أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهتدي مهدي - يعيش الرئيس














المزيد.....

يعيش الرئيس


مهتدي مهدي
روائي

(Muhtady Mahdi)


الحوار المتمدن-العدد: 7595 - 2023 / 4 / 28 - 22:11
المحور: الادب والفن
    


كلما هتفت جماهيره الغفيرة «يعيش الرئيس» ارتعدت فرائصه خوفاً، وعزز من التحصينات الكفيلة بإطالة أمد بقائه على كرسي الرّئاسة لسنوات طويلة أخرى. كان ثمة هاتف في داخله يقول: «لماذا هم يهتفون هكذا؟! وهل أنا ميت حتى أعيش؟!»
لقد اعتاد على الحياة الرئاسيّة. من القصور الفارهة، والسيارات الفخمة، إلى حب الظّهور كشخصيّة أولى في البلاد.
لذلك فأن فكرة تولي شخصية أخرى منصبه، أمر لا يستطيع أن يستوعبه أو يشغل باله بالتفكير به. ومع تلك الحناجر التي تصدح بالعمر المديد للطاغية. يقوم بإقالة قادة أكفاء من مناصبهم، وتنصيب آخرين موالين له مكانهم، إجراء تعديلات وزارية، واستحداث جهاز قمعي جديد، تثقل تكاليفه الباهظة، كاهل المواطن البسيط، من خلال فرض المزيد من الرسوم والجباية عليه.
في الآونة الأخيرة أصيب الرئيس الملك بفوبيا الموت غيلة، فصار يخشى من ظله الذي يخطف من أمامه خلسة، خلال وجوده داخل القصر الرئاسي أو خارجه. فيجفل أثر ذلك هلعاً وهو ينادي على الحرس بقلب يخفق، مستفسراً عن ذلك الغريب الذي صار يرافقه مثل ظلّه! فيقول له رئيس الحرس : «أبداً سيدي الرّئيس لا يوجد أحد. فجميع نقاط الحراسة مشغولة بالجنود المتأهبين والحذرين، المكان كله مسيطر عليه بكاميرات المراقبة.»
« لكنه للتو أطل عليّ وأنا أهمّ بالدخول!» قال الرئيس ذلك مشيراً إلى وجوده في الباحة. ثم مجدداً سأل: «أيوجد هنا غرباء؟!» فكان الجواب كالمعتاد «أبداً سيدي لا أحد» في اليوم التالي استبدل جميع الحرس في القصر الرئاسي. بعد أن ساورته الشكوك حول ولائهم له، لكن الأمر لم يتغير ولو بشيء بسيط مع ذلك الغريب المخاتل الذي كان يرهب الرئيس، في الداخل والخارج، أمام الباب ووراءه، في نومه ويقظته. فاستعان بأحد الأطباء النفسيين بسرية تامة، بسبب هذه الأوهام التي تنتابه بين فينة وأخرى، الأوهام التي قوضت سعادته، واغتالت كل تطلعاته وأحلامه، لتمسي ملازمة له مثل ظلّه.
بعد الفحص والمعاينة والسّؤال المتوجس، من قبل الطّبيب النفسي الذي همس في سره، «إن رئيسنا صار يخشى من ظله!!» ثم قال له: «إنه خيال العظماء الجامح من يصنع تلك الصور. فالعظماء مختلفون في كل شيء. فهم حريصون وحذرون من الأخطار المحدقة بهم وببلادهم». بهذا الكلام ارتفعت معنويات الرئيس قليلاً فحرك جيوشه على طول الشّريط الحدودي الفاصل، من الشرق، والغرب، ليعلنها حرباً لا هوادة فيها على أعدائه، المتربصين بمملكته الرئاسية! ثم استعان بأكثر من مسدس، وبندقية، ضمهما في أماكن متعددة داخل القصر قرب النّوافذ، ومقاعد الجلوس، وسرير نومه. واحتفظ بثلاثة مسدسات كأسلحة شخصيّة يحملها داخل القصر. دس الأول في قراب كان مربوطاً في حزام أعلى جنبه الأيسر، مثل رجال العصابات. والثاني كان يتدلى من حزامه، مثل أفلام الغرب الأمريكي. في حين أخفى المسدس الثّالث في قراب بحزام جلدي على ساقه! وهو يرتدي بزته العسكريّة الصحراويّة، فصار مثل « فان دام» في فيلم «الجندي العالمي». فالذي يراه بهذه الهيئة، يتصور أن عدوه يكمن له وراء الباب، أو في خزانة الملابس.
في تلك الأثناء كانت هنالك جيوش مليونية تحشد للإطاحة به. جيوش لا يستطيع التّصدي لها أمهر جنوده المطيعين، من قادة، وضباط في الأجهزة القمعيّة، السريّة والعلنيّة.
لكن جندياً واحداً استطاع أن يدرك كنهها. كان بصدريته البيضاء وسماعة الأذن، قد انفض لتوه من حلقة مكونة من مجموعة من الجنود الذين لهم نفس الهيئة، بعد أيام وأسابيع قضوها من أجل التعرف على طبيعة هذا الجيش الخلوي الذي داهم الرئيس بغتة في رأسه. فزاد أوهامه، وهذيانه.
ما كان يجول في أفكار الرئيس آنذاك بعد تشخيص حالته وإعلامه بالأمر.
عدوه الحقيقي الذي لم يكن في الخارج ولا في الداخل. إنما كان في داخل جسده، وفي رأسه، تحديداً. كان جيش من الخلايا التي تنقسم إلى ما لا نهاية، لتكون على هيئة ورم سرطاني!



#مهتدي_مهدي (هاشتاغ)       Muhtady_Mahdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللا معقول.. عبثيّة الواقع العراقي
- إيقاد الشموع
- فتاة المتنزه


المزيد.....




- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري
- الزنداني.. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان
- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهتدي مهدي - يعيش الرئيس