أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاهر سلامة العالول - أثر مواقع التواصل الاجتماعي على الامن الفكري















المزيد.....



أثر مواقع التواصل الاجتماعي على الامن الفكري


شاهر سلامة العالول

الحوار المتمدن-العدد: 7613 - 2023 / 5 / 16 - 21:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




ملخص
نشهد اليوم عالما مفتوح الأفق مصحوبا بتقانة أصبحت بواسطتها المعلومات متداولة بين الافراد دون ان يحدها شيء او يقف بوجهها مانع، وساهمت مواقع التواصل الاجتماعي كونها أداة سهلة الاستخدام تتيح مساحة واسعة لطرح الأفكار المختلفة، ومنها الأفكار المتطرفة، وتتميز شبكات التواصل الاجتماعي بتقنيات إعلامية حديثة، توفر بيئة خصبة يستغلها المتطرفون لنشر دعايتهم.
ونظرا الى أهمية الدراسة جاء هذا البحث لمناقشة أثر مواقع التواصل الاجتماعي على الامن الفكري ، حيث أظهرت الدراسة ان الأفكار المتطرفة تتشكل بعدة طرق ووسائل منها (من يكون على شكل أفلام قصيرة، صور مفبركة، اخبار كاذبة، او دعوات او تعليقات متطرفة)، واضحت ان من اهم السمات العامة للتطرف الفكري هو التعصب والتشدد والخشونة في الأسلوب وسوء الظن وصولا الى استباحة الدماء والأموال، كما حددت الدراسة الانعكاسات السلبية للتطرف الفكري على المجتمع بالتدهور في الإنتاج، والصراعات المدمرة، وتعطيل الفكر والطاقات الإنسانية.

مقدمة
لا شك ان مواقع الاتصال الاجتماعي أصبحت ظاهرة اجتماعية، تحدث اثارا كبيرة على ادراك الناس للعالم الخارجي المحيط بهم، وخاصة الذين يتعرضون لفترة طويلة ومنتظمة، بات الفضاء الالكتروني ساحة واسعة تنتشر بها المعلومات والأفكار المختلفة، منها الأفكار المعتدلة الإيجابية ومنها الأفكار المتطرفة السلبية، وقد يتعرض المستخدم اله اشكال عديدة من التأثيرات المنشورة (المكتوبة او المسموعة او المصورة) والتي تحمل في طياتها أفكارا متطرفة سامة ومعلومات مشوه، تجعل المستخدم متأثرا بصورة او بأخره من هذه التأثيرات، كون ان هذه الوسائل تعتبر اليوم من أكثر أدوات الاتصال استخداما، وان نشر هذه الأفكار بات أكثر سهوله ويسر، وسرعة كبير في الانتشار.

مشكلة الدراسة:
تتميز شبكات التواصل الاجتماعي بتقنيات إعلامية حديثة، توفر بيئة خصبة يستغلها المتطرفون لنشر دعايتهم، وتتميز هذه الوسائل بسرعة نشر المعلومات بوقت قياسي، وبسهولة بناء غرفة واحدة من مناطق جغرافية مختلفة، وقلة تكاليفها، ويستغل اتباع الفكر المتطرف سهولة رفع محتواهم، وصعوبة ملاحقتهم، وبالتالي تطرح هذه الدراسة السؤال الرئيسي التالي أثر مواقع التواصل الاجتماعي على الامن الفكري، والذي تفرع عنه مجموعة من الأهداف الفرعية الاتية:-
أولا: رصد اشكال الأفكار المتطرفة الأكثر استخداما على مواقع التواصل الاجتماعي.
ثانيا: معرفة السمات العامة للتطرف الفكري.
ثالثا: التعرف على الانعكاسات السلبية للتطرف الفكري على المجتمع.

منهج الدراسة:
اتبع الباحث المنهج الوصفي بالاعتماد على أسلوب تحليل المضمون وكذلك اتبع منهج الاستقراء بهدفُ ملاحظة الظاهرة المرتبطة من أجل الربط بينها بمجموعةٍ من العلاقات الكلية العامة، الهادف الى تعميم الدراسة الخاصة على الدراسة العامة، كما اتبع الباحث أسلوب الاستدلال بالآيات القرآنية ولأحاديث النبوية على الظاهرة موضوع الدراسة.
أهمية الدراسة:
نظرا لأهمية الموضوع وخطورته على المجتمع، فأن الدراسة تسعى الى تحديد مفهوم الأفكار المتطرفة، وأشكالها المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وانعكاسه على المجتمع، ان توفر وسائل الاتصال الاجتماعي وانتشارها العالمي وسهولة استخدامه جعلها أداة سهلة الاستخدام للجماعات المتطرفة المنظمة وغير المنظمة لنشر أفكارهم المتطرفة التي تلغي الرأي الاخر، وتقصي الفكر الاخر، رافضة فكر الحوار الهادف الى تبادل الآراء حول قضايا المجتمع، وفي ظل توظيف وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك في نشر الأفكار المتطرفة، والاشارة الى خطورة بعض الممارسات التي يتم نشرها خلال صفحات التواصل الاجتماعي من صور او منشورات او فيديوهات قد تعكس الفكر المتطرف
وتعتبر هذه الدراسة الأولى "حسب علم الباحث" التي تبحث في هذا الموضوع الهام بعد التحري وفحص الدراسات السابقة ذات العلاقة بموضوع الدراسة.

محاور الدراسة النظرية:-
أولا: مفهوم التواصل الاجتماعي:
يعتبـر التواصـل تقنيـة إجرائيـة أساسـية فـي فهـم التفـاعلات البـشرية، و تفـسير النـصوص و الخبـرات الإعلاميـة، وكـل طرائـق التواصـل والاتـصال والإرسـال..
وتقوم الفكرة الرئيسية لشبكات التواصل الاجتماعي على جمع بيانات الأعضاء المشتركين في الموقع، ويتم نشر هذه البيانات بشكل علني حتى يجتمع الأعضاء ذوي المصالح المشتركة والذين يبحثون عن ملفات ، صور، مقاطع فيديو …الخ ، أي أنها شبكة مواقع فعّالة تعمل على تسهيل الحياة الاجتماعية بين مجموعة من المعارف والأصدقاء، بحيث تمكنهم من التواصل المرئي، الصوتي وتبادل الصور وغيرها من الإمكانات التي توطد العلاقة الاجتماعية بينهم.
وقد عرفها الربيعي بانها ظاهرة اجتماعية تقوم على العلاقة بين الأصدقاء بشكل تفاعلي سواء كانت متزامنه ام غير متزامنه، وتقوم مواقع التواصل الاجتماعي بجمع اعداد كبيرة من الافراد بناء على اتجاهاتهم والتي كثير من الأحيان منشورة على مواقعهم (صفحاتهم) مما يساعد على التواصل مع الاخرين، عبر عدة وسائل من ضمنها وسائل البريد الالكتروني، والفيديو والصور .
و بالتـالي يمكـن القول: إن التواصل له تقنياته ومقوماته الخاصة و أساليبه و أشكاله المحددة له.
كما ان ان مواقع الاتصال الاجتماعي أصبحت ظاهرة اجتماعية، تحدث اثارا كبيرة على ادراك الناس للعالم الخارجي المحيط بهم، وخاصة الذين يتعرضون لفترة طويلة ومنتظمة، وبالتالي قد تحدث هذه الأفكار المطرفة تأثيرا على المستهلك، وان اختلفت الدرجات بين المستهلكين، واقصد بالمستهلكين هنا هم الأشخاص الذين يتعرضون للافكار المتطرفة بمختلف اشكالها.
ان كثافة الاستخدام لمواقع التواصل الاجتماعي تساعد في اكتساب معاني ومعتقدات وتصورات جديدة حول العالم الذي تقدمه، وقد تكون مختلفة عن العالم الواقعي.
أدت التطورات التكنولوجية التي شهدتها وسائل الاتصال وما لحقها من ظهور شبكات التواصل الاجتماعي،إلى دخول الإرهاب في مرحلة جديدة، من مرحلة “الإرهاب التقليدي” الذي يتكون من تنظيم وهيكل متمركز في مناطق محددة، والذي كان من اليسير القضاء عليه، أو استهدافه، إلى مرحلة “الإرهاب الالكتروني” فبسبب تطور وسائل الاتصال أصبحت التنظيمات الإرهابية عابرة للأوطان وللحدود، بشكل يصعب السيطرة عليها بغلق الحدود أو تأمينها، بعد أن أصبح تركيز هذه الجماعات منصبًّا على انتشار الفكرة، وتجنيد العناصر عن بعد أي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي ففي الماضي كان تجنيد الشباب في الجماعات الإرهابية يتم عن طريق زرع جواسيس وعُملاء للتنظيم في مُختلف الأحياء والمناطق الشعبية ، بل انتقلت معسكرات التدريب إلى العالم الافتراضي، فلم يعد يشترط تدريب الأفراد في معسكر تدريب على أرض الواقع في أحد الكهوف وفي قمم الجبال، بل يكفي العنصر الجديد المفترض أن يحصل على التدريب وما يريد من معلومات من خلال شبكة الإنترنت والمواقع الإلكترونية الخاصة بالجماعات الإرهابية.
ثانيا: الاثار السلبية لوسائل الاتصال الاجتماعي
كما ذكرنا انفا أن الوسائل الحديثة للتواصل العديد من الثمرات والفوائد التي تعود على الفرد والمجتمع في كل جانب من جوانب الحياة، بشرط أن تستخدم هذه الوسائل وفق تعاليم ديننا الحنيف والشرع، أما إن كان استخدامنا لها مخالف لما هي له، وبشكل سلبي وعشوائي، فهذا لا شك أنه سوف يترتب عليه العديد من الجوانب السلبية، بل وقد تكون كارثية ومهلكة للفرد والمجتمع بأسره، وللتيسير أصنف هذه السلبيات والعيوب المترتبة على الفرد وبالتالي على المجتمع في عدد من الجوانب المهمة لحياة الإنسان والمجتمع التي تتضرر بالاستخدام العشوائي لهذه الوسائل كما ذكرها عزيز احمد الرشيد في الاتية:
الجانب الفكري والعقدي: فلا يخفه على أحد ما ينشر في هذه الوسائل من قبل بعض الليبراليين والعلمانيين والمستشرقين من الشبهات حول العقيدة السمحة والأوهام الفكرية المنحرفة الضالة، وخاصة في العصر الراهن، حيث إن هناك حروبا في بعض الدول العربية وعالم الإسلام، فهم يريدون تضليل الشباب المسلمين عن
عقيدتهم الصحيحة ومنهجهم المستقيم، من خلال نشرهم مواد ضارة ومشككة في الحقائق ومثيرة للفتنة والريبة،
وقد برزت ظاهرة خطيرة بين بعض الشباب، وهي تفاخرهم بالإلحاد وهم جزمًا لا يعنون الإلحاد بمعناه - ومفهومه، وإنما يقصدون التحرر من الأحكام الشرعية في كتاباتهم وتغريداتهم، فصار يكتب أنا ملحد عند -مناقشته بأي مسألة دينية أو مطالبته بالوقوف عند الأحكام الشرعية.
الجانب الديني: أصبحت هذه الوسائل مسرحًا فسيحًا لنشر الإشاعات الكاذبة والأخبار المكذوبة والمغلوطة، التي تفتقد لأبسط أبجديات المصداقية بقصد تشويه صورة الإسلام، وزعزعة الإيمان والدين بأيادي المسلمين، واستنقاص الأحكام الشرعية، والنيل من العلماء وطلبة العلم والقضاة، من خلال هجمات شرسة أعدها أعداء الإسلام وقام بنشرها بعض أبناء المسلمين الجاهلين بأحكام الدين المنخدعين ببريق حضارة الأعداء ليكفوهم مهمة تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وذلك بتمرير كل ما من شأنه الإضرار بالأمة الإسلامية بتمرير شعارات براقة باسم الحرية والحقوق المسلوبة، وخاصة حقوق المرأة وحرية التعبير.

الجانب الأسري والاجتماعي:ان وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على علاقات الصداقات، في حين أن مواقع التواصل الاجتماعي من أفضل الوسائل التي يستخدمها الكثيرون للحصول على صداقات جديدة، إلا أنها ربما تكون سببا في مشكلات تؤدى إلى قطع العلاقات بين الأصدقاء المقربين، كما يحدث في صفحات الفيس بوك أو على مجموعات "الواتس آب" والإنستغرام"، إذ إن الكثير من المشاكل الأسرية، منها ما أدى إلى القطيعة حصلت بسببهما، وهذا لما لدى البعض من حساسية مفرطة إتجاه الآخرين والتواصل معهم.
وأحيانا تقع اختلافات شديدة بين الزوجين بسبب كثرة جلوس الرجل على الإنتًرنت والمحادثة والدردشة مع الأصدقاء ، وقد تحدث علاقات محرمة مع فتاة أثناء المحادثة في غرف الدردشة تسبب التفكك الأسري و أحيانا الطلاق والانفصال بينهما ، وقد بينت دراسات أجريت في المجتمع الغربي أن الفيس بوك كان سببا من أسباب رفع معدلات الطلاق والانفصال في هذه المجتمعات، وكشفت نتائج أن ثلث حالات الطلاق التي وقعت في بريطانيا عام 2011 م كانت بسبب التواصل عبر الفيس بوك والرسائل غير اللائقة والتعليقات البذيئة التي يتم إرسالها إلى الشريك الآخر خاصة بعد الانفصال وقبل الطلاق مما يجعل الطلاق حتميا .
وما يوجد لدى مستخدمي هذه الوسائل التواصلية من انفصال شديد وانقطاع دائم في أماكن تجمعهم، وفي مجالس البيوت خير مثال على ضررها الاجتماعي، وكأن هذه الأجهزة ليست وسائل الاتصال بل وسائل للانفصال والانقطاع، حيث إن كل واحد منهم يكون منشغلا بجهازه لا يرى إلى من حوله.
الجانب الصحي: (ويشمل الصحة النفسية والصحة البدنية(، فقد خلقت هذه الوسائل بيئة حاضنة للأمراض النفسية والانطواء على الذات، أو بين أفراد معينين، رغم فساحة هذا العالم وتلك التقنية، إلا أ ن الإفراط فيها وسوء استخدامها جعل المستخدم يعيش في أجواء مضطربة بين الواقع والخيال، ولا يشعر بشيء من الراحة والاطمئنان، إلا القلق والاضطراب النفسي والتهيج القلبي.

ثالثا: مفهوم التطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي:
عرف مفهوم التطرف بأنه كل ما يؤدي إلى الخروج عن القواعد الفكرية والقيم والمعايير والأساليب السلوكية الشائعة في المجتمع، مُعبراً عنه بالعزلة أو بالسلبية والانسحاب، أو تبني قِيَم ومعايير مختلفة قد يصل الدفاع عنها إلى الاتجاه نحو العنف في شكل فردي أو سلوك جماعي منظم، بهدف إحداث التغير في المجتمع وفرض الرأي بقوة على الآخرين وبهذا التوصيف فلا أحسن من شبكة الانترنت لمخالفة القيم والتعبير عن هذه المخالفات والدعوة لها من خلال البث الصوتي والنصوص والأفلام واحداث الضجيج للتعبير عن الأفكار التي يرى صاحبها اهمية ايصالها للناس.
وترتبط الأفكار المتطرفة بالمتطرفون الذين يستندون في سلوكهم ومواقفهم إلى أفكار ومعتقدات ومشاعر متطرفة، وأن تشكيل الأفكار ليس حالة معزولة عن بيئتها الاجتماعية الاقتصادية، ورد المهتمون بالظاهرة بردها إلى فهم النصوص الدينية وتطبيقها أو البيئة الاجتماعية والاقتصادية أو النزعات النفسية أو إلى الاستبداد والفشل السياسي أو بمزجها معا، وأن كانوا مخطئين أو مصيبين، فإن حقائق أساسية تظل قائمة وتنشأ حولها أسئلة بديهية وتلقائية، فكيف تتشكل المعتقدات والأفكار التي تدفع الناس إلى تمجيد الموت والقتل؟ وكيف تسيطر على هؤلاء الناس مشاعر القسوة والكراهية والسادية واللامبالاة تجاه الضحايا من الأبرياء؟....الخ
رابعا: أثر مواقع التواصل الاجتماعي على الامن الفكري
كان الغزو الثقافي في الماضي يتم من خلال الفضائيات ووسائل الاعلام التقليدية فان المسألة قد تحولت في الوقت الراهن الي مواقع التواصل الاجتماعي لما لها من تأثير فعال على تغيير التوجهات الثقافية والقيمية والسلوكية والفكرية لأفراد مجتمع المتصفحين لها وهو ما اثر بشكل خطير على الامن الفكري لأفراد المجتمع.
فالاهتمام البالغ الذي تحظي به هذه المواقع قد اضحي مسألة تهدد الامن الفكري لأفراد المجتمعات المختلفة، كما ان ضعف الثقافة الدينية والحصانة الثقافية والفكرية ونقص الوعي وبخاصة لدي المراهقين وهم اغلب مستخدمي تلك المواقع يجعل تأثير ما يتم تداوله من خلالها اشد تأثيرا وضررا .
ان ما تقوم به تلك المواقع من ترويج للمفاهيم والافكار الخاطئة الذي يتم تداوله من خلال تلك المواقع قد ادي لاختلاط المفاهيم لدي المتلقين وتداخل العديد من المدلولات للعديد من المصطلحات الثابتة في يقين المجتمعات المختلفة والمتوارثة جيلا بعد جيل وتبني افكار وقيم مختلفة تماما عن تلك المتوارثة في العديد من المجتمعات وخاصة انه في غالب الاحوال يتم ذلك مسايرة لجموع متصفحي تلك المواقع ومن ثم يصبح توجيه الفكر والثقافة من خلال عناصر ذات اصول وثقافات مغايرة لمجتمعنا مما اضفي على افراد المجتمع قيما جديدة سلبية في معظم الاحوال ، ودون الخوض في مضمون تلك الافكار والقيم التي يتم بلورتها حاليا وفقا للما هو جاري في مجتمع تلك المواقع فان مستخدمي تلك المواقع يتلقونها ويقتنعون بها دون تفكير او دراسة فيتم تقبلها كحقائق بسبب كثرة تداولها وشيوعها.
حيث اشارت العديد من الدراسات والبحوث الميدانية الي ان عملية نشر معلومات وحقائق بشكل متواصل ومتكرر في وسائل الاعلام يؤدي الي جعلها مسلما بها لدي الافراد وان كانت غير حقيقية فنجد العديد من المقولات المنشورة منسوبة لغير اصحابها بالإضافة لنقلها بلغة غير سليمة وتغيير محتواها فيجد المتصفح نفسة غير قادر على تمييز الحقيقة ، بالإضافة الي انها مجال خصب لتداول الاشاعات والاخبار الكاذبة واحيانا ما يتم ذلك بشكل مقصود ومدروس لتحقيق نتيجة معينة ونشر معلومات خاطئة او تجنيد الممكن من المتصفحين لتبني فكر متطرف.


محاور الدراسة التحليلية:
أولا اشكال الأفكار المتطرفة الأكثر استخداما على مواقع التواصل الاجتماعي:
حيث تتشكل الأفكار المتطرفة بعدة طرق ووسائل منها (من يكون على شكل أفلام قصيرة، صور مفبركة، اخبار كاذبة، او دعوات او تعليقات متطرفة)، وقد رصد باحثون تجاوزات الفكر المتطرف بما قد يوصل الى الترويج للإرهاب أو الإرهاب بذاته من خلال ما يعرف بالإرهاب الإلكتروني الذي يعرف بأنه " العدوان أو التخويف أو التهديد ماديا أو معنوياً باستخدام الوسائل الإلكترونية الصادر من الدول أو الجماعات والأفراد على الإنسان أو دينه أو نفسه أو عرضه أو عقله أو ماله بغير حق يسند صوته وصور الإفساد في الأرض"
وقد ظهرت خلال العشر السنوات الماضية كيانات افتراضية تحت مسمى مراكز أو مؤسسات اعلامية لا يكلف تأسيسها سوى اعلان banner جذّاب يقود متصفح الانترنت الى موقع أنشأه صاحبه او اصحابه لإعادة بث وترويج المواد والفتاوى التي تحمل فكر الارهاب والتطرف ، وعادة يتميز منشئوا هذه المواقع بالخبرة الفنية في برامج الرسم والفيديو والتصميم بشكل عام ونادرا ما يكون لهؤلاء أطروحات فكرية مؤثرة فهم غالب وقتهم مستقبلون ومرسلون يعملون وسطاء بريد(للرموز الفكرية) التي تناصر الغلو والتطرف والعنف وتقدم نفسها لمجتمع الانترنت على أنها غيورة على مصالح الأمة بعد أن خان العلماء ، وباع السلاطين أوطانهم وانهم وحدهم شباب الإسلام و الطائفة المنصورة في زمن الهوان وعلى هذا المنحى تتنافس المواقع المتطرفة في البث والانتاج واعادة تقديم الفكر المتطرف على شكل سلاسل صوتية ومصورة أو كتب الكترونية ، وتنشط بشكل خاص في نشر رسائل وخطب رموز الفكر المتشدد وتتميز مجموعات التطرف الالكتروني بالحيوية الفائقة في النشر والتخفي والظهور وقد تبث ما لديها من مواد في مواقع شبابية عامة.

ثانيا:السمات العامة للتطرف الفكري:
للتطرف الفكري سمات عامة تتمثل في:
١ - إن أول مظهر من مظاهر التطرف الفكري هو التعصب للرأي تعصباً لا يعترف للآخرين برأي وهذا يشير إلى جمود المتعصب بما لا يسمح له برؤية مقاصد الشرع ولا لظروف عصره، ولا يسمح لنفسه بالحوار مع التعليم والتطرف الفكري الآخرين، فالمتطرف يرى أنه وحده على الحق، وما عداه على الضلال، كذلك يسمح لنفسه بالاجتهاد في أدق القضايا الفقهية ذات الصلة بالمجتمع، ولكنه لا يجيز ذلك لعلماء العصر المتخصصين منفردين أو مجتمعين، ما داموا سيصلون إلى ما يخالف ما ذهب هو إليه.
٢ - التشدد والغلو في الرأي ومحاسبة الناس على الجزئيات والفروع والنوافل كأنها فرائض، ومهاجمة العلماء والمحدثين وصنّاع القرار ذوي الاختصاص في كافة الأمور الدينية والدنيوية متهماً إياهم بالكفر والإلحاد والنفاق.
٣ - العنف في التعامل والخشونة في الأسلوب دون التعامل بالحوار والتسامح.
٤ - سوء الظن بالآخرين والنظر إليهم نظرة تشاؤمية لا ترى أعمالهم الحسنة، وتضخم من سيئاتهم، قد يكون مصدر ذلك هو الثقة الزائدة بالنفس التي قد تؤدي في مرحلة لاحقة بالمتطرف إلى ازدراء الغير، واحتقار رأيه بل والدخول معه في صراع فكري ومذهبي بل وقتال بدني إذا لزم الأمر.
٥ - يبلغ هذا التطرف مداه حين يسقط في عصمة الآخرين ويستبيح دمائهم وأموالهم، وهم بالنسبة له متهمون بالخروج عن الدين، وتصل دائرة التطرف الفكري مداها في حكم الأقلية على الأكثرية بالكفر والإلحاد والدعوة إلى حمل السلاح عليهم نتيجة لذلك.
٦ - العزلة عن المجتمع، والعزلة تؤدي وظيفتين، الأولى: يتجنب(المتطرفون فكرياً) (المنكرات) - من وجهة نظرهم - التي تملأ جوانب المجتمع ويحمون أنفسهم من المشاركة في نهج المجتمع الكافر، والثانية: تكوين مجتمع خاص بهم يطبقون فيه أفكارهم ومعتقداتهم، وتتسع دائرة هذا المجتمع شيئاً فشيئاً حتى تستطيع المجتمع من خارجه، وكما هو واضح فإن الوظيفة الأولى فكرية دينية بينما الأخرى سياسية حركية.

ثالثا: الانعكاسات السلبية للتطرف الفكري على المجتمع:
على أساس أن التطرف حالة من حالات الجمود والانغلاق العقلي وتعطيل القدرات الذهنية عن الإبداع والابتكار، وعن إيجاد الحلول في عالم سريع متغير، فإن انتشار هذه الحالة يكون مهدداً - ليس لتطور المجتمع فحسب - بل لوجوده واستمراره بما يمثل من انعكاسات سلبية تدمر المجتمع، تتمثل فيما يلي:
١ - التدهور في الإنتاج، حيث أن أهم عنصر في قوى الإنتاج هو الإنسان العامل المبدع المبتكر، والتطرف الفكري قاتل للإبداع والابتكار مدعم للجمود والتخلف.
٢ - يمثل التطرف الفكري حنيناً دائماً للماضي والعودة إلى الوراء، وبالتالي يجر العلاقات الاجتماعية المعاصرة إلى أوضاع بالية لا تناسب تقدم العصر أو متطلبات الحضارة.
٣ - يرتبط التطرف الفكري بالتعصب الأعمى والعنف، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى صراعات مدمرة داخل المجتمع.
٤ - يرتبط التطرف الفكري بالتدهور الثقافي والفكري والعلمي والفني، أي أنه قتل الإنسان باعتباره كائناً مبدعاً خلاقاً.
٥ - يعطل التطرف الفكري الطاقات الإنسانية كافة، ويستخدمها في الصراعات والعداءات، ويحول دون تكامل المجتمع.

ويرى "سموك" أن أبرز انعكاسات التطرف الفكري تكمن في ذلك الاعتقاد الذي يؤمن به الشباب هو أن الإسلام هو المستهدف وأن الحضارة الحديثة هدفها القضاء على الإسلام والمسلمين ومن ثم انبرى هؤلاء الشباب للدفاع عن ثوابتهم متسلحين بالعودة إلى الماضي ورفض كل مظاهر الحداثة واتهامها ومؤيدها بالكفر والإلحاد ومن هنا أعلنوا كفرهم بكل شيء ونادوا بتدمير كل شيء حديث يظهر لنا ما يسمى مؤخراً بعنف الحضارات، عندما يتحول الصراع إلى أعماق التكوينات السياسية والثقافية والدينية، ولن تكون المسألة مسألة مجتمعات عنف بل ستكون حتماً حضارات عنف.

وأوضح "كورتينا" أن التطرف الفكري داعم للقهر والعنصرية قاتل للتسامح فالمتطرفون فكرياً أناس لا يؤمنون بتعدد وجهات النظر، ولا علاقة لهم بالفهم الإيجابي المشترك، لا ضوابط تحكمهم، لا يعرفون احترام الآخر، و أكبر مظهر من مظاهر الخلل لديهم هو تحول التسامح إلى مفهوم أكبر من الا تسامح.
الخاتمة
من خلال ما سبق يمكن القول أن مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دوراً هاماً في العديد من المجتمعات ، وأصبحت هذه المواقع المؤثر القوي على تداول الأفكار المتطرفة فهي تؤدي دورا في تشكيل الوعي المزيف لمستخدميها الذين يتعرضون بانتظام لهذه الأفكار المتطرفة، من خلال التأثير على الفرد،.
التطرف الفكري هو التعصب للرأي تعصباً لا يعترف للآخرين برأي وهذا يشير إلى جمود المتعصب بما لا يسمح له برؤية مقاصد الشرع ولا لظروف عصره، ولا يسمح لنفسه بالحوار، فالمتطرف يرى أنه وحده على الحق، وما عداه على الضلال فتحول عقل الفرد الى حالة من الجمود والانغلاق العقلي وتعطيل القدرات الذهنية عن الإبداع والابتكار، وبالتالي يجر العلاقات الاجتماعية المعاصرة إلى أوضاع بالية لا تناسب تقدم العصر أو متطلبات الحضارة،
يرتبط التطرف الفكري بالتعصب الأعمى والعنف، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى صراعات مدمرة داخل المجتمع، ويقود بالتالي الى التدهور الثقافي والفكري والعلمي والفني.


المصادر والمراجع
سكر، ماجد (2011) التواصل الاجتماعي انواعة، ضوابطة، اثارة، ومعوقاته-دراسة قرأنية موضوعية، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية، غزة.
الربيعي، بيرق (2019) دور مواقع التواصل الاجتماعي في بناء خطاب الكراهية، المؤتمر الدولي خطاب الكراهية وأثرة في التعايش المجتمعي والسلمين الإقليمي والدولي، جامعة صلاح الدين، أربيل، العراق.
https://www.researchgate.net/publication/332130735
الرشيد، عزيز احمد (1436ه) وسائل التواصل الاجتماعي أثرها على الفرد والمجتمع، جامعة الامام، الرياض
غرايبة، إبراهيم (2018) كيف تتشكل الأفكار المتطرفة، موقع الغد https://alghad.com/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D9%83%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81%D8%A9%D8%9F/
حسان، ايمن(2017) دور مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الفكر المتطرف، المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات.
https://www.europarabct.com/%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%89-%D9%81%D9%89-%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81/
جمعة، محمد وجوهر، علي (2017) التعليم والتطرف الفكري واليات المواجهه، المكتبة العصرية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، مصر.
الشوري، احمد(2011) هل تشكل مواقع التواصل الاجتماعي تهديدا للأمن القومي؟، مجلة السياسة الدوليةhttp://www.siyassa.org.eg/News/15182.aspx
بن احمد الرميح، يوسف(2017) الإرهاب في شبكات التواصل الاجتماعي، https://www.al-jazirah.com/2015/20150323/ar2.htm
حوادسي، سمية(2018) جدلية دور مواقع التواصل الاجتماعي بين نشر الوعي السياسي والاجتماعي وثقافة العنف والتطرف الإرهابي في المجتمع، مركز جيل البحث العلمي. https://jilrc.com/%D8%AC%D8%AF%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D8%A8%D9%8A%D9%86/
سموك، علي(2012) العولمة واشكالية الهوية في العالم الإسلامي-مقاربة نقدية، شؤون اجتماعية، العدد 115، الشارقة، الامارات العربية المتحدة.
عديلة، كورتينا(2015) مواطنون في العالم، نحو نظرية للمواطنه، ترجمة علي المنوفي، الهيئة العامة المصرية للكتاب، مكتبة الاسرة، علوم اجتماعية، القاهرة.



#شاهر_سلامة_العالول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثر مواقع التواصل الاجتماعي على الامن الفكري


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاهر سلامة العالول - أثر مواقع التواصل الاجتماعي على الامن الفكري