أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - خالد حدادة - هذه مبادرتنا لاستنهاض القوى اليسارية















المزيد.....



هذه مبادرتنا لاستنهاض القوى اليسارية


خالد حدادة

الحوار المتمدن-العدد: 1716 - 2006 / 10 / 27 - 10:44
المحور: مقابلات و حوارات
    


حدادة ل: هذه مبادرتنا لاستنهاض القوى اليسارية
جهاد بزي
(علي علوش)

لا يقبل الدكتور خالد حدادة بإجابات مجتزأة عن الأسئلة. <الرفيق الأمين العام> لديه من القدرتين الشيوعية والأكاديمية ما يسمح له دائماً بتضمين جوابه الإحاطة الكاملة بفكرته. وعلى الرغم من أنه يستطرد دائماً، إلا انه يعود ليتابع فكرته، حتى يوصلها كاملة.
يساعده على هذا الهدوء الشديد. يشبع عبارته صياغة، ومع ذلك فلا دبلوماسية في كلامه ولا لعب على الكلام. لا حزب إشتراكياً في لبنان. يقول الجملة في سياق تحليل بارد، وببراءة مطلقة. في المقابل، لا يستفزه اتهام الحزب الشيوعي بأنه بات ملحقاً ب<حزب الله>. يحيل السؤال إلى العكس. عراقة الحزب تسمح له بهذا. يصير <الحزب الشيوعي المقاوم منذ تأسيسه> هو السابق لحزب الله. اذا التقى الحزبان على المقاومة فهذا لا يعني أن الشيوعيين التحقوا بالحزب إلهيين. الصحيح هو أن حزب الله ذا البنية الدينية تطور وانفتح على الآخر الذي لم يغلق الباب يوماً في وجه أي عدو لإسرائيل. وهو إذ يقترب من الحزب والتيار الوطني الحر، يقترب على طريقته الشيوعية. يقترب وهاجسه دك البنيان الطائفي، وإن لم يكن بالعنف طبعاً، بل بالأساليب الديموقراطية، بالمبادرة العامة التي يصر <الرفيق خالد> عليها: حكومة انتقالية وقانون انتخاب يعتمد النسبية وانتخابات نيابية مبكرة وانتخابات رئاسة جمهورية مبكرة ايضاً. على هذا، هو لا يلتقي مع صديقيه حزب الله والتيار الوطني الحر على مقولة <حكومة اتحاد وطني>. هذه لا تغير شيئاً من الوضع القائم برأيه. يرفضها كما يرفض، بشدة، الديموقراطية التوافقية. يرى أنها التعبير المخفف للمحاصصة الطائفية. يرى انها ستبقي النظام الطائفي قائماً. هذا النظام الكفيل بتضييع الانتصار الأخير للبنان على إسرائيل، كما ضيع الانتصارات السابقة التي يمكن اعتبار الخروج السوري من لبنان واحداً منها. على هذا، فالحزب الشيوعي لن يشارك في تحركات سقفها المطالبة بحكومة اتحاد وطني. هذه ليست معركته.
الرفيق الأمين العام متشائم. الشرق الأوسط الجديد الذي تبشر له كوندليسا رايس يعني تفكيك الكيانات الوطنية القائمة منذ سايكس بيكو. هذا يعني فوضى تجد لها تربة خصبة في بلد مثل لبنان، حيث الخطير في الأمر أننا لن نكون حتى أمام فدرالية بل أمام تفتيت، أي أمام لبنان من دون أي ضوابط. لبنان في فوضى عارمة. دارفور أو روندا أو ما شاكل.
لكن التفاؤل ميزة شيوعية. الرفيق المتفائل الذي يرى أن أزمة الحزب الشيوعي توقفت عن التفاقم، متفائل ايضاً بأن على الحزب واجب استنهاض القوى العلمانية الديموقراطية في لبنان. وهو سيطلق مبادرته في مهرجان الأونيسكو الأحد المقبل في الذكرى الثانية والثمانين لتاسيس الحزب الشيوعي: ايها العلمانيون الديموقراطيون، تعالوا نتفق على برنامج يقوم على ثلاث ركائز: مقاومة المشروع الاميركي، والتغيير الديموقراطي باتجاه دولة علمانية ديموقراطية في البلد والوضع الاقتصادي الاجتماعي.
هذه دعوة مفتوحة. لا فيتو على أحد، ولا دور طليعيا للحزب الشيوعي. الحزب سيكون واحداً من المكونات التي تتفق على مثل هذا الاطار. استنهاض هذه القوى مهم. ولبنان الآن في أمسّ الحاجة إليها.
مارس الحزب الشيوعي اللبناني الكثير من الصبر طوال 82 سنة في البلد القائم على طوائفه. واجه الأزمات واحدة تلو الأخرى. وبقي. الحزب الفخور <بجذور السنديانة الحمراء الضاربة في الأرض> ينظر أمينه العام اليوم باعتداد إلى الشباب الذي يرفد هذه السنديانة العتيقة، ويصبر.
الصبر، للمناسبة، من ميزات المناضل الشيوعي أيضاً.
? كيف قرأت مبادرة الرئيس نبيه بري؟
} المبادرة تترجم مأزق الوضع اللبناني في ظل التوترات الاقليمية الدولية. حتى الآن يبدو الوضع الاقليمي الدولي غير ناضج لتسهيل حل في لبنان، كما كان الوضع وقت الطائف، حين نضج وضع إقليمي صار تخريج الطائف ممكناً. ما خرج به الرئيس بري يعبر عن هذا المأزق. ما طرح هو إضاءة على مشكلتين في البلد، الحكومة وقانون الانتخاب. لكن هاتين ليستا المشكلتين الوحيدتين، والقوى المختلفة لن تتوافق عليهما. أظن أن الطريقة التي طرحها فيها هي ذكية تمتص النقاش خلال الأسبوعين المقبلين. أتمنى ألا تكون أحد المخارج من دون أن أحمّلها آمالاً. أعتقد أن بري مصدوم بالجو الاقليمي. راهن أكثر على إمكانيات تعاون من الدول العربية، وواضح أن المواقف الاخيرة في مصر والسعودية والدول الاخرى لا تجد حلا. أعتقد ان الحل موجود عند اللبنانيين. في السابق كان الجو الاقليمي يفرض حلا على الوضع اللبناني، وكان الوضع اللبناني يستفيد من الجو الاقليمي ويعود ليلملم هذه الاتفاقات. الآن، وفي ظل المخاطر الموجودة، فإن لبنان ليس في أولوية الاهتمام الاقليمي.
حال الحزب
? عشية الذكرى الثانية والثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني، كيف هو حال الحزب؟
} بعد الانحدار هناك نوع من الاستقرار، لكننا لم نبدأ حالة الصعود بعد. هناك عدد كبير من الشباب الذي يشارك في نشاطات الحزب، ونسبته تصل إلى سبعين في المئة، وهذه نسبة عالية. بعد أسبوعين ستقام ندوة في جونيه، وأرجح المشاركة الشبابية الواسعة. لأول مرة نشعر مثلاً اننا طرف في الفروع الثانية في الجامعة اللبنانية وفي الجامعات الخاصة. المشكلة أنه ليس لدينا قدرة على الاستقطاب الدائم لهذا الشباب. ولهذا علاقة بأزمة جدية في منظماتنا الجماهيرية، كالنجدة الشعبية واتحاد الشباب الديموقراطي والاتحاد الوطني للنقابات. المنظمات التي كان يعمل فيها الشيوعيون، ما زالت تقف عند مأزق السنوات العشر الماضية.
? كيف يمكن تطوير هذه المنظمات؟ ألا تعتقد أن صيغ هذه المنظامت ماتت؟
} هذا مجال بحث بدأناه والمجلس الوطني سيخصص بحثه للسؤال في كيف سنعمل في العمل الجماهيري، وأحد النقاشات هو ما اذا كنا سنعمل وفق صيغ هذه المنظمات أم بغيرها. هل من مجال لاستنهاض اتحاد الشباب الديموقراطي مثلاً، أم هناك ضرورة لخلق أطر شبابية جديدة؟ الهم السياسي عند شبيبة لبنان اليوم أكثر إلحاحاً من الاعمال الاخرى مثل النشاطات الترفيهية والمعارض وغيرها التي كان الاتحاد يقوم بها. الشاب اللبناني الآن أمام المأزق السياسي الكبير، اهتمامه يتجه الى السياسي أكثر من اهتمامه بالمنظمات الجماهيرية، لذلك، فإن الشباب الجديد يهتم بالحزب أكثر مما يهتم بهذه المنظمات التي تعاني مأزقا جدياً. وليس كل النشاط الشبابي الذي نراه يستثمر في الحزب.
? لكنها فرصة جيدة ينبغي استغلالها؟
} نحن بشر. ليس بسرعة يستطيع البشري أن يعترف بأنه شاخ. هناك مجموعة لا تعترف بأنها شاخت. كثر من رفاقنا التاريخيين يفتخر بأنه زاح من الطريق، لكنهم زاحوا في المعنى السلبي لا الايجابي. ربما أوافق أن الحزب في قضاياه وأهدافه القديمة ربما يكون قد مات، لكن ثمة أمراً مهماً: لبنان يختلف عن مناطق اخرى من العالم. من حظ حزبنا انه موجود في بلد مثل لبنان، ولم تولد حالة حزبية تنظيمية ثانية لها طابع علماني ديموقراطي توحد بين اللبنانيين كمؤسسة غير الحزب الشيوعي. هذا من حسن حظ الحزب لكنه من سوء حظ اللبنانيين. من هنا، أرى انه ليس هناك فرق كبير بين مفهومي العلماني واليساري، بخاصة في ما يطرح اليسار. في أقصى طموحات اليسار يمكنه أن يطلب بلداً موحدا ديموقراطيا علمانيا، مع عدالة اجتماعية. لهذا فإن الحزب بات ضرورة. بعض قدامى القيادة الحزبية متعود على الدوغمائية بالرغم من كل كلامه عن التجديد. كانوا يضعون <الصراع الطبقي> كأولوية وحيدة، وكل التناقضات المتبقية في المجتمع ثانوية. كانوا يعتبرون أن الطائفية أداة يحركها زعماء الطوائف للتغطية على موضوع الصراع الطبقي. من هذه النظرة المتطرفة إلى دوغما جديدة الآن هي الديموقراطية وإلغاء الصراع الطبقي تماماً. انتقلوا من دوغما أحادية الصراع الطبقي الى دوغما اخرى هي عدم وجود الصراع الاجتماعي. هذا تقديس للفظ لا للمضمون. الفكر الديني الآن في العالم العربي ليس ديموقراطياً. لكن، ألم يلاحظوا أنه حتى في هذا الفكر الديني اقترن تحوله اللاديموقراطي ببداية الحملة الماكرثية؟ أليس هناك تأثير ل<الديموقراطية الاميركية> في هذه الحالة الموجودة في الفكر الديني؟ هذه دوغمائية تقترن بالتعود على السلطة. الجاهز الآن للسلطة هو الديموقراطية الاميركية.
? لكنكم في المقابل متهمون بالالتحاق بحزب الله؟
} مفهوم الالتحاق له علاقة بالاسبقية. مشروع الحزب في مقاومة اسرائيل صار عمره 82 سنة. عساف الصباغ استشهد وهو يتصدى لعصابات الهاغانا التي كانت تهرب السلاح. هذا كان قبل استقلال لبنان. هذه التعبئة التي يقوم بها الحزب منذ بداية العشرينيات تعبئة صادقة لحزب الله وكل أنواع المقاومات. في مشروع المقاومة، حزب الله ملتحق بالحزب الشيوعي، وهذا لا يعني أن يكون الملتحق أقل قوة. وأيضاً، فإن الحركة الاسلامية الشيعية ساهمت في ضرب الشيوعيين في فترة من الفترات. تطور العلاقة بين حزب الله والشيوعيين منذ الثمانينيات وحتى اليوم، لم يكن نحن من طورها. إن الذي تغير هو الفكر الديني. بهذا المعنى فأن يشيد السيد حسن نصر الله بمساهمة الشيوعيين فهذا تطور عندهم بالنسبة لنا. ليس جديدا ان يتعاون الشيوعيون مع قوى اخرى قومية أو دينية في العمل المقاوم، بالعكس هناك تطور إيجابي في الفكر الديني الذي يمثله حزب الله لأنه صار أكثر انفتاحاً. ونحن كنا نتوقع هذا.
