أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة - شريف الصيفي - وصف الأحوال في مدينة العمال، ووقائع أول إضراب في تاريخ العمل المأجور















المزيد.....


وصف الأحوال في مدينة العمال، ووقائع أول إضراب في تاريخ العمل المأجور


شريف الصيفي

الحوار المتمدن-العدد: 7596 - 2023 / 4 / 29 - 17:49
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة
    


وصف الأحوال في مدينة العمال
ووقائع أول اضراب في تاريخ العمل المأجور

من نص مصري قديم كٌتب في العصر الإنتقالي الأول ( 2154- 2040 ق.م تقريباً) من قبل أحد كبار الموظفين يدعى "خيتي بن دواوف" لأبنه بيبي الذي يعد نفسه لمهنة الكاتب وفيها ينصحه بأهمية مهنة الكاتب (الميري) بالمقارنة بمهن العمل اليدوي:
"فعامل المسابك يخشن جلده وتلازمه رائحة نتنه، وعامل البناء يتقوس ظهره من العمل الشاق
وصانع الطوب من طين النيل يحي حياة متسخة كحياة الخنازير
وعامل النسيج حبيس عالمه المظلم والإسكافي لا يجد ما يمضغه سوى الجلد ... ".
النص وإن قصد منه تحفيز الأبن للدراسة حتى يهنأ بحياة عملية رفيعة لكنه يعكس وجهة نظر شرائح المجتمع العليا الرافضة للعمل اليدوي وتحقيرهم له! لكن ورغم ذلك تمتع العمال بهامش أكبر مما تمتع به الفلاحون. كيف؟

كان يجلس على قمة الهرم الاجتماعي في مصر القديمة الملك ابن إله الشمس رع الجالس على عرش حورس وكان جسد الهرم عبارة عن شبكة معقدة من الموظفين والكهنة والكتبة تمثل العمود الفقري لجهاز الدولة وفي قاعدة الهرم مئات من المشتركات القروية، وهي وحدات مؤسسة على الاكتفاء الذاتي بالجمع بين فلاحة الأرض والرعي والصيد والعمل الحرفي اليدوي، ذات مسحة خفيفة من التمايز الاجتماعي. كانت هذه المشتركات القروية الأساس الاقتصادي لنمط الإنتاج السائد في مصر القديمة فمن هذه الوحدات الإنتاجية تحصل الدولة على الفائض من الإنتاج في صورة ضريبة سنوية تستنزف بشكل كامل في سد نفقات الدولة من البلاط إلى تجمعات العمال في المقابر الملكية مروراً بجنود الجيش والجهاز البيروقراطي الضخم وكهنة المعابد وقد تم قولبة وهيكلة جميع أجهزة الدولة مثل الجيش والشرطة وطوائف العمال والمعابد والجهاز البيروقراطي وفقا لهذا النموذج وتقوم الدولة المركزية " المشترك الأعلى" بمهمة التنسيق بين كل هذه المشتركات وحمايتها وتنظيم الري وتنظيم توزيع الفائض. تمتع أفراد المشتركات القروية بهامش معقول من الحريات الشخصية الدينية والاجتماعية والملكية الخاصة، لكن المشتركات نفسها كانت في حالة تبعية مطلقة للمشترك الأعلى أي الدولة (العبودية المعممة) والتي تمثلت إلى جانب دفع الضريبة في مد الدولة المركزية بالجنود وبالعمالة اللازمة لمشروعات الري والعمل في المناجم وبناء المعابد والمقابر. برغم مكانة المشترك في قاع قاعدة الهرم الطبقي في مصر فقد كانت بالنسبة للفلاح هيكلاً اقتصادياً يوفر له الحد الأدنى من الاحتياجات المعيشية إلى جانب الحماية ورغم ذلك كان التطلع يتزايد للخروج من المشترك والالتحاق بالخدمة في المشتركات النوعية الأعلى في السلم الاجتماعي مثل الجيش والبوليس أو الجهاز الحكومي أو المؤسسات الكهنوتية أو على أقل تقدير الانضمام للتجمعات العمالية " الميري" والتي كانت الدولة تتكفل بسكناهم وأعاشتهم وبقدر من التدليل بالقياس للأحوال المعيشية الخشنة في المشتركات القروية.
هذا الوضع الخاص للتجمعات العمالية فرضته عوامل عدة أهمها عزلتها في الصحراء بجوار مكان العمل وبعدها عن باقي المشتركات إلى جانب ضمان انتظام سير العمل من خلال تنظيم ورقابة مباشرين، وسبب هام آخر تمثل في قدسية العمل ذاته فهم يتولون بناء معابد الآلهة ومعابد الملوك الجنائزية ومقابرهم وكانت تخضع وبشكل مباشر لرعاية البلاط الملكي. توزع العمال بشكل عام على أربع مجموعات: الأولى وهي التي تشارك الفلاحين الحياة في المشترك القروي ولم تختلف كثيرا مفردات حياتهم المعيشية عما هو سائد في المشترك القروي. والمجموعة الثانية: وهي مجموعات العمال التابعة مباشرة لدوائر الحكم سواء البلاط الملكي أو أمراء الأقاليم، أو العمال الذين يخدمون في المعبد. المجموعة الثالثة تضم عمال المناجم والمحاجر. أما المجموعة الأخيرة (موضوع المقال) فقد كانت أعلى شرائع العمال من حيث المكانة والتنظيم، لكونها تحت الرعاية المباشرة لعمدة المكان والذي يعتبر ممثل شخصي للملك ولم تشهد أي فئة من فئات المجتمع الدنيا نصيب من التدليل الذي تمتع به مجتمع العمال والفنانين في غرب طيبة رغم دورهم الهامشي في العملية الإنتاجية، لدرجة أن الملك رمسيس الثاني خصهم بالمديح في خطاب مطول دون بالخط الهيروغليفي في العام الثامن من حكمه على جدارية يبلغ طولها ما يزيد عن مترين وعرضها متر تقريبا عُـثر عليها عام في بداية القرن الماضي في منشية الصدر جنوب هليوبوليس.
مع بداية عصر الدولة الحديثة حدثت نقلة نوعية في بناء المقابر الملكية فلم تعد تبني فوق سطح الأرض، أهرامات كانت أم مصاطب وملحقة ببئر يقود لحجرة الدفن بل بنحت المقبرة بكاملها في جوف هضاب وجبال غرب طيبة، وتطلب ذلك بناء مدينة كاملة لسكن العمال والفنانين هي أقرب لمعسكر العمل يطلق عليها اليوم دير المدينة وسبب التسمية يرجع لوجود معبد من العصر البطلمي استخدم في العصر القبطي المبكر كدير للرهبان، وقد ظلت هذه المدينة المعسكر تقوم بدورها ما يزيد عن أربعة قرون أي من بداية عصر الأسرة الثامنة عشر في عهد تحتمس الأول(1483- 1473 ق. م) وحتى نهاية الأسرة العشرين (1080 ق.م) في عهد حكم رمسيس الحادي عشر. مرت المدينة خلال هذه الفترة بمراحل ازدهار ومراحل انحطاط، وتعرض عمالها لمحنة التهجير إلى تل العمارنة أثناء حكم اخناتون، كما أنها شهدت أول إضراب في تاريخ العمل المأجور إلى جانب أنها زودتنا بمعلومات وفيرة عن الحياة اليومية وطريقة تنظيم العمل في هذا المشترك النوعي والتي بلا شك تلقى بعض الضوء عن سير الحياة في المشتركات الأخرى، فبالصدفة اكتشفت حفرة عميقة أمام المدينة كانت تستخدم من قبل الكتبة كمكب للمواد التي ما عادوا يحتاجونها من رسائل وتقارير ورسومات، فمدتنا بأكثر من خمسة ألاف مصدر كل مصدر منها يحمل لنا معلومة شيقة عن هذا المشترك النوعي.
دير المدينة
تقع المدينة على الضفة الغربية لمدينة "طيبة" جنوب منطقة الامقابر ومعبد الدير البحري للملكة حتشبسوت. اكتشفت بفعل تتباع الحفريات الإيطالية والألمانية والفرنسية من عام 1905 إلى عام 1951. كان يطلق على مكان إقامة العمال في غرب طيبة لفظ "با دمي" أي المدينة أما لفظ العمال في المصرية القديمة " رمتش باك" حرفيًا "أهل العمل"، وكان يطلق على العامل في غرب طيبة لقب "عامل في مكان الحق". وقد بُني أقدم جزء من المدينة في عصر الأسرة 18 وأحيط بسور ضخم من الطين ويحمل ختم الملك تحتمس الأول، ومع تزايد حركة الإنشاء في عصر الأسرة 19 تم توسيع المدينة بإتجاه الجنوب لتستوعب المزيد من العمال وحملت التوسعات ختم الملك رمسيس الثاني.
المدينة محاطة بسور ضخم من اللبن ولها مدخلين الأول في الجهة الشمالية والثاني في الجهة الغربية، على كل منهما نقطة بوليس لمراقبة حركة الدخول والخروج، يقطعها شارع رئيسي يبدأ من البوابة الشمالية ويمتد للجنوب
على جانبي الشارع حوالي 70 منزل من الطين المطلي بالجير، ولون مدخل البيت باللون الأحمر وكتب على الباب أسم صاحبة. يضم المنزل من ثلاث إلى خمس غرف على مساحة تتراوح ما بين 60 و70 متر مربع، لكن هناك حالة نادرة وهي المنزل رقم 7 حيث بني على مساحة 120 متر وكان يخص رئيس العمال " قاحا" في عهد رمسيس الثاني.
للمنزل باب خشبي يطل على الشارع الرئيسي يفضي لأولى الحجرات وهي حجرة النوم (مبررات وجود حجرة النوم خلف باب المنزل مباشرة غير معروفة) والتي تضم سرير مبني داخل مقصورة من الطين ويعلو الأرض حوالي متر للحماية من الحشرات وهناك عدد من الدرجات تستخدم كسلم للصعود. يلي حجرة النوم حجرة المعيشة وهي أكبر حجرات المنزل يتوسطها عمود لدعم السقف وتضم مصطبة من الطين للجلوس. ثم تليها حجرة نوم أخرى غالبًا ما كانت تستخدم لتربية الحيوانات الداجنة تستخدم للحيوانات، ثم تليها حجرة الخبيز والتي تضم فرن وهي غير مسقوفة للتخلص من الدخان ومنها ينطلق سلم يقود إلى السطح الذي كان يستخدم كمكان لتجفيف البلح إلى جانب وظيفته المحببة لدى المصريين وهي قعدة العصاري والسمر في ليالي الصيف الحارة. وللتحايل على ضيق المكان حفر العمال حجرات جانبية في جسد سور المدينة الضخم كانت تستخدم للتخزين الأطعمة والمشروبات.
الحياة اليومية
كان للبوليس نقطتي حراسة على مدخلي المدينة الشمالي والغربي يتبادل فيها الحراس العمل في ورديتين كل منها 12 ساعة وكان من مهامهم إلى جانب حفظ الأمن وحماية المدينة وتدوين كل كبيرة وصغيرة، وكان لهم الحق التدخل لفض المنازعات. ولتأمين الحياة داخل المدينة جٌهزت بوحدة إسعاف، وورش للصيانة إلى جانب جيش آخر من الخدم لتزويد المدينة بالخضراوات والماء والأسماك إلى جانب غسل ملابس العمال؛ فمن بردية كتبت في عصر رمسيس الثالث قائمة طويلة ضمت هؤلاء الخدم المعينون من قبل الدولة لتصريف شئون العمال قسموا وفقا لمهامهم: 24 سقاء، 14 حطاب، 12 بستاني، 8 من الخزافين، و8 للقيام بغسل الملابس. المفارقة إن في زمن كتابة هذه القائمة لم يكن يزيد عدد الأسر في المدينة عن 40 في حين وصل عدد الخدم إلى ثمانين عنصر، كان أيضاً لكل عامل وأسرته خادم على الأقل نظير أجر معلوم.
المهام
بعد دفن الملك السابق يعلن للعمال عن اسم الملك الجديد وعلى التو يبدأ العمل في بناء مقبرته وقد جرت التقاليد أن يستمر العمل في المقبرة طالما الملك على قيد الحياة وهذا ما يبرر تفاوت المقابر من حيث الحجم والطول والعمق وعدد الحجرات وكثافة النصوص، وعند وفاة الملك يتسلم العمال رسالة مفادها أن الصقر حلق عاليًا في السماء، لأن لفظ "الموت" لا يذكر في سياق ملكي إلا في صيغة النفي، وعلى الفور يبدأ العمال الانتهاء من المقبرة بسرعة في فترة التحنيط وهذا أيضاً ما يبرر عدم اكتمال عدد من المقابر أو ترك أخر جزء فيها بدون تلوين أو تنعيم للجدران، وبعد دفنه تعاد الدورة، وهكذا ظل بناة المقابر الملكية في دير المدينة قرون طويلة على هذا المنوال
تقسيم العمل
كان الشهر مقسم إلى ثلاث وحدات (أسبوع !) كل منها عشرة أيام، منها ثمانية للعمل ويومان للراحة
مع بداية الأسبوع يترك العمال المدينة للعمل ولا يبقى فيها إلا النساء والأطفال والشيوخ وغير القادرين على العمل، والمتغيبين بعذر مقبول وقبل المغادرة يتم إحصاء عددهم وتقسيم العمل وتسليمهم أدوات العمل ثم ينطلقون صوب المقابر الملكية بتسلق جبل بارتفاع 80 متر يفصلهم عنها. وهناك يقيمون في بيوت من الطين بجوار المقابر لمدة ثمانية أيام على أن يعودوا إلى أسرهم في عطلة نهاية الأسبوع ولكي لا يصلوا لبيوتهم في الليل كان العمل في اليوم الثامن يختصر لمنتصف النهار وفي أحيان كثيرة كان يسُـقط من أسبوع العمل بسبب زيادة الغياب.
يعمل العمال من الصباح حتى الظهيرة ثم يحصلون علىقيلولة في فترة ذروة حرارة الشمس ثم يواصلون العمل
كان العمال يقسمون إلى مجموعتين، واحدة للعمل في الجهة اليسرى للمقبرة ومجموعة للجهة اليمنى، لكل منها قائد لا يتمتع بأي مزايا مادية تنحصر مهمته في ملاحظة العمال. يعاونه مسئول المعدات الذي يقوم بتسليم كل عامل أدواته صباح كل يوم واستعادتها آخر النهار، إلى جانب كاتب يقوم بتدوين عهدة كل فريق من الأدوات وكل صغيرة وكبيرة تحدث أثناء العمل، إلى جانب عمله الجانبي غير الرسمي بتحرير الخطابات وعقود الإيجار للعمال. ويقود العمل ملاحظ أخر يسمى " إمي را إيستي" أي قائد طابوري العمل
الأجور
الاستنزاف المستمر للمشتركات وسمة الاكتفاء الذاتي ساهما بدور كبير في ثبات المشتركات وخمولها وتسبب في تأخر ظهور الأسواق وبالتالي النقود كأداة للتبادل وثبات القيمة الاستعمالية للسلعة وكبح تطور عملية التبادل من المقايضة إلى التبادل السلعي، حتى بعد ظهور الشكل الجنيني للنقود في صورة قطع من الذهب والفضة ظلت محصورة في قياس للقيمة في عملية المقايضة. فقد كان عمال المدينة يحصلون على أجورهم في صورة عينية (في أغلب الأحيان كمية من الشعير والقمح) يستخدمونها بعد ذلك في المقايضة، ولم تكن ثمة تفرقة في الأجور بين العمال فقد كان الجميع يتقاضى نفس المقابل حتى ملاحظ العمال. فوفقًا لبيان الأجور المدون على شقفة فخار (اوستراكا) من عصر رمسيس الثالث كان أجر كل من العامل العادي والملاحظ عبارة عن جوالين من الشعير وخمسة أجولة ونصف من الحنطة . وكان الصبي المعاون يتقاضى نصف جوال شعير وجوال ونصف حنطة، وأجر الخادمة جوال ونصف من الشعير ونصف جوال من الحنطة، أما الطبيب الذي يشرف على صحة العمال فقد كان يتقاضى ربع جوال من الشعير وجوال من الحنطة. ومن بردية تعود لعصر رمسيس الثالث حاول الموظف الذي يتابع توزيع الاجور سرقة العمال باستخدام مكيال أصغر من المعتاد، لكن العمال يكتشفون الخدعة وأجبروا الموظف على احضار مكيال صحيح.
مبررات الغياب عن العمل والعطلات الرسمية
لا شك كان العمل في نحت المقابر شاق ويتم في شروط غير إنسانية بمقاييس منظمة العمل الدولية اليوم لكن في المقابل تمتع العمال بمزايا لا تجرؤ أي نقابة بالمطالبة بها وبشكل خاص فيما يتصل بمبررات الغياب عن العمل
فمن حق العامل التغيب عن العمل بشرط تقديم العذر المناسب وكانت هذه الأعذار التي وصلتنا من واقع التقارير الرسمية فضفاضة ومرنة مثل مرض العامل أو أحد أفراد أسرته، المساعدة في إعداد البيرة احتفالا بالأعياد أو زواج الأبناء، كما كان السكر مبرر للغياب عن العمل، ميلاد طفل جديد في العائلة، وفاة أحد الأقارب، زواج الأبناء، القيام ببعض الإصلاحات المنزلية أو مساعدة أحد أفراد الأسرة أو الجيران في أعمال المنزل، زيارة المعبد لتقديم القربان، زيارة الوالدين كذلك كان تغيب العامل والمكوث بجانب زوجته أو أبنته التي تمر بالدورة الشهرية عذراً مقبولاً وكان كاتب الأنفار يدون أسماء العمال الحاضرين في الحضور والانصراف، إلى جانب كشف بأسماء المتغيبين وسبب الغياب، ومن هذه القوائم نقرأ ما دون في عصر الأسرة التاسعة عشر:
في العام الثالث، الشهر الرابع من شهر التحاريق، اليوم السابع والعشرون:
ملاحظ العمال نفر حتب: مريض
نب ن نفر أبن واد مس: مريض
نب نفر أبن ناخي: مريض
إمن أبن إبرت: ذهب للمساعدة في تحضير البيرة في معبد حتحور
قد استمر غياب هذا العامل عدة أيام لكونه عاد من المعبد في حالة سكر شديد
رع حتب: مريض
نب نفر: مريض
نب نفر (آخر): مريض
رع حتب: مريض
أبن داو: ذهب لتقديم قربانً للربة حنوت محت
إمن حتب: شرحه
الرسام نفر حتب: يحتفل بعيد ميلادة.
أما العطلات الرسمية فهي دينية في الأساس بلغ عددها حوالي 25 عيداً وبلغ عدد أيام العطلات حوالي 42 يوم فلم يخلو شهر واحد من أحد الأعياد الرسمية والتي تستمر من يوم إلى ثلاث أيام.
كان العمل في هذا المشترك النوعي أمنية عزيزة لكل عامل وفنان، وكان العامل يورث مكانة الوظيفي، ومن كان بلا أولاد كان يتبنى أحد أبنًا ويعلمه ليحتفظ بالوظيفة وبالتالي بمكانه في مدينة العمال.
نساء المدينة
لم يختلف وضع المرأة في مدينة العمال عما هو سائد في المشتركات القروية فقد كان الدور الأكبر لها في رعاية الأسرة إلى جانب مشاركة الرجل العمل سواء في الحقل أو في ورش العمل اليدوي فلم يقتصر العمل في مقابر ومعابد طيبة على الرجال فقد شاركت النساء الرجال العمل فمن شقفة تضم قائمة بأسماء العمال تعود لعصر رمسيس السادس نجدها تضم ستة عشر عاملاً وستة وأربعين عاملة.
يبقى سؤال حول نوعية العمل الذي قمن به، يعتقد أنه كان محصوراً في نقل بقايا الحجر والتراب الناتجة عن الحفر والبناء إلى جانب إعداد الطعام، لكننا لا نستبعد أن سبب أخذ هذا الكم من النساء إلى مكان العمل هو الخوف عليهن حيث تنامت هجمات البدو في هذا الوقت على المنطقة وتراخت رقابة الدولة وتراجع دورها في التنظيم.

شكاوى العامل الفصيح
وصلنا عدد من شكاوي العمال ينتقدون فيها المعاملة السيئة التي يلاقونها من رؤسائهم، بعضها مختصراً دون على شقفة حجرية والآخر مطول على ورق البردي وأمامنا مثالين من عصر الأسرة التاسعة عشر، الأول خطاب مرسل من الرسام " با رع حتب" لرؤسائه يحتج فيها على سوء المعاملة، فهو حسب وصفه حمار شغل، ومتى احتاجوا حمارًا للعمل يستدعوه للعمل ومتى كان هناك احتفال وسمر يأتوا بغيره.
المثال الثاني وصلنا مدونًا على بردية من عصر سيتي الثاني، وجدت تحت صخرة بجوار المدينة. دونت الشكوى بهدف أن ترسل للوزير في شرق طيبة، لكن لسبب نجهله فقدت طريقها وحفظت تحت أحد الصخور. ملخص الشكوى أنه بعد موت رئيس العمال "نب نفر" مات تقدم ابنه " أمون نخت" لشغل الوظيفة ورغم أن العرف كان يسمح بذلك لكن تدخل أحد العمال يدعى "با نب" وسلب حق" أمون نخت" في الوظيفة برشوة عمدة المدينة. وبعد أن عين رئيساً للعمال أظهر نشاطا وحزما في العمل لكنه في نفس الوقت كان مثالا للمجون والقسوة فقد كان يتحرش بنساء المدينة ويبالغ في العنف ضد زملائه ويسلبهم ممتلكاتهم مستندًا على شبكة من العلاقات تحمية. فقرر "أمون نخت" صياغة شكواه وتقديمها لعمدة المدينة وفيها قائمة طويلة بجرائم " با نب".
وبعد وفاة الملك سيتي الثاني تم عزل " با نب" وأعيد "أمون نخت" لمنصبة. ربما كان مرجع ذلك لتفكك شبكة العلاقات مع رحيل المللك القديم، أو ربما اخيرًا وجدت الشكاوى طريقها للوزير. تحمل هذه البردية اسم "بردية هنري سالت" نسبة إلى مالكها الأول وهي محفوظة حالياً في المتحف البريطاني تحت رقم 10055.

وقائع أول إضراب في تاريخ العمل المأجور
وقع هذا الإضراب في 4 فبراير عام 1159 ق. م وهو العام الثلاثين من حكم رمسيس الثالث ثاني ملوك الأسرة العشرين والذي حكم مصر من عام 1187 إلى عام 1156 قبل الميلاد أي قبل وفاته بزمن قصير. فقد وهنت الدولة، وزاد التدخل الأجنبي، ونهبت المخازن من قبل حكام الأقاليم، ووقفت الحكومة عاجزة عن حماية حدود البلاد من هجمات قطاع الطرق من بدو ليبيا، وفي ظل هذه الأجواء نهبت مستحقات العمال من مخازن الدولة وتعرضوا للجوع، وأرسلوا الرسائل تلو الرسائل يشكون الفقر والجوع، ولم يكن أمامهم سوى التوقف عن العمل والتظاهر. كان هذا الإضراب بمثابة المشهد الأخير فبل انهيار حكم الرعامسة ونهاية الحكم الفرعوني التقليدي وتمزق البلاد ثم وقوعها فريسة الاحتلال الأجنبي.. الطريف أن العمال خرجوا بزوجاتهم وأولادهم.

وصلتنا وقائع هذا الإضراب من وثيقة حكومية مدونة على ورقة بردي طولها 91 سنتيمتر (محفوظة بمتحف تورين، شمال إيطاليا) دونها الكاتب "نفر حتب" المسئول عن متابعة تسليم مستحقات العمال في شكل تقرير رفعة للوزير "تا" في طيبة، جاء فيه أن مستحقات العمال التي كانت تصرف من مخازن الغلال قد توقفت، وأنهم أي العمال في بؤس شديد وعلى حافة الموت جوعاً. ثم يعود الكاتب "نفر حتب" للكتابة مرة أخرى للوزير يخبره أن العمال تزمروا من عدم صرف أجورهم. ويكتب له للمرة الثالثة ليخبرة أن الكاتب "أمون نخت" قد تقدم بشكوى للمسئولين في معبد "حور محب" بتأخر وصول مستحقات العمال لأكثر من 23 يوم، ويرسل العمدة جزء يسير من القمح لكن لم يكفي لوقف تزمر العمال، فتركوا مكان العمل وتجمعوا أمام معبد تحتمس الثالث وتظاهروا احتجاجا، وخرج لهم مسئولي المعبد ووعدوهم بحل المشكلة وعاد العمال لبيوتهم. وفي اليوم التالي لم يستلموا شيئاً فتركوا العمل ثانية وتجمعوا أمام معبد رمسيس الثاني وتظاهروا من جديد، ومع توتر الأمر، ذهب رئيس البوليس هناك لمقابلة عمدة طيبة في البر الشرقي لطلب المساعدة، ويعده العمدة بالمساعدة، وبالفعل بعد عدة أيام استطاع عمدة المدينة تدبير حصة من القمح لكل عامل وبعد أن نفذت تذمر العمال مرة أخرى.
وهنا وقع ما هو غير متوقع، إذ انضم رئيس البوليس لجموع العمال قائلا لهم: أقول لكم رأي، خذوا أدوات العمل، أغلقوا منازلكم، وأجمعوا نسائكم وأطفالكم، وأنا نفسي سأتقدمكم وسنذهب للاعتصام أمام معبد سيتي الأول، وبعد هذه التظاهرة استلموا حصة من الطعام وساد هدوء نسبي لم يدم طويلاً، فقد اضرب العمال مرة أخرى واعتصموا جالسين على الأرض أمام المقابر الملكية.
يقوم أحد العمال يدعي" مس عا نخت" ويتطاول بالكلام على الملك وهاتفًا ضده، فيتعرض للعقاب بالضرب من الإدارة لتطاوله على الذات الملكية، ثم يتسع الإضراب وتزداد المطالب التي تعدت حصة الطعام، بل تناولت الشرور التي تحدث في غرب طيبة، مع الأسف لم يفصح كاتب البردية بالمزيد حول هذه الشرور. مع الأسف لا دليل قاطع على بداية بلورة للوعي وتخطي الحراك الأفق المطلبي وبداية تبني مطالب سياسية.
وتتطور الأمور بحضور الوزير بنفسه. وبعد أيام يتسلم كل عامل كيسين من القمح وعندما حاولوا رغم ذلك مواصلة التظاهر بتحريض من أحد العمال يدعى "خونسو" تصدى لهم أحد الكتبة، ومنعهم من الوصول للنهر. وبعد فترة هدوء نسبية قام العمال بالإضراب مرة أخرى وتظاهروا هاتفين: نحن جوعى، نحن(العمال) الجالسون خلف معبد "مر إن بتاح". ونادوا على العمدة فأرسل لهم خمسون كيس من القمح من عهدته حتى ينظر الملك في أمرهم،. لم تذكر النصوص فيما إذا تم إرسال هذه الكمية من القمح بالفعل أم لا.
فيما بعد أعيد تنظيم توصيل مستحقات العمال ولكن بعد ذلك بعام تجدد الإضراب، ثم مرة أخرى في عهد رمسيس الرابع، وبعد مرور خمسين عام على الإضراب الأول تجدد مرة أخرى في عهد رمسيس العاشر لكن هذه المرة كان أكثر عنفا ضد المسئولين، وفي عصر رمسيس 11 تجرأوا وهاجموا المقابر الملكية وسلبوا محتواياتها.



#شريف_الصيفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -نيويورك تايمز-: عائلات العسكريين الأوكرانيين القتلى تفشل من ...
- مدفيديف يتحدث عن العلاقات بين روسيا ولاوس
- وسائل إعلام: بولندا تفتح قضية تجسس ضد القاضي شميدت الهارب إل ...
- البرلماني الجزائري كمال بن خلوف: بوتين أعاد لروسيا هيبتها ال ...
- مصر تحذر من -تصعيد خطير- إثر استمرار سيطرة إسرائيل على معبر ...
- النازحون بالقضارف السودانية.. لا غذاء ولا دواء والمساعدات قل ...
- الأسد وانتخابات -البعث-.. -رسائل للعرب-
- الشرطة تفكك مخيم اعتصام موالٍ للفلسطينيين بجامعة جورج واشنطن ...
- بيان إماراتي بعد سيطرة القوات الإسرائيلية على معبر رفح
- -طلائع التحرير- المجهولة تتبنى قتل إسرائيلي في مصر.. ومصادر ...


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة - شريف الصيفي - وصف الأحوال في مدينة العمال، ووقائع أول إضراب في تاريخ العمل المأجور