أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - الصديق كبوري - من -أليكانتي- إلى -بوعرفة- حتى لا ننسى معاناة اللاحئين الإسبان ببوعرفة خلال الحرب العالمية الثانية















المزيد.....



من -أليكانتي- إلى -بوعرفة- حتى لا ننسى معاناة اللاحئين الإسبان ببوعرفة خلال الحرب العالمية الثانية


الصديق كبوري

الحوار المتمدن-العدد: 7598 - 2023 / 5 / 1 - 00:20
المحور: حقوق الانسان
    


من "أليكانتي" إلى "بوعرفة"
حتى لا ننسى معاناة اللاحئين الإسبان ببوعرفة خلال الحرب العالمية الثانية
قبل البدء:
في يوم من أيام السبعينيات القائظة من القرن الماضي زرت منطقة نوجد على بعد 20 كلم تقريبا شمال مدينة بوعرفة تسمى "تيكري" Tigri، ومما أثار انتباهي أثناء هذه الزيارة هو وجود كتابة لبعض الأسماء بالألمانية على القنطرة التي يمر فوقها خط السكة الحديدية التي تربط وجدة ببوعرفة التي تم إنشاؤها في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي لنقل المعادن التي تزخر بها بوعرفة (المنغنيز والنحاس والحديد). اعتبرت الأمر من مخلفات الحرب العالمية الأولى وجزمت في قرارة نفسي بأن الامر ربما يتعلق بأسماء أسرى ألمان تم استغلالهم في الأعمال الشاقة لبناء خط السكة الحديدية إبان تلك الفترة.
عقب هذا الحادث بسنوات ـ وبالضبط في بداية الألفية الثالثة ـ زرت منطقة تبعد ب 90 كلم تقريبا جنوب بوعرفة تدعى "عين لعراك" Ain Larakوقد عاينت هناك آثار ثلاث بنايات عسكرية قديمة ( تشابولات) وما يشبه قبورا محفورة، فسألت أحد البدو عن سر هذه البنايات المهدمة والقبور الغير مغطاة فأجابني بأن البناية كما نقل عن كبار السن كانت في الأصل معسكرا لاحتجاز الأسرى خلال الحرب العالمية الثانية وكان يفرض على السجناء الأعمال الشاقة ومن بين الأساليب التي كان يلجأ إليها الجلادون هي إرغام من يتهاون في عمله أو لا ينضبط للتعليمات الصارمة على حفر قبره بيده والبقاء فيه خلال مدة العقوبة بما فيه فترة الأكل وقضاء الحاجة.
تأسيسا على هذين الواقعتين شرعت في التقصي حول الموضوع، وانكببت على جمع المعطيات بالاعتماد على مختلف أنواع المصادر الشفوية وسماع الحقائق ممن يحتمل أنهم عاصروا هذه الحقبة أو كانوا قريبين ممن عاصروها قصد بناء الحقيقة التاريخية، بيد أنني لم أعثر على أي أثر لهذه الفئة، فقد مات الشهود ودفنت معهم شهاداتهم، فلم أظفر سوى ببعض الطلاسم التي تناقلها الخلف عن السلف عن طريق " العنعنة " والتي زادت الأمور تعقيدا.
التجأت في "زمن كورونا" لمحرك البحث "جوجل" للاستعانة بخدماته والظفر بمزيد من التفاصيل، وكم كانت دهشتي كبيرة لما علمت أن تلك آثار لمناضلين ضد الفاشية والنازية والاستعمار مروا من تلك الأماكن بعد الزج بهم أثناء الحرب العالمية الثانية في معسكرات محاطة بالأسلاك الشائكة وفرضت عليهم أبشع أنواع التعذيب والمعاملات القاسية. لقد عثرت أثناء البحث على بعض الصور والكتابات لمؤرخين مثل بيتر غايدا Peter Gaidaوإليان أورتيغا بيرنابو Eliane Ortega Bernabeuوخوان مارتينيز ليل Juan Martinez Leal وهو ما حفزني على الاستمرار في البحث.
من هنا كانت البداية والمنطلق للنبش في هذا الموضوع الذي لازال يلفه البياض ويكتنفه الغموض. لذلك فمساهمتي التالية هي محاولة للتعريف بتضحيات اللاجئين الاسبان ونضالهم ضد النازية والفاشية والاستعمار ومعانتهم بمعسكرات الاعتقال والعمل ببوعرفة أثناء الحرب العالمية الثانية، والدعوة لإحياء ذكرى من مروا ببوعرفة بعد مرور 80 سنة عن تحريرهم، ومواصلة العمل على الحفاظ على الذاكرة الجماعية لهؤلاء من الطمس والنسيان والتي هي جزء من ذاكرتنا المشتركة.
وعليه، سأحاول في هذه الورقة تتبع مسارات هؤلاء اللاجئين الإسبان ورحلة عذابهم التي بدأت في الجنوب الشرقي لإسبانيا: من مدينة أليكانتي عاصمة ذاكرة الحرب الأهلية الاسبانية والفضاء الذي عاش الفصل الأخير من دراما الحرب الأهلية الإسبانية وإجلاء المدافعين الجمهوريين لتكتمل أكثر فصولها في الجنوب الشرقي للمغرب وبالضبط في مدينة من مدن المغرب المهمش تسمى بوعرفة، والتعريف بمناضلين عبر الفيلسوف الوجودي الكبير ألبير كامو Albert Camusعن شعوره بنوع من الامتنان تجاههم لكونهم قاتلو ببسالة وتقبلوا آلام المنفى.
الحرب الأهلية الاسبانية
لقد عرفت إسبانيا خلال القرن الماضي حربا أهلية طاحنة في الفترة الممتدة بين سنة 1936 وسنة 1939 نتيجة للشرخ والانقسام السياسي داخل المجتمع، ففي 18 يوليوز 1936 انطلقت شرارة الحرب بين الجمهوريين الذين يتشكلون من مزيج من مشارب مختلفة ضم اليساريين والشيوعيين والفوضويون والنقابيين والمتطوعين الاجانب من جهة، والوطنيين من جهة أخرى بقيادة الجنرال فرانكو المدعوم من النازية والفاشية والكنيسة والجيش.
وتجدر الإشارة إلى أن النصر العسكري في النهاية كان لصالح الوطنيين بقيادة فرانكو فسقطت معاقل الجمهوريين تباعا: فالنسيا وقرطاخنة وأليكانطي وألميريا وغير ذلك من مدن الجنوب الشرقي الإسباني وهو ما اضطر المقاتلين إلى الفرار ومعانقة المجهول بعد أن تركوا أحلامهم وكل ما يملكون هناك. وقد كانت مدينة أليكانطي هي آخر المعاقل للمتحصنين من الثوار الجمهوريين. لذلك حصلت هجرة كبرى شمالا في اتجاه فرنسا وجنوبا في اتجاه موانئ شمال افريقيا وبالخصوص نحو ميناء وهران الذي يعتبر أقرب نقطة في شمال إفريقيا لمناطق القتال في الجنوب الشرقي الاسباني.