اللقاء ونصر الله بعد العدوان
? التقيت الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بعد العدوان وقبل عشرة أيام على مهرجان الانتصار. كيف كان هذا اللقاء الذي لم يعلن عنه وقتها؟
} في المعنى الوجداني، كانت هذه المرة الأولى التي أشعر فيها بالانشداد العاطفي للسيد حسن. وكنت أكتشف شخصا (وتعبيراً عن مشروع) يؤكد ان ابواب الحوار ما بين مشروع يساري علماني ديموقراطي وبين مشروع له أسسه الدينية على الاقل حول قضايا وطنية. وشعرت ان حزب الله المنتصر بالنسبة للبلد حاجة وضرورة على العكس مما كان حزب الله سيكونه لو هزم. واللقاء أكد على المستوى العام تقديراً جدياً لحزب الله لدور اليسار العربي والعالمي في تغيير الرأي العام، وكان قسماً جدياً من النقاش حول هذا الموضوع، بخاصة في الدعوة لزيارة البرلمان الاوروبي، وهذه اعتبرت بمعنى ما دعوة للمقاومة اللبنانية، والدعوة وجهت لاثنين (الحكومة والقوى المقاومة) من طرف واحد. الاقتراح بدعوة السنيورة ودعوتنا كان من اليسار الأوروبي وأخرجه البرلمان الاوروبي لإبراز وجهتي النظر وإبراز موقف لبنان. والسنيورة لم يلق خطاباً فئوياً في البرلمان الأوروبي. الجزء الاخير من النقاش مع السيد حسن كانت له آفاقه الأوسع من لبنان، أي حدود الحوار بين اليسار والمقاومة الاسلامية ودار النقاش من فنزويلا إلى ايران الى العراق.
? كيف تنظر إلى انتصار حزب الله؟
} لم اكن متخوفاً أبداً من انتصار حزب الله، عدا عن الانحياز منذ البداية إلى المقاومة، بل كنت خائفاً أكثر من هزيمة حزب الله، لأن ما كان سيهزم فيه هو وجهه المقاوم، وسيبقى في وجهه المذهبي، وهذه ستكون كارثة تسهل عملية ابتلاع لبنان من قبل المشروع الاميركي وتناقضاته المذهبية. ما حصل هو أن انتصار حزب الله سيجعله يرى أنه لا يقدر على إكمال مشروع المقاومة في أفقه اللبناني في أحادية وتفرد وفئوية، وعليه أن يتشارك مع قوى اخرى.
? ما رأيكم بحكومة الاتحاد الوطني التي ينادي بها حزب الله والتيار الوطني الحر؟
} نحن ضد حكومة الاتحاد الوطني، لأننا ضد الديموقرطية التوافقية التي هي اسم مخفف للمحاصصة. هذا البلد صار محكوما بمصيرين: تفتيت، أي حالة كارثية امتدادها أسوأ من العراق، لأنه في العراق قد تشكل الفيدرالية أحد الحلول المؤقتة. التفتيت في لبنان يعني حتى عدم إمكانية قيام دويلات بل حالة شرذمة مثل دارفور وروندا. حالة فوضى عارمة. هذا مصير لا يحل إلا بأن يتغير كيان لبنان، وبهذا المعنى نحن لنا ملاحظات حادة ضد مجموعة 14 آذار لأنهم لا يعون انه في صلب المشروع الاميركي لا يوجد مصير نهائي للبنان. المصير الثاني هو الدولة العلمانية الفعلية وميزان القوى للاسف ليس لصالحه. ان نعود الى المحاصصة فهذا سينهار لاحقاً. ولم تعد الفترة التي تفصل بين الانهيارات طويلة، إنها تقصر.
? إذا كان الحزب الشيوعي مأزوماً فاليسار مأزوم، وإذا كان بخير فاليسار بخير. ليست هناك قيادة لليسار من خارج الحزب الشيوعي، لكن يجب على الحزب نفسه أن يقوم. متى يقوم الحزب الشيوعي اللبناني؟ هل نحن بحاجة الى مؤتمر استثنائي للحزب يناقش القضايا الكبيرة وليس القضايا الداخلية؟ ومن يبادر إلى هذا؟
} في آخر السنة المقبلة (2007) هناك موعد طبيعي لمؤتمر الحزب. في بيان المجلس الوطني الاخير هناك تساؤلات عدة منها مصير لبنان. التساؤل الثاني هو حول التصدي العام في المنطقة للمشروع الاميركي. اولاً هناك ضرورة اكبر للقول إنه كان هناك مشروعان يتصديان كل من موقعه للمشروع الاميركي، المشروع الاسلامي الذي كان خلال السنوات الماضية اكثر بروزا ودورا، ربما لدور
ايران على المستوى العام وبقايا المشروع القومي. غاب اليسار عن التصدي لهذا المشروع. ساهم في هذا الغياب ضمور دور الحزب التدريجي في المقاومة في لبنان، وبشكل خاص الموقف الذي اتخذه اليسار اي دوغما الديموقراطية، وموقف الحزب الشيوعي العراقي والذي نتج عن الممارسة السابقة للقوى القومية، وبشكل خاص للنظام السابق ضد الشيوعيين. في المعركة الأخيرة فإن الحزب الشيوعي وقوى اليسار، إذا قاموا بشيء بمساهمتهم وبشهداء الحزب والدور الذي لعبه المثقفون والصحافيون والدور الخارجي للحزب، فقد قالوا عنه لا يوجد مشروعان فقط. هناك ثالث وأساسي هو اليسار. هل هذا يتم بحثه فقط في لبنان ام على المستوى العربي العام؟ نحن نرى انه يجب بحثه على المستوى العربي. كيف يمكن لليسار العربي ان يجد لنفسه مشروعاً خاصاً غير متناقض مع المشاريع الاخرى بالمعنى الصدامي، وغير ملتحق فيها؟ هل يمكن للشيوعيين اللبنانيين في علاقتهم مع حزب الله أن يكونوا متلاقين على فكرة مواجهة المشروع الاميركي من دون ان يكونوا ملتحقين؟ هذا سؤال جدي يتناسب مع سؤال آخر: هل يمكن لهم ان يتمايزوا عنه من دون ان يصطدموا به؟ هناك إمكانية ان يكون لدينا مشروع يتلاقى في مرحلة من المراحل مع المشاريع الاخرى، بما فيه مشروع للمقاومة ذات طابع ديني، من دون ان يلتحق به، ويمكنه ان يتمايز عنه من دون تصادم؟ بعد مرحلة العدوان، نحن في مرحلة إبراز نقاط الاختلاف، لأننا نرى ان حزب الله كان لديه مشروع ممتاز للمقاومة نجح فيه، لكننا لا نرى بلورة جدية لمشروع البناء الديموقراطي للبلد. يمكن للسيد حسن نصر الله ان يكون زعيماً للمسلمين، كما صلاح الدين، أو زعيماً للأمة العربية كما جمال عبد الناصر، لكنه لا يستطيع حكم لبنان، لأن واقع لبنان وبنيته لهما طبيعة أخرى تصغر الانتصار وتحصره بالطائفة الشيعية.
? برأيك هذا حصل؟
} بل بدأ يحصل. تكوين حالة المقاومة الشيعية بما خصّ قضايا الداخل والمشروع المستقبلي للبلد يحاصر المقاومة ومشروعها المفترض للبلد. ثمة سؤال سيطرح علينا وعلى حزب الله وعلى الجميع: هل هذه البنية قادرة على الاستمرار في وجهها الداخلي، أم هناك ضرورة لتكوين بنية جديدة للبنان؟ مقومات البنية موجودة. الحزب الشيوعي والتيار الوطني الحر والكثير من القوى التي احتضنت المقاومة في مواجهتها لاسرائيل يجب ألا يتعامل معها بأنها قوى مؤيدة ومصفقة. هذه قوى يجب أن تتحوّل الى قوى تصيغ مشروعاً بديلاً للبنان.
