أسباب فشل التكتلات الاقتصادية في الدول النامية

مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق

الحوار المتمدن-العدد: 7676 - 2023 / 7 / 18 - 14:24
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

يعد ضعف مستوى التقارب بين توجهات الأنظمة السياسية العائق الأهم في وجه معظم تجارب التكتل الاقتصادي وخاصة في الدول العربية. ورغم أن المقومات السياسية والثقافية ضرورية لنجاح التكتل، إلا أنها ليست كافية لوحدها، حيث تعد المقومات الاقتصادية والمصالح المشتركة هي الشرط الأهم والكافي أحياناً لنجاح تجربة التكتل الاقتصادي، وخير مثال هي تجربة الاتحاد الأوروبي. [1]

حدد الاقتصاديون ثلاثة أسباب رئيسة تؤدي إلى فشل وضعف التكتل والتكامل الاقتصادي بين الدول النامية وخاصة الدول العربية: سياسية، وتاريخية، واقتصادية. [2]
السبب الأول – تاريخي، يعود إلى ارتباط أسواق الدول النامية بأسواق الدول المتقدمة والمستقرة، ولبقاء السياسات الاقتصادية المستقرة والسياسية والتجارية بالدول المستقرة، وأصبح هناك اعتقاد بأن وجود شبكة مواصلات بين دول أوروبا أهم من وجودها بين الدول الأفريقية.
السبب الثاني – يرتبط بالقرار السياسي بالدرجة الأولى، ما زالت معظم الدول تحاول رسم حدود بلادها، الأمر الذي يجعل من الصعب تحقيق هذا التكتل، بالإضافة إلى أن معظم شعوب هذه الدول ليس لها رأي في تحقيق أي نوع من التكتل والتعاون، والقرار يعود للحكام.
السبب الثالث – اقتصادي، ويعني ضعف مؤسسات التكتل أي وجود عدد كبير من مؤسسات التكامل الإقليمي، وعدم وفاء معظم الدول بالتزاماتها تجاه مؤسسات التكتل الإقليمية، ضعف هذه المؤسسات في الإعداد الصحيح للمؤتمرات، بالإضافة إلى قلة التعاون والمشاورة بينها.

أسباب فشل التكتل الاقتصادي في الدول العربية:
تبعية وعمق اندماج اقتصاد معظم الدول العربية بالاقتصاد العالمي وخاصة مع الدول المتقدمة. [3]
طبيعة الصادرات والواردات من وإلى الدول العربية لا يوفر صبغة تعاون بينها حيث أنها تحتاج إلى الآلات وقطع الغيار وكافة الصناعات المتقدمة وهي غير متوفرة في أسواق دول العالم الثالث، كما أن صادراتها تمثل في معظم الأحيان منتج واحد (مصادر الطاقة والمواد الخام) وهذه تصدر لدول متقدمة وليس لها سوق كبيرة في دول العالم الثالث.
السياسات الاقتصادية في الدول العربية ليست متجانسة، فبعضها يطبق مبادئ اقتصاد السوق على الطريقة الرأسمالية والبعض الآخر يطبق مبادئ الاقتصاد المنهاجي المخطط على الطريقة الاشتراكية، وهذا التمايز بين أنظمتها السياسية والاقتصادية أدى إلى إخفاق التكتل بينها. [4]
الفساد الإداري والمالي في كافة الدول العربية.
مشكلة التخلف واحتياجات التنمية التي تعاني منها معظم الدول العربية.
(في ظل هذه الظروف فإن الدول العربية مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى بناء تكتل اقتصادي يضاهي التكتلات المتطورة، لتستفيد من إمكانياتها الاقتصادية الهائلة. ولكي يكون هناك أمل في إمكانية تحقيق هذا الهدف، فإن الأمر يستدعي العمل بجدية أكثر من أجل، الارتقاء بنظم الحكم في الدول العربية، والاهتمام بالتنمية البشرية ورفع مستوى المهارات، وزيادة تنافسية الصادرات وتنويع الهياكل الإنتاجية، وحل مشاكل المديونية، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحسين مناخ الاستثمار). [5]
يتطلب نجاح عملية التكتل الاقتصادي والتوصل إلى مرحلة الوحدة الاقتصادية تغيير مفاهيم السيادة، حيث يتضمن التنازل عن بعض السيادة الوطنية لصالح السيادة المشتركة برضاء الدولة، وهو تنازل من جانب جميع الدول الأعضاء في التكتل مقابل النفع العائد على تلك الدول ومقابل الحقوق والمزايا التي تنشأ من التكتل وهذا ما قامت به دول الاتحاد الأوربي، حيث غلبت المصالح الاقتصادية على المفهوم الضيق للسيادة، فالتكامل يفيد كافة الدول الأعضاء في التكتل، فهو حاجة اقتصادية قبل أن يكون رغبة سياسية. عملية التكتل والتكامل الاقتصادي تحتاج إلى جهود كبيرة وعمل متواصل يتسم بالتصميم الجاد من أجل تحقيق الهدف والصالح المشترك لأعضاء التكامل وهذا ما عملت به الدول الأوربية حيث أنهم أحصوا أكثر من (300) من الإجراءات التي اتخذت حتى وصلت أوربا إلى الاتحاد في عام 1992.
كلية الاقتصاد – جامعة دمشق

مصدر المقال:
http://almustshar.sy/archives/10548

[1] – انظر، يوسف الصائغ، الاقتصاد العربي على عتبة القرن الحادي والعشرين، مجلة بحوث اقتصادية عربية، العدد السادس، خريف، 1996.
[2] – المصدر السابق.
[3] – انظر، سليمان المنذري، السوق العربية المشتركة في عصر العولمة، مكتبة مدبولي، القاهرة 1999، ص ص 192 – 199.
[4] – قاسم احمد الأحمد، التعاون الاقتصادي والسياسي بين المملكة الأردنية الهاشمية والاتحاد الأوربي، المعهد الدبلوماسي الأردني، عمان 1998 ص ص105 – 108.
[5] – فلاح خلف الربيعي، التكتلات الاقتصادية في الدول المتقدمة والنامية، مصدر سابق.

#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات