أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إيلي شميس - الأسنان السورية الحمراء















المزيد.....

الأسنان السورية الحمراء


إيلي شميس
ناشط سياسي و اجتماعي مستقل / معارض سياسي سوري / مهتم بالاقتصاد و السياسة

(Elie Chmeis)


الحوار المتمدن-العدد: 7622 - 2023 / 5 / 25 - 10:49
المحور: حقوق الانسان
    


" هذا المقال عبارة عن رسالة الى طفلة في المخيمات تعتقد ان الوحل الجاف على قدميها اثناء نومها عبارة عن مصير و لا يمكن ان يغسل شتاءً كي لا تشعر بالبرد "

صديقتي لا اعرف من اين أبدأ هذه الرسالة ولكن وجدت نفسي انني يجب ان اكتب لك هذه الرسالة اشرح لك بها كيف نعيش و ما وصل الحال به نحن من نعيش في أوربا
نحن هنا في اوربا ننتمي الى نفس البلد الذي وجب ان تنتمي له وهو سوريا و هنا نقوم بالاستحمام بشكل يومي لكل شخص منا لديه سيارته الخاصة و عمله الخاص و لدينا اشياء تشبه الخيم ولكنها مصنوعة من الحجارة و الاسمنت و كما يوجد لدينا اجهزة تضخ الهواء الساخن في الشتاء لكي لا نشعر بالبرد و الهواء البارد صيفا كي لا نشعر بالحر ، هنا لسنا بحاجة الى النوم باقدام ملونة بالطين الجاف حيث يمكننا ان نغسل قدمينا قبل النوم دون الشعور بعدها بالبرد ، كما لدينا تلفاز و هواتف محمولة و الكهرباء التي لا تنقطع وسفرتنا مليئة بالطعام بكل انواعه و اشكاله ...

أريد ان اخبرك ان هذا هو الطبيعي و ما تعيشينه هو إستثناء ، إستثناء شاركنا جميعنا بوضعه
صديقتي أريد منك أن تعي ماذا سأقول لك و تحفظيه لكي في يوم من الايام تطالبي ابنائنا بدفع فاتورة الغدر لاننا هنا في اوربا نحن نعيش بأفضل حال لأنك انتي تعيشين بأسوء حال نحن سرقنا حقك في الحياة سرقنا احلامك و سرقنا بيتك و والديك و مدرستك نعم نحن ،

نحن هنا عندما وصلنا الى اوربا بدأ البعض منا يبكي أمام الحكومة الأوربية هنا و يتكلم عن كمية الظلم الذي عاشه في الماضي و أننا أصحاب قضية و أننا أصحاب مبدأ و أننا خرجنا ضد الظلم في سوريا نصرة لك و لجميع المظلومين و عندما حصلنا على الأوراق سقطت أقنعتنا مع وخزة بسيطة في الخاصرة و بكاء قليل عندما نشاهدك على التلفاز إلى أن وصل الحال و أصبحت مشاهدتكم مزعجة لذاكرتنا الصورية ولم نعد نبكي وعندما نقلب بقنوات التلفاز او على الهواتف و نشاهدكم بدأنا نغير القناة بشكل فوري لكي لا نشعر بوخزة صغيرة في خاصرتنا ، حتى عندما يتم رمي البراميل المتفجرة على رؤوسكم و رؤوس عائلاتكم لم نخرج حتى بمظاهرة لنصرتكم بل بدأت زوجاتنا تقول لنا لا تذهب كي لا يتم تصويرك من قبل السفارات السورية في الخارج و عندها لن نستطيع السفر الى سوريا بعد أن نأخذ الجنسية ،
هكذا نعيش إذا خرجت مظاهرة لا تتعدى العشر أشخاص او الخمسين شخص من اصل اثنان مليون سوري هنا ، هنا عندما نأخذ الجنسية الاوربية أول خطوة نقوم بها هي زيارة بلدك التي سرقناها مع النظام نزور دمشق حلب حمص حماة الرقة و ادلب و رؤوسنا مطئطئه و أعيننا ثابتة إلى الأسفل مع إنحناء في ظهرنا كي نوحي الى النظام السوري أننا عبيد لديه و أننا موافقين على ما فعله بك و يتطور الشعور بصورة أكثر فجورا و أكثر قبحا ليصل أننا عندما نشاهدك على التلفاز عندما تنامين بأقدامك المتسخة و ملابسك الرثة و انتي ترتجفين نبدأ بالشعور بالاشمئزاز و القرف و تأتي الى رؤوسنا أفكار بأنك من نسل ليس ذكي مثلنا و انك تستحقين ما فعله التاريخ بك ، نعم يا صغيرتي هكذا نعيش نحن السوريين في أوربا نحن لا نهتم و حتى حزننا عندما نشاهدك بدأ يصبح مؤقت و أصبحت أفكارنا الكاذبة تأتي لكي تهدىء مشاعرنا عندما نشاهدك ، نعم هذا ما نحن عليه ، جميعنا بدأنا نصبح كالعلق الذي يمتص الدماء على جلد الكائن الحي، لا تصدقينا فنحن اصحاب اليد التي غرزت خنجرها المسموم بخاصرتك ، نحن هنا نعيش لكي تموني أنتي ، نحن هنا نكذب و ننافق و نكره و نبغض لكي نسلب منك كل شيء و نقنعك أن واقعك هو الاساس و اننا نحن الاستثناء ، نحن هنا نعيش كذبة التفوق الطبقي و نراكي بأعين الحزن المؤقت الذي لا يستمر أكثر من المدة التي تستغرق تغيير القناة في التلفاز
، و هذه الصور التي ترينها على مواقع التواصل و على التلفاز من أناس يتكلمون او يضعون صورتك بأنهم متعاطفين معك ليست إلا مشاهد كاذبة نضعها لكي نجمع اكبر عدد من الاشخاص المعجبين بها وليست لكي نعبر اننا متضامنين معك

عزيزتي هذا هو واقع السوريين في أوربا جميعنا كاذبين منافقين لا تعنين لنا بشيء انتي و عائلتك و اصدقائك لقد كنتم عبارة عن عتبة سلم قمنا بالدعس عليها لكي نصعد على دمائكم و ارواحكم و مستقبلكم و ماضيكم

نحن كاذبون لا تصدقونا ، لقد تحولنا الى مصاصين للدماء نشرب دمائكم و دماء غيركم و لا نشبع ، كاذبون منافقون باسمكم و باسم الدين حتى أننا بدأنا نشرب دماء الاوربيين نكذب عليهم لكي نسرق أموالهم و نمتص دمائهم بحجج كاذبة منها أنهم كفرة و منها أننا نعتقد أننا اذكى و منها باسم الخمول الذي ضرب بطوننا و بإسم الجشع الذي همس باذنينا لماذا لا و قد نافقنا باسم الاطفال في مخيمات اللجوء

لا اعتقد انك ستفهمين الان ماذا اكتب لك ولكن عندما تكبرين ستفهمي ان قدميكي الباردة اثناء النوم و التشقق الذي دبغ على جلدك ليس إلا عبارة عن خنجر مسموم زرعناه نحن المترفين الذين نعيش في أوربا في جسدك

صديقتي الصغيرة قد يروي لك والديك او احدهم ان النظام هو المسؤول الوحيد عما حصل لك ولكن هذا غير صحيح نحن شركاء للنظام بما حصل لك نحن من غرز الخنجر مع النظام السوري نعم نحن لا يغرك بعض المهرجين الذين تريهم على شاشات التلفاز و يدّعون انهم يدافعون عن حقك هم قلة قليلة لا يشكلون نسبة الشوائب المسموح بها للقول أن الماء صالح للشرب اما فيما تبقى منا فنحن نشتري افخر السيارات و افخم الاثاث لمنازلنا و اجمل الملابس لاطفالنا حتى اذا سألتينا عن مساعدة او يد العون نجيبك بكل وقاحة و فجر بأننا لا نستطيع و نغلق الدردشة لندفع بلحظتها فاتورة المطعم التي تكفيكي أنتي و عائلتك لستة شهور

أكتب لك و أنا أعيش في اوربا مترف بدفء المنزل و سيارتي و طعامي و عندما نسأل لمظاهرة احتجاجية يتهرب جميعنا من المشاركة ، هذا نحن لا تصدقينا و لا تتوقعي منا شيء جميل يغير حياتك بل توقعي منا المزيد من الأسنان الحمراء الملوثة بدمائك

لقد اكتفينا بالشعارات و النفاق و صورة نضعها على الفيس بوك لكي نغطي جريمتنا بحقك

لا تنسي ، و لا تغفري و اذا اتيحت لك الفرصة لوضع يدك بيد النظام الذي قتل عائلتك و ماضيك صافحيه و اغرزي الخنجر بنا الذي غرزناه بخاصرتك فنحن وصلت بنا التخمة و الترف لنختصر معاناتك فقط عبر كتابة الشعر و البوستات و التغريدات دون ان نحرك شيء على ارض الواقع و القسم الاكبر منا بدأ بمصافحة قاتل عائلتك بالحج الى منزله والقسم الآخر بدأ يلتقي و يخطط معه بحجة كتابة دستور هدفه كيف سيشرب ما تبقى من دمك
ولا تعتنقي دين أبائك و اجدادك فأرباب هذا الدين ليسوا إلا تجار دماء تاجروا بدمائك مرة و يحاولون المتاجرة مرة أخرى هؤلاء الارباب نصبوا انفسهم بحجة حماية حجر لونه أسود كلون قلوبهم يقبع في مكة ، و لعلك تشاهدين كيف الناس يلتفون حول هذا الحجر الملعون ليعلمهم ان الالتفاف هو أساس معتقداتهم لقد خذلوكي كما خذلناكي نحن و تعلمي أن تظهري دوما أنك لا تعلمين ما أخبرتك إياه حتى تسنح لك الفرصة لأخذ ما سلب منك من عرابيد هذا الزمان

و تذكري ان تأخذي حقك دون أن تشربي دمائنا لكي لا تتلوث أسنانك الجميلة بدمائنا الفاسدة



#إيلي_شميس (هاشتاغ)       Elie_Chmeis#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبقة المخمليّة تعلن انفصالها عن طبقة الاوزون
- العالم ينهار على أنغام المخدرات
- هتلر قام حقا قام في السويد


المزيد.....




- أستراليا.. اعتقال سبعة مراهقين يعتنقون -أيديولوجية متطرفة-
- الكرملين يدعو لاعتماد المعلومات الرسمية بشأن اعتقال تيمور إي ...
- ألمانيا تعاود العمل مع -الأونروا- في غزة
- المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل ...
- مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها ...
- أبو الغيط يُرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول الأونروا
- الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين لاستئناف تمويل الأونروا بعد إ ...
- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إيلي شميس - الأسنان السورية الحمراء