? تلتقون مع التيار الوطني الحر على مثل هذا المشروع ايضاً؟
} يحتاج الأمر الى حوار، وهناك حوار متقدّم مع التيار. لكنه يجب أن يفكر بشكل جدي في ألا يكون صيداً سهلاً لعملية تطييفه، بالرغم من إرادة تكوينه. تكوين التيار كان من شباب اصطدم مع المشروع الطائفي. الآن يحاولون حصر هذا التيار ضمن الآلية اللبنانية السيئة التي اسمها الديموقراطية التوافقية في حصر التيار ضمن حصة الموارنة. مَن مع التيار يقول الآن إنه أكثرية الموارنة ومَن ضده يقول إنه لم يعد كذلك. لكن لا أحد يبحث عما اذا كان التيار جزءاً من مشروع وطني كامل. على التيار الا يقوم بخطوات تحصر النقاش في الجانب الطائفي. عليه أن يكون في وجهة أخرى، لكنه للأسف يحشر في هذه الزاوية. مع ان التيار لعب دوراً وطنياً وليس مسيحياً في موقفه في الحرب الاخيرة، كما المقاومة التي لم تلعب دوراً شيعياً بل وطنياً. هذا لا يتظهر وهذا طبيعي ما دام النقاش ضمن الإطار اللبناني ذاته. سيعود حزب الله ليكون قسماً أساسياً من الشيعة في لبنان والتيار قسماً أساسياً من الموارنة. هذه هي الخطورة الحقيقية على الانتصار وليس القرار 1701 الذي شكل هزيمة للبنان في مضمونه السياسي وكان تعويضاً لهزيمة اسرائيل الميدانية. القضية الاساسية ألا يهزم مشروع المقاومة والمشروع الوطني بعد الصمود الكبير الذي حصل. لذا فإننا نعيش مرحلة التمايز الايجابي مع حزب الله والآخرين، اي كيف نقدر على دفع هذه القوى الى اتخاذ موقف من الجوهر وليس من التحاصص؟
دعوة إلى اليسار
? أين تلتقون، كيسار، مع قوى 14 آذار؟
} نحن نعاني، كيسار، مشكلة جدية، وهي أنه لا يوجد حزب اشتراكي في لبنان، أي حزب لديه مشروع ديموقراطي اشتراكي. تحوّل هذا الحزب الذي كان ركيزة اساسية للتغيير الديموقراطي في البلد أيام كمال جنبلاط، وفي مرحلة اساسية من فترة وليد جنبلاط، هذا الحزب انتهى. لم يعد هناك حزب اشتراكي. لذا هناك ضرورة لأن يلعب الحزب الشيوعي الدور المطلوب منه. الازمة الآن انه لا يوجد الا الحزب الشيوعي في اليسار. صارت هناك محاولات ابرزها التجمع الوطني للانقاذ والمنبر الديموقراطي، ويتحمل المسؤولية الاساسية في فشلهما الحزب الشيوعي اللبناني، وليس حبيب صادق ولا نجاح واكيم. هاتان المحاولتان ولدتا في ظل أزمة الحزب وانقساماته، ولم ينشط الحزب الشيوعي لتحويل التجمّع لأداة استقطاب يسارية علمانية. نحن سنطرح مبادرة من دون أن نشاور أحداً، لأننا نرى أن هذا التشاور سابق، بمعنى أننا نشعر ان كل القوى والشخصيات اليسارية تسأل الحزب عن دوره. نحن سنقوم بمبادرة جدية في مهرجان الحزب الأحد المقبل، في مهلة زمنية ومن دون شروط مسبقة لدعوة كل القوى والشخصيات التي تتلاقى معنا حول مشروع مثلث الأضلاع:
أولاً: مقاومة المشروع الأميركي.
ثانياً: التغيير الديموقراطي باتجاه دولة علمانية ديموقراطية في البلد.
ثالثاً: الوضع الاقتصادي الاجتماعي.
هذه النقاط في شكلها العام ستكون أطاراً لتجميع قوى يسارية ديموقراطية. من يلتقي معنا حول هذه النقاط سنجتمع معه في يوم محدّد وتقام على اساسها لجنة متابعة لا يكون الحزب الشيوعي فيها لا طليعياً ولا قيادياً بل أحد المكونات التي تتساوى مع أي مكون آخر.
? ولا فيتو على أحد؟
} لا فيتو على أحد. من يتفق معنا على هذه النقاط سنقول له أهلاً وسهلاً. وسنصيغ على اساس النقاط الثلاث برنامجاً محدداً لنضال اليساريين والعلمانيين في البلد.
تميّز الحزب الشيوعي
? الحزب الشيوعي منذ 14 شباط وحتى الآن كان متميزاً. هل سيكون الشيوعي جزءاً من تحركات التيار وحزب الله المحتملة لإسقاط الحكومة، ام أنه سيتمايز بصفته خارج كل الاصطفافات؟
} حين وقع النقاش في بداية تكوين مؤتمر البريستول، قبل اغتيال الرئيس الحريري وبعده، مع قوى كنا نلتقي معها في قضية أساسية هي العلاقة مع السوري والتمديد لرئيس الجمهورية، وكان موقفنا واضحاً، مع تنظيم خروج السوري ووقف سياسة تدخله في الشاردة والواردة في البلد ونمط العلاقات اللبنانية السورية. وكنا وما زلنا ضد التمديد لرئيس الجمهورية. ونحن الوحيدين الذين لم نزر لحود حتى الآن بعد التمديد، بينما كل الآخرين زاروه بحجج مختلفة، وهم يتحاصصون معه. والسنيورة قال إن علاقته بلحود لم تكن إلا كما السمن على العسل. كنا نقول في النقاش إن الظرف حالة انتقالية مهمة لا تتكرر كثيراً في تاريخ لبنان. صارت قبل الطائف وتتكرر الآن (وقتها). إما ان تكون مناسبة لتحقيق اختراق جدي في البنية الطائفية للبلد باتجاه بناء دولة حقيقية، وإما ستكون مرحلة من مراحل تكوين الحصص لمصلحة طائفة او مذهب معين. على هذا الاساس اعتبرنا ان الخيار الذي اخذته قوى البريستول هو خيار إعادة تجديد البنية الطائفية والتعديلات في الحصص. طبيعة الحلول الطائفية تحتاج الى وصاية خارجية لتركيزها. الحل الذي يسعى إليه 14 آذار هو خلق محاصصة جديدة رأسها السني في المعادلة الطائفية بوصاية أميركية وبرعاية التحاقية سعودية فرنسية. لم أر الهزيمة على الاقل. كنت ارى ان التصدي بحد ذاته هو تثبيت لواقع الا نسمح للعدو أن يفرح بهزيمتنا او بانتصارنا. لأنه تعوّد مع النظام العربي الرسمي أنه حتى حين يهزم فإنه يحوّل هذه الهزيمة العسكرية إلى استسلام للآخرين. نحن قلنا إنه على الاقل لا نعطيه فرحة مجانية. أما اذا هزم الاسرائيلي فنكون قد حققنا أمرين: ثبتنا حق شعبنا في المقاومة، وهزمنا اسرائيل للمرة الأولى. بغض النظر عن النتيجة العسكرية لم نجد شيئاً اسمه هزيمة في المعنى السياسي. الآن نقول لحلفائنا في هذا المنطق، والتيار الوطني الحر لعب دوراً سياسياً يوازي عملية المقاومة بشكل او بآخر، إما أن تكون هذه المرحلة انتقالية تفتح لبناء لبنان العلماني الديموقراطي بمبادرة إنقاذية حقيقية تتجاوز البنية الطائفية للنظام أو أن تكون هناك محاولة لإعادة توزيع حصص جديدة في اطار الصيغة. اذا كانت التحركات الشعبية ستكون تحت سقف حكومة وطنية، وهذا ما يطغى على الحديث، فلن نكون شركاء في التحركات الشعبية. أما إذا كانت التحركات الشعبية او السياسية بهدف تحقيق اختراقات ما تستهدف بنية النظام التي ابتلعت كل الانتصارات السابقة فسنشارك فيها. إذا بقينا تحت السقف الطائفي وكررنا تجربة التحالف الرباعي وبعدها اشكال إعادة التقاسم فسنصنع الغول الجديد الذي سيخنق المقاومة وانتصارها. لذا سننبه منه. لن نتصادم مع أحد، لكننا لن نكون جزءاً من حركة تساهم في هذا الموضوع.
? كيف يكون الخرق في السقف الطائفي؟
} بالاتفاق على برنامج. مَن سقط في المعركة الاخيرة ليس فقط الحكومة التي سقطت في تنفيذ كل النقاط التي وضعتها في البيان الوزاري منذ ما قبل الحرب. وأتى الامتحان الوطني ولم تسع الى وقف اطلاق النار في بداية المعركة وعدم تبنيها واحتضانها السياسي في الايام الأولى للمقاومة أكدت انها حكومة ساقطة في المعيار الوطني، بعدما سقطت في المعايير الاخرى. من سقط أكثر هو البنية الطائفية للنظام. هذا نظام قابر للانتصارات. لا انتصار يتحقق على المستوى الوطني العام إلا وتأكله البنية الطائفية، ومنه الخروج السوري حتى. المحاصصة الجديدة ترقع الوضع لسنة، لكن ظرفاً جديداً سيعيد الانتكاسة. ما لم نضع خطة للقول إن هذا النظام في مأزق. نحن نطرح مبادرة مختصرة تشمل حلاً متزامناً: حكومة انتقالية وقانون انتخابي يعتمد النسبية ومن دون القيد الطائفي، وانتخابات مبكرة نيابية ثم لرئاسة الجمهورية، ثم خطة إنمائية إعمارية جديدة. ما يحدث في البلد كارثي في موضوع الإعمار. هل من المعقول أن يعود صندوق المهجرين وصندوق الجنوب ومجلس الإنماء والإعمار الذين ارتكبوا كل الخطايا في البلد ليكونوا مدخل الإعمار الجديد؟ كل هذه القضايا بداية لإصلاح حقيقي لكل بنية النظام. ننزل وفق هذه المبادرة. لا نستطيع ان نغطي مرة جديدة ترقيع بنية النظام الطائفي.
? هل تشعر بخط انزلاق البلد الى الحرب الاهلية؟
} أشعر بالخطر، ليس من حرب أهلية. المشروع الذي عبرت عنه كونداليزا رايس وتعمل له، وللأسف هناك الكثير من القوى والدول العربية منخرطة فيه. هذا المشروع في جوهره يعمل على انتفاء الكيانات الوطنية القائمة منذ معاهدة سايكس بيكو. إنطلاقاً من ذلك فالكيانات الاكثر ضعفاً هي التي تتأثر بهذا. اذا كان الاميركيون يطرحون شرق اوسط جديداً، فهذا يعني إعادة تنظيم الكيانات الوطنية من جديد، فإن الدول الأكثر هشاشة هي التي تتعرّض للازمة. ليس سوريا ومصر مثلاً بل لبنان وفلسطين والعراق، ولبنان من أكثر المناطق تعرضاً لأن ينفجر هذا المشروع فيها، وعبرها للدول الثانية. خائف بشكل جدي، من الممكن أن تكون ظروف حرب طائفية صارت أكثر ضعفاً، ومقومات الحرب السنية الشيعية مقوماتها أقل، مع ان التعبئة أكبر من الحرب الطائفية. أتوجّس من توترات أمنية محدودة. وللأسف نحن لدينا دويلات داخل الدولة، دويلات سنية وشيعية ودرزية ومسيحية مغطاة بشيء اسمه الدولة. دويلات حتى في الموضوع الامني. ليس لدينا أمن موحد. الاجهزة الامنية في لبنان اكتشفت شبكة تخطط لتفجيرات في المانيا ولم تقدر على اكتشاف <الانيرغات> وكل الخروقات الامنية بعد الخروج السوري وحتى الآن. وزير الداخلية أحمد فتفت يقول إنه خبأ ورقة تُفتح إذا وقع معه شيء. هذا فعل يقوم به وزير داخلية مسؤول عن الأمن؟
? الحزب الشيوعي لن يكون جزءاً من اي توترات داخلية؟
} طبعاً. اي حرب لها طابع داخلي لتثبيت مواقع قوى طائفية ومذهبية، فالحزب الشيوعي سيكون خارجها



#خالد_حدادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني الدكتور خالد حدادة ...
- سنبقى كما أردت ..


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - خالد حدادة - هذه مبادرتنا لاستنهاض القوى اليسارية