أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد حاذور - بلدٌ في مهب الريح: البلد المجهل المالك














المزيد.....

بلدٌ في مهب الريح: البلد المجهل المالك


محمد حاذور

الحوار المتمدن-العدد: 7648 - 2023 / 6 / 20 - 07:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بلدٌ في مهب الريح: البلد المجهول المالك.!


في الوقت الذي سقطت فيه بغداد على يد الاحتلال الأمريكي وإلى يومنا هذا، ما زالت الأحزاب ورجالاتها المتنفذة في مفاصل الدولة والمسيطرة على مقدرات البلاد والمتحكمة بمصيره، تعمل وفق غطاء ديني حوزوي يسمح لها بنهب وسرقة المال العام لكونه "مجهول المالك" دون أي رادع أو مانع مادي متمثل بسلطة وجيش وقوات ومعنوي بصورة أخلاقية أو دينية. وأغلب مراجع الشيعة في النجف وغيرها، في رسائلها العملية، ثمة حضور لهذه الفتوى.

وانطلاق هذا الحكم جاء من كون الحكومة لا تحكم باسم محمد وعلي. بمعنى، لا شرعية لهذه الحكومة في إداراتها للبلد. إذن، الأموال المتواجدة في بنوك الدولة ومؤسساتها والثروات الطبيعية، هي غنائم. ومن بمقدوره الاغتنام بها، لن يردعه احد، بل ثمة غطاء وأمن لمن يسرق وتشريع وتحريض على نهب المال العام، لأنه مجهول المالك. وإذا شئنا الدقة والفحص بتتبع هذه الفتوى ومراجعة الرسائل العملية للمرجعيات الدينية وتقليب أوراقها، ستكون النتيجة غامضة ومبهمة. كل مرجع له تأصيل فقهي وتخريجة مختلفة يشذ بها عن غيره من المراجع. بمعنى، أن هذه الفتوى مثل سمكة لا يمكن الإمساك بها. فتوى مثل المرآة، تعطيك الشكل الذي تريده منها.

فتوى ناسبت ولائمت كل الأحزاب المهيمنة. كل حزب يتسلح بمرجعية تصمم له فتاوى مناسبة وضامنة لسرقات نظيفة ولا غبار عليها. وللأمانة، كل مرجعية تضع ضوابط وشروط للتعامل مع المال المجهول المالك. ثمة مثل في اللهجة العراقية الدارجة، يدل على لا مسؤولية أو عناية بالمال العام. يقول المثل: "مال عمَّك ما يْهِمَّك". بمعنى أن الأشياء التي لا نحوز على ملكيتها بصورة شخصية، لا ننطوي على تقديرها والحفاظ عليها.

وعلى هذه الأرض برمتها لا توجد حكومات محظوظة بخيرات وثروات تسرقها وتنهبها وتتنعم بها دون وجود من يردعها سواء شعب أو جهة معارضة، مثل الحكومات التي تسلطت على العراق طول عقدين من الزمن المر السحيق. إذن، طالت السرقة كل ما تستطع الأحزاب ورجالاتها سرقته ونهبه. نحن نتحدث عن بلد من أغنى البلدان. نفط وصناعة وتجارة وزراعة ومياه وغيرها من الثروات المكنوزة فوق أرضه وتحته.

أصبح نقل أخبار السرقات والنهب من الأخبار المألوفة على شاشات التلفاز وعلى منصات ومواقع التواصل الاجتماعي. موازنات تقدر بمليارات الدولارات تختفي. مليارات الدنانير تنهب. سرقة الأراضي والبساتين والاستيلاء على ملكيتها وكتم صوت من يملكها بطرق إرهابية. سرقة قوت الناس ومرتباتها ومعيشتها وأعمارها. اعتاد الفرد العراقي على تقبل واستمراء فعل السرقة. لم يعد هذا الفعل مشينا مرفوض الإقدام عليه. وبطبيعة الحال مرفوض بالمطلق، الإقدام على فعل السرقة، في حواضر المجتمع المدني وما فيه من ديانات وأعراف وتقاليد، لا تتساهل مع السارق. ثمة سرقة، لا تتجاوز حدود العوز والحاجة من أجل البقاء والصراع من أجل الاستمرار بالعيش، وهذه جريمة ينبغي محاسبة المجتمع الذي تحصل فيه مثل هذه الحالات وليس معاقبة السارق قوت يومه.

هذا المشهد المتكرر لفترة زمنية ليست بالقليلة، وليس من قبيل المبالغة نعتها بفترة "تربية المجتمع على السرقة والنهب بأساليب متعددة"، لا ينطوي المجتمع العراقي على مصدات ثقافية وأخلاقية ودينية واجتماعية، تقف بوجه فعل السرقة التي أشاعته الحكومات المتعاقبة على البلاد، دون الوقوع والاشتراك بممارسته، وإن كانت الممارسة بطرق كثيرة ولن يحسبها الفرد الممارس له سرقة. إذن، ثمة بلد منفتح  جداً على الدمار والخراب، بلد يرزح تحت حكم الاحتلال وإن كان عبر وكلاء، بلد تحكمه المافيات والعصابات وفصائل المقاومة، بلد منهوب من الألف إلى الياء، تلعب به الفتاوى والمراجع والأحزاب والأمريكان والمتأمركين.

من هذه المشاهد اليومية وطوال عقدين من الزمن التي تشبع بها الفرد العراقي، تسرب إليه، إلى حياته وتفكيره ومنطلقاته مفهوم "المال مجهول المالك". صارت الناس تستغل أدنى الفرص من أجل الظفر بغنيمة من هذا المال المنهوب. فئة تسرق عبر الرشاوي وابتزاز الناس. فئة عبر طرق والتواءات وتحايل تستلم أكثر من مرتب دون أي حياء أو رادع. فئة لا تعمل طيلة الشهر، ومقابل ذلك، يعطي نصف راتبه للسمسار المسؤول عن السماح له بالتغيب عن العمل.

وهذه الفئة المتغيبة عن العمل، تتواجد بصورة كبيرة في المؤسسات الأمنية والعسكرية، المؤسسات المعنية بحفظ حياة الناس وأمنهم وفرضه وتطبيقه. موظفون في دوائر الوزارات ومؤسسات الدولة ومرافق وجامعات وحوزات ومدارس ومستشفيات وغيرها، تسرق وتنهب بالأموال وبحياة الناس وأعمارها، والرادع غائب، بل متغيب بإرادته، إن شئنا الدقة الواقعية الملموسة من الحياة اليومية.

وبالمجمل، دخل الشعب العراقي-بنسبة كبيرة منه، دون التعميم-بدرس وتربية استمرتا لفترة طويلة تعلم فيها كل أنواع الجريمة وبأساليب وحيل جديدة ومبتكرة، يحتال بها الفرد على الحق العام والمنطق الإنساني والقانون المدني بما في ذلك من أخلاق ودين وأعراف اجتماعية ترفض سلبيات الأفعال وتنهى عنها. صاحب الدرس والتربية، هي الحكومة وأحزابها ورجالاتها والمراجع والحوزات التي مكّنت اللصوص والقتلة من التربع على مصير البلاد وأحوالها.



#محمد_حاذور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معمار الذات
- آفاق المقالة عند سعيد عدنان.


المزيد.....




- “يا بااابااا تليفون” .. تردد قناة طيور الجنة 2024 لمتابعة أج ...
- فوق السلطة – حاخام أميركي: لا يحتاج اليهود إلى وطن يهودي
- المسيح -يسوع- يسهر مع نجوى كرم وفرقة صوفية تستنجد بعلي جمعة ...
- عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي
- عصام العطار.. أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في سوريا
- “يابابا سناني واوا” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ال ...
- قائد الثورة الاسلامية: العمل القرآني من أكثر الأعمال الإسلام ...
- “ماما جابت بيبي” التردد الجديد لقناة طيور الجنة 2024 على الن ...
- شاهد.. يهود الحريديم يحرقون علم -إسرائيل- أمام مقر التجنيد ف ...
- لماذا يعارض -الإخوان- جهود وقف الحرب السودانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد حاذور - بلدٌ في مهب الريح: البلد المجهل المالك