليم هم مسلمون، إلا أن غالبية هؤلاء هم علمانيون، أي أنهم يؤمنون بفصل الدين عن السياسة و الذي يعني رفضهم لفرض الشريعة الإسلامية كقوانين على الشعب. الدليل الواضح على كون معظم المسلمين الكوردستانيين هم علمانيون، هو تصويت الغالبية المطلقة لشعب الإقليم للحزبين الكوردستانيين الكبيرين، الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الإتحاد الوطني الكوردستاني في الإنتخابات التشريعية الأخيرة، و كما هو معروف أن هذين الحزبين هما حزبان علمانيان. بينما الأحزاب الكوردستانية الإسلامية أحرزت أقل من 10% من الأصوات في تلك الإنتخابات. إذن، نرى أنه في حالة تبني هذه المادة في الدستور، يعني أن أقل من 10% من سكان الإقليم يفرضون أفكارهم و طروحاتهم على الأغلبية السكانية للإقليم. نقطة مهمة أخرى يمكن إثارتها هنا و هي أن الأحزاب الإسلاموية هي أحزاب شمولية و دكتاتورية لا تؤمن بالديمقراطية و التعددية و حرية الفكر و العقيدة و التداول السلمي للسلطة، بل أنها تستغل النظام الديمقراطي للإستحواذ على الحكم و فرض الشريعة الإسلامية بالقوة على الشعب. نقطة أخرى يجب الإشارة إليها وهي بما أن هذه الأحزاب الإسلاموية هي أحزاب شمولية، فأن نصوص البنود 5، 6 و 7 من المادة 67 من مشروع الدستور الكوردستاني تنص بوضوح على منع نشوء مثل هذه الأحزاب الشمولية. ما دام النظام السياسي هو ديمقراطي علماني، فأنه ينبغي الفصل بين الدين و السياسة و إلغاء النص المتعلق بجعل مبادئ الشريعة الإسلامية كأحد المصادر الاساسية للتشريع الذي تتضمنه المادة 7 من مشروع الدستور.

لمجتمع زراعي متأخر مثل المجتمع الكوردستاني و لساسة يفتقرون الى الخبرة في الممارسة العملية للحكم الديمقراطي، بل
يفتقدون الى خبرة في إدارة شؤون الإقليم، حيث أنهم حديثو العهد بالإدارة و تحمل مسئولية الحكم، فأنني أرى أن النظام البرلماني، على غرار النظام الإتحادي العراقي، هو النظام المناسب لكوردستان، لخلق قيادة جماعية متمثلة بالبرلمان و التمرن على تعلم الممارسة الديمقراطية و قبول التعددية و التداول السلمي للسلطة و إيجاد معارضة برلمانية نشطة تراقب أعمال الحكومة و تنتقدها و رفع المستوى الثقافي و الفكري و العلمي و السياسي للمواطنين و بناء المجتمعات المدنية المستقلة البعيدة عن تأثيرات السلطة و ولادة صحافة حرة تراقب أداء الحكومة و تساهم في ترسيخ المفاهيم الديمقراطية و تطويرها و توعية المواطنين و تفرغ الحكومة لبناء البنية التحتية للإقليم و تطويره والتوزيع العادل للثروة على المواطنين و تمتع كافة أبناء و بنات الإقليم بالحرية و المساواة بغض النظر عن قومياتهم و أديانهم و مذاهبهم و مناطقهم و مستواهم الإجتماعي و الطبقي، و توفير الضمان الإجتماعي و الصحي و الخدمات لهم. النظام البرلماني يساعد على منع تفرد شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص بالحكم و الإستحواذ عليه، كما أنه يساهم في منع ظهور (القائد و الزعيم الأوحد) و خاصة أن ثقافة البحث عن إيجاد (القائد و المنقذ) متأصلة في نفوس شعبنا بسبب عيشه تحت حكم أنظمة محتلة شمولية دكتاتورية لفترة طويلة و التي كانت تُبجّل (القائد) و تفرض على الشعب عبادة الفرد و قبول الدكتورية. في المستقبل، عندما يصبح شعب كوردستان ناضجاً سياسياً و يتشبع بروح المفاهيم الديمقراطية و الحضارية، حينئذ يمكن إستفتاء الشعب للعمل على تعديل الدستور وجعل نظام الحكم رئاسياً فيما لو رأى شعب كوردستان أن النظام الرئاسي هو أكثر ملاءمة له من النظام البرلماني.

بالنسبة لحماية حقوق القوميات المتعايشة في الإقليم و في نفس الوقت عدم الإخلال بمبادئ النظام الديمقراطي، أقترح تأسيس مجلس للقوميات الى جانب البرلمان و يتم إنتخاب ممثلي هذا المجلس بالإقتراع السري و أن يكون عدد ممثلي كل قومية في المجلس متساوياً و يكون لممثلي كل قومية (بأكثرية بسيطة) حق النقض ضد أي قرار يخص تلك القومية المذكورة و بذلك يتحقق من خلال هذا المجلس أن تكون القرارات الصادرة توافقية بين قوميات الإقليم. هكذا بنفس الطريقة سيتم تأسيس مجالس القوميات في الوحدات الإدارية على مستوى المحافظة و القضاء و الناحية. كما تحتاج الأديان و المذاهب الى تأسيس مجلس خاص لكل دين أو مذهب، يُشكّل مرجعية له، تتفرغ للقضايا الدينية المتعلقة بأفراد دينه أو مذهبه و خدمتهم.

مشروع الدستور يحتاج الى إضافة بعض المواد التي تنص على منع تسييس التربية و التعليم و عدم السماح بأن تتضمن مناهج التعليم وبرامجها الأفكار و الطروحات الأيديولوجية و الحزبية في المدارس و المعاهد و الجامعات. كما يجب إدخال تعليم و تطوير لغات القوميات المؤلفة لشعب كوردستان، و تأريخ شعب كوردستان و الديمقراطية و البيئة و الكومبيوتر و اللغة الإنكليزية، كمواد أساسية في مناهج التعليم للمراحل الإبتدائية و المتوسطة و الإعدادية، نظراً للأهمية القصوى لهذه المواضيع في عصرنا الحاضر. كما تنبغي الإشارة في الدستور الى منع ضرب الأطفال سواء في البيت أو المدرسة و تخصيص مساعدة مالية شهرية لكل طفل و ذلك بتشريع قانون. كما يحتاج الدستور الى نص تتكفل الحكومة به حماية العامل والموظف من البطالة و وضع قانون يحدد الضمان ضد البطالة.

هنا أود التطرق الى الديانة الكاكائية التي لم يأتِ إسمها في مشروع الدستور، عند الإشارة الى الديانات غير الإسلامية في الإقليم. ربما يكون السبب هو أن المُشرّع قد يعتبر الكاكائية مذهباً إسلامياً و أن الكاكائيين هم طائفة إسلامية. لو كان هذا الرأي قد أدى الى حجب إسم الديانة الكاكائية في مشروع الدستور الذي نحن بصدد مناقشته، أود هنا مناقشة هذا الأمر بإختصار شديد. للديانة الإسلامية خمسة أركان يجب توفرها عند المسلم أو أية طائفة مسلمة. لنُطبق هذه الشروط على أصحاب الديانة الكاكائية لنرى فيما لو أنهم مسلمون. الكاكائيون لا يؤمنون بشهادة (لا إله إلا الله و محمد رسول الله)، حيث أنهم يؤمنون بتناسخ الأرواح، كما يؤمن به البوذيون و الهندوس، بل أنهم يؤمنون بتحويل روح الإله في البشر. الكاكائيون لا يقومون بفريضة الصلاة، حيث بدلاً منها يقومون بتقديم النذور الى الإله. إنهم لا يصومون شهر رمضان و إنما يصومون ثلاث أيام فقط خلال السنة، إعتباراً من اليوم الثالث عشر من كانون الثاني (منتصف الشتاء) الى الخامس عشر من هذا الشهر. إنهم لا يحجّون الى مكة، و إنما يحجّون الى مرقد السلطان إسحق، القائم في هورمان في كوردستان. أخيراً، أن الكاكائيين لا يدفعون الزكاة. إذن الكاكائيون لا يلتزمون بأية فريضة من الفرائض الإسلامية و عليه فأن ديانتهم لا تمت بصلة بالدين الإسلامي و أن كون بعض الشخصيات الإسلامية مقدسة عندهم، يعود الى إيمانهم بتناسخ الأرواح، حيث تكون قد حلت أرواح تلك الشخصيات في أجساد شخصياتهم المقدسة و بسبب عيشهم الطويل تحت حكم المسلمين و تأثرهم بهم خوفاً و معاشرةً. إن الكاكائية هي ديانة كوردية قديمة خالصة الى جانب الديانات الزرادشتية و الإيزيدية، حتى أن إسمها كوردي و الذي يعني (الإخوة أو التآخي). عليه تحتاج هذه الديانة الى كثير من البحوث و الدراسات لمعرفة تأريخ نشوئها و مراحل تطورها و فلسفتها و عقائدها و شخصياتها. من هنا أرى أنه يجب الإعتراف بهذه الديانة الكوردية القديمة في دستور إقليم كوردستان و إحيائها الى جانب الزرادشتية و الإيزيدية و بذلك تتم إحياء الثقافة الكوردية الأصيلة من خلالها.

في الختام أقترح إحالة مشروع دستور الإقليم، بعد إعادة كتابته، الى لجنتين، إحداهما مؤلفة من لغويين كورد و اللجنة الثانية من لغويين مختصين عرب، لصياغة النصين، الكوردي و العربي، و كتابة كل من النصين بلغة رصينة ترقى الى المستوى الذي يتطلبه مثل هذه الوثيقة التأريخية المهمة، حيث أن لغة النصين الكوردي و العربي لمشروع الدستور هي دون المستوى المطلوب و يجب رفع المستوى اللغوي للدستور الذي يحوي القوانين الأساسية و الذي سيكون مصدراً لقوانين الإقليم.



#مهدي_كاكه_يي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأريخ إنتاج و إستخدام الأسلحة الكيميائية - القسم الثاني
- تأريخ إنتاج و إستخدام الأسلحة الكيميائية - القسم الأول
- المرأة والنظام العالمي الجديد
- تشكيل الحكومة العراقية و المعادلات المعقدة التي تتحكم به
- خارطة المواقف العراقية و الإقليمية و الأمريكية تجاه القضية ا ...
- الكونفيدرالية تفرض نفسها على الواقع العراقي


المزيد.....




- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
- مصر وأيرلندا: غزة تعاني المجاعة وغير قابلة للعيش
- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - مهدي كاكه يي - نظرة متأنية لمشروع دستور إقليم كوردستان