العدو وراءكم والبحر أمامكم
حسب بعض المهتمين بالتأريخ للحرب الأهلية الاسبانية فبعد هزيمة الجمهوريين أمام الوطنيين بقيادة الدكتاتور فرانكو انسحب المقاتلون الجمهوريون Retirada وحصلت هجرة من أكبر الهجرات في تاريخ البشرية: لقد هاجر نحو مليون إسباني من آخر قلاع الجمهوريين في بداية الامر شمالا نحو الأراضي الفرنسية المتاخمة للحدود الفرنسية ـ الإسبانية طلبا للأمن.
بيد أنه لما اشتد الخناق على مواقع تحصن الثوار الجمهوريين من طرف جيش الوطنيين اضطر المقاتلون للهجرة جنوبا عبر البحر نحو دول شمال افريقيا التي كانت خاضعة للاستعمار الفرنسي خاصة نحو ميناء وهران الذي يعد أقرب نقطة للمناطق الساخنة المذكورة سلفا. فنشطت الهجرة الجماعية عبر مجموعة من السفن مثل رون وين وأفريكان تريدر وماريونجا وستانبروك وستانغور وعبر القوارب الخاصة للصيد.
عدو صديقي عدوي
وأمام التزايد المهول للهجرة صدرت مراسيم بتاريخ 10 مارس 1939 عن الجهورية الفرنسية الثالثة في عهد رئيس الحكومة إدوارد دالادييه Edward Daladierلتأطير وتقنين وجود اللاجئين فوق الأراضي الفرنسية وفي مستعمراتها. وبناء عليه صدرت بعض القوانين التي تضع قيودا صارمة على اللاجئين ووضع عوائق امام وصولهم. فتم في بداية الأمر إجبار النازحين على البقاء في السفن لمدة فاقت الشهر أحيانا وهو ما تسبب في تفشي الأمراض وانتشار المجاعة في صفوفهم.
بعد عملية إنزال النازحين من على متن السفن بميناء وهران وقع الفرز والتصنيف وأنشئت لهذه الغاية ثلاثة أنواع من المعسكرات: معسكرات الإقامة بالنسبة للنساء والشيوع والأطفال والمرضى والأشخاص في وضعية إعاقة وغير القادرين على العمل، ومعسكرات العمل أو السخرة بالنسبة للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و48 سنة والقادرين على العمل، ومعسكرات العقاب والعمل معا بالنسبة للأشخاص الغير مرغوب فيهم والذي يمكن أن يشكلوا تهديدا للأمن العام حسب الاستعمار الفرنسي. فلا يمكن الحصول على اللجوء في فرنسا وفي مستعمراتها بدون مقابل، لذلك فرض العمل القسري على هؤلاء اللاجئين للمساهمة في تعافي ونهوض الاقتصاد الوطني الذي كان يمر بأزمة. وأصبح الحق في اللجوء والذي هو حق إنساني مشروطا ويمنح بشرط الالتزام بتقديم خدمات لمدة معينة لفائدة الحكومة الفرنسية، وبذلك تحول اللاجئون من فارين يطلبون الاستجارة والملاذ إلى عمال مجبرين على العمل بأجور زهيدة.
وأثناء الحرب العالمية الثانية وبتاريخ 22 يونيو 1940 استسلم رئيس الوزراء الفرنسي بول رينو Paul Reynaud للجيش الألماني مما أدى الى توقيع الهدنة الفرنسية الألمانية وابرام معاهدة بين الطرف المنتصر والطرف المنهزم بمقتضاها تم وضع منطقة شمال وغرب فرنسا تحت سيطرة الاحتلال الألماني واصبح جنوب فرنسا تابعا لحكومة جديدة موالية لألمانيا ولدول المحور مقرها مدينة فيشي بقيادة هنري فيليب بيتان Henri Philippe Pétain ، فتغيرت تبعا لذلك النظرة إلى اللاجئين الاسبان ، إذ سيعتبرهم نظام فيشي بمتابة أعداء ( بحكم أنهم أعداء لفرانكو المؤيد للنازية) وسيتم استخدامهم بلا شفقة وبدون أدنى وخز من ضمير كعمال سخرة في المناجم والمحاجر وبناء القناطر والطرقات والفلاحة..
شركات السخرة
من أجل استفادة السلطات لاستعمارية من خدمات اللاجئين الإسبان واستنزاف طاقاتهم إلى أبعد الحدود أنشأت شركات العمال الأجانب CTE، وفي هذا السياق فقد شهدت الفترة انشاء 12 شركة متخصصة في انجاز البنى التحتية والعمل المنجمي والمحاجر وقد أوكلت مهمة إدارتها لضباط فرنسيين، وهي شركات تعتمد بشكل أساسي على العمل القسري الذي تحرمه الاتفاقية الدولية الصادرة رقم 105 الصادرة عن منظمة العمل الدولية بتاريخ 28 يونيو 1930، وقد أضفت السلطات الفرنسية على هذا النوع من العمل طابعا شرعيا وقانونيا واعتبرته يندرج في إطار المصلحة الوطنية.
في هذا الإطار أقامت السلطات الفرنسة عدة معسكرات للعمل على الحدود المغربيةـ الجزائرية وهي معسكرات محادية لخط السكة الحديدية ومنها : معسكر كنفودة وبركنت وتندرارة وبوعرفة والجلفة وكولمب بشار وحجرة مكيل والقنادسة... وكانت بوعرفة مركزا أساسيا بالنسبة لشركات العمال الأجانب وقد ضمت عدة معسكرات نذكر منها: معسكر العين البيضا قرب منجم استخراج المنغنيز ومعسكر تامللت ومعسكر عين لعراك ومعسكر فم الدفلة ومعسكر المنكوب. وقد تم استغلال اللاجئين في هذه المعسكرات في أعمال كثيرة مثل: استخراج المنغنيز وبناء خط السكة الحديدية وقطع نبات الحلفاء لتصديره واعتماده في صناعة نوع ممتاز من الورق وتشذيب الحجارة قصد البناء وصناعة الطوب.
كانت معسكرات العمل في بوعرفة مثل معسكر العين البيضا تحت سلطة مديرية الصناعة والإنتاج الفرنسية ويتقاضى العمال مقابل العمل القسري أجرا زهيدا جدا مقارنة بالعامل الفرنسي كما كانوا يتمتعون بهامش نسبي من الحرية ( العطل، مغادرة المعسكر، ممارسة الهوايات) في حين أن المعسكرات التي كانت مخصصة للعقاب والتي تضم أشخاصا تعتبرهم السلطات الفرنسية يشكلون خطرا على مصالحها فقد كانت تحت سلطة مديرية الشؤون السياسية ومن أشهرها معسكر فم الدفلة ومعسكر عين لعراك السيئي الذكر واللذان لازالت بعض الأدلة شاهدة ـ إلى الآن ـ على هول الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت فيهما.
حلم قديم/ جديد
في أواخر القرن التاسع عشر وبالضبط سنة 1878 قام أحد المهندسين الفرنسيين بإنجاز الدراسات حول مشروع ضخم يتمثل في إقامة خط للسكة الحديدية يربط الجزائر بداكار وطوله 3560 كلم، وقد علقت فرنسا على هذا المشروع آمالا كبيرة لتوحيد مستعمراتها بالشمال بمستعمراتها بالجنوب، وكانت تطمح من ورائه إلى نقل المنغنيز والنحاس والحديد المستخرج من بوعرفة والفحم الحجري المستخرج من القنادسة، ناهيك عن استغلاله في نقل الحلفاء والثروات الحيوانية من منطقة "الظهرة" والموارد البشرية من السنيغال والتي ستشكل خزانا بالنسبة للجيش الفرنسي.
إن التفكير في هذا المشروع بدأ في أواخر القرن التاسع عشر أثناء الجمهورية الفرنسية الثالثة إلا أنه عرف عدة تعثرات ( مقاومة الشيخ بوعمامة)، لكن خلال الحرب العالمية الثانية ظهرت الحاجة الماسة إلى إعادة إحيائه، لذلك فبعد انهزام فرنسا على يد ألمانيا وتوقيع الهدنة، أصبحت ألمانيا هي من يدير مستعمرات فرنسا، وفي هذا الصدد فإن الرايخ الثالث وحكومة فيشي التابعة له سيشرعان في تنزيل هذا المشروع على أرض الواقع والذي أصبح يحمل أسم مير نيجر Mer Nigerبعد أن أصبحت اليد العاملة الأجنبية متوفرة لذلك وغير مكلفة، فتقرر نقل اللاجئيين الإسبان وغيرهم إلى معسكرات للعمل أقيمت لهذه الغاية أي إنشاء خط للسكة الحديدية عابر للصحراء Transsaharien.
هويات المعتقلين
ضمت معسكرات بوعرفة مناضلين شيوعيين وماركسيين وجمهوريين إسبان وأنارشيين ومتطوعين دوليين وأعضاء الحركات الوطنية بالبلدان المستعمرة والديغوليين والمناهضين للنازية والفاشية والاستعمار وهم من جنسيات مختلفة، وضمنهم الفنانين والمهندسين والعمال والفلاحين والموظفين والأساتذة، وبعضهم على مستوى عال من التكوين المعرفي والسياسي مثل ماكس أوب وخوسي كاستانيروغيرهما.
وقد قام المؤرخان خوان مارتينيز ليل ومرسيديس غيجارو بنشر اللوائح الإسمية للمعتقلين ببوعرفة بعد الحصول عليهما من الصليب الأحمر الذي زار المطقة بين يونيو ويوليوز 1942 وهي لوائح تحتوي على معطيات دقيقة وتضم أسماء اللاجئين وتواريخ ازديادهم ووظائفهم ومدتهم وانتماءاتهم السياسية ودياناتهم كما تشير للاجئين الذين فروا من المعسكرات..
وحسب التقرير الذي أصدره الصليب الأحمر الدولي فقد وصل عدد المحتجزين بمعسكر بوعرفة إلى 818 نزيلا منهم 694 إسبانيا و124 من 16 جنسية أخرى أو عديمي الجنسية دون أن ننسى الذين نجحوا في الهروب وعددهم 369 لاجئا حسب التقرير نفسه. وتتسم هوية المعتقلين بمعسكرات بوعرفة بالتنوع على مستوى الوظائف والانتماءات السياسية والمستوى التعليمي والاعتقاد الديني.
الظروف داخل المعسكرات
توجد بوعرفة في الجنوب الشرقي للمغرب وهي منطقة صحراوية تتميز بمناخ حار جدا خلال فصل الصيف وبارد جدا خلال فصل الشتاء. وهي منطقة معروفة بكثرة الزوابع الرملية (العجاج المحمل بالغبار) وتكاثر بعض الحشرات والزواحف السامة (العقارب والأفاعي بمختلف أنواعها). وقد تم نقل المعتقلين إليها بواسطة الشاحنات. وبمجرد وصولهم شعر المعتقلون بنوع من الرهبة والخوف لأنه وقع لهم الخلط بين المغاربة و"المورو" الذين استعان بهم فرانكو لقمع ثورة الجمهوريين، لكن هذا الشعور سرعان ما تبدد فقد ذكر بعض اللاجئين في شهاداتهم أن المغاربة كانوا كرماء معهم وقد كانوا يحصلون منهم أحيانا على الطعام أو يشترونه.
وللإشارة فإن معسكرات العمل والعقاب ببوعرفة مثل معسكر فم الدفلة وعين لعراك والمنكوب كانت محاطة بالأسلاك الشائكة من كل جانب، وتخضع للحراسة المشددة من الجنود الفرنسيين والألمان والسينغاليين والمغاربة ( الكوم)، والذين كانوا لا يترددون في إطلاق الرصاص الحي على كل من سولت له نفسه محاولة الفرار، وقد ذكرت بعض الشهادات أن معاملة الحراس كانت قاسية مع المعتقلين غير أن الخوف لم يكن من الحراس العرب بل من المشرفين الألمان والفرنسيين.
والملاحظ أن معاملة اللاجئين كانت تختلف من معسكر إلى آخر، فبالنسبة لمعسكرات العمل ببوعرفة ( منجم المنغنيز) فقد كان اللاجئون يتمتعون بهامش نسبي من الحرية، وبإمكانهم التواصل مع السكان المحليين، ويستفيدون من العطل، بعكس معسكرات العمل والعقاب بفم الدفة وعين لعراك فقد كان النظام فيها قاسيا، وكانت معاملة السجناء سيئة ووحشية، إذ كان السجناء يتعرضون للعقاب بسبب رفض العمل أو عدم إنهاء العمل ( (Tache، وفي بعض الأحيان قد يتخذ العقاب شكلا جماعيا خاصة في حالة عدم انضباط المعتقلين أو لجوئهم إلى أشكال الاحتجاج المختلفة كالإضراب عن الطعام أو الاضراب عن العمل.
وحسب شهادات لمن مروا بمعسكرات العمل والتأديب فإن أساليب العقاب كانت قاسية ونذكر منها "الفلقة" والضرب بأعقاب البنادق والسحل عبر الجر بالحصان والوضع في قفص حديدي محاط بالأسلاك الشائكة واجبار المعتقل على حفر قبره بنفسه والبقاء فيه لمدة معينة وإجباره على الاكل وقضاء الحاجة داخله امعانا في المزيد من الإهانة والإذلال. ويصف جاسكين وهو طيار إسباني سادية الجلادين بقوله:" " قتلة جبناء لقد خسرتم تلثي دولتكم ونصف إمبراطوريتها وتواسون أنفسكم بالفوز في المعركة ضد الأجانب الفقراء الذين جاءوا الى بلدكم واثقين من كرمكم.. أنتم تطلقون النار قليلا لكن تقتلون ببطء"
وتجدر الاشارة إلى أنه تم قتل بعض السجناء في فم الدفلة نذكر منهم كلاينكوف وبرينمان وديموستيري ودفنوا بالمقبرة المسيحية ببوعرفة، ومن المحتمل وجود مقابر في فم الدفلة وعين لعراك لمعتقلين قضوا تحت التعذيب أو نتيجة إطلاق الرصاص للمنع من الفرار أو قمع التمردات. وللحديث عن قساوة المعاملة نستحضر حالة اللاجئ الاسباني "إرنست سيلو" الذي حاول الفرار من معسكر بوعرفة فتم تعريضه للعقاب في القبر في ظروف شديدة البرودة ونقله إلى عين لعرك فيما بعد وقد تورمت رجله فنقل إلى مستشفى وجدة حيث تعرضت رجله للبثر بعد استحالة العلاج.
أما بالنسبة للنظام الغذائي فكان هزيلا جدا ولا يلبي السعرات اللازمة لمن يمارس جهدا عضليا يوميا وهو ما تسبب في نقصان الوزن بالنسبة للسجناء. ويتكون الطعام في الغالب من خبز يابس وأحيانا لونه أخضر في الداخل وبعض القطاني مثل الحمص والفاصوليا والعدس خلال وجبة الغذاء والعجائن والحساء في المساء وقطعة صغيرة من اللحم أو السمك المعلب ( علبة لكل خمسة أفراد)، كما تقدم لكل سجين حصة غير كافية من الماء للشرب والاستحمام، وفيما بعد حفر المعتقلون بئرا بمعسكر فم الدفلة لتوفير هذه المادة الحيوية، كما كان السجناء يحصلون على بعض الأطعمة التمر والكليلة (غذاء يصنع من اللبن) والبيض من البدو الذين كانوا يقتربون من المعسكر حسب شهادة لرودريكيز وهو لاجئ اسباني قضى مدة معينة بمعسكر فم الدفلة.
ونتيجة للعمل اليدوي الشاق الذي كان يفرض على السجناء لمدة تتجاوز 10 ساعات يوميا وبوسائل بسيطة (البالة والفاس)، ونظرا لأن أغلب المحتجزين لم يتعودوا على العمل اليدوي، ونظرا للنفص في التغذية وانعدام وسائل النظافة فقد انتشرت بين اللاجئين بعض الأمراض مثل التيفويد والسل والزحار والملاريا والحمى وأمراض الأسنان، كما انتشر بينهم القمل والتيفوس بحكم انعدام النظافة وكون ملابسهم كانت بالأساس عبارة عن أزياء قديمة للجيش الفرنسي.
التمسك بالحياة
رغم صعوبة الحياة داخل المعسكرات، فقد حول اللاجئون هذه الفضاءات المعتمة من فضاءات للموت إلى فضاءات ترشح بالحياة. فقد كانوا يمضون أوقاتهم حسب بعض الشهادات أو الصور التي بين أيدينا إلى تمضية أوقات الفراغ في التثقيف والمناقشات حول مواضيع الساعة مثل الحرب وآثارها وسبل مقاومة الأنظمة الفاشية والنازية، والحنين إلى أرض الوطن (أشعار خوسيه كاستانير وماكس أوب) وكتابة المذكرات والخواطر وتعلم الفرنسية والإنجليزية وممارسة بعض الهوايات مثل الموسيقى وكرة القدم وانشاء مكتبة صغيرة بمعسكر بوعرفة وترويج بعض الجرائد الاسبانية فيما بينهم من معسكر إلى معسكر عبر بعض السائقين الإسبان. كما أن حبهم للحياة أيضا يظهر من خلال حفرهم لبعض الآبار ووضعها رهن إشارة البدو الرحل مثل البئر الذي عايناه بفم الدفلة، والبئر الموجود بمدخل بوعرفة من جهة وجدة والذي لازال قائما إلى الآن ويحمل اسم بئر بيرطو نسبة إلى الإسباني Alberto الذي أشرف على حفره، كما عاينا أيضا غرس شتائل النخيل والتين بالقرب من هذه المعسكرات وبعضها لازال صامدا إلى الآن تقاوم قساوة المجال وجبروت الطبيعة. ومن بين القيم التي سادت بين اللاجئين أيضا نذكر قيمة التضامن ضد الممارسات السادية التي كانت ترتكب ببعض المعسكرات مثل حجرة مجيل والجلفة وعين لعراك وفم الدفلة والدخول في إضرابات تضامنية عن الطعام أو العمل ضد هذه الممارسات.
تحركات انسانية
إن الفترة التي وقعت فيها هذه المأساة ببوعرفة كانت مرحلة حرب ( 1939ـ 1943) حيث كان العالم مشغولا بالحرب الكونية ويشد الأنفاس لإحصاء الخسائر المادية والبشرية في كل مكان. ورغم ذلك فقد بدأت بعض التحركات الجادة قصد التدخل وانهاء هذه الدراما، فخلال شهر يونيو ويوليوز من سنة 1942 أرسل الصليب الأحمر مندوبه ويس دونانت بشمال إفريقيا لزيارة هذه المعسكرات (بوعرفة وبودنيب وبشار..) والاطلاع عن كتب عن أوضاع المحتجزين، وتبعا لهذه الزيارة أنجز الصليب الأحمر تقريرا شاملا حول معسكرات بوعرفة وقد وصف فيه الوضع العام والظروف وعدد المعتقلين والسكن والنظافة والعبادة والمنطقة والدين والانتماء السياسي. وهذا التقرير كان له فعل وتأثير كبيرين فقد حرك الضمير العالمي لما يحمله من دعوة للتحرك اوقف المأساة. وفي نفس السياق قامت المحامية هيلين بنعطار (وهي أول امرأة مغربية مارست مهنة المحاماة وهي من أصول يهودية مغربية) بزيارة معسكرات الاحتجاز ببوعرفة ورصد أوضاع اليهود في هذه المعسكرات على خلفية ما كان يتعرض له اليهود تمييز في معسكرات النازية.
انعتاق العبيد
من الاحداث التاريخية التي لها دلالة كبرى والتي غيرت مسار الحرب العالمية الثانية نذكر الانزال الأمريكي الإنجليزي بالدارالبيضاء ووهران يوم 11 نونبر 1942 والذي يحمل اسم الشعلة Troche ) (. إن هذا الحدث كان له وقع كبير على اللاجئين في معسكرات العمل والتأديب ببوعرفة وغيرها، فمباشرة بعد نزول قوات الحلفاء انتشر الأمل في أوساط المعتقلين ورأوا في ذلك بارقة أمل لتحسين أوضاعهم في معسكرات العمل والعقاب. بل وقد علقوا آمالا كبيرة على هذا الإنزال ورأوا بداية النهاية للعمل القسري الذي اجبروا على القيام به، وبارقة أمل تبشر بعهد جديد عنوانه البارز هو التحرر من ربقة العبودية المقننة وتمني سقوط النظام الديكتاتوري لفرانكو وعودة الجمهورية بإسبانيا.
ومن الملاحظ أن حلم في التحرر نهائيا من العمل القسري لم يتحقق بمجرد الانزال الأمريكي ـ الإنجليزي، بل ظل يراود كل اللاجئين حتى يوم 17 مارس 1943 ليبدأ الحلفاء في عملية تحرير المعسكرات والتي لم تغلق بشكل نهائي حتى مرت سنة تقريبا على عملية الشعلة، وبعد تحرير الأسرى تم حل شركات العمل بشكل نهائي بعد تحرير فرنسا 1944 من ربقة النازية وتم التخلي نهائيا عن الحلم الامبراطوري المتمثل في إقامة خط للسكة الحديدية يربط البحر الأبيض المتوسط بالنيجر. وقد كتب للمشروع أن يتوقف نهائيا وإلى الابد في صحراء لعبادلة جنوب بشار.
الهجرة العكسية
بعد تحرير اللاجئين انتشروا في الأرض، فمنهم من قرر الالتحاق بجيش الحلفاء لمحاربة دول المحور، ومنهم من قرر الهجرة إلى دول أوروبا الشرقية والغربية ومنهم من قرر الهجرة إلى دول أمريكا اللاثينية، لكن العدد القليل من فضل البقاء في بوعرفة لمواصلة العمل، وهنا نستحضر شخصيتين لازالت الذاكرة الجمعية ببوعرفة تحفظ إسميهما: يتعلق الأمر ب Alberto الذي كان ينادى باسم ببيرطو وقد تزوج من مغربية وأنجب منها ولدا وثلاث بنات وهاجر فيما بعد إلى اسبانيا حيث مات ودفن هناك، والثاني اسمه لوبيز Lopezوبعد أن اعتنق الإسلام أصبح يدعى بوجمعة لوبيز وقد اشتغل فيما بعد في البناء وفي بعض المهن الهامشية، وتوفي ودفن بالمقبرة الإسلامية ببوعرفة.
حفظ الذاكرة
في مناسبة من المناسبات صرح وزير الذاكرة الديموقراطية فرناندو مارتينيز لوبيز في "اليكانتي" بان حكومة إسبانيا لنن تترك أي منطقة في شمال افريقيا او في أماكن أخرى كانت بمثابة منافي للجمهوريين الاسبان دون وضع علامة فارقة كمرجع أو لوحة، فديموقراطية إسبانيا ترتبط بهم، فهم جزء من الظاهرة الديموقراطية"، وفي هذا السياق فقد انطلقت بعض المحاولات الفردية والجماعية رسمية وغير رسمية لحفظ الذاكرة الجماعية للاجئين الجمهوريين خلال الحرب العالمية الثانية، ونذكر المحاولات المهمة التي أطلقها بعض المؤرخين المرموقين الذين ذكرناهم على سبيل الحصر في مقدمة هذا البحث، وكذلك مبادرة جامعة أليكانتي التي تقوم بدور مهم في توثيق هذه المرحلة والمساهمة في إحياء الذكرى. دون أن نغفل المبادرات التي قامت بها بعض الاسر مثل اسرة ماتياكس الذي توفي ببوعرفة سنة 1940 وعملت تحت إشراف الجهات المعنية على اخراج رفاته من مقبرة بوعرفة ونقلها إلى موطنه الاصلي لدفنها هناك.
ملحوظة: الصور المرفقة بالمقال مأخوذة من أرشيف جامعة أليكانتي ومن الأرشيفات الشخصية لبعض الباحثين مثل إليان أورتيغا بيرنابو وبيتر غايدا وغيرهما، وأنا ممتن لهما على ما أقدمه من معطيات في هذا البحث المتواضع وأشكر الجميع على ما يبدلوه من مجهودات لحفظ الذاكرة.
الصورة رقم 1: تمثل سفينة ستانبروك وهي من السفن التي نقلت عدد كبير من اللاجئين من ميناء أليكانتي إلى ميناء وهران؛

الصورة رقم 2: تمثل أحد المعسكرات ببوعرفة ويظهر على الصورة خياما بيضاء من الثوب مخروطية الشكل، وكانت بمتابة مساكن للاجئين وهي لا تقي من البرد والحر(عشرة أفراد داخل الخيمة)، أما الفراش فكان هو الأرض أو أفرشة من الحلفاء و"بطانيات" عسكرية قديمة

الصورة رقم 3: تظهر لاجئين اسبا في ورش بناء خط السكة الحديدية " مير نيجر" وهم يعملون بوسائل بدائية ( البالة والفاس )

الصورة رقم 4: تظهر لاجئين اسبان وخلفهم القطار الذي أريد له أن يكون عابرا للصحراء

الصورة رقم 5: وهي تمثل القنطرة التي شيدها اللاجئون بالحجارة قرب معسكر فم الدفلة ويسميها أهل المنطقة بسبع قناطر وهي لازالت على حال عهدها وكأنها شيدت بالأمس ( الصورة بعدستي).

الصورة رقم 6: تظهر العمل القسري وحمل اللاجئين لحط السكة الحديدية على الأكتاف واعتمادا على المجهود العضلي.

الصورة رقم 7: لاجئون اسبان أثناء العمل

الصورة رقم 8: تمثل مجموعة من اللاجئين رفقة مواطن من بوعرفة قرب فج بوعرفة ( مدخل المدينة من جهة وجدة)

الصورة رقم 9: منظر عام لأحد المخيمات ببوعرفة وتظهر الخيام المخروطية
الصورة رقم 10: تظهر اللاجئين الاسبان ينتظرون الحصول على حصتهم من الماء للشرب والنظافة

الصزرة رقم 11: تمثل فريق اللاجئين الإسبان لكرة القدم بمنجم العين البيضا للمنغنيز ببوعرفة

الصورة رقم 12: تظهر لحظة تدشين الجزء الرابط بين بوعرفة والقتادسة.


الصورة رقم 13: تظهر Alberto بيرطو مع بعض العاملات بمنجم المنغنيز ببوعرفة واللواتي كن يشتغلن في عملية الفرز او الترياش كما يلقبونها Triage


الصورة رقم 14: تظهر البئر الذي تكلف بيرطو Albertoبحفره وهو لازال يحمل اسمه، وهو موجود على جنب الطريق من الجهة اليسرى بمدخل بوعرفة (قبل الفج).



#الصديق_كبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حق المعتقل في السلامة البدنية والحماية من التعذيب


المزيد.....




- مقترح هدنة بين حماس وإسرائيل.. ماذا قد يتضمن اتفاق وقف إطلاق ...
- قانون المثلية الجنسية في العراق.. عقوبات تصل إلى 15 سنة وتند ...
- نادي الأسير الفلسطيني يطالب بضرورة فتح تحقيق دولي في جرائم ا ...
- المحكمة الجنائية تستعد لإصدار مذكرة اعتقال ضد نتنياهو
- وزير خارجية بريطانيا: المقترح المقدم لحماس يتضمن هدنة 40 يوم ...
- إسرائيل تستنفر سفاراتها تحسبا لمذكرات اعتقال بحق مسؤوليها
- صانع دمى في غزة يحول العلب المعدنية إلى ألعاب -تروي قصص النا ...
- ?غضب الجامعات يصل الكويت.. طلاب وأكاديميون يتظاهرون تضامنًا ...
- هيئة الأسرى: سياسة الإحتلال بحقّ الأسرى لم نشهدها منذ عام 19 ...
- قلق في إسرائيل من مذكرات اعتقال قد تصدرها المحكمة الجنائية ا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - الصديق كبوري - من -أليكانتي- إلى -بوعرفة- حتى لا ننسى معاناة اللاحئين الإسبان ببوعرفة خلال الحرب العالمية الثانية