الهلال

أحمد نجم

الحوار المتمدن-العدد: 7657 - 2023 / 6 / 29 - 08:56
المحور: الادب والفن
    

الهِلال
الهِلالُ راءٌ مَنْقوشٌ بِالذَّهَبِ
في الأُفُقِ القَريبِ
تَبْرُقُ الزُّهْرَةُ زُرْقَةً إِلى جانِبِهِ
تَبُثُّ رُموزَ الغَرامِ
تُثْرِيَ الأَحْلامَ
سَماءٌ مُتَعَدِدَةُ الأَلْوانِ
رُغْمَ انْتِصافِ اللَّيْلِ
مِنْ شُرْفَتي
أُشاهِدُ كُلَّ هذا البَهاءَ
يَسْتَيْقِظُ كُلِّي
يَعودُ اللَّيْلَكُ إِلى الشَّمالِ
تَعودُ الحَياةُ إلى القادَمينَ
مِنْ طيبِ الياسَمينِ
أَوَلُ مَرَّةٍ شاهَدْتُ الهِلالَ
كُنْتُ طِفْلاً هِلالاً
اسْتَيْقَظْتُ عَلى صَوْتِ أَبي
يَتَهَيَّأُ لِلصَّلاةِ
مُنْذُ ذاكَ
كُلَّما أَرى الهِلالَ
أَرى وَجْهَ أَبي في السَّماءِ
يَمْلِكُ فَجْرَهُ كَرْمَهُ
يَعْتَليَ قِمَمَ أَحْلامِهِ
الأُفُقُ مُتَّسَعُ الأَعْراسِ
السَّماءُ تَرْوي قَنَواتِ الرَّبيعِ
كانَ يَمْلِكُ أَشْجارَ تينٍ باسِقَةٍ
عَسَلَةُ المَذاقِ
يَأْكُلُ مِنْها الطَّيْرُ
وَعابِري السَّبيلِ
عَرَبِيُّ العَباءَةِ
مُهَجَّرٌ مِثْلَ الأَنْبِياءِ
جَليلِيُّ المَهْدِ
سائِرٌ عَلى دَرْبِ الآلامِ
مِثْلَ أَبْناءِ الجَليلِ
بَرَدى جَريحٌ
الفُراتُ عَليلٌ
وَالنّيلُ مُغْتَصَبٌ
تَمَزَقَتِ الأَحْلامُ
تَلاشَتِ البَساتينُ
أَصْبَحَ في مَهَبِّ القَهْرِ
لَيْسَ بَعيداً عَنْ زَيْتونِهِ
ذَرَفَ الدُّعاءَ في المَساجِدِ
جاءَ السَّماسِرَةُ يُكْمِلونَ الجَريمَةَ
يُقايِضونَهُ الأَرْضَ مُقابِلَ
حَفْنَةِ أَوْراقٍ باطِلَةٍ
يَجِدونَهُ صَخْرَةً صَمّاءَ
يَعودونَ خائِبينَ في كُلِّ مَرَّةٍ
يَسْخَرُ مِنْهُم
الأَرْضُ باطِنٌ بِحارٌ وَسَماءٌ
وَكُلُّ ما أَنْبَتَتْ وَما لَم ْتُنْبِتْ
شَمْوسٌ نُجومٌ أَقْمارٌ رِياحٌ
الأَرْضُ لَيْلٌ خَيْلٌ دِماءٌ
مِناجِلٌ تَقْطُرُ ذَهَباً
مَواويلٌ تَحْمِلُها الرِّياحُ إِلى الجيرانِ
عَرَقٌ يَتَصَبَبُّ عَلى جَبينِ الظَّهيرَةِ
واثِقُ العَوْدَةِ
مِثْلَ طائِرٍ مُهاجِرٍ
يَمْضي فَخوراً
وَفي مُقْلَتَيْهِ تُفّاحُ الشّامِ
أَمْطارٌ قادِمَةٌ مِنَ السَّماءِ
وَحُقولٌ خَضْراءُ غَنّاءُ
الأَرْضُ أُغْنِيَةٌ مَلْحَمَةٌ وَفاءٌ فِداءٌ
يَصيرُ الهِلالُ قَمَراً
صَديقٌ وَفِيٌّ يَتَجَوَّلُ لَيْلاً
يَحْرُسُ كُرومَ العِنَبِ
يَعْرِفُ مَنْ شَرِبَ خَمْرَ النَّدى
يَعْرِفُ مِنْ زَرَعَ الأَشْجارَ
قَبْلَ التّاريخِ
يَسْأَلُني أَبي مَتى نَعودُ
يُفْرِحُني سُؤالُهُ
يُدْميني

#أحمد_نجم